عندما وقف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في السرايا الكبيرة في خلال الاحتفال باطلاق العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة» الارهابية، وتعمّد توجيه الشكر الى كل من الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، فانه كان يشير الى من كان لهما الفضل في وصول الامور الى خواتيمها السعيدة.
صحيح ان اللواء ابراهيم، وفي اطلالات اعلامية لاحقة، شرح جزءاً من الدور الذي لعبه الرجلان، الا ان رواية اوساط مطلعة تفيد أنه بعدما اقفلت وساطة اطلاق العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة»، كان اللواء عباس ابراهيم في زيارة عادية للسيد حسن نصرالله، وعند طرح موضوع العسكريين توجه نصرالله الى ابراهيم بالقول، «هل بالامكان فعل شيء؟» كان الجواب «الموضوع عند القطريين». ابلغ السيد الى ابراهيم انه سيتحدث مع القطريين، وبالفعل ارسل اليهم مستفسرا عن امكانية ان يفعلوا شيئا لتحريك الوساطة، ليأتي التجاوب القطري سريعا.
لماذا تدخل الجانب القطري بعد تواصل مكتب السيد نصرالله معهم؟
التفسيرات متعددة، ولكن الواضح أن القطريين يريدون فتح خط مع «حزب الله»، وكانوا يسألون دائما عن سبب اقفال الحزب خط التواصل معهم، وكانوا يقولون «هناك قوى في لبنان تختلفون معهم بشكل حاد ولكنكم تتحاورون معهم عبر قنوات مباشرة، نحن واياكم مختلفون في سوريا ولكن ابقوا على قناة تواصل معنا». هذا لا يعني ان الحزب يقفل القناة مع القطريين انما كان يحافظ على قناة تواصل تعمل بـ «القطارة»، في حين ان القطري يريد قناة مع الحزب وذات القناة يريد ان توصل الى سوريا. الحزب لم يقبل بالامر الثاني، اي ان القطري يريد قناة مع سوريا فما عليه الا التواصل مباشرة معها لانها دولة ذات سيادة. لذلك قرر «حزب الله» الحفاظ على القناة مع القطري ولم يستخدمها.
جاءت قضية العسكريين التي دفعت نصرالله، بعدما استنفدت كل الجهود الاخرى، الى التواصل عبر تلك القناة مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تجاوب الى ابعد الحدود.
هل التجاوب لان هناك قناة اسمها السيد حسن نصرالله صارت رقما صعبا في المعادلات الاقليمية ويريد القطري ان يفتح معها، اذا تكرّس الاسد في سوريا وتكرست ايران النووية منتصرة في عدد من الملفات الاقليمية؟ ربما يكون هذا هو السبب الفعلي.
ما اشبه اعزاز بجرود عرسال. تماما كما حصل في موضوع مخطوفي اعزاز اذ في ليلة انفتحت الامور. يومها كان اللواء ابراهيم في منزله رنّ هاتفه وجاءه صوت المتصل من الدوحة سائلا، «هل بامكانك القدوم هذه الليلة الى الدوحة؟»، اجابه اللواء «غدا صباحا ان شاء الله»، وعندما وصل وجد وزير خارجية قطر في انتظاره وقال للواء ابراهيم «وصلت تعليمات من ديوان سمو الامير بأن نذهب انا وانت ومدير المخابرات عندنا الى تركيا وكل شيء جاهز في تركيا». والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انتهى كل شيء بسرعة؟، والجواب لأن القطري قرر حل الملف. في موضوع العسكريين قرر القطري حل الملف ولا يوجد تفسير لدى «حزب الله» لماذا اخذ هذا القرار. الثابت ان تدخل السيد نصرالله كان حاسما في هذا الموضوع.
عمد اللواء ابراهيم الى وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق في تفاصيل المعطيات.
عندما تعثرت في الليلة الاولى التي حددت للافراج عن العسكريين بسبب شروط اضافية ومنها قضية «ابو طاقية»، تدخل السيد نصرالله مجددا وابلغ القطريين ان الامور المتفق عليها تنفذ ولا داعي لشروط اضافية.
اما دور الحريري فقد كان حاسما في تأمين المظلة الوطنية لمرجعية التفاوض الرسمية، حيث عمد الحريري الى التواصل المباشر مع القطريين وابلغهم ان «اللواء ابراهيم من بيتنا وهو نفسنا الذي نثق به كل الثقة».