لم تحلّ الضغوط السعودية على لبنان من دون مخاوف امنية. فالصراع بين المملكة وايران انعكس تهويلا بفتنة سنية شيعية وترافق مع الكلام عن منشورات وزّعت في مناطق ذات حساسية طائفية. فجاء فيها: "حزب الشيطان قد يقوم في الايام القليلة بعملية عسكرية هائلة في لبنان تحت ذريعة مكافحة الارهاب وسيقتحم المخيمات ويهاجم مناطق كطريق الجديدة. ودعت المنشورات السنة في المناطق الشيعية الى "اخذ الحيطة والحذر وتأمين طريق سريع للهروب في حال حصول اي شيء نحو المجمعات السنية". كل ذلك وسط دس اخبار عن احتمال وقوع حدث امني كبير في لبنان وتحذير وزير الداخلية نهاد المشنوق من "مواجهة عربية كبرى" غير واضحة المعالم حتى الان.

لكن على الرغم من ذلك يبدو ان شريحة كبيرة من اللبنانيين اكتسبت من تجارب الماضي وعيا لمنع هذا النوع من التحريض من اخذ مجراه ولتجنب الانجرار في فتنة داخلية. وعمليا يقول العميد المتقاعد د.امين حطيط لـ"ليبانون ديبايت" ان الوضع في لبنان ممسوك وغير قابل للانفجار الامني لكنه يخشى من ان تستغل بعض الخلايا النائمة الارهابية العاملة في لبنان هذا التجييش المذهبي الذي خلقه تيار المستقبل كما يقول حطيط، للقيام بعمليات محدودة، اما على شكل تفجيرات في بعض المناطق ذات الغالبية الشيعية واما اصطياد اشخاص معروفين بتأييدهم لمجتمع المقاومة. 

اما ما دون ذلك من كلام عن انفجار امني واسع فهو مستبعد بشكل شبه كلي لاعتبارات عدة يعدّدها حطيط "اولا ان الفريق الاخر الذي يتولى التحريض غير منظم بشكل يمكنه من الامساك بالارض بشكل دائم. ثانيا لم يعد الاتكال على العامل الفلسطيني صالحا اذ ان الفلسطينيين قطعوا الطريق على الجميع بالتزامهم الحياد والحفاظ على امن المخيمات، اما التعويل على الفتنة المذهبية فهو ساقط بحكم ان المناطق الشيعية هي باكثريتها الساحقة شيعية اما المناطق المختلطة فهي محدودة وسينعكس مردود الفتنة فيها سلبا على الفريق المحرّض. واخيرا وليس اخرا فان مجتمع المقاومة حريص على الاستقرار ومعنيّ بنزع اي فتيل يؤدي الى الانفجار".

في المقابل وفيما تتجه الانظار نحو الجبهة الشمالية الشرقية، تؤكد مصادر امنية لليبانون ديبايت ان اي اهتزاز امني من جهة جرود عرسال غير ممكن لا بل بالاحرى مستحيل. فالجيش اللبناني قد ربط كل الجبهات وهو يسيطر على كافة المعابر بحيث بات تحرك المسلحين مستحيلا من والى عرسال. 

وفي المعلومات الامنية ان الجيش ممسك بالجرد الادنى الممتد من يونين الى جرود عرسال مرورا بجرود راس بعلبك وصولا الى جرود القاع، فيما الجرد الاوسط مضروب بالنيران من قبله ما يمكّنه من تحديد اهدافه بشكل محكم باتجاه المسلحين المنتشرين في الجرد الاعلى المقصود به وادي العويني ووادي الخيل والعجرم والزمراني ومرطبيا ووادي الشيخ علي ووادي ميرا والمرصد السوري وصولا الى جرود قارة. 

كما ان احكام الجيش الطوق على كل المعابر عزّز وضعه داخل البلدة لاسيما بعد المداهمات الاخيرة التي اوقف خلالها احد ابرز القياديين في داعش احمد محمد امون المعروف بالبريص والذي اعترف بتجهيز سيارات ودراجات مفخخة في عرسال هي اليوم قيد الرصد والمتابعة من قبل الجيش اللبناني. 

في هذا الوقت لا تنف المصادر صعوبة مهمة تفكيك منظومة الدولة الاسلامية القائمة في البلدة مع وجود قياديين في داعش داخلها وهم بالاسماء نافذ شعلان المعروف بابو الفوز وهو المسؤول اللوجيستي في التنظيم والشيخ الشرعي احمد يوسف امون وحسين حمود المعروف بابو هاجر والمسؤول الشرعي في داعش ابو عائشة الانصاري والمسؤول الامني المعروف بابو بكر الرقاوي، الا ان تململ ابناء البلدة من وجودهم يسحب من تحتهم اي حاضنة شعبية بحسب المصادر عينها. اما لجهة الشمال اللبناني فتستبعد مصادر متابعة ما يروّج له عن امكان افتعال عمل امني يسمح بانتقال اكثر من 30 الف مقاتل من الشمال الى سوريا.

وبناء عليه وفي ظل استبعاد الاجهزة الامنية الاعداد تفلت الوضع الامني، يرى العميد حطيط ان الفوضى الحاصلة في الايام الاخيرة تندرح في اطار التهويل لتحقيق مكاسب عدة في طليعتها الابتزاز في الملف الرئاسي لاحداث صخب قد يقود حزب الله للتخلي عن العماد ميشال عون ودعم مرشح السعودية. اما المكسب الاهم الذي قد يتحقق بحسب حطيط فهو ارجاء الانتخابات البلدية تحت ذريعة الاوضاع الامنية بدليل تصريحات وزير الداخلية، اذ ان تيار المستقبل هو في اسوء ايام حياته منذ تأسيسه وفي ادنى مراحل شعبيته التي قد تفتضح مع اجراء الانتخابات.

فهل يخدع المواطن مرة جديدة ويسلب منه حقه الانتخابي تحت ذريعة الحفاظ على امنه؟

      المصدر:ليبانون ديبايت