للوهلة الأولى كان يعتقد "رواد" ( اسم مستعار) ان "الألو" ستخرج من شفتي " ياسمين" الوردية بنبرة صوتٍ مثيرةٍ كوضعِياتها الجنسية في الصور، فتارةً تظهر بملابس داخلية شفافة تخفي القليل وتكشف الكثير من قِوامها العارية وطوراً تُمسكُ ثدييها أو تضع يديها على مؤخرتها وأماكن أخرى حساسة . 

  ولكن بعد "الألو" كانت المفاجأة، ما لم يكن في الحسبان حصل، والمجيب كما توقعنا.. "قواد الكتروني" سخر بعض المواقع للتسويق لمجموعة من الفتيات اللبنانيات والسوريات الجميلات بحجة انهن عارضات مستعدات لاكثر من قضاء الوقت مع الزبون ومرافقته والتعارف عليه، دون الذكر علنا بانهن بائعات هوى يقدمن الخدمات الجنسية على انواعها شرط ان يكون الحجز في فنادق باهظة الثمن.  

ومن هنا وبناء على معلومات وردت لموقع ليبانون ديبايت، قررنا دخول عالم الدعارة الالكتروني من بابه العريض مع العلم ان التقصي عن هذه الشبكات التي تتخذ الحذر الشديد ما يصعب الايقاع بهم ليس بالامر السهل، فالحرب هنا اشبه بالمجهول.

  فكما تبين لاحقاً بعد الكشف من قبل احد الخبراء التقنيين الذي استعان به موقع "ليبانون ديبايت"، ان عناوين هذه المواقع أو الـ"IP address " اجنبية اي انها مسجلة خارج لبنان وبالتالي تحتاج للملاحقة داخل الدول المسجلة فيها والمفارقة ان جرم "الدعارة" الذي يعاقب عليه القانون بحسب المادة 523 وهي الحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من خمسين ألفا إلى خمسمائة ألف ليرة يحصل داخل الاراضي اللبناني.

  وبعد التدقيق المفصل بمحتويات هذه المواقع لتقييم إمكانيَّة وجود روابط فيما بينها، تبين ان غالبيتها مرتبطة ببعضها البعض، تعود للشبكة نفسها المذكورة اعلاه ومتصلة بشبكات عالمية قد تكون عنقودية او متحدة فيما بينها سواء من ناحية صور العارضات المتكررة على أكثر من موقع باسماء وألقاب مختلفة فضلاً عن أرقام الهواتف المدونة والتي تخول زوار هذه المواقع التواصل معهن مباشرة كما يدعون.  

ونتيجة التحقيقات تبين ان اعداد هذه المواقع لا يُستهان بها، وهي تستخدم كوسيلة لتسهيل وترويج الدعارة والتسويق لها علنياً عبر الانترنت بطريقة محترفة لتلائم العصر، بحيث يعمد القوادين اللبنانيين والسوريين في الشبكة او مسهلي الدعارة وفق التسمية المتعارف عليها بلغة القانون الى ابتزاز واغراء زوارهم عبر نشر صور اباحية عالية الدقة والجودة لفتيات مثيرات يُقال انهن لبنانيات، سوريات ومغاربة لا يمكن للعين المجردة مقاومتهن، وبأسفل كل صورة تُحدد مقاسات الجسم المثالي، الخدمات الجنسية المتوفرة والتي تتعدى الـ69 خدمة او وضعية، العمر والجنسية، لون الشعر والبشرة وغيرها من المعلومات التي تجذب الزبون بسهولة بالاضافة الى ارقام الهواتف التي غالباً ما تعود للقواد الالكتروني.

  ومن اكثر المواقع الالكترونية المروجة للدعارة الالكترونية حاليا: " Lebanon escort agency"، "glamour escorts"، " Beirut escorts"، "Independent escort "، "top escort babes"، "girls in Beirut "، "massage republic" وغيرها..    وفي عملية رصد دقيقة للأرقام المذكورة تمكن "ليبانون ديبايت" من جمع أكثر من 50 رقم هاتف وهي ارقام لبنانية، ليتبين بعد تفنيدها ان البعض منها لم يعد مستخدماً من قبل الشبكات كونهم يتخذون الحذر الشديد ما يصعب الايقاع بهم بسهولة، فيما الاخرى لا تزال تعمل بشكل يومي باسماء عربية مشبوهة ومعروفة من قبل الزبائن "الحرزانين" والمعتادين وهي بحوزة ما يعرف بـ"القوّاد" الالكتروني .  

وللتأكد أكثر من صحة ما توفر من معطيات، عمد "ليبانون ديبايت" إلى التواصل عبر الهاتف مع أحد "القوادين"، بواسطة أحد المخبرين لديه ويدعى "وائل" (اسم مستعار) بعد ان استحصلنا على ارقامه الشخصية. وبدوره، تمكن وائل من اجراء حديث مطول معه بعد ان ادعى انه تصفح احد ابرز هذه المواقع، ووقعت "مايا" نصب عينيه من بين العديد من صور الفتيات الوهميات، دوّن رقمها" 39 …. 71" واتصل.   "الو مايا؟ .. أهلاً، ايه حبيبي. كيف فينا نحكي معها؟ حبيبي بدك تاخد غرفة بأوتيل وببعتلك ياها لعندك..." وكان الحديث التالي بين وائل والقواد، ننشره مسجلاً بتفاصيله.

  وبعد جولات من الاخذ والرد، لمعرفة جنسيات واعمار الفتيات، الأوقات والاسعار المحددة مقابل الخدمات الجنسية، وكشف باقي التفاصيل تباعاً. تبين ان الفتيات يتراوح اعمارهن ما بين 20 والـ24 وجنسياتهن اللبنانية والسورية بحسب "القواد" الذي فضح نفسه. المخبر، وبعد ان تمكن من ايقاعه بشباكه واقناعه بانه زبون "لقطة"، طلب منه ارسال 3 فتيات الى فاريا، فبادره الاخير بالسؤال:" اديش بدكن ياهن يضلو وقت عندكن؟"، وكان الجواب: لامضاء ليلتين برفقة ثلاثة شباب "بس بدك تزبط السعر"..   ثلاث فتيات لليلتين مقابل 6000 الاف دولار، التوصيل مجاني لكنه يحتاج ما يعادل الساعة تقريباً "مشوار الطريق من بيروت" وبالتالي تصل بائعة الهوى للزبون بـ"الدليفري". أما ساعة الفتاة الواحدة فتبدأ بـ 300$، الساعتين بـ500$ والثلاث الساعات بـ 750$.. السعر لم يناسب وائل، حاول التخفيض ولكن كل محاولاته باءت بالفشل.

أما عملية اختيار الفتيات، فتتم عبر "الواتساب" بحيث يرسل القواد الصور الحقيقية للفتيات اللواتي يعملن لديه مما يدل دلالة قاطعة على ان الصور المستخدمة في هذه المواقع هي مزيفة ووهمية يتم شراؤها من مواقع اباحية عالمية لجذب الزبائن والايقاع بهم. 

  وأمام هذه المعطيات والوقائع التي فندها "ليبانون ديبايت" بشكل مفصل، نضع هذا التقرير بمثابة اخبار الى جانب النيابة العامة التمييزية، مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية ومكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الآداب في وحدة الشرطة القضائية، والاجهزة الامنية المختصة للتحرك الفوري واجراء المقتضى القانوني اللازم عبر متابعة ورصد المواقع الالكترونية وضبط القوادين وتوقيف شبكات الدعارة، علماً ان موقع "ليبانون ديبايت" بصدد الكشف عن مزيد من الشبكات واوكار الدعارة الفاسدة والمفسدة تباعاً.  

ويبقى القانون اللبناني والتراخي القضائي مع المافيات العثرة الوحيدة التي تضيع جهودنا. بحيث يتم توقيف بائعات الهوى وقواديهم بالجرم المشهود بعد عمليات رصد دقيقة تتطلب احيانا اشهر من العمل ليصار الى اخلاء سبيلهم بعد أيّام معدودة، ليعاودوا ممارسة الدعارة وعلى عينك يا دولة!

ليبانون ديبايت