ليست القضية بالنسبة إلى حزب الله، محصورة برئيس الجمهورية، أياً كان شخصه أو هويته او انتماؤه، ما يهم الحزب هو أبعد بكثير من هذه التفاصيل المرحلية في هذه اللحظة المفصلية التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط، والتطورات التي تعصف بها سياسياً وعسكرياً. وعلى الرغم من ذلك لا شك أن الحزب يعتبر نفسه الرابح الأكبر من كل ما يجري، لديه مرشحان من حلفائه لرئاسة الجمهورية، وكلما طالت المدة قدّم الفريق الآخر المزيد من التنازلات ربطاً بالوقائع الإقليمية ومجرياتها.

وفق ما يعتبر مطلعون على رأي الحزب لـ"المدن" فإن ما يهم حزب الله في هذه المرحلة، هو ما يجري في حلب واللاذقية ميدانياً، وفي السياسة ما يجري وسيجري في مؤتمر جنيف، ويقول المطلعون:" مئة رئيس للجمهورية لا يساوي جلسة واحدة من مؤتمر جنيف، إنما تحقيق نقاط مهمة هناك وفي الميدان، يجلب لنا وللمحور الذي ننتمي إليه أكثر من رئيس للجمهورية."

يعتبر حزب الله أن الرئيس المقبل سيكون من حصته، ومحسوب عليه، هذا تحصيل حاصل، وهذا لم يعد خاضعاً للمفاوضات بالنسبة إلى الحزب، إنما ما هو قابل للتفاوض هو مبدأ السلّة المتكاملة، أي قانون الإنتخاب الذي يضمن حقوق الجميع بثبات، تعديلات جوهرية في طريقة التعاطي بمجمل الأمور السياسية في الدولة، وقد يتجلى ذلك في المطالبة بتعديل آلية إتخاذ القرارات الحكومية، أو وضع جدول الأعمال، إذ أن ثمة همساً يتلخّص في أن الحزب يريد أن يكون شريكاً فعلياً في صنع القرار، وهذا لا يعني الوصول إلى تعديل للدستور أو للطائف بل تحت سقف الطائف، وإنما بصيغة إتفاقات سياسية تكفل مبدأ المشاركة الفعلية."

"لسنا مستعجلين" جواب سريع يتلقاه من يسأل عن موقف الحزب، كل الأمور تصب في مصلحته، والكلام في الميدان يميل إلى دفّته، وهذا ما سيتيح له تحقيق المزيد من المكتسبات.

يبقى الهمّ الأساسي بالنسبة إلى حزب الله، هو مسألة المقاومة والسلاح، وهذا غير قابل لأي تفاوض، وبالتالي فإن المشاورات الرئاسية لن تتطرق إلى هذا الامر، وقد يساوم الحزب على قانون الإنتخاب أو أمور أخرى، إلا أن موضوع المقاومة وسلاحها خطّ أحمر. التنازل الأساسي المقدم من قبل الحزب وفق ما تعتبر المصادر هو الإلتزام بالطائف وعدم تغييره، اما كل الحكومات التي ستأتي في العهد الجديد يجب أن تكون بياناتها الوزارية تتضمن بشكل واضح وصريح حماية السلاح.

إنطلاقاً من هنا، تلفت المصادر إلى أن حزب الله لم يعلّق على كل المساعي الرئاسية بشكل واضح وصريح، وهو وضع حلفاءه في هذا الجو، وتأكد أن العلاقة بين الحزب وحلفائه أكثر من جيدة، وهم يتفهمونه في ذلك، في ضوء المراهنة على الوقائع والمتغيرات الإقليمية، ولا تخفي المصادر أن أحد الحلفاء طلب من الحزب موقفاً، لا بل هناك من حمل رسائل عتب حول أن الحزب يهتم بالشؤون الإقليمية أكثر من المحلية، فكان جوابه واضحاً بأن الداخل يقرأ من الخارج.

وفي السياق، تلفت مصادر متابعة لـ"المدن" إلى أن الحزب لن يدخل في حسم أي وضع داخلي قبل تحصيل هذه المكتسبات، وقبل بلورة صورة الوضع في الإقليم وتحديداً في سوريا، وحسم مسألة الرئاسة فيها.