في 21 كانون الاول الجاري أطلّ أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله على الاعلام ليردّ على عملية اغتيال سمير القنطار، لكن بموازاة موقفه التصعيدي من عملية الاغتيال حيث شدّد على خيار الردّ على الاستهداف الاسرائيلي لأحد قادة المقاومة، كما وصفه، فإنه فتح لاول مرة وبشكل مباشر ومفصّل ملف الاجراءات الاميركية بحق المصارف اللبنانية بذريعة التعامل مع "حزب الله" والضغط الذي تمارسه على من يعتبر من بيئة المقاومة او مقرّب منها وتجاوب بعض المؤسسات اللبنانية مع هذه الاملاءات.
كان موقف نصرالله نوعيا ومفاجئا إن لجهة التوقيت حيث كان الحدث الاساس اغتيال القنطار، وثانيا لناحية مطالبته الحكومة والمصارف اللبنانية لاول مرة بحماية التجار اللبنانيين، "إذ بمجرد إشارة من الأميركيين حول أموال هذا الفلان او ذاك وبأنه تابع للحزب تبدأ الإجراءات فوراً"، معتبراً "أن هذا غير مقبول"، ومحذراً من "الاستمرار في الانصياع للإرادة الأميركية".
لاحقا ندّدت "كتلة الوفاء للمقاومة" بقرار الكونغرس الاميركي الذي استهدف حزب الله ومؤيّديه من خلال عقوبات على المؤسسات و"الجهات الافتراضية" التي تتعامل معه، نابشة من أرشيف الصراع مع الولايات المتحدة شعار "الشيطان الأكبر"!
لكن الأمر الاكثر، أهمية برأي المتابعين، وقوف السيد نصرالله في موقف المدافع عن نفسه حين اضطر الى نفي وجود ودائع لـ "حزب الله" في مصارف العالم وفي المصارف اللبنانية، وعدم وجود أموال أو مشاريع تجارية يقوم الحزب باستثمارها كشريك أو كأصيل "لأن ما نملكه من مال ننفقه على جرحانا ومؤسساتنا".
لم يمر هذا الكلام مرور الكرام لدى من يرى ان حزب الله قد يكون ربما مشى فعلا برجليه الى "منطقة حصاره" حين كان أحد أركان القوى السياسية التي التقت في مجلس النواب لاقرار قوانين مالية تكبّل بشكل أو بآخر حركة "حزب الله".
فبعد أكثر من عام على الجلسة التشريعية الأخيرة التي عُقدت في العاشر من تشرين الثاني 2014 التأم مجلس النواب في 12 تشرين الثاني الماضي وأقرّ مجموعة اقتراحات قوانين شكّلت الاتفاقات والالتزامات المالية للبنان لدى الخارج جزءاً اساسياً منها.
يومها صفّق المصرفيون لتحقّق مرادهم خصوصاً أنهم لم يكفّوا عن التحذير بأنه في حال عدم إقرار قوانين "تبادل المعلومات الضريبية" و"تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال" و "نقل الأموال عبر الحدود" فإن هذا الامر سيؤدي الى انزلاق لبنان نحو المجهول في ظل ضغوط دولية لاقرارها مع قوانين ملزمة أخرى.
كان "حزب الله" واضحاً برفض الارتهان للنظام المالي العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة، ومقتنعا أنه بالإمكان المواءمة بين مصالح لبنان ومؤسّساته وضرورات الانخراط في القواعد المطلوبة للنظام المالي العالمي.
وهو كان يعرف أنه مستهدف في الكثير من هذه القوانين وعلى يقين بأن كل مشتبه به بالانضمام إلى "حزب الله" يكون محروماً في معظم الأحيان، من التعامل مع المصارف اللبنانية، فيما يجد بعض نواب الحزب صعوبة في فتح حسابات لهم في عدد من المصارف!
ومع ذلك، لم يعاكس "حزب الله" الموجة الدولية- الداخلية فشارك في جلسة يتيمة لم تتوقف فقط عند حد نعي السرية المصرفية في لبنان إلا أنها رفعت عناوين مالية جديدة مقيّدة يمكن الافتراض ان "حزب الله" هو أول ضحاياها على الرغم من محاولات نوابه في تلك الجلسىة التشديد على تكييف الاجراءات والالتزامات الدولية المطلوبة مع مصالح اللبنانيين وتقييد سلطة المصرف المركزي في الحجز على الاموال...
وثمّة من يسأل هنا، هل دعس "حزب الله" دعسة ناقصة او ارتكب خطأ استراتيجيا وضعه في قفص استسهال التضييق عليه وعلى كل من يدورون في فلكه، ولو تأييدا فقط، حين لم يقف بالمرصاد لجلسة كان هدفها الاول زيادة الضغط على "حزب الله" تحت عنوان برّاق اسمه احترام الالتزامات الدولية المالية؟.
 

لبيانون فايلز