أوضحت مصادر وزارية لصحيفة “الحياة” ان “رئيس الحكومة تمام سلام عندما وافق على اتخاذ قرارات مجلس الوزراء بالتوافق، إنطلق من نية حسنة ولم يكن يعتقد ان هناك من سيتذرع بموقفه لتعطيل مجلس الوزراء لأسباب واهية ولا تمت بصلة الى النصوص الواردة في الدستور في هذا الخصوص”، مؤكدة أن “رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون ومعه، بدرجة أقل، حليفه “حزب الله” بدأ يواجه الإحراج تلو الآخر على خلفية تعطيله مجلس الوزراء، إضافة الى مسؤوليته المباشرة حيال تعطيل النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس”.

ورأت ان “عون قد يلجأ تحت الضغط المحلي والدولي والإقليمي الى “تنعيم” موقفه في اتجاه الإفراج عن جلسات مجلس الوزراء اعتقاداً منه أنه يمنح الحكومة جائزة ترضية يمكن أن تخفف من مسؤوليته حيال بقاء سدة الرئاسة الأولى شاغرة”.

وبكلام آخر، فإن عون ـ وفق المصادر عينها ـ “وفي حال موافقته على إعادة الاعتبار للحكومة من خلال استئناف جلسات مجلس الوزراء، يظن انه يستطيع التعويض حكومياً عن تعطيل انتخاب الرئيس وبالتالي يتمكن من استيعاب الضغوط المحلية والخارجية التي يتعرض لها بسبب مواقفه هذه”. اضافت: “لم يعد من خيار أمام عون، في حال تأكد له أن تمديد انتخاب الرئيس قائم لا محالة، سوى الاستجابة لتفعيل العمل الحكومي وإنما بحدوده الدنيا، أي قطع الطريق على مجلس الوزراء لمنعه من اتخاذ قرارات كبرى أو ذات طابع سيادي ما لم يوافق عليها”.

وواوضحت أن “عون وضع نفسه في الزاوية بسبب تعطيله مجلس الوزراء ووقوفه ضد انتخاب الرئيس ما لم يضمن الرئاسة لنفسه”، لافتة الى ان “الكرة هي الآن في مرماه وإن غالبية اللبنانيين باتت تحمله مسؤولية الالتفات الى مطالبها وحاجاتها”. وسألت “عما إذا كان عون يخطط لتحويل الحكومة الى “مجلس بلدي موسع” يتولى تدبير شؤون اللبنانيين وإنما في مجالات محدودة جداً لا تسمح للحكومة باتخاذ قرارات سياسية، فيما يتصرف رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كأنه فاتح على حسابه وهذا ما يتبيّن من خلال بعض مواقفه السياسية ذات الطابعين الاقليمي والدولي”.

وسألت المصادر الوزارية عن “الدوافع التي تملي على باسيل التصرف، وأحياناً من دون العودة الى مجلس الوزراء، مع انه يتحمل مسؤولية تعطيله”. وتابعت: “إن تنسيقه مع سلام مطلوب لكنه لا يكفي، وبالتالي لا يغطيه في اتخاذ مواقف باسم لبنان في المنتديات العربية والدولية من دون أن يحمي نفسه بغطاء المجلس مجتمعاً”، مؤكدة أن “مجلس الوزراء هو الذي يرسم السياسة الخارجية للبنان وأن رئيس الحكومة هو الناطق باسم حكومته، وتقول إن باسيل يرفض العودة الى المجلس مع انه يتصرف كأن الحكومة في أحسن أحوالها ولا تنأي بنفسها عن هموم اللبنانيين، علماً ان المسؤولية لا تقع على عاتق الرئيس سلام وانما على الذين يمارسون سياسة تعطيل كل شيء، اضافة الى ان إشادة البعض بمواقف الأخيرة وبصبره لا تكفي ولا تصرف بالمعنى السياسي في أي مكان”.

ورأت هذه المصادر أن “من يشيد بصبر رئيس الحكومة وبحكمته عليه ان يضغط على “تكتل التغيير والإصلاح” لوقف تعطيله مجلس الوزراء، خصوصاً أن من بين من يشيد بمواقفه هم حلفاء لعون ويحرصون على مراعاته ويلوذون بالصمت ولا يتدخلون لديه لإخلاء سبيل الحكومة لتأمين تفعيلها ووقف مسلسل الشلل الذي ترزح تحت وطأته”. وأبدت “مخاوفها من أن تؤدي إعادة الاعتبار الى مجلس الوزراء لمعاودة تعطيله من الداخل أي أن يبقى جدول أعماله محصوراً في أمور روتينية ولا مكان للسياسة فيه… التي كانت غائبة في معظم الأحيان عن جلساته السابقة كأنها تصنع في مكان آخر خارج المجلس”.

لذلك، فإن الدعوة الى تفعيل مجلس الوزراء ـ كما تقول المصادر الوزارية ـ “ليست الأولى من نوعها وكان سبق لهيئة الحوار الوطني في جلساتها برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن قاربت هذه المسألة وأبدى معظم الذين يشاركون فيها تفاؤلهم بفتح صفحة جديدة من بشائرها عودة الحكومة الى العمل”. ولفتت الى ان “هذا التفاؤل بقي حبراً على ورق على رغم ان مجلس الوزراء كان عقد جلسة يتيمة طوال إجازته القسرية خصصت لترحيل النفايات الى الخارج، لكن ما إن انتهت هذه الجلسة حتى سارع بعض الأطراف من داخل الحكومة الى الحديث عن وجود صفقة وراء ترحيلها. وتسأل عن دور حكومة “المصلحة الوطنية” وما إذا كانت مسؤولة عن ترحيل النفايات بعد أن أوصد الذين يعارضون ترحيلها الأبواب لإيجاد حل داخلي لهذه الأزمة يغنيها عن اللجوء الى الخارج لحل المشكلة”.

وسألت عن “الجدوى من تفعيل الحكومة إذا ما بقيت أسيرة ادارة الأزمات الداخلية من دون السماح لها بتوفير الحلول، وتقول إن استمرار الوضع على حاله من شأنه ان يحولها “حكومة مستقيلة” حتى لو لم يقدم رئيسها استقالته لعدم وجود المرجعية التي يعود إليها البت فيها، وأن تسيّر الشأن الحكومة بالمراسلة (المراسيم الجوالة) هو أسلوب كان قائماً أثناء انقسام البلد، ولا يجوز العمل به الآن”.

وعليه، فإن جلسة الحوار المقررة في 11 الجاري ستنظر في مسألة تفعيل الحكومة لتكون قادرة على الانتاجية، ولو بتواضع، فهل تنجح في مهمتها وتعبد الطريق أمام التفاهم على آلية قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الحكومة من المراوحة القاتلة التي ما زالت تشكل العائق أمام تحييد لبنان ايجابياً عن الحرائق المشتعلة في المنطقة؟ فهل يستجيب عون لرغبة رئيس المجلس النيابي في تفعيل العمل الحكومي أم أنه سيبادر الى الخروج عن إجماع هيئة الحوار على تفعيلها، لا سيما ان مجرد إحالة هذه المسألة على الطاولة يوحي حكماً بأن انتخاب الرئيس الى مزيد من الترحيل والتأجيل إلا اذا استجاب “الجنرال” لدعوة البطريرك الماروني الكاردنيال بشارة الراعي بالنزول الى البرلمان لانتخاب الرئيس، مع انه حتى الساعة ليس في وارد الاستجابة؟ وإلا ماذا يريد طالما انه ضد هذه الدعوة ولا يحبذ تفعيل العمل الحكومي الا بشروطه؟، والى حين يظهر موقف عون من تفعيل الحكومة على حقيقته، لا بد من السؤال عن موقف حليفه “حزب الله” وهل يراعيه في السراء والضراء أم أنه سيحاول اقناعه بتدوير الزوايا لجهة التسليم بضرورة وقف تعطيل مجلس الوزراء لتفادي الإحراج في الداخل والخارج؟، بحسب “الحياة”.