لم يكد اللبنانيون يقتنعون ان العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والوزير اشرف ريفي ممتازة وان الثقة متبادلة بينهما كما حاول ريفي الايحاء في مؤتمره الصحافي الاخير، الذي توجه خلاله الى الصحافيين بالقول "ما حدا يفوت بيناتنا" قاصدا الحريري، حتى فجر وزير العدل قنبلة استقالته وقدمها خطيا لرئيس الحكومة فيما مفاعيلها لا تزال في انتظار مرسوم قبولها.

فكيف يصدر هذا المرسوم في ظل الشغور الرئاسي لاسيما ان قبول الاستقالة يتم بحسب الدستور بالاتفاق بين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. 

اليوم ومع خلو سدة الرئاسة يوضح الخبير القانوني والسياسي المحامي عادل يمين ان " من المفترض ان يصدر المرسوم عن كل من مجلس الوزراء بوكالته عن رئيس الجمهورية وعن رئيس الحكومة كونه رئيس المجلس، ولو ان هناك رأي قانوني آخر يقول ان مسألة قبول الاستقالة هي من الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة وليست من الصلاحيات التي تنتقل بالوكالة الى مجلس الوزراء". 

ويتابع يمين، "بغض النظر عن الرأي الذي يقول انها صلاحية لصيقة بشخص الرئيس، واذا فرضنا ان كل صلاحيات الرئيس تنتقل الى مجلس الوزراء بالوكالة عملا بالرأي الذي يقول ان طالما ليس هناك من حصر فالمطلق يفسر على اطلاقه وما دامت المادة الدستورية جعلت كل صلاحيات الرئيس تنتقل الى مجلس الوزراء بالوكالة مع خلو سدة الرئاسة، عنذئد تنتقل كل الصلاحيات من دون استثناء بما فيها صلاحية قبول الاستقالة. وبالتالي يقول يمين، اذا اعتمدنا هذا الرأي اصبح اصدار مرسوم قبول الاستقالة من صلاحية مجلس الوزراء بالاتفاق مع رئيس الحكومة. 

اما بالنسبة لكيفية صدور المرسوم فهو لا يحتاج الى توافق وحسب بل الى اجماع حكومي ما دام يدخل في صلب صلاحيات الرئيس وان شخص الرئيس لا يجزأ، كما ان قبول الاستقالة لا يخضع للمهل الاعتيادية والى الالية التي تفرض على الرئيس قبول القرار او نشره ضمن مهلة ال 15 يوما. 

اما بالنسبة للمهل القانونية لقبول الاستقالة، فان الحكومة ليست ملزمة بأي مهلة ولا تعتبر الاستقالة نافذة وسارية المفعول الا مع صدور مرسوم قبولها، كما يحق للوزير المستقيل في اي وقت يشاء ان يرجع عنها طالما لم يصدر مرسوم بقبولها. الا ان مفاعيل هذه الاستقالة تبقى رهن اداء الوزير المستقيل يقول يمين. 

"فاذا ترجم الاستقالة بصورة عملية قبل صدور المرسوم الى الامتناع عن القيام بمهامه، تصبح حينئذ الاستقالة ذات مفاعيل من الناحية العملية وتؤول هذه المهام الى وزيرة العدل بالوكالة اليوم اليس شبطيني، كما حصل في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عندما استقال الوزراء الشيعة والوزير يعقوب الصراف، فيما تبقى الاستقالة قابلة للتراجع ما لم يصدر المرسوم". 

لكن في حال صدر مرسوم قبول استقالة ريفي كيف يتم تعيين البديل؟ يشرح المحامي عادل يمين ان تعيين الوزراء يتم اصلا وفقا للدستور بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بناء على استشارات يجريها رئيس الحكومة. 

في العرف الدستوري، عندما كانت تحصل استقالات كان يتم تعيين وزير بديل بمرسوم يوقع من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة مع تجاوز الحاجة لمنح الثقة للوزير البديل من قبل مجلس النواب. وهنا يذكّر يمين بسابقة حصلت في عهد الرئيس الاسبق اميل لحود عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عندما عيّن الوزير وديع الخازن خلفا للوزير المستقيل فريد الخازن. 

لكن التعيين اليوم يبقى ايضا مرهونا بالرأي القانوني حول صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعا في ظل الشغور الرئاسي، اذ ان هذه الصلاحية هي ايضا ملاصقة لشخص الرئيس.

واذا كان كل ما سبق شرح في القانون، هل تُقبل استقالة ريفي بالسياسة؟ يميل يمين الى احتمال تجميد الموضوع لان قبول الاستقالة يعني شرخا كبيرا بين ريفي والمستقبل قد يخسر التيار الازرق بنتيجته مساحة شعبية، في وقت يحاول الحريري لململة شمل البيت الداخلي. كما ان الخطورة الاكبر تكمن في تعذّر الاتفاق على وزير بديل وبالتالي خسارة المستقبل مقعدا وزاريا يبدّل الاكثريات داخل مجلس الوزراء، الا في حال حصوله على التزام مسبق من ال 24 وزيرا باسم الوزير البديل ما قد يرفع حظوظ النائب سمير الجسر بحسب يمين، لكن يعني في المقابل قطيعة نهائية مع ريفي.

      المصدر: لبيانون ديبايت