تجاهل رئيس كردستان مسعود بارزاني الضغوط الأميركية والأوروبية لتأجيل الاستفتاء على استقلال الإقليم، ووجه انتقادات حادة إلى قوى كردية تعارض توقيت إجراء الاستفتاء، مؤكدا أن «الخطوة لا تعني إعلان الدولة»، فيما أكد نواب حاجة الإقليم إلى «تحقيق التوافق ووحدة الصف الكردي»، فيما اعتبرت قوى سنية وشيعية الخطوة «غير دستورية». 

وكان وفد من الاتحاد الأوروبي دعا القوى الكردية إلى تأجيل الاستفتاء والبقاء في كنف الدولة العراقية، في موازاة دعوات أطلقها سياسيون وقوى كردية إلى «خلق أرضية وظروف مناسبة» قبل الاستفتاء.

واعتبر بارزاني في بيان أمس، هذه المواقف: «لامنطقية وغير منصفة، إذ لا يمكن إنكار حقوق ووجود شعب وقومية باسم الكرد في الشرق الأوسط تحت أي مبرر، ومن شأن ذلك أن يزيد المشكلات»، وأكد أن «الشعب إذا انتظر في أن يمنحه الآخر هذا الحق فلن ينال شيئاً، وعليه أن يمارسه (الحق) فعلياً، ومعلوم أن خريطة المنطقة رسمت وقسمت رغماً عن شعوبها، خصوصاً كردستان، وكانت السبب في الحروب وعدم الاستقرار خلال قرن».

وأوضح أن «منفذي التقسيم يعلمون حجم خطئهم، لكنهم لا يعترفون بفشل تلك السياسة، وليس عدلاً أن يتم تجاهل حقوق شعب من أجل إرضاء آخرين. ونتساءل هل هم مستعدون لإعاقة تطور شعوبهم وعرقلته؟»، في إشارة إلى الدول الموقعة على اتفاقية سايكس بيكو، وشدد على أن الإقليم «يمتلك مقومات دولة، شأنه شأن سكوتلندا وكاتالونيا وكيبيك وبقية الأقاليم».

وهاجم مواقف بعض القيادات الكردية، وقال: «نستغرب أن تقدم مبررات لإنكار هذا الحق عبر التأجيل، بذريعة تهيئة الأرضية المناسبة، وإصرارهم نابع من إيمانهم الكامل بأن هنالك فرصة ذهبية ويريدون إجهاضها، ثم يتهمون القيادة السياسية في الإقليم بإضاعة فرصة ثمينة كانت سانحة ولم تستغل»، وأكد أن «الظرف مناسب لاتخاذ الخطوة، وذلك لا يعني إعلان الدولة فور ظهور النتائج، بقدر ما هو إعلان موقف الشعب من مستقبله ومصيره، والقيادة ستنفذ هذه الإرادة في الوقت المناسب، في إطار سلمي يراعي العصر، من دون أن يشكل تهديداً لأي جهة، فالمتغيرات قادمة لا محالة وعلى كل كردستاني مخلص أن يكون على قدر المسؤولية التاريخية للوقوف مع شعبه».

إلى ذلك، قال مسرور بارزاني، مستشار «مجلس أمن الإقليم» عبر حسابه في «الفايسبوك»، إن «العراق بني على أسس جغرافية خاطئة، ومنذ قرن تبذل جهود ليكون دولة من دون جدوى»، مشيراً إلى أن «السبب الرئيس في ظهور تنظيم داعش في المنطقة هو سياسي». وقال النائب عن «الاتحاد الوطني» سالار محمود لـ «الحياة»، إن «الوقت مناسب جداً للاستفتاء باعتباره حقاً مكفولاً يحظى بإجماع شعبي»، واستدرك «لكن نحتاج إلى تحقيق توافق ووحدة الموقف وإجماع بين القوى السياسية، وإعادة تفعيل جلسات البرلمان بهدف تشريع قانون بهذا الخصوص، ومن ثم تحديد الموعد المناسب».

وأوضح أن «القوى (الكردية) ستواجه إشكالات وخلافات حول آلية الاستفتاء، لكن الكل متفق على اتخاذ خطوات عملية، ونؤكد أن هذا المطلب لا يمكن حصره بطرف دون غيره، ما يعني حاجتنا إلى التنسيق، وقد بدأت لجنة عليا في حل الأزمة السياسية، وسيكون من ضمنها تحديد الآلية والموعد».

في المقابل قال النائب عن تحالف القوى الوطنية (أكبر كتلة سنية في البرلمان الاتحادي) عبد القهار السامرائي لـ «الحياة»، إن «الاستفتاء من حق الشعوب، ولكن استقلال الإقليم قد يؤثر في العراق باعتباره جزءاً وركيزة أساسية في استقرار البلاد». وأضاف أن «الإقليم جزء مهم من أمن العراق وسياسته واقتصاده، وهو يحد ثلاث دول، هي تركيا وإيران والعراق، وقد يشكل استقلاله في هذا الوقت خطوة صعبة».

إلى ذلك، أكد النائب عن «المجلس الأعلى» سليم شوقي لـ «الحياة»، إن «الاستفتاء مخالفة للمادة الأولى من الدستور العراقي، وهو دعوة غير أخلاقية، خصوصاً أن بارزاني أحد كاتبي الدستور، وفضلاً عن أن دعوته مخالَفة دستورية ومخالِفة للاتفاق السياسي».