قبل أيام، تحرك ملف النفط في لبنان، بدأ الحديث عن تسوية نفطية بالتزامن مع تسوية رئاسية. اجتمعت لجنة الأشغال العامة وهيئة ادارة النفط ووزارة الطاقة على رأي واحد.لا خلافات سياسية أو نظرية بين الأعضاء سواء في مجلس النواب او في مجلس الوزراء.

هيئة البترول مؤمنة بضرورة فصل المسارين التقني والسياسي للموضوع. توفر الغطاء السياسي لإقرار المرسومين العالقين منذ 2013 والمتعلقين بإتفاقية الاستكشاف والانتاج ودفتر الشروط وتحديد البلوكات. المرسومان اللذان كانا يعوقان مناقصة التلزيم. حسمت مسألة تلزيم البلوكات علما ان خطة الهيئة التي تبناها الرئيس بري تضع في الحسبان مبدأ التلزيم التدريجي بحيث لا تلزم كل البلوكات دفعة واحدة. بما فيها البلوكات 8 و 9 المحاذية لفلسطين المحتلة. إذاً لم يعد هناك سبب لتأخير ملف النفط بل يجب الإسراع به.  

ما كان هذا التحرك ليرتدي هذه الأهمية لو أن التعامل مع هذا الملف كان دائما جديا. لطالما كان مطية لتصفية الحسابات السياسية. والخروقات في هذا الملف لم تكن سرا.   أطلق ملف النفط في لبنان موجة جارفة من الإمال والمخاوف. أمال قد لا تختصر بالتنمية والوظائف وحل مشكلة الدين العام. ومخاوف بدأت مع قبول بخط أعوج في ترسيم الحدود مع قبرص عام 2007 بشكل سلبنا مساحة 855كلم2. بشكل سيدخلنا قريبا في نزاع حدودي (وضعته اميركا في الثلاجة) مع اسرائيل. إسرائيل العدوة الناقمة.

ناقمة سيما بعد اضمحلال دورها القيادي للصناعة الغازية في منطقة الشرق الأوسط تزامنا مع إكتشاف "شروق". أكبر اكتشاف غازي يتحقق في مصر والمتوسط وقد يصبح أكبر اكتشافات الغاز في العالم مع احتياطات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب غاز. والذي تبدو الشركة الايطالية "ايني"عازمة على جعله مركزا لتصدير الطاقة الى اوروبا عبر خط أنابيب يمر في ليبيا بدلا من توجه صادرات المنطقة شمالا الى تركيا عبر المنظومة الاسرائيلية. الى ان كل ذلك لم يمنع نتنياهو الممسك متفردا بملف النفط في اسرائيل من محاولة اقناع "إيني"بخوض شراكة بترولية بين مصر وقبرص واسرائيل . شراكة قد تضع لبنان امام خيار التطبيع مع اسرائيل او التسويق لغازه منفردا وبكلفة باهظة.   واما لو نجح بإقناعها بالاستثمار في الحقليين القريبيين من الرقعتين 8 و9 في المياه اللبنانية. سيصبح بإمكان العدو الصهيوني الضخ من مخزون هاتين الرقعتين بواسطة ابار أفقية تحفر تحت المتوسط. وهذا خوف حقيقي.  

أما المخاوف الأخرى والتي تتخطى ما قد يترتب على مشاريع اسرائيلية مع الشركة "ايني" التي اعربت سابقا عن اهتمامها بنفط لبنان. هو ان هذه الشركة وغيرها(وحتى الشركات الوهمية) إستفادت من شروط استثمار لا يمكن ان تحلم بها في اي بلد اخر.شروط وضعها المتآمرون على مصلحة اللبناني. المتآمرون المسؤولون عن ما حصل من قفز فوق الدستور والمبادىء القانونية. اذ جاءت المراسيم متناقضة مع القانون لتحرم الدولة من حقها في الافادة من ثروتها النفطية بصورة سيادية عادلة.   السرية في الطاقة.خوف من نوع آخر.وذريعة لتحريم السؤال عن مصير ما يقارب 50 مليون $ كحصة لبنان من نتائج بيع المسوحات الزلزالية في المنطقة الإقتصادية الخالصة. إرتكبنا جريمة انتظار "الصحوة".

لذا فإننا نطرح أسئلة لا نمتلك حق الاجابة عليها اليوم.إنتظار صحوة ساسة يجيدون إستخدام الكلام الجذاب ويهوون الاستعراضات في قرار مكافحة الفساد .الفساد الوطني.الفساد المالي والاداري والسياسي.ثمة وعود بأن يوضع ملف النفط تاليا على طاولة الحوار بعد ملف النفايات. في ملف النفايات صرخ الناس من فرط الفساد.هل سيصرخون في ملف النفط؟هل سيشيرون بإصبع الاتهام الى نتنياهو النفط في لبنان؟لو فعلوا.من سيحمي صرختهم من الإفساد والمصادرة؟ في محكمة المستقبل التبرير والندم لا ينفع.

ليبانون ديبايت