يشد زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الخناق السياسي على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بنقل الاحتجاجات الشعبية من ساحة التحرير (وسط بغداد) الى أبواب المنطقة الخضراء المحصنة، لدفع رئيس الحكومة الى الإسراع في تنفيذ حزم الإصلاحات وفي مقدمها تأليف حكومة تكنوقراط لانتشال العراق من أزماته السياسية والأمنية والاقتصادية.

وبدأت رغبة العبادي بتشكيل كتلة نيابية عابرة للطوائف تتجسد على أرض الواقع عبر سلسلة تحركات يبذلها مع نواب من كتل نيابية أخرى، لتوفير غطاء برلماني يسرع تنفيذ التعديل الحكومي الذي يسعى اليه، مع انتظاره نتائج تقويم اللجنة الفنية لاختيار مرشحي الكابينة الوزارية لتقديمها في غضون الأسبوعين المقبلين.

وفي هذا الصدد، كشف النائب علي العلاق القيادي في حزب الدعوة الذي ينتمي اليه العبادي، عن «جهود يبذلها رئيس الوزراء لتشكيل كتلة برلمانية كبيرة عابرة للطائفية والقومية لتوفير بيئة تضامنية بين الحكومة ومجلس النواب تتبنى تمرير القوانين والإصلاحات الجديدة«.

وقال العلاق في تصريح صحافي أمس «لا تهدف مساعي رئيس الوزراء إلى تشكيل حزب أو كتلة جديدة تنافس باقي الكتل، بل جاءت نتيجة تبني بعض الكتل مواقف وطنية داعمة لإصلاحات العبادي»، لكنه يقر بأن «تشكيل هذه الكتلة بحاجة إلى تفاهمات مع نواب من كتل سياسية مختلفة ممن يؤمنون بالإصلاح السياسي والأمني»، مؤكداً أن «الموضوع بحاجة إلى مزيد من الوقت لبلورة الرؤى والأفكار«.

وأشار القيادي في ائتلاف دولة القانون الى أن «العديد من الكتل السياسية أبدت استعدادها للانضمام الى هذا التشكيل الجديد»، مشيراً الى أن «تشكيل هذه الكتلة ليس على حساب التحالف الوطني (الشيعي) الكتلة الأكبر عدداً في مجلس النواب»، ولافتاً الى أن «الكتلة الجديدة ستضمن لنا الأغلبية داخل مجلس النواب لتمرير الإصلاحات والتشريعات«.

وشدد النائب العلاق على أن «عملية تشكيل التكتل البرلماني الجديد ستكون متوازية مع عملية تشكيل الحكومة القادمة وتنفيذ جميع الإصلاحات«.

وتطلق الحكومة العراقية التي تواجه تحديات كبيرة في الملفات السياسية والأمنية، يقابل ذلك تدهور في الأوضاع الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط، مؤشرات إيجابية الى قرب التوصل الى اتفاق لتأليف حكومة جديدة أو إجراء تغيير وزاري كبير بالتوافق مع البرلمان العراقي.

وقال سعد الحديثي المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي إن «إشارات إيجابية ظهرت بشأن التوصل خلال فترة قريبة الى اتفاق باتجاه طرح الأسماء المرشحة لكابينة حكومة التكنوقراط.» وأضاف أن «اللجنة المختصة والتي تضم خبراء، تعمل في رئاسة الوزراء لإكمال وضع قائمة بأسماء المرشحين لرفعها الى رئيس الوزراء لاختيار عدد منهم ليتم طرحهم على البرلمان«.

وشدد الحديثي على عدم إمكانية «تجاوز دور البرلمان والكتل السياسية لدعم التغيير كما لا يمكن الركون الى الكتل السياسية بشأن عملية ترشيح الوزراء، لكن رئيس الوزراء يقوم بحراك سياسي وتشاور مستمر مع التحالف الوطني والرئاسات الثلاث والكتل البرلمانية«.

وكان العبادي أعلن رغبته في إجراء تغيير وزاري في حكومته وتشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن المحاصصة، لكنه لم يحصل على تفويض من مجلس النواب لتطبيق هذه الخطوة من دون التشاور مع الكتل السياسية وموافقة البرلمان على أي تغيير حكومي.

ويواجه العبادي ضغوطاً سياسية كبيرة لتطبيق الإصلاحات الشاملة التي تعهد بها لإخراج البلاد من شبح الانهيار الذي يخيم عليها، في ظل اتساع دائرة الأزمات حيث تصدر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر واجهة الأحداث من خلال طروحاته الداعمة للإسراع في الإصلاح عبر استثمار ورقة الشارع العراقي وقدرته على حشد أنصاره، وهذا ما ظهر جلياً في احتجاجات الجمعة الفائت الأمر الذي أغرى زعيم التيار الصدري باللجوء مجدداً لإطلاق موجة احتجاجات يوم الجمعة المقبل عند أبواب المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية وبعثات ديبلوماسية في رد عملي على انتقادات وجهها العبادي قبل أيام لزعيم التيار الصدري.

وقال الصدر في بيان له مخطاباً أنصاره أمس «بعد أن لمست منكم في ساحة التحرير (وسط بغداد) طاعة وتنظيماً، استنهضكم مرة أخرى لتظاهرة حاشدة مخصصة بأهالي بغداد من كل مناطقها، لكن هذه المرة لن تكون في ساحة التحرير بل في المنطقة الخضراء ولتكن على أبوابها في جمعتكم هذه«.

وطالب زعيم التيار الصدري المتظاهرين بأن «تكون تظاهرات المحافظات كل في محافظاتهم وأمام مجلس المحافظة على أن تتسم هذه التظاهرات في أسبوعكم هذا بالسلمية بيد أنها غاضبة عسى أن يسمعوا صوتكم الذي يحاولون تجاهله محتجين بأنه تهديد، وما كان صوت الشعب تهديداً بل هو صوت الحق»، منوهاً الى أهمية أن «تخرج التظاهرات في بغداد والمحافظات بنفس الوقت والساعة حتى تصل الرسالة واضحة للجميع«.

وكان الصدر حذر الجمعة الفائت من اقتحام المحتجين المنطقة الخضراء لاستعادة الحقوق من «الفاسدين والظالمين» وهو ما أثار انتقاد رئيس الوزراء.

وعلى الصعيد الأمني، استعادت القوات العراقية زمام الأمور التي أفلتت منها أول من أمس بعد هجوم مباغت شنه «داعش« على منطقة أبو غريب البوابة الغربية للعاصمة العراقية التي تحيط بها أطواق أمنية عدة لحمايتها من أي هجمات يشنها التنظيم المتطرف.

وقال العقيد جمعة فزع الجميلي قائد لواء كرمة الفلوجة في الحشد الشعبي إن «القوات الأمنية نفذت عمليات عسكرية واسعة بمشاركة قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وبدعم من مقاتلي العشائر استهدفت جيوب تنظيم داعش في المناطق التي تمركز فيها عناصر التنظيم في هجمات أول من أمس في قضاء الكرمة شرق الفلوجة وأبو غريب غرب بغداد«.

وأضاف الجميلي أن «القوات الأمنية تمكنت من تطهير منطقة الحمدانية في قضاء الكرمة (19 كيلومتراً شرق الفلوجة) والمصنع العراقي في أبو غريب (15 كيلومتراً غرب بغداد)»، لافتاً الى أن «العملية أسفرت عن مقتل 16 عنصراً من داعش«.

وأكد الجميلي أن «الوضع الأمني مستقر في جميع مناطق قضاء الكرمة وقضاء أبو غريب»، مشيراً الى «إعادة فتح الطرق الرئيسية بعد تأمينها من قبل الأجهزة الأمنية ونشر مفارز تفتيش ومراقبة لحماية المدنيين«.

وكان مصدر أمني رفيع أفاد أول من أمس بأن ست مفارز لـ«داعش« تضم مسلحين عرباً وأجانب هاجمت مقر اللواء 24 بالجيش العراقي، في قضاء أبو غريب (غرب بغداد)، وأحرقت جمارك المنطقة واحتلت السايلو الموجود فيها، مبيناً أن القوات الأمنية استعادت السيطرة على المنطقة وقتلت غالبية المهاجمين.

الى ذلك، قالت الشرطة إن 40 شخصاً على الأقل قتلوا حين فجر مهاجم انتحاري سترته الناسفة في جنازة قريب لقيادي بفصيل شيعي مسلح في محافظة ديالى بشرق العراق في حين قتل تفجير انتحاري استهدف نقطة تفتيش أمنية في الضواحي الغربية لبغداد ثمانية من أفراد قوات الأمن.

ووقع الهجوم الأكبر في المقدادية على بعد 80 كيلومتراً شمال شرقي بغداد. وقال مسؤولون أمنيون والشرطة في ديالى إن ستة من القادة المحليين في جماعة الحشد الشعبي التي تمثل مظلة لمجموعات شيعية مسلحة قتلوا في العزاء. وقالت المصادر إن 58 شخصاً آخرين أصيبوا.

وأفاد بيان نُشر في حساب على تويتر لمجموعة سايت التي تتابع أنشطة المتشددين على الانترنت أن «داعش» أعلن المسؤولية عن التفجير.

ومن المرجح أن يؤجج مقتل القادة الستة - أربعة منهم ينتمون لجماعة عصائب أهل الحق واثنان إلى منظمة بدر- التوتر الطائفي في المحافظة المختلطة طائفياً.

وقال مسؤولو أمن وشهود إن الوضع في المقدادية متوتر وإن العشرات من عناصر الفصائل الشيعية المسلحة انتشروا في الشوارع بينما كان وجود قوات الأمن ضئيلاً. وقالت مصادر في الشرطة إن قائد شرطة البلدة أصيب في اشتباكات مع مقاتلين من فصائل مسلحة حاولوا انتزاع أشخاص يشتبه في انتمائهم لـ»داعش» من سجن في المقدادية.

وقالت مصادر في الشرطة إن 8 أشخاص قتلوا وأصيب 17 آخرون في هجمات بسيارات ملغومة على نقطة

تفتيش أمنية على الأطراف الغربية لبغداد.