في ظل المشاكل المتراكمة في بلادنا اليوم يشكو المواطن اللبناني من انقطاع بعض الادوية من الصيدليات، منها ادوية ضغط والم وسكري ومراهم ومضادات حيوية ومضادات للالتهابات. فهل هو تقصير ام هو روتين اداري وتقني تفترض معالجته اجراءات تستغرق بعض الوقت؟

يضع احد الصيادلة الاسباب المؤدية الى هذا الانقطاع في لبنان تحت ثلاثة عناوين:

اولا: تخفيض وزارة الصحة لاسعار الادوية المستوردة بشكل راديكالي مع ابقاء اسعار الادوية المنتَجة محليا على حالها كما يقول، ما اوصل الشركات المحلية الى وقف انتاج ادوية لم تعد مربحة بالنسبة اليها. 

ثانيا اعادة التسعير والتسجيل: كل اربع سنوات من تاريخ تسجيل اي دواء تعيد وزارة الصحة تسجيله وتسعيره، في وقت يبلغ عدد هذه الادوية 250 سنويا من اصل 2700 مسجلين في لبنان. وبالتالي تطلب الوزارة من الشركات المعنية مستندات كشهادة المنشأ وشهادة الاسعار وشهادة تحليل وغيرها لاعادة التسجيل، الا ان بعض هذه الشركات اما يعجز احيانا عن تأمين هذه المستندات واما يتأخر لاسيما اذا كانت الشركة مصنعة لالاف الادوية ما يؤدي في هذه الحالة الى انقطاع هذه الادوية. اضف الى ذلك حجم السوق اللبناني الضيق مقارنة بكثافة استهلاكه. 

السبب الثالث الذي يتحدث عنه الصيدلي عينه متعلق بمشاكل داخلية خاصة بشركات الادوية، التي يشكو بعضها من نقص في التخزين بسبب سوء الادارة او بعضها الاخر يعجز بامكاناته عن تلبية متطلبات السوق في حال ازدياد الاستهلاك مع تفشي اوبئة مفاجأة. واحيانا تقرّر شركات تغيير دول المنشأ بسبب ارتفاع كلفة الاستيراد من المصنّع الاساسي او تعديل عيارات الادوية، ما قد يستغرق فترة زمنية طويلة. 

يرفع الصيدلي المذكور الصوت للقول ان الصدليات منيت بخسائر كبيرة مع تخفيض سعر الدواء المستورد الذي تبلغ نسبة الربح فيه 30% والسماح بمضاربته للدواء المحلي الذي بقي سعره مرتفعا، من دون ان تعوّض شركات الادوية عليهم. 

حمل ليبانون ديبايت هذه الشكاوى الى وزارة الصحة واتصل برئيسة مصلحة الصيدلة في الوزارة كوليت رعيدي التي اوضحت ان كل الادوية تخضع لاعادة تسعير وفقا لقوانين ترعاها ولجداول زمنية ، لكن المفارقة ان الادوية المصنّعة محليا تخضع لقوانين خاصة من اجل حمايتها. فعندما يتعلق الامر باعادة تسعير الادوية المستوردة يختلف النظام بناء على معطياة عدة، اذ تجدر على سبيل المثال مقارنة الاسعار مع ثمانية دول عربية اما الدواء المصنّع محليا فهو يخضع لسعر كلفته على باب المصنع. وتضيف رعيدي ان لا يجوز ان يتعدى تخفيض سعر الدواء المصنع بالكامل محليا ال 10% من السعر المتوافق عليه، اما اذا انخفض سعر صنف الدواء المستورد فينخفض سعر الجينيريك المستورد بمعدل النصف. 

تشير رعيدي الى ان اي تعديل في تسجيل الدواء من الناحية التقنية او الادارية يلزم المستورد بتقديم مستندات لاتمام التعديلات اللازمة التي قد تستغرق بعض الوقت وبالتالي فان هذا التأخير هو المسبب الاساسي في فقدان انواع من الادوية من الصيدليات، عدا عن سبب توقف بعض المصانع بشكل كامل عن تصنيع اصناف معينة من الادوية او حتى عدم تلاؤم العرض مع الطلب. 

ولكن بكافة الاحوال تقول رعيدي ان اي دواء له "جينيريك" بديل وان اللوائح مدرجة على الموقع الرسمي التابع لوزارة الصحة كما هي الحال بالنسبة لقواعد تخفيض الاسعار التي يجب على كل صيدلي ان يطلع عليها. 

اذا في الخلاصة لا خطر انسانيا يهدد حياة المريض اذ لكل دواء بديل، انما المشكلة قد تكمن في صراع بين شركات احتكار الادوية، لربما اول من يدفع ثمنه اصحاب المؤسسات الصغيرة.

 ليبانون ديبايت