حذّرت معلومات اليوم الأربعاء، (الـ‏05‏ من ربيع الأول‏، 1437)/ (الـ16 من ديسمبر 2015)، من "قرارات أمريكية" متعلقة بسوق النفط العالمي، من شأنها تعميق أزمة الأسعار، التي وصلت لأدنى مستوياتها التي كانت عليها قبل 11 عامًا. واعتبرت المعلومات أن اتجاه الكونجرس الأمريكي لرفع الحظر المفروض (منذ سبعينيات القرن الماضي)، على تصدير نفط الولايات المتحدة إلى الخارج، سيلحق ضررًا كبيرًا بروسيا ومنظمة "أوبك"، وفقًا لـ"روسيا اليوم".

وفي ظل بلوغ إنتاج النفط الأمريكي أعلى مستوى له حتى الآن، كشفت مجموعة من المفاوضين البرلمانيين من الأغلبية الجمهورية والأقلية الديموقراطية، الأربعاء، عن اقتراح قانون يحدد نفقات الدولة الفيدرالية حتى الـ30 من سبتمبر 2016، ويتضمن النص سلسلة تنازلات من قبل الحزبين، بما فيها رفع منع تصدير النفط الذي كان مطلبًا ملحًّا للجمهوريين، بحسب "راديو سوا".

ومنع الكونجرس تصدير النفط الأمريكي عام 1975، بعد الصدمة النفطية التي سجلت فيها أسعار النفط ارتفاعًا كبيرًا؛ خوفًا من حدوث نقص في سد الحاجة المحلية. وتقول وكالة إعلام الطاقة الحكومية، إن إنتاج النفط الخام، ارتفع من خمسة ملايين إلى 8.7 ملايين برميل يوميًّا بين 2008 و2014، أي بزيادة 74 في المئة.

ويتوقع الجمهوريون أن يساعد القرار حلفاء الولايات المتحدة من دول أوروبا الشرقية التي تعتمد على روسيا لمدها بالطاقة، وكان يفترض تبنّي النص المتعلق بالميزانية، والذي يتضمن هذا الإجراء قبل مساء الأربعاء، لكن المهلة ستمدد لمنح المجلسين الوقت اللازم للتصويت قبل عيد الميلاد.

وخففت الولايات المتحدة الحظر المفروض على الصادرات عام 2014، من خلال السماح للمنتجين بتصدير شحنات المكثفات المعالجة إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا.

وهوت أسعار النفط منذ بداية العام الحالي بأكثر من الثلث، ويراوح سعر مزيج برنت حاليًا حول 36 دولارًا، وهو الأدنى منذ عام 2004، وتعمقت خسارة النفط، إثر فشل أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" في التوصل إلى اتفاق بخفض الإنتاج لمواجهة انهيار الأسعار المتواصل منذ منتصف العام الماضي.

وتسود حالة من الترقب والقلق لدى منتجي النفط، في انتظار ما سوف تؤول إليه جلسة مجلس النواب الأمريكي المكرسة لموضوع رفع الحظر المفروض منذ عقود على الصادرات النفطية الأمريكية إلى الخارج، وفي حال تمّ تمرير مشروع القرار، فإن أبواب أسواق جديدة سوف تكون مفتوحة أمام المنتجين الأمريكيين.

وألحق تراجع أسعار النفط ضررًا كبيرًا باقتصاد دول كثيرة، منها روسيا، في العام الحالي. ووفق المصرف المركزي الروسي، فإن النمو سوف يتراجع في العام الحالي بنحو 3.9%، وتواصلت الضغوط على الروبل وتراجع سعره إلى نحو النصف منذ بداية تراجع الأسعار.

وطال الضرر كل منتجي النفط العالميين، حيث تراجعت معظم البورصات، وأخذت بلدان في السحب من احتياطاتها من العملات الأجنبية لتغطية العجز في موازناتها، وأوقفت بعض مشروعات البنية التحتية.

وفقدت عملات معظم البلدان المصدرة للنفط كثيرًا من قيمتها، واضطر بعضها، مثل كازاخستان وأذربيجان، إلى تعويم عملاتها الوطنية أكثر من مرة منذ صيف العام الماضي.

كما أن السوق أمام تحدّ كبير مع عودة إيران إلى السوق النفطية في العام المقبل، وكذلك مخططات العراق لرفع إنتاجه إلى الضعف في السنوات المقبلة.

ومع التوصل إلى اتفاق حول المناخ في باريس منذ أيام والأهداف الطموحة لخفض الانبعاثات، فإن البحث عن مصادر متجددة للطاقة يعرض منتجي النفط إلى ضغوط على المديين القصير والبعيد. وتواجه الأسعار تخمة في المعروض، تصل إلى 3 ملايين برميل، وترتفع المخزونات في أوروبا والولايات المتحدة واليابان إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية. وأخيرًا فإن الطلب في الصين يتراجع بسبب تباطؤ معدلات النموّ الاقتصادي.

وتكمن أهمية رفع الحظر عن صادرات النفط الأمريكية إلى الخارج، في تزامنه مع خطوة أمريكية أخرى لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تقضي برفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ صيف 2006، ما تسبب في موجة ذعر في الأسواق الناشئة، وقد يثير موجة هبوط إضافية في أسواق المال، ونزوحًا مكثفًا لرؤوس الأموال من هذه البلدان.

وواضح أن أثر رفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي نفسي أساسًا، لعوامل أهمها أن البنية التحتية للموانئ الأمريكية غير جاهزة لشحن مزيد من كميات النفط وخاصة إلى آسيا، وأن سعر الخام الأمريكي لن يكون منافسًا بعد إضافة تكاليف الشحن. ولعل الأهم؛ أن عدد منصات الحفر يتناقص منذ عدة أشهر، ولن يستطيع تلبية أي زيادة في الصادرات على المدى المنظور.

وفي حال تبني المشرعون الأمريكيون قرار رفع حظر تصدير النفط الأمريكي، فإن معظم التوقعات باتجاه تراجع إضافي في أسعار النفط قد تهوي بها إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل، خاصة أنه من غير المرجح أن يعترض الرئيس باراك أوباما على القرار في فترة "البطة العرجاء" المتبقية من حكمه.

ومما لاشك فيه، فإن رفع الحظر عن صادرات النفط، ورفع سعر الفائدة على القروض، قراران سياديان للولايات المتحدة، لكن استخدامهما في هذا الاتجاه -أو ذاك- قد ينظر إليه على أنه إعلان حرب اقتصادية.

 

 

صحيفة عاجل 

المصدر