حين حلّ "فلاديمير" ليلة رأس السنة واحتُجز مئات المواطنين لساعات في سياراتهم بسبب تراكم الثلوج التي أعاقت حركة المرور في المناطق الجبلية، تفهمنا أن هؤلاء لم يرغبوا بتعديل برنامج سهرة العيد، ولا سيّما أن معظمهم كان قد حجز مسبقاً في احد الفنادق أو المطاعم، وعليه خاضوا هذا التحدي. لكن ما حصل في بداية السنة لم يكن استثنائياً أو جديداً!  

  ففي عصر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت وتعدد الجهات التي تعنى بأخبار الطقس، وعلى رغم تقدم العلم في هذا المجال بحيث بات ممكناً توقع الاحوال الجوية قبل اسبوع أو أكثر... وعلى رغم رغبة المواطنين الكبيرة بتتبع أخبار ما ستحمله الطبيعة إلى حدّ المبالغة...

وعلى رغم التهويل الذي "ترتكبه" بعص الوسائل الاعلامية أو الافراد قبيل وصول كل منخفض جويّ... ثمة من يختار وضع التنبيهات والإرشادات الرسمية (وغير الرسمية) في خانة توقعات السيدة ليلى عبد اللطيف أو السيد ميشال حايك، فيشغلّ سيارته، ونحو المناطق العاصفة بالثلوج والسيول... در!  

هكذا إذاً، ومع حلول كل عاصفة، نسمع أن المواطنين علقوا في سياراتهم أو انزلقت مركباتهم، فتبدأ المناشدات وتعلو الصرخات ويُطرح السؤال المعهود "وينيي الدولة؟"! والحال أن السؤال الصحيح الذي يجب أن يوّجه الى هؤلاء هو "لماذا انتم هنا، في "عز دين العاصفة"؟ لماذا؟ ببساطة لأن ثمة من يظنّ انه يقوم بمغامرة حين "يكزدر" أثناء تساقط الثلوج، لكنها ليست إلا مخاطرة أو مقامرة بحياته! وفيما يضمن الطلاب حصولهم على عطلة مجانية من "محبوبهم" وزير التربية، يجهد الموظفون في تليين قلب وزير العمل كي يحصلوا هم ايضاً على هذه النعمة من دون أن يفلحوا بذلك، وعليه يختار البعض أن يقصد المناطق الجبلية كي يعلق هناك، فتكون الذريعة "مبكلة"! (فرضية على سبيل المزاح).

  لكن فعلاً، وبعيداً من "التراجيكوميديا"، لا يمكن نفي حقيقة هذا الواقع، وإلا هل من يخبرنا لماذا نعايش الإزدحامات المرورية والحوادث والفوضى التي تقع مع كل عاصفة؟   والمفارقة أن الاشخاص الذين يسألون "وينيي الدولة" ويغضبون حين تعلق سياراتهم في الثلوج، هم أنفسهم يتهمون الاعلام والقوى الامنية بالمبالغة ونشر الذعر والتهويل قائلين: "ما بدا هالقد"!   لكن واقع الحال أننا في لبنان، على عكس الدول التي تشهد عواصف ثلجية باستمرار، لا نملك التجهيزات الكافية لأكثر من سبب، منه ما يتعلق بالعجز ومنه ما له علاقة بندرة العواصف الثلجية القوية، لذلك نرى أن المدارس تقفل ويزدحم السير وتقطع الطرقات على رغم فتحها اكثر من مرة. هذا ما يشرحه أمين سر جمعية "يازا" كامل ابراهيم عبر "لبنان 24"، لافتاً الى أن "الجمعية تدعو فعلاً إلى عدم التنقل اثناء العواصف العاتية الا عند الضرورة".  

ابراهيم يشدد على ضرورة أن يتقيد المواطنون بتعليمات القوى الأمنية وإرشاداتها. فمثلاً حين يُطلب عدم سلوك طرقات معينة فينبغي الامتثال لأن جنوح سيارة واحدة عن مسارها أو توقفها سوف يؤدي حتماً الى ازدحام مروري، وتالياً الى انهماك القوى الامنية والدفاع المدني والمعنيين بحلّ هذه المشكلة.

  يذكّر ابراهيم بالعاصفة الثلجية التي ضربت لبنان عام 1983 وتسببت بمقتل أكثر من شخص علقوا في الثلج. ولا يُقصد بهذا التذكير تهويلاً أو مبالغة، لكن القيادة في الثلج والجليد واثناء العواصف ليست بعملية سهلة، ولا سيّما أن معظم اللبنانيين غير مدربين عليها، وثمة من استحصل على دفتر السوق بطريقة شكلية، بالإضافة إلى أنه لا يمكن الاتكال على المركبة حتى لو كانت رباعية الدفع او مجهزة بسلاسل حديدية لأن السائق واسلوب القيادة يبقيان الاساس.   وعليه ينصح ابراهيم سكان المناطق الجبلية بالتحضر مسبقاً لتجنب التنقل أثناء العاصفة، وفي حال لزم الأمر (لمسافة قصيرة) فعليهم دائماً التقيد بتعليمات القوى الامنية.   نصائح لا بدّ منها   ويعدد ابراهيم بعض النصائح لقيادة آمنة في طقس عاصف ومثلج:   - التخفيف إلى سرعة تتناسب والحالة الموجودة وترك مسافة أمان كافية في الأمام.   - تخفيف السرعة على التجمعات المائية تفادياً لشرود المركبة وأذية الآخرين.

  - عند هبوب الرياح القوية، يجب الإنتباه للدراجين الذين قد تأرجحهم الرياح. كما يمكن أن تشكل الرياح الشديدة خطراً كبيراً على السيارات الخفيفة عند تلاقيها مع الحافلات والشاحنات المسرعة أو تجاوزها لها حيث تجنح السيارة عن مسارها.   - عند حدوث الإنزلاق فجأة يجب: المحافظة على رباطة الجأش، رفع القدم عن دواسة الوقود، عدم الفرملة، وإدارة المقود عكس اتجاه الإنزلاق.

  - ضرورة استعمال "الأنتيجل" مع مياه "الرادياتور" على مدار السنة.   - التأكد المستمر، وبخاصة في فصل الشتاء، من صلاحية مسّاحات الزجاج الأمامي، والخلفي إن وُجدت، ومن حسن أداء جهاز بخ المياه.   - ترك النوافذ مفتوحة قليلاً تلافياً لتشكل غشاوة ضبابية على الزجاج من الداخل أو استخدام جهاز التدفئة، وتشغيل الجهاز الخاص بإزالة غشاوة الزجاج الخلفي.

  - التأكد من سلامة الإطارات والأنوار والفرامل والبطارية والدينامو والبوجيات، وتغيير الأحزمة التي تصدر صريراً عند التشغيل أو أثناء السير.   - التأكد من خلو العادم (الإشابمون) من أي ثقوب قد تؤدي إلى تسرب غاز أول أوكسيد الكربون (co) المميت إلى حجرة القيادة.   - من الحكمة إخبار الأهل قبل الذهاب إلى مكان بعيد، بموعد الانطلاق والوقت التقريبي للوصول.

ويجب تعبئة خزان الوقود وحمل ملابس إضافية مع كمية كافية من الطعام المعلب وماء للشرب وهاتف نقال والشاحن، بالإضافة إلى علبة إسعافات أولية ورفش صغير وسلاسل معدنية وإطار احتياطي صالح مع عدة.   - عدم سكب مياه حارة على الزجاج لازالة الجليد، بل مياها باردة مع الملح.   - في حال اضطر السائق الى البقاء في سيارته أو النوم بداخلها، فعليه إبقاء منفذ للهواء كي يصله الأوكسيجين.

لبنان 24