عاد حزب الله وتيار المستقبل إلى الحرب الإعلامية بينهما بعد فترة من الهدوء النسبي. دخول العلاقة الإيرانية ــ السعودية بعد تنفيذ الأخيرة حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر مرحلة من التصعيد غير المسبوق، كان الشرارة التي فجّرت الخلاف من جديد، لتطرح السؤال عن مصير الحوار الثنائي القائم بين الطرفين.

فبعد الكلام الذي خرج على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في وجه الرئيس سعد الحريري، معتبراً أن «من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن، يجب ألا يجد مكاناً له في لبنان من أجل نهب البلاد مرّة جديدة»، ترك تيار المستقبل كلمة الرد لأحد صقوره، وزير الداخلية نهاد المشنوق، أحد أبرز المنظّرين للانفتاح على الحزب والتواصل المباشر معه. قال المشنوق إن «تصريح رعد لا يُسهّل إتمام الحوار، والاستمرار في (الحوار مع حزب الله) قيد تشاور» داخل التيار الأزرق! اختار المشنوق كلماته بعناية على باب رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر. لم يُعلن وقف الحوار ولا استمراره، لكنه «وصّف واقع الحال كما هو»، لعلمه بأجواء تيار المستقبل، واقتناعه، على ما تقول مصادره، بأن «لا مجال للتغاضي عن الأصوات المستقبلية المعارضة داخل التيار»، خصوصاً بعد كلام رعد.

 


هل تنضم جلسة الحوار المقرر عقدها يوم الاثنين المقبل إلى ركب زميلاتها؟ أم أن «الزواج بالإكراه» الذي عاشه الطرفان انتهت صلاحيته؟
بالنسبة إلى «المستقبل» فإن «حزب الله أوحى على لسان رئيس كتلته النيابية بأنه لا يُريد الاستمرار في الحوار»، وأن «كلامه بحق الرئيس الحريري لا يُمكن أن يمرّ». لا يزال الحزب من وجهة النظر المستقبلية «يتصرّف كمنتصر في الميدان السوري كما في السياسة، بفعل انتصار إيران في بعض الملفات مقابل تراجع المملكة العربية السعودية، وهو يريد استغلال هذه الفرصة لفرض أجنداته علينا». مصادر الحريريين تتحدث عن «نشاط الجناح المستقبلي المعارض لهذا الحوار منذ انطلاقته، إذ تنشّط أركانه من جديد للدفع باتجاه القطيعة». وتؤكد هذه المصادر أن «الدفة تميل لمصلحة المتشدّدين داخل التيار»، لا سيما بعد قول المشنوق أمس إن «الغطاء الإقليمي للبنان بدأ بالتراجع»، ما فُسّر بأن «المملكة العربية السعودية سحبت يدها من الحوار، ويمكن أن تكون قد همست في أذن حليفها بفرط عقده». لكن بيان كتلة المستقبل بعد اجتماعها الدوري أمس ظهر أكثر هدوءاً. ففيما تطرّق البيان إلى كلام النائب رعد، إلا أنه لم يأت على ذكر الحوار لا من بعيد ولا من قريب. وعلمت «الأخبار» أن «نقاشاً جرى داخل الكتلة حول الاستمرار في هذا الحوار، وأن الوزير المشنوق دعا الى أن تبقى الأمور في إطار الردود الإعلامية على كلام النائب رعد». وقالت مصادر في الكتلة إن «الغالبية في التيار أيّدت هذا الكلام، حتى الرئيس فؤاد السنيورة، باستثناء نواب الشمال». وبعد جلسة الكتلة، أكّدت مصادر مستقبلية أن «الحوار مستمر حتى الآن، وأن وفد المستقبل سيحضر جلسة» الحوار مع حزب الله في عين التينة الاثنين المقبل، بعد جلسة الحوار الوطني.
وفي السياق عينه، حافظت مصادر عين التينة على هدوئها، معتبرة أن «ما نسمعه لا يزال سجالاً إعلامياً مبرراً في ظل تدهور العلاقات الإيرانية السعودية، نتيجة الجنون الذي تتبعه المملكة». ورأت المصادر أن «المشنوق تسرّع في كلامه، لأن أجواء الحريري تختلف عمّا سمعناه». بالنسبة إليها «لن يلعب الرئيس نبيه برّي دور الوسيط لإقناع الحزب والتيار بالجلوس إلى طاولة حوار. فنحن لسنا حكماً بين الطرفين، بل نحن جزء من الحوار، ونحبّذ استمراره. أما في حال قرر المستقبل الانسحاب فإننا لن نردعه». حتى مساء أمس، كانت لا تزال الجلسة المقرر عقدها قائمة، «إذ لم يتبلّغ الرئيس برّي أي موقف رسمي من المستقبل» بحسب ما تقول المصادر التي أكدت «أن الوزير علي حسن خليل الموكل بمتابعة هذا الملف من قبل الرئيس برّي لم يتحدث إلى أي طرف»، لأن عين التينة «لا تريد أن تُحرج أحداً»، ولأنه «لا يزال هناك متّسع من الوقت أمامنا حتى نهار الاثنين».



بدورها، أكّدت مصادر في 8 آذار أن الحوار قائم حتى الآن، «ولم يبلغنا أحد بالعكس. لم تجر اتصالات، ولكن من أجواء بيان كتلة المستقبل تبدو الأمور عادية، وكلام المشنوق بشأن المشاورات داخل الكتلة لا يؤشر إلى شيء استثنائي».
على صعيد آخر، وبعدما باتت مختلف القوى متيقنة من أن الانتخابات الرئاسية لن تُبصر النور قريباً، جرى تزخيم الاتصالات في محاولة لـ»تفعيل العمل الحكومي». وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»الأخبار» إن في نية رئيس الحكومة الدعوة الأسبوع المقبل إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء. هناك قرارات وأمور حياتية يجب أن نتابعها، وليس منطقياً أن يبقى كلّ شيء معطّلاً». ولفت درباس إلى أنه من الواضح أن الأجواء إيجابية بشأن عقد الجلسة.
بدروها، قالت مصادر الرئيس نبيه بري إن «الأجواء إيجابية بشأن إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء. ورغم أن القوى السياسية لم تحدد موقفها بشكل واضح، إلا أن هناك تجاوباً من الجميع، والأصداء جيّدة من جهة العونيين».
وفيما يراهن المتفائلون على «جلسة الحوار الوطني» الاثنين المقبل لمنح «مشروع تفعيل العمل الحكومي» دفعاً إضافياً، أكّدت مصادر التيار الوطني الحر غياب أي جديد يؤدي إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، وخاصة في ظل عدم حل «العقدة الرئيسية المتصلة بمخالفة الدستور والقوانين من خلال عدم صدور قرارات عن مجلس الوزراء لتعيين قادة أمنيين وعسكريين بدل المنتهية ولاياتهم». وذكّرت المصادر بموقفها من قضية التعيينات الامنية، إذ لا تزال ترى في قرارات التمديد لقائد الجيش والمدير العام للأمن الداخلي وضابطين في الجيش «اختصاراً لمجلس الوزراء بتوقيع وزير».
وفيما بدا لافتاً أمس لجوء تيار المستقبل إلى اتهام حزب الله مسبقاً بأي حدث أمني يمكن أن يقع في البلاد، استكملت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان سيغيريد كاغ اتصالاتها في الرياض وطهران اللتين زارتهما خلال اليومين الماضيين، حيث التقت مسؤولين إيرانيين وسعوديين «لمناقشة استقرار لبنان وأمنه والجهود لدعم احتياجات لبنان الانسانية والانمائية الحيوية».