لن يصب قرار دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار "حزب الله" بكل فصائله ومكوناته منظمة إرهابية، بحسب الرؤية من عين التينة، إلا في تعقيد العلاقات في الداخل ودفعها الى المزيد من مساحات الانقسام بين الأفرقاء والاستمرار في تعطيل المؤسسات وعدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية، أقله في القريب العاجل حتى لو وصل عدد النواب المشاركين في الجلسة الاخيرة إلى 72 واستفاد الرئيس سعد الحريري من الإطلالة في الجلسة. فقد اظهرت المعطيات ان الجميع عادوا الى المربع الاول وان "تيار المستقبل" لن يستطيع اكثر من هذا الفعل الرئاسي في مشهدية ساحة النجمة، ولا سيما ان المعطيات تؤشر الى حلقات اخرى في مسلسل "الفراغ الطويل" في الكرسي الاول في البلاد وشلل اكثر للمؤسسات.
وكان الحريري قد عمل جاهدا لجمع هذا العدد من النواب وتمكن بالتعاون مع الرئيس نبيه بري من ضبط حركة الشارع والحؤول دون الوصول الى الفوضى وخلق خطوط تماس مناطقية ومذهبية. وأثمرت هذه الجهود في عين التينة، بعدما اثبت بري انه رجل "اللحظات الصعبة" في جبه الاخطار والحفاظ على السلم الاهلي. وعمل الرجلان قدر المستطاع على اعادة تثبيت منظومة الامان في البلد، على الرغم من الحرائق في المنطقة، والتي لم يكن ينقصها الا السجال المفتوح بين الحزب ودول الخليج ولا سيما السعودية.
وهدد هذا الخلاف عملية ربط النزاع التي قامت عليها العلاقة بين التيار الأزرق والحزب الأصفر. وكان لبري دور كبير في لجم الخلافات بينهما، لكن يبدو ان ما يحصل من تطورات اكبر من قدرته. إلا أنه لم يستسلم امامها وفاتح الحريري وكل من راجعه بهذا الامر وردد أن ثمة مجموعة من الملكيين في لبنان اكثر من الملك. وسبق ان شهدنا مثل هذه المحطات مع الفلسطينيين والسوريين والاسرائيليين في بعض الاحيان. ولم تصل العلاقة بين الرياض وطهران - اصحاب المشكلة - الى ما هي عليه الحال بين الافرقاء اللبنانيين.
من هذا المنطلق جاء البيان المسؤول الذي اصدره بري والحريري ليخفف من آثار الحرائق المذهبية التي كان مقدراً لها الانتشار لولا تدارك الافرقاء المعنيين.
أما القرار السعودي ضد الحزب فتعامل معه قادة "حزب الله" على اساس أنه "من ضمن اجندة تم اعدادها سلفا في الرياض ولا مفاعيل له وانه لزوم ما لا يلزم. وسبق ان تمت المصادقة عليه قبل اعوام وجرى اطلاقه الى العلن في هذا التوقيت الذي يخدم اسرائيل".
ويشبه قيادي في الحزب ما حصل أخيرا بـ "حرب تموز سياسية" من أجل "استهداف المقاومة وجمهورها وعزلها عن شرائح اللبنانيين، وكما تم الانتصار في الميدان سيتحقق الامر نفسه في السياسة، وكل هذه الاساليب واعمال التضييق والتشهير باسم الحزب وسجل انجازاته وتضحياته في وجه اسرائيل ورصيده المحلي والعربي لن تحقق الهدف المرسوم والمطلوب الذي خطط له الخليجيون، والرياض تعرف جيدا ان ثمة رزمة من الردود عند الحزب في امكانه ان يستعملها ضدهم".
ويضيف ان "التضييق على الحزب وتعريته أول ما يضر الأفرقاء اللبنانيين الذين يلتقونه حول الطاولة نفسها في الحوار الثنائي والحوار الوطني، الى الحكومة والبرلمان وسائر المؤسسات، وهذا الاحراج يصيب أولاً الحريري ويستهدف حلفاء المملكة في لبنان، ولا سيما "تيار المستقبل" المعني الاول باستمرار فتح قنوات الحوار مع الحزب الذي توقف بـ"تقدير" امام الموقف الذي اتخذه وزير الداخلية نهاد المشنوق واعتراضه على وصف الحزب بـ"الإرهابي" في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونس".
ويسجل الحزب سلوك المشنوق الذي يمثل الدولة مجتمعة في الخارج على غرار ما فعل وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة وجدة. ويدرك ان "تصرف المشنوق جاء بالتنسيق مع الحريري وموافقته ولم يكن امامه الا هذا الخيار، وحسناً فعل". ويكتفي القيادي في الحزب بالقول في معرض سؤاله عن المشنوق بالقول"منيح". ويضيف أنه "يستحق الإشادة".