اعتباراً من الاول من شباط، بدأ حزب الكتائب العد العكسي للجلسة الـ35 لانتخاب رئيس للجمهورية. وهذه الجلسة بالذات ليست كسابقاتها لجهة التنافس بين مرشحي 8 و14 آذار، أي سمير جعجع وميشال عون، بل هي جلسة كاملة الاوصاف بمرشحين من عتاة الموارنة، وتالياً يراهن الكتائب على أن الجلسة المقبلة ستؤكد صحة مواقفه لجهة عدم صوابية السير في خيار معراب وتأييد العماد ميشال عون، من دون ترسيم معالم واضحة لهذه المبادرة التي ستكون نهار الاثنين المقبل أمام لحظة الحقيقة التي لا بد من تظهيرها، وفحواها أن اتفاق نقيضين لا يصنع وحدة حقيقية، بل الاصح اجتماع كلمة المسيحيين اولاً على رؤية واضحة ومشروع وخريطة طريق الى كرسي الرئاسة الاولى في بعبدا.
لم يوفر حزب الكتائب حجة ولا منطقا لتوضيح موقفه مما جرى في معراب، إن لجهة الاعلان تكراراً عن تأييد الكتائب للمصالحة المسيحية وأن الحزب غير معني بهذه المصالحة، لأنه لم يحمل السلاح ضد العماد ميشال عون ولا ضد "القوات اللبنانية"، أو لجهة الاعلان تكراراً عن تأييد الطريق الى الوحدة المسيحية بمعايير مختلفة، أولها احترام الآخرين وعدم تحويل مشروع الوحدة الى "حرب إلغاء للآخرين". ورغم الترحيب الذي قوبلت به هذه المواقف لدى قسم من الاحزاب والهيئات والكتل المسيحية في سياق الحملة المضادة لـمعراب، فإن التأثير المعنوي لكلمتي الوحدة والمصالحة اللتين أطلت بهما المبادرة الرئاسية، يلقى صداً اكثر لدى فئات واسعة من الرأي العام المسيحي ترى وتسمع وتعاين يومياً فصول التطاول على الحضور المسيحي والسعي الدؤوب للانتقاص من الشخصية المسيحية المعنوية. وبهذا المعنى، تلقف الكتائب ما جرى في وزارة المال من قضم لمركز رئيس دائرة كبار المكلفين، وبادر الى الدعوة الى التحرك مع الاحزاب المسيحية الاخرى لكي تثبت أنها معنية كلها بالملفات المسيحية، من منطلق الشراكة الوطنية، أسوة بطرفي تفاهم معراب وأكثر. والامر يحتاج من الكتائب ليس الا الصراخ فحسب احتجاجاً على ما جرى في وزارة المال وما يجري في غيرها، بل أيضاً الانتباه الشديد الى ما يجري على مستوى قانون الانتخاب، حيث يحتاج الكتائب الى الواقعية السياسية قليلاً في هذا الملف، إذ لم يحسم خياراته بين اقتراحات النسبية والاكثرية وحجم الدوائر، وصولاً الى الدائرة الفردية التي تبقى حلم كل "الاقليات" في لبنان في سعيها الى عدم الغرق في بحر الاكثريات وتأمين إيصال ممثليها الحقيقيين الى مجلس النواب، أو كما قال البطريرك صفير مرة، "64 يعني 64 ".
ينتظر الكتائب ما سيكون عليه موقف "القوات" من عدم نزول نواب "التيار الوطني الحر" الى مجلس النواب الاثنين المقبل، والرأي بحسب كتائبيين أن هذه الواقعة المقبلة قريباً سوف تؤدي الى وضع النقاط على حروف ما جرى لجهة صوابية موقف الصيفي في الاعتراض على بند دعم ترشيح العماد عون وما جرى في معراب، وتقديم المصالح على المصالحة، من دون الاخذ في الاعتبار وضع بنود خريطة طريق مبدئية للسير بها الى الرئاسة الاولى. ولكن في جميع الاعتبارات، فالامور بخواتيمها والامتحان لجدية ما جرى هو نهار الاثنين المقبل، ويستمر التواصل بين الصيفي ومختلف القوى السياسية تحت عنوان وضع "خريطة طريق رئاسية"، ربما يعجز فؤاد شهاب عن تنفيذها، في ما لو بعث حياً، وسط هذه الظروف الصعبة. لكن الاهم بالنسبة الى سامي الجميل هو حفظ المبدئية والتمسك بالميثاقية وعدم احباط الشباب مرة جديدة.