يمكن للعلاقة العاطفية أن تتحوّل إلى سامّة. فأنتِ تختارين شريكاً يقاسمك حياتك ظنّاً منك أنّ وجوده سيجعل عالمك ويومياتك أفضل. ولكنّ أنانيته، لامبالاته، تسلّطه، عناده، استبداده، بطشه وعنفه، جميعها صفات في شخصيته تساهم في جعل علاقتكما مؤذية بالنسبة لك. عندما توهم الفتاة نفسها بأنّها تعيش قصة حبّ، تتأثّر بكلام الشاب المعسول وبمبادراته المميّزة، فتغض الطرف أحياناً عن تصرّفات أخرى غير مناسبة تصدر عنه. يعمي الحبّ بصيرتها فتعتقد أنّ الرجل الذي دخل حياتها سيحميها ويسعدها، ما يصعّب عليها إدراك علامات السمّ التي يبدأ ببثّها تدريجاً في العلاقة وفي حياتها للتنبّه منها.

بين العسل والبصل

يمكن للشريك السام أن يكون امرأة أو رجلاً. ولكن النساء إجمالاً هنّ مَن يشتكين أكثر من وجود شريك يسمّم حياتهنّ، بحسب عالمة النفس الفرنسية كارول لوفيل.

فالرجل غالباً ما يكون جذاباً في بداية العلاقة، مغرياً وسخيّاً. في المرحلة الأولى من دخوله حياة الفتاة يسعى جاهداً إلى الإيقاع بها، يعمل على إفتانها بثقته بنفسه وبقدرته على الإقناع وبعزيمته واهتمامه.

ولكن عندما ينجح ببسط تأثيره وسحره قد يبدأ بخلط العواطف والتصرّفات الساحرة والكلام المعسول والمقدِّر لشريكته مع بعض الملاحظات التي تحطّمها والتصرّفات التي لا تلحظ وجودها أو تجرحها وتهدّد كرامتها وكبرياءها.

هذا الخلط يشتّت تركيزها ويجعلها ضائعة غير قادرة على تحديد ما يحصل بوضوح. ومن خلال خلق هذه الصدمات غير المتوقعة يتمكّن الرجل من امتلاكك والسيطرة عليكِ واشعارك بعدم الأمان وتقييدك به الذي سرعان ما سيلومك عليه.

المرأة مصدومة

تعيش المرأة على أمل استرجاع اللحظات الاستثنائية بينها وبين شريكها. فتصبر وتتعلّق بواقعها أكثر فأكثر ولكنّ تصرفاته السلبية تتفاقم كذلك ضغوطه وعدم تقديره.

فشريكك يتحوّل إلى عصبي، مزاجي، أناني متطلّب وغير راضٍ لو مهما فعلت. هو لا يأخذ في الاعتبار سوى حاجاته ولا يهتمّ بحاجاتك منذ اللحظة التي يتأكّد فيها أنه ضَمَن حبّك وبقاءك إلى جانبه. يغضب بسرعة ويبرّر كلّ الضغوط النفسية والجسدية التي يُخضعك لها كونها غلطتك. مسيطر يتوق إلى إخضاعك ولا يقبل بأيّ مقاومة، له جانب ديكتاتوري ويشبِه طفلاً لا يقبل الإحباط. يشعر بأنّه متفوّق ويستخدم نقاط ضعفك وذنوبك ضدّك.

لا يتعاطف معك، ولا يتحمّل حساسيّتك بل يستخدمها للتقليل من قيمتك والقول إنّك تعانين من مشكلة معيّنة. كما أنّه لا يعاود تقييم تصرّفاته، فأنت المخطئة دائماً برأيه. يتّهمك ويلقي اللوم عليك، ويحوّلك إلى «كبش محرقة» يصبّ فوقه كلّ إحباطه.

مؤشّرات لافتة

هناك درجات عدة من العلاقات السامة، ولكن كلّما اجتمعت هذه الصفات في شخصيّة رجل لا بدّ أنّه نرجسي لا يهتمّ سوى لنفسه، أو شخص يسمّم عيشك وحياتك.

ويتحدّث رواد موقع «Quora» الإلكتروني عن تجاربهم مع العلاقات العاطفية السامة في حياتهم، فيرى الكاتب راندي هامبتون أنّه «إن كنتَ تخاف أن تخبر أفراد عائلتك وأصدقاءك بتفاصيل مشكلات يومية في علاقتك فهذا على الأرجح إشارة إلى السمّ الذي يجتاحها. كما أنّ طلب شريكك منك أو أمره لك بعدم التحدّث مع أهلك وأصدقائك عن تصرفاته معك مؤشّر الى اعترافه بسمّها الزائد».

من جهتها، تؤكّد مليندا جودي أنّ «الشخص السّام يحاول إحكام السيطرة على كلّ جزء من حياتك ويعمل حتّى على عزلك عن أصدقائك وأفراد عائلتك ويصرّ على أن تعطيه كامل اهتمامك وطاقتك».

وتشرح كارول لوفيل تأثير العلاقة السامة على المرأة بالآتي:

• تعيش في ظلّ علاقة تؤلمها
• تخاف من الظهور على حقيقتها أمام شريكها
• يوجّه لها اللوم ويوبّخها باستمرار، ولا يرضى بما تقدّمه له.
• تشعر بانعدام الأمان وبالضغوط المستمرّة بسبب ردود فعله الغير متوقعة.
• يشعرها دائماً بالذنب، ويدفعها إلى تبرير نفسها لأسباب لا تُذكر.
• لا يقدّرها ويعتمد أسلوب الانتقاد، السخرية، الإذلال، الإهانة، وعدم الاحترام.
• يتلاعب بها، يعرّضها للضغوط ويبتزّها عاطفياً.
• يدفعها إلى توقّع حاجاته ورغباته وتأمينها له كي لا يغضب.
• تشعر بأنّه لا يبالي بحاجاتها ورغباتها ومشاعرها.
• يستهلك طاقاتها النفسية والجسدية في إطار هذه العلاقة ويُغضبها.
• يعرّضها لتراجع ملحوظ في ثقتها بنفسها وتقديرها لذاتها واستمتاعها بالحياة والفرح.
• يشعرها بالتبعية.
• تحاول الانفصال عنه والرحيل لكنّها لا تفلح لتأثيره وسيطرته عليها وسرعان ما تعود.
• تشعر بالعار والحزن والغضب لأنه يعاملها بطريقة سيّئة وهي عاجزة عن وضع حدّ لتعدّياته.

لا تستسلمي

سواءٌ كان شريكك يحاول ضمان راحته وتحقيق رغباته على مختلف الأصعدة غير مبالٍ بك، أو في حال كان يراقبك مادياً أو يسعى إلى تعنيفك وفرض رغباته عليك، من المهم أن تبعدي نفسك عن علاقة سيّئة تدمّر حياتك وأن تحاولي جادة وضع حدّ لواقع لا يمكن إلّا أن يجرّك إلى الخراب من خلال القضاء على شخصيّتك وكيانك وكرامتك.           الجمهورية