" يا بموت يا بخلّص... انتو صلّوا و دعولي" الجملة الأخيرة التي أرسلتها شانيل فارس إلى شقيقها روكي قبل أن تقذف بنفسها إلى المجهول، مسلّمة روحها إلى قارب الموت الذي لم يرحمها، ولم يسمح لها بالخروج من مجازفتها حيّة، فلقيت مصرعها في البحر قبل أن تحقق حلمها وتصل إلى الأراضي السويدية.  

ضاقت بها الأرض رغم سنوات عمرها القليلة ولم تجد سوى البحر خلاصاً لها، وأملت أن يحملها إلى مكان أكثر أمناً، لكن النهاية كانت مأسوية عليها وعلى عائلتها، التي كما قال شقيقها "لم نكن نعلم بسفرها والمخطط الذي رسمته لإنهاء معاناتها، لم تُطلع سوى شقيقها الأصغر على قرارها، كون علاقتها جيّدة به، أوصلها الى المطار، ورحلت بلا عودة". وأضاف ان "زملاءها في مطبخ مطعم لبيع الهبرغر في منطقة الأشرفية هم السبب، شجّعوها على السفر، ورغم أنها في التاسعة والعشرين من عمرها، لكنها لا تعلم ما تقوم به والى أين ستصل بمجازفتها".  

وعلى العكس من ذلك، أكدت زميلتها أن "شانيل كانت على علم بكل تفاصيل رحلتها، وحاولنا إقناعها بالعدول عن قرارها، لكنّها أصرت على تجربة حظّها، كما فعل قبلها زميلنا رامي ووصل قبل أشهر الى السويد، لاسيما أنها كانت تفضل الاستقلال عن عائلتها، ومن يراها يشعر كأنها تحمل هموم الدنيا على كتفيها فلم تكن تضحك إلا نادراً ".  

قرار مميت ومفرح! قدّمت ابنة صربا الجنوبية استقالتها من العمل،عايدت زملاءها بمناسبة عيد الميلاد، وودّعتهم آملة أن تتصل بهم من السويد، وتبلغهم أنها غامرت ونجت وأن الحظ ابتسم لها، وجعل من العام الجديد الذي انطلقت الرحلة في أيامه الاولى من أجمل الأعوام التي مرت عليها، لكن للأسف لم يرحمها القدر، بل قرّر وضع حد نهائي لحزنها، وبحسب شقيقها "كانت شانيل المتعلّمة تنوي الوصول الى السويد عبر مطار تركيا، لكن في اسطنبول تعرّفت على مهربين أقنعوها بالسفر عبر البحر، كونه أوفر مادياً اذ يكلف فقط 700 دولار، عندها اطلعت روكي على الأمر، وطلبت منه الدعاء لها كي تصل بالسلامة، صعدت الى المركب وكانت النهاية".

وأضاف "لم نعلم بمصيرها الا بعد ثلاثة أيام من وقوع الكارثة، اتصّل المهرب بنا، طالباً ارسال صورة لها كي يتعرفوا على جثتها". لكن زميلتها أكدت أن "شانيل كانت على علم بكل تفاصيل الرحلة قبل مغادرتها لبنان، وأنها ستصارع البحر، فإما أن تغلبه أو أن يغلبها ومع ذلك كانت فرحة لقرارها بتغيير مسار حياتها".  

عتب واستفهام عتب فارس كبير على خارجية بلاده "التي لم تحرك ساكناً، على الرغم من أنه توفي على المركب ثلاثة لبنانيين هم حسين أحمد ومحمد خشاب بالاضافة الى شقيقتي التي استدنّا 1750 دولاراً لجلب جثتها من تركيا، والامر لا يتوقف هنا، فعلى دولتنا متابعة المهربين لكي يتم إيقاف عداد الموت الذي حصد وسيحصد المزيد من الأرواح". وطرح فارس علامات تعجب واستفهام عدة منها "حتى لو تعطل المركب هل يغرق أغلبية من عليه!؟ هل يتم اغراقهم عن قصد من قبل المهرّبين لسرقة ما يحملون معهم؟ هل يتم إعطاء المسافرين منومًا؟".

  إذا كانت رحلات " الموت" تقتصر في السابق على شباب ضاقت بهم الحياة في بلاد لا تؤمن أبسط مقومات العيش، فإن شانيل لفتت الأنظار إلى شابات لم يحلمن كما قال محمود درويش "بأكثر من حياة كالحياة"!

النهار