لا شك في ان المهمات الصعبة التي سُلمّت الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، سجلّت له انجازات وانتصارات امنية كبيرة، اذ عمل بصمت ونال النجاح في قضايا عدة ابرزها: ملف المخطوفين في اعزاز وراهبات معلولا، إضافة الى كشف الامن العام للشبكات الارهابية التي من خلالها اوقفت عمليات تفجيرية كبيرة كانت ستجلب الويلات للبنان، فضلاً عن نجاح اللواء ابراهيم في المهمة الشائكة التي حقق فيها انتصاراً كبيراً، حين ساهم في تحرير العسكريين الاسرى ال16 من ايدي «النصرة»، وهو بالتأكيد يعمل اليوم بصمت من اجل تحرير العسكرييّن التسعة الاسرى لدى «داعش».

 

الى ذلك وبعد كل هذه النجاحات، هنالك ملف منسي يعود كل فترة الى الواجهة، هو ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، بعد ان سبق وبرز منذ عام ونصف، على أثر قيام موقع «وثائق دمشق» الالكتروني Damaskusleaks بنشر وثائق ومراسلات سرّية تم تسريبها من الدوائر السورية الرسمية حول ملفات حساسة، من ضمنها ملف كامل عن المعتقلين اللبنانيين والمفقودين والمخفيين قسراً في السجون السورية، ويضّم الملف نحو ألف وثيقة رسمية ومحاضر اجتماعات اللجنة اللبنانية ـ السورية التي تتابع قضيتهم في الفترة الممتدة بين عام 2005 حتى عام 2012، مع الاشارة الى ان الملف كشف أسماء جميع المعتقلين اللبنانيين وأسباب اعتقالهم والتهم الموجهة إليهم.

 

من هذا المنطلق اشار رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي ابو دهن في حديث لـ«الديار» الى أن الملف منسي من قبل الدولة، التي كنا وما زلنا نطالبها بالسعي الجدّي لحلّه ، لكن من دون جدوى، كما اننا كمعتقلين محررّين منذ سنوات، لم نلاق بعد المعاملة المحترمة المطلوبة من الدولة، فيما نال المعتقلون اللبنانيون الذي كانوا في سجن الخيام خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي الرواتب والحوافز، بحيث تم توظيفهم، اما نحن فما زلنا ننتظر تلك التعويضات منذ إطلاق سراحنا، الذي مرّ عليه سنوات وسنوات ، مع العلم انها احيلت الى لجنة المال والموازنة بعد ان بُحثت في لجنة العدل، لكن لغاية اليوم لم نقبض شيئا، مع الاشارة الى ان ستة عشر معتقلاً سابقاً فارقوا الحياة بسبب مرضهم والتعذيب الذي تعرّضوا له خلال الاعتقال، من دون اي إلتفاتة لهم من قبل الدولة اللبنانية، مذكّراً بأن الوزير الشهيد محمد شطح وخلال تولّيه وزارة المال في العام 2009 أعطى كل الحوافز للمحررّين من سجن الخيام، ووعد بإعطائها ايضاً للمحررّين من السجون السورية، إلا انه لغاية اليوم لم نحصل عليها، وتمنى ابو دهن على الدولة اللبنانية ان تكون موضوعية في هذا الاطار، وان تطالب بصوت صارخ وعلني بحرّية ابنائها المعتقلين، لان هنالك ملفات موّثقة في وزارة العدل، وهي تحوي 628 إسماً، اي هنالك حقائق لا يمكن لأحد ان ينكرها..

 

ودعا بإسم الاهالي كل لبناني حر يشعر بوطنيته، للعمل الفوري والمساهمة بأي طريقة لتحرير معتقلين اخوة ، لان المسألة انسانية بإمتياز، وقد آن الاوان ان تنتهي مأساة وعذابات هؤلاء .

 

وبدورهم بعض اهالي المعتقلين نقلوا لـ «الديار» صرخة موجعة لغياب اولادهم لمدى هذه العقود من الزمن، من دون ان يعرفوا اي معلومة عنهم، وهذه الصرخة حملت في طياتها عتباً كبيراً على الاحزاب والنواب والمسؤولين في الدولة، الذين لا يعيرون اي اهتمام لهذا الملف الانساني، واشاروا الى ان بعض مسؤولي هذا الملف كالسيّدين غازي عاد وعلي ابو دهن يتابعان هذه القضية، لكنهما يحتاجان الى العمل الجماعي ودعم الاحزاب والنواب والوزراء وقيادات الدولة لطرح الصوت عالياً ومساعدتهما في هذا الاطار، لانهما لا يستطيعان القيام بأي خطوة وحدهما لانها لا تفيد، لافتين الى الخيمة التي نصبت في العام 2005 في حديقة جبران خليل جبران وسط العاصمة مقابل مبنى الاسكوا، والتي تضّم الامهات والاخوة والرفاق للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم واحبائهم، لكن كل هذه السنوات لم تأت بأي نتيجة.

 

وحول إمكانية تحرّكهم قريباً لجلاء كل حقائق هذا الملف، قالوا: «بالتأكيد سنسعى للتحرّك لان هذه القضية ما زالت أولوية لدينا، لكن لا بدّ من العمل الجماعي اي ضرورة دعمنا على كل الاصعدة»، مشددين على ضرورة تسليم هذا الملف الى اللواء عباس ابراهيم، رجل المهمات الصعبة والانسانية والناجح بصمت، الذي اظهر صدقية في التعاطي لم نشهدها لدى أي مسؤول، واعتبروا ان عمله من اجل تحرير العسكريين الاسرى اعطاهم بصيص أمل ولو ضئيلا.

 

ورأوا انه يفترض على الدولة ان تكون قد جمعت المعطيات التي تملكها منذ العام 1990، اذ حينها كان هناك تعاون بين اجهزة البلدين، وبالتالي فالدولة اللبنانية تستطيع متابعة ملف ابنائها حتى النهاية، لكن للاسف فهي لا تقوم بواجباتها لتجمع الادلة وتواجه بها ، مع العلم بأننا نريد الجواب من الجانب اللبناني قبل السوري، الذي نطالبه ايضاً بإعطائنا أجوبة واضحة تجاه المعطيات التي في حوزتنا.

 

وختم الاهالي : «نؤكد للجميع بأننا لن نيأس بل سنستمر، لان الامل ولو ضئيلا سينير عتمنا اليومي، ونأمل ان يستجيب اللواء ابراهيم الى مطلبنا...».