فرضت العاصفة "تالاسا" إيقاعها في مختلف المناطق اللبنانية. وإذا كان تأثيرها تفاوت بين منطقة وأخرى، إلا أنه يمكن القول إن صيتها كان أكبر من فعلها. ففيما تمكنت من حبس أنفاس اللبنانيين، بسبب ما تردد حول برودتها، ما دفع ببعض سكان المناطق الجنوبية والشمالية لاتخاذ إجراءات للمواجهة عبر التزود بمواد التدفئة من مازوت وحطب وغاز، عمد بعض الأهالي، وتحديدا في منطقة مرجعيون وحاصبيا إلى تكديس المؤن خوفا من ملازمة منازلهم طوال فترة العاصفة.

وتوقعت "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية" في تل عمارة استمرار نشاط "تلاسا" مع زيادة فعاليته حتى مساء يوم غد الثلاثاء، على أن يستمر الطقس البارد مع تشكل الصقيع في بعض المناطق وتدني درجات الحرارة إلى حدود 5 درجات تحت الصفر في المناطق الداخلية والجبلية.

وفيما شهدت العاصمة بيروت أمطارا غزيرة وانخفاضا في درجات الحرارة، شلّت العاصفة طرابلس من خلال إقفال تام للأسواق وانعدام الحركة في الشوارع، وانسحبت هذه الحال على المناطق الشمالية الأخرى حيث كان الوضع مشابها في الضنية، وقد تساقطت الثلوج ابتداء من الف متر ووصلت سماكتها إلى عشرين سنتيمترا، كذلك اجتاحت المياه الطرق في المنية ومخيم البداوي.

وفي البترون اشتدت الرياح منذ ليل السبت الأحد من دون توقف وتساقطت الأمطار بغزارة مع حبات البرد وارتفعت الأمواج متجاوزة في ارتفاعها الثمانية أمتار، وغمرت المياه الطرق وحولتها إلى بحيرات. كذلك أدت الأمطار في الكورة إلى جرف الأتربة على الطرق الرئيسية والفرعية، أما في إهدن فقد بلغت سماكة الثلوج الثلاثين سنتيمترا على جبل سيدة الحصن إلا أن الطرق بقيت سالكة. وبالرغم من العاصفة بقيت الطرق مفتوحة في بشري، فيما تكونت طبقة من الجليد على الطرق في بيت منذر وصولا إلى حدث الجبة ما جعل سلوك الطرق صعبا إلا للسيارات المجهزة بسلاسل معدنية.

في عكار لامست الثلوج المرتفعات الجبلية في منطقة الحفة والقموعة ما أدى إلى زيادة في نسبة سماكة الثلوج، كما أدت العاصفة إلى توقف حركة الملاحة البحرية في مرفأ العبدة بسبب ارتفاع الموج واشتداد سرعة الرياح.

إلى بعلبك، حيث كان تأثر "تالاسا" أقل من التوقعات، إذ أن الثلوج التي كثر الحديث عنها منذ أيام لم تصمد على الأرض إلا لدقائق وكانت كمياتها محدودة، إلى الدرجة التي دفعت الأهالي إلى التندر حولها ساخرين من التوقعات الجوية. وباستثناء المتساقطات الثلجية في التلال العالية، كانت العاصفة لتمر على بعلبك مرور ضيف لم يكلف الناس عناء إكرامه.

وقع العاصفة في البقاع كان قاسيا، إذ أدت موجات الصقيع التي ضربت منطقة المصنع على الحدود اللبنانية ـ السورية إلى مصرع امرأة سورية تدعى ر. جاسم، كانت تحاول دخول الأراضي اللبنانية بطريقة لاشرعية. كذلك نقلت ابنتها إلى مستشفى المياس في شتورة بحال الخطر قبل أن يتم نقلها إلى مستشفى تمنين الحكومي.

واقتصرت ثلوج "تالاسا" في البقاع على المرتفعات والجبال على ارتفاع 1400 متر ثم تدنت إلى 850 مترا خلال الليل. وأدى تراكم الثلوج إلى إقفال طريق زحلة ـ ضهور الشوير طوال يوم أمس.

في جبل لبنان، تأخرت العاصفة ليقتصر حضورها في المناطق التي تعلو أكثر من ألف متر عن سطح البحر، في حين مال الطقس إلى البرودة وسُجل انخفاض كبير في درجات الحرارة، وصل إلى ما دون الأربع درجات، ما أدى إلى تجمد الثلوج على الطرق الرئيسية والدولية، ما اضطر القوى الأمنية إلى منع السيارات غير المجهزة بسلاسل معدنية من سلوك الطرقات الجبلية، بدءا من محطة بحمدون وصوفر والمديرج.

واشتدت العاصفة قرابة الثانية بعد الظهر (أمس) وامتد تساقط الثلوج إلى مدينة عاليه (850م)، ما أعاق حركة السير.

في عاصمة الجنوب صيدا، ادت العاصفة إلى استمرار تعطيل حركة الملاحة البحرية في المرفأ التجاري للمدينة بسبب ارتفاع الامواج البحرية الى ما فوق رصيف الميناء مع الباحة الداخلية للقلعة البحرية.

في المقابل امتنع الصيادون عن صيد السمك وانهمكوا بتثبيت مراكبهم وجمع شباكهم خشية تعرضها للتلف. وكانت الامطار قد تساقطت بغزارة في منطقة صيدا مترافقة مع زخات من حبات البرد.

في منطقة صور أدت العاصفة، التي ترافقت مع زخات من البرد على المناطق الساحلية، الى الحاق اضرار جسيمة في المزروعات على وجه الخصوص ، وتسببت بتمزق الكثير من البيوت البلاستيكية المزروعة بالخضار والموز. كذلك أدى تساقط الأمطار الغزيرة إلى تحوّل عدد من الشوارع في ضواحي صور إلى مستنقعات.

ولم يكن الوضع في قرى مرجعيون كباقي المناطق، إذ لم تكن العاصفة بالشدة التي جرى الحديث عنها قبل أيام من وصولها إلى لبنان. إذ جاءت ضعيفة لتقتصر ثلوجها على مرتفعات شبعا وكفرشوبا. وبدأت الثلوج بالانهمار منذ الساعة العاشرة صباحا في التلال المشرفة على بلدة شبعا.

وكانت الثلوج غطت مرتفعات جبل الشيخ ووصلت سماكتها إلى 40 سنتيمترا. وكان لافتا للانتباه أن العاصفة أنعشت الأسواق في المحال التجارية في المنطقة حيث لجأ الأهالي إلى التزود بالمواد التموينية خوفا من تداعيات العاصفة.

إقفال المدارس والمهنيات اليوم

أعلن وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، عن إقفال المدارس والمهنيات اليوم الاثنين، وذلك بسبب الأحوال الجوية السيئة.

وأشار الوزير إلى انه "بعد الاطلاع على التوقعات الجوية التي تشير إلى حدوث جليد ابتداء من ستمائة متر وهطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية وثلوج، وبعد التشاور مع رئيس الحكومة، قرر إقفال المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة يوم الاثنين (اليوم)، تجنبا للانزلاق والصقيع وتدني الحرارة". ودعا بوصعب المدارس الرسمية والخاصة إلى "الالتزام التام بهذا القرار".

(السفير)