لم يعتد أصدقاء ( ز.ح.) 21 عاماً أن يروها في حالة من العزلة الدائمة، واليأس والاحباط، وهي التي كانت تنبض بالحياة ولا تهدأ حركتها. الفتاة الذكية والمتألقة تعيش حالة من اللاوعي بعد تعرضها لما يصفه مقربون منها بأعمال سحر وشعوذة. انقلبت حياة (ز.ح.) رأسا على عقب منذ أشهر، لم تعد الطالبة الجامعية كما عرفها اصدقاؤها وأهلها، والأخطر أن شقيقها أصيب أيضا بعوارض مشابهة، الأمر الذي انعكس سلبا على العائلة وأدى الى تغيير مجرى حياتها.

فبحسب صحيفة "السفير" فان أعمال السحر تنتشر في منطقة وادي خالد بشكل بدأ يقلق فاعليات المنطقة وأهلها، حيث سُجِّلت إصابة عدد من الشبان والشابات بحالات هستيرية يصفها الأهالي بأنها ناجمة عن أعمال شعوذة يلجأ اليها بعض المشايخ من السوريين واللبنانيين. واضافت الصحيفة ان حالات من ضيق التنفس، استفراغ، التوقف عن الطعام، مشكلات عاطفية، نوبات عصبية، آلام في الرأس، كلها عوارض تصيب عددا كبيرا من الأشخاص في منطقة وادي خالد، وتحديدا في بلدتي حنيدر والكنيسة. "لم تنفع الأدوية في علاج إبنتي لأنها أصلا غير مصابة بأي عارض صحي" يؤكد والد (ز.ح.) وذلك عقب عرضها على أكثر من طبيب، وبالتالي يبقى الحل بفك السحر أو "الكتيبة"، موضحا أن ابنته تعاني من اضطرابات منذ مدة وهي تتجدد باستمرار.

وكمحاولة للعلاج يقول الوالد: "نحن نلجأ لمداواتها عند مشايخ لبنانيين عبر آيات ورقية شرعية إذ إن العديد من الحالات تمت معالجتها بهذه الطريقة".

بحسب الأهالي، فإن هذه الأعمال لم تكن معروفة بهذا الشكل قبل النزوح السوري، وهي تتركز حاليا في بلدة حنيدر كونها تضم سوريين من مدينة حماه وهم مشهورون بهذه الأعمال التي اعتاد بعض المشايخ ممارستها. وفي ظل ما يجري يصبح التساؤل حول طبيعة ما يجري بديهيا.

إذ إنه في مثل هذه الحالات، لا بد من مسؤوليات يجب تحميلها إلى المعنيين، خصوصا إذا ما كان بعض الأهالي لا يتمتعون بالوعي الكافي. فهل يجوز الاستمرار بالواقع القائم والسماح بتمادي هذه الأعمال؟

ثم هل يحق لمن يطلقون على أنفسهم لقب مشايخ، معالجة الناس وفتح ما يشبه عيادات خاصة بهذا الأمر؟ وما صحة المعلومات التي تتحدث عن وجود محترف في هذه الأعمال من منطقة جبل أكروم وهو عنصر سابق في أحد الأجهزة الأمنية؟ ويقوم بتأليف فريق عمل غالبيته من السوريين ويوهم الناس بأنه الوحيد القادرعلى معالجتهم مقابل مبالغ مالية كبيرة؟ وأين رقابة الدولة؟

وما هو موقف القوى الأمنية خصوصا ان أعمال الاحتيال واضحة والأسماء باتت معروفة؟ يتحدث أحد مخاتير وادي خالد عن كثرة هذه الحالات في الآونة الأخيرة، حيث يلجأ الأهل الى "الرقية الشرعية" لفك السحر عن أبنائهم، لافتا الى "ان البعض يدعون أنهم قادرون على عمل السحر او فكه مقابل مبالغ مالية تحدد حسب الحالة والقدرات المادية للأهل"، داعيا لوضع حد لهذه الأعمال لأنها تسببت بالكثير من المشكلات بين العائلات.

كما اكد رئيس "دائرة الأوقاف الاسلامية" في عكار الشيخ مالك جديدة أن هذه الأعمال مرفوضة كليا في الشرع وأي شيخ يثبت تورطه بأعمال شعوذة نأخذ فيه اجراء، فمن المستحيل القبول بهذه الممارسات داخل الجهاز الديني. وكنوع من الشعور بخطورة المسألة يقول جديدة: "تقع علينا مسؤولية المساهمة مع الدولة لمحاسبة من يتاجر بالناس، لأن الشعوذة تنعكس ضررا على المجتمع وتزرع البغضاء بين الناس، لذلك يجب على المشايخ فضح هذه المسائل وتبيان خطورتها". ويشدد جديدة على "ضرورة وجود قانون لحماية المواطنين وتحصينهم ومنعهم من أن يتعرضوا للمتاجرة، لأن اللجوء لهذه الأساليب ليس علميا ولا يمت الى الشرع بصلة".  

السفير