كرس فشل الجلسة الـ35 للبرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية، نتيجة تعطيل النصاب من قبل «حزب الله» وحلفائه وكتلتي المرشحَيْن الأساسيين للرئاسة، زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، القناعةَ لدى القوى السياسية كافة بأن الشغور الرئاسي في لبنان سيستمر ردحاً آخر من الزمن بعدما مضى أكثر من 20 شهراً على الفراغ في المنصب الأول في السلطة التنفيذية.

ومع أن عدد النواب الحاضرين أمس تميز بارتفاعه (58 من أصل 128) قياساً إلى روتين الجلسات السابقة التي انتهت إلى تطيير النصاب، فإن المستجدات التي طرأت منذ الجلسة السابقة قبل زهاء الشهر، بتبني حزب «القوات اللبنانية» ترشيح عون بعدما قرر زعيم «المستقبل» سعد الحريري تأييد فرنجية، دفعت الكتل النيابية الرافضة تعطيل النصاب والمؤلفة من قوى 14 آذار وكتلة رئيس البرلمان نبيه بري، إلى تكثيف حضورها لرمي مسؤولية استمرار الفراغ على قوى 8 آذار، على رغم حصولها على تنازل من 14 آذار لمصلحة رئيس من صفوفها. 

وشهدت ردهات البرلمان لقاءات بين نواب كتلة «المستقبل» ورئيسها فؤاد السنيورة، وبين نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان بعد افتراقهما في الشأن الرئاسي، بدعم الأولى فرنجية وتبني «القوات» عون. واشترك الاثنان في تحميل «حزب الله» مسؤولية تعطيل انتخاب الرئيس فيما ضم السنيورة عون إلى معرقلي إنهاء الفراغ الرئاسي، بينما طالب عدوان «حزب الله» بالتفاهم مع فرنجية حتى يبقى عون مرشحاً أساسياً. ولم تحضر كتلة فرنجية، التزاماً بامتناع «حزب الله» عن حضور جلسة البرلمان.

وبدا أن مفاعيل التحولات التي قام بها كل من «المستقبل» و «القوات» في الشهرين الماضيين لإحداث اختراق في جدار الشغور الرئاسي أخذت تتضاءل، خصوصاً أن «حزب الله» لم يحسم الموقف فبقي على دعمه عون من دون أن يطلب من فرنجية الانسحاب، وأن كتلاً نيابية كان الفريقان يعولان على استمالتها، فرملت اندفاعها، مثل كتلة «اللقاء النيابي الديموقراطي» بزعامة النائب وليد جنبلاط، فتمسكت بدعم مرشحها النائب هنري حلو. أما حزب «الكتائب»، الذي كانت أوساط «المستقبل» تترقب تأييده خيار فرنجية، فأعلن رئيسه أول من أمس في حديث تلفزيوني، أن الحزب لن ينتخب عون ولا فرنجية، وطالبهما مكتبه السياسي أمس بوضوح بـ «العزوف عن الترشح» لمصلحة «أي مرشح يحتكم إلى الدستور»، قاصداً بذلك مرشحاً ثالثاً.

ويتطلع الوسط السياسي اللبناني إلى إحياء الذكرى الـ11 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري الأحد المقبل والكلمة التي سيلقيها الحريري في هذا المجال. وعلمت «الحياة» من مصادر قيادية في «المستقبل»، أن زعيمه لن يعلن دعمه رسمياً ترشيح فرنجية كما كان يتوقع البعض، مع استمراره ضمناً في التأكيد على خيار رئيس «المردة». وذكرت أنه سيقدم رؤيته للأوضاع التي يمر فيها البلد وسيعرض سلسلة الوقائع حول الجهود التي بذلها من أجل إنهاء الفراغ الرئاسي منذ أن قام باتصالاته مع عون في نهاية العام 2014 وبداية العام الماضي، ثم الاتصالات التي قام بها مع النائب فرنجية منذ الصيف الماضي وصولاً إلى لقائهما في باريس قبل أكثر من شهرين.