عقد المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونا كنسية ووطنية، وفي ختام الإجتماع تلا أمين سر البطريركية الأب رفيق الورشا البيان التالي:

1 - يحيي الآباء تطور الحوار الداخلي بين الأفرقاء، ويشجعون على متابعة هذا الحوار ليشمل الفرقاء كافة. كما يثنون على كل مبادرة من شأنها أن تؤول إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ويهمهم تأكيد أن لبنان لا يحكم بالاصطفافات، بل بالتعاون والتعاضد بين جميع أبنائه، ويتطلعون إلى اللحظة التي ينتقل فيها الحراك السياسي إلى داخل المؤسسات الدستورية، إذ مهما صفت النيات وأثمرت الحوارات، فلن تكون فعالة إلا تحت قبة المجلس النيابي. لذلك يطالب الآباء الكتل النيابية بالمثول إلى المجلس النيابي لإطلاق المسار الديمقراطي بحسب ما يقتضيه الدستور.

2 - يثني الآباء على استعادة العمل الحكومي أمام الكم الهائل من الملفات الحيوية العالقة. وهم يناشدون رجال السياسية تحييد الحكومة عن تجاذباتهم السياسية، حتى تنصرف لعملها كسلطة تنفيذية تعنى بمصالح المواطنين وخيرهم العام. فالحالة الخطرة التي تهدد البلاد على المستوى الاقتصادي والمالي وأوضاع الفقر والحرمان المزرية التي يتخبط فيها ثلث الشعب اللبناني، ومشكلة البطالة والحالة الأمنية الهشة، كلها تستدعي حماية عمل الحكومة، والتحلي بروح سامية تستلهم المسؤولية الوطنية. وتضع في أولوياتها حاجات المواطنين العديدة، ومن بينها مطلب متطوعي الدفاع المدني المحق. ومطلوب من الحكومة حماية دور لبنان واللبنانيين الإيجابي في الأسرتين العربية والدولية وتعزيزه، وحفظ صداقة لبنان مع جميع الدول على أساس من العدالة والسلام والتعاون البناء.

3 - يضم الآباء صوتهم إلى صوت السيد البطريرك، بدعوة المسؤولين إلى التنبه لمغبة المس بموجبات الصيغة الوطنية في وظائف الدولة والمؤسسات العامة، وبروح الميثاق والدستور ولاسيما المادة 95، اللذَين يرسمان مسار التدرج من الحالة الطائفية إلى الحالة الوطنية، مع الحفاظ على مشاركة الطوائف في الوظيفة العامة مشاركة متوازنة، من أجل ضمان استقرار الحكم وثباته، في مجتمع متعدد وذلك على أساس من الكفاءة والأخلاق العالية، والنزاهة ونظافة الكف، والجرأة في محاربة الفساد الذي أصبح مستشريا في معظم الدوائر.

4 - أقلقت الآباء التطورات الأخيرة على حدود لبنان الشرقية والجنوبية، كما يقلقهم ما يدور على المستوى الأمني عموما، فهذا يحتم العمل الجدي من قبل الجميع، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، على دعم المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية دعما وافيا، بالعدة والعديد والموقف السياسي، يجعلها قادرة على مواجهة أي خطر يحدق بلبنان.

5 - بينما تستعد الكنيسة لدخول زمن الصوم المبارك، فلترافق صومنا دعوة البابا فرنسيس إلى أن يكون الصوم هذه السنة، زمنا "يخرج فيه كل منا من التغرب الوجودي، بالاصغاء إلى كلمة الله وإلى أعمال الرحمة". ولعل صلوات المؤمنين تساعد في بلوغ هذه الدعوة قلوب المتنازعين والمتحاربين، فيعودوا من الاغتراب الذي قادهم إليه الشر، إلى إنسانيتهم، حتى يحظى العالم بالسلام. ولنا في هذا المجال قدوة في القديس مارون، شفيع كنيستنا الذي نستعد للاحتفال بعيده في التاسع من هذا الشهر، هذا القديس الذي كرس حياته بالصوم والصلاة، لتحرير البشر مما يخالف إرادة سيد السلام، وهي أن يعيش العالم بوئام وسلام ومصالحة ومحبة أخوية".