"دلال".. لبنانية شيعية أيدت الثورة السورية وتفتخر بابنها المقاتل ضد "حزب الله" والنظام، وأطلق عليها مناصرو "حزب الله" لقب "أم الدواعش"، وبعثت رسالة مؤثرة لابنها الذي انشق عن قوات نظام الأسد والتحق بثوار حمص الشمالي كـ"ناشط إعلامي"، ذكّرته فيها ببنادق "المقاومين" في جنوب لبنان التي لحقت به لتستبيح دمه وتسرق منه مدينة حمص التي عاش فيها شطراً من الزمن، وصار من أهلها، وبحزب الله الذي أخطأ الطريق وجعل من سوريا طرقاً وممرات جديدة إلى القدس، وأراد تحويل "بابا عمرو" إلى "بابا علي" واحتلال الجامع الأموي وتدمير جامع خالد بن الوليد تحت يافطة ثارات الحسين، حسب وصفها.

"أناهض أخطبوطاً كبيراً لكن أمام كل هذا الإجرام الذي يحدث للشعب السوري لا يمكن لي أن أصمت بعد اليوم" هكذا عبّرت "حرّة شيعية" كما تود تلقيبها، من لبنان عن موقفها بكل جرأة، مما يجري من تدخل حزب الله السافر في سوريا، رغم أنها تعيش وسط الحاضنة الشعبية للحزب، متوعدة بإنجاز فيلم وثائقي يكشف الكثير مما يجهد الحزب على إخفائه عن حاضنته تلك.

و"دلال زين الدين" - متزوجة من سوري - وعاشت في حي "جورة الشياح" بحمص بدايات الثورة قبل أن تنتقل إلى مسقط رأسها في قضاء بنت جبيل، وكانت شاهدة على عمليات القنص من قبل الأمن السوري على المتظاهرين السلميين وتبنت– كما تقول لـ"زمان الوصل" موقفاً مؤيداً للثورة منذ ذلك الوقت لكنها لم تعلن ذلك حفاظاً على حياتها وعائلتها، وكانت محدثتنا –كما تؤكد– شاهدة على مجزرة الساعة في حمص لأنها كانت من ضمن المعتصمات في الساحة.

وحول دوافعها لتأييد الثورة السورية ومجاهرتها بالانشقاق عن حاضنة الحزب قالت :"كيف لا أؤيد ثورة كنت شاهدةً على قيامها".

فيلم وثائقي

وتابعت:"بحكم موقع بيتي في جورة الشياح بالقرب من حاجز المطاحن ومسجد خالد بن الوليد، كنت أشاهد عمليات القنص من قبل الأمن السوري على المتظاهرين السلميين ، حتى إن جريحاً سقط أمام منزلها ولم تستطع عائلتها إسعافه بسبب القنص ومات ونحن ننظر إليه من النافذة".

وأضافت: "لا أستطيع البوح بكل تفاصيل الحرب التي عشتها في سوريا ولبنان، لأنني أعمل على فيلم وثائقي سأقول فيه كل شيء" ولكن الخريطة التي ظهرت خلف نصر الله في خطابه الأخير-كما تقول-استفزتها بشكلٍ كبير فاستبقت الأمور" مشيرة إلى أن "إيران لا يمكن أن تكون في قلب فلسطين يكفي أنها سرقت سوريا ولبنان والعراق، فإذا صمتنا عن هذه الصورة نكون قد تنازلنا عن فلسطين لنصر الله وإيران".

وفيما إذا واجهت ردات فعل من الوسط المحيط جرّاء موقفها الجريء، قالت دلال زين الدين: "للأسف تبرأ مني بعض أخوتي لأن أولادهم يحاربون في سوريا مع حزب الله والبعض الآخر منهم تجاهل الأمر" و"حين طلب الحزب في الجنوب من أولادي التصويت لصالح بشار الأسد في الانتخابات السورية الأخيرة رفضنا ذلك وكانت هذه بداية المعركة".

"أم الدواعش"

هكذا أطلق عليها مناصرو الحزب ولم يكتفوا بذلك–كما تقول- بل لجأوا إلى مراقبة الهواتف الخلوية لعائلتها وتفتيش السيارة التي تملكها بشكل مستمر، وكانت العائلة تحت المراقبة المشددة من قبل الحزب، كما تم قطع المعونات التي كانت تُقدم لجميع السوريين عن العائلة بسبب موقفها، لافتة إلى أن بلدية قضاء بنت جبيل التي كانت تشرف على توزيع المعونات الإنسانية للسوريين تابعة للدولة اللبنانية، ولكن حزب الله-بحسب قولها- هو من يسيطر عليها، مضيفة أن "قصة المعونات هي من أسخف المضايقات التي تعرضت لها".

وكشفت بحسب"زمان الوصل" أنها خرجت من الجنوب منذ حوالي السنة تقريباً بسبب مضايقات حزب الله وعنصريته كان يجب عليها –كما تقول– أن تختار إما الخضوع لتوجهات حزب الله وإما الرحيل بعيداً ونصرة الثورة السورية", مشيرة إلى أنها اختارت أن تحارب حزب الله بالسلاح الذي يخيفه لا بالسلاح الذي يخيفها".

وفيما إذا كانت تتخوّف من ردات فعل أخرى من الحزب وأنصاره، قالت الحرّة الشيعية:" لقد واجهت الحزب وأنا في عقر داره ولم يخفني لأني كنت من أشد أنصاره يوماً وأعرف كيف يفكر" و"لو كنتُ خائفة ما أعلنت عن اسمي الحقيقي وأظهرت صورتي على الملأ".

و"مشكلتي ليست في مضايقات حزب الله بل مشكلتي هي نصرة الشعب السوري الذي عشت معه ونسيت أني غريبة عنه، ولا يمكن لي أن أخذله حتى لو كلفني هذا الأمر حياتي".

تأجيج الصراع المذهبي

وفيما يتعلق بالدور الذي يلعبه رجال الدين في تأجيج الصراع بين الشيعة والسنة، أوضحت أن "كل من يحرّض على قتل طائفة معينة لأنها تختلف معه في المبدأ فهوَ يشكل لي نفوراً وبخاصة من علماء الشيعة".

واستطردت: "سيأتي ذلك اليوم الذي نعض فيه نحن الشيعة على أصابع أرجلنا ندماً، لأننا خذلنا الشعب السوري كما خذلنا الحسين من قبل" وختمت أن "ذلك اليوم سيأتي حين نعود إلى رشدنا ولكن المصيبة أني لا أجزم أن الشعب السوري سيسامحنا"...

ابن ينشق

ولدلال زين الدين-كما تؤكد- ابن انشق عن جيش الأسد والتحق بثوار ريف حمص الشمالي، وأنها أرسلت له رسالة تلخص موقفها الواضح من الثورة السورية وحزب الله:

وفيما يلي نص رسالة الأم التي سكنت حي جورة الشياح" بحمص وخصت "زمان الوصل" بها:

"أأنت من قتلت الحسين يا ولدي ؟؟

إذاً فلماذا استنفرت بنادق المقاومين في جنوبي كل هذا الاستنفار ورحلت إليك لتستبيح دمك وتسرق منك حمصك القديمة، لم نكن يوماً لصوصاً يا ولدي لكننا استحدثنا للقدس طرقاً وممراتٍ جديدة لا يمكن لنا تحرير فلسطين إذا لم نحول بابا عمرك إلى بابا علي.

ولم نكن يوماً قتلة لكنها ثارات الحسين عليه السلام هي من جعلتنا ثائرين عبر كل هذه السنين 2000 عام ونحن نثأر ونثأر وكربلاؤنا ما زالت طويلة.

إذاً فلماذا احتل المقاومون مسجدك الأموي وأطلقوا الرصاص على مسجد خالدك لسنا طائفيين، ترى هل قتلت زينب الحصني أم أنها ما زالت تحلم بالموت ترى هل ما زالت عذراء؟ الأسيرات في جنوبي خرجن من سجون الاحتلال عذراوات كيف تخرج الأسيرات من زنازين أسدكم؟

أصمت عن أي حريةٍ تتكلم عشرات السنين وأنت أخرس فمن علمك النطق والصراخ، كيف تجرؤ أن تثور في بلادٍ يحكمها الأسد، أمجنون أنت وحدنا من خلقت له الثورات والثارات.

منذ أن ثار الخميني ونحن نهتف له الله أكبر خميني رهبر، أتعلم يا ولدي تجاوز عمري الأربعين عاماً وما زلت حتى الآن أجهل ماذا تعني كلمة رهبر تلك الكلمة التي بحت حنجرتي وأنا أهتف بها، عليك أن تكون خمينياً لنبارك ثورتك وحدنا الأحرار والمحررون حررنا جنوبنا ألا يحق لنا أن نحتل أوطاناً اسمها سوريا والعراق واليمن.

مثلك أتساءل أنا: متى ستنتهي الحرب ويعود أولئك المقاومون إلى جنوبي يخلعون عنهم بدلاتهم المارينزية وأحذيتهم العالية الجودة؟ يومها سأجثو على ركبتي أقبل قدميك أطلب منك السماح لأني كنت يوماً مقاوِمة.