حادث مؤلم شهده طريق المطار يوم الأمس بعد حادثي سير أغرب من الخيال!  فبعد أن صدمت سيارة مجهولة الشابين زياد زهران وخالد عبيدي، وهما على متن دراجة نارية صغيرة الحجم، حاول خالد كوثراني ومحمد العويد سحبهما فصدمتهما مركبة أخرى، ففارق الاربعة الحياة في لحظات.
ما حصل شكّل صدمة تطرح علامات استفهام؟ هل من الحكمة لأي انسان أن يرمي بنفسه لمساعدة غيره؟ أم أنّ هناك قواعد يجب اتباعها عند محاولة إنقاذ الغير، لا سيما اذا كان الأمر يتعلق بحادث على اوتوستراد؟


انهى زياد (23 عاماً) عمله في قسم الصيانة بشركة "سوكلين"، وذهب في نزهة مع زميله خالد. والده المفجوع يعجز عن التعبير، ويقول بصوت مطعون من غدر القدر "رحل الحبيب الذي اعتدت انتظاره والاطمئنان على أحواله، رحل من كنت لا أسمح له بشراء دراجة فمات على متن دراجة". اتصال تلقّته العائلة بضرورة التوجّه الى مستشفى الرسول الأعظم، لأنّ ابنها تعرّض لحادث غيّر مصيرها الى الأبد. "توجهنا الى المستشفى ولكن للأسف كان فارق الحياة". وختم "اشقاء زياد الأربعة يبكون الأخ الحنون المحب الذي يعمل كل ما في وسعه لإسعادهم! لن ينسوا يوماً اللحظات الجميلة معه حتى لو أصبح في عليائه".

مخاطرة مميتة
كذلك أنهى محمد العويد (25 عاما) ابن ريف حلب الذي غادر سوريا قبل عام، عمله في جلي البلاط وهو في طريق العودة الى المنزل. شاهد كيف صدمت السيارة شابين ورمت بهما أرضاً قبل أن يهرب سائقها، ركض وسط الاوتوستراد لسحبهما كي لا تدهسهما السيارات المارة، فكان نصيبه ان دهس هو. شقيقه أحمد تحدث لـ"النهار" عن حزنه الشديد لفقدانه "فهو انسان معروف بِنَخْوَته وحبه للآخرين، والدليل أنه لم يعِ أهمية تعريض حياته للخطر طالما غيره يحتاجه". أحمد لا يعلم كيف يخبر أهله بما حصل، "فالكارثة كبيرة والقلب لم يعد يحتمل مآسي وجراح"
ما قام به محمد قام به خالد أيضًا فلقي المصير نفسه، مصدر في قوى الأمن الداخلي أكد لـ"النهار" أنه "حتى الساعة لم يتمّ معرفة هوية السيارة التي صدمت زياد وخالد، لكن التحقيقات تجري بفعالية للوصول الى السائق".


قواعد التدخّل
"لا يمكن أن يضع الانسان نفسه في موقع الخطر لإنقاذ غيره، فكيف اذا تعلّق الامر بحادث على اوتوستراد سريع يُمنع المشاة من تجاوزه "، علامة استفهام طرحها أمين سر جمعية "اليازا" المتخصّص بإدارة السلامة المرورية كامل ابرهيم، فالحادث مفجع، لكن هناك طريقة محددة يجب ان يتّبعها من يريد إنقاذ غيره. وعن ذلك شرح ابرهيم "أولا يجب الاتصال بالاسعاف، ومن يريد التدخل المباشر عليه أن يعمل على تخفيف سرعة السيارات لحماية نفسه، ثمّ يقوم بمحاولة الإنقاذ مع العلم أن هذا دور أجهزة الرقابة والقوى الامنية والاسعاف". واضاف: "يجب الاتصال على الرقم 112 او140 لقطع الطريق حتى تنقذ الإسعاف المواطنين، وكي لا ننتقل من جرحى الى قتلى".


"غياب الثقافة المتعلقة بالسلامة المرورية، وغياب برامج التوعية التي تمكّن المواطن من تحديد المخاطر قبل ان يتدخل في عملية إنقاذ غيره، بالاضافة الى غياب خطة فعلية شاملة، كان يجب اتباعها منذ سنوات تشرح الامور الوقائية قبل الحادث، وكيفية التدخل بعده"، هي من الأسباب التي تؤدي الى نتائج سلبية كالذي حصل في الأمس.