تفاعلت في إيران قضية صحيفة «إطلاعات» التي يلاحق القضاء المشرف عليها محمود دعائي، بعد نشرها مقابلة مترجمة للرئيس السابق محمد خاتمي. واتخذ دعائي، وهو ممثل المرشد علي خامنئي في الصحيفة، موقفاً متشدداً إزاء منع نشر أخبار خاتمي، اذ رفض اعتباره من «عناصر الفتنة»، في إشارة إلى الاحتجاجات التي تلت انتخابات الرئاسة عام 2009.

وعلى رغم استدعاء دعائي للمحكمة الخاصة برجال الدين، بسبب نشر «إطلاعات» المقابلة مع خاتمي، إلا أنه ما زال يصرّ على موقفه بأن لا مانع من نشر أخبار متعلقة بالرئيس السابق، مشيراً إلى موافقة خامنئي على مواقفه في شأن خاتمي.

ولفت دعائي إلى أنه احتجّ لدى المدعي العام، عندما التقى الأخير رؤساء تحرير الصحف الإيرانية، وطلب منهم الامتناع عن نشر أخبار خاتمي. وأشار المشرف على «إطلاعات» إلى أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لم يصدر أي تعليمات في هذا الصدد، باعتباره الجهة الوحيدة التي يمكنها فعل ذلك.

لكن الناطق باسم القضاء غلام حسين محسني إيجئي أعلن أن القرار صادر عن المدعي العام، وهذا ما يرفضه الإصلاحيون، معتبرين أنه يخرج عن صلاحية القضاء، ما دام المُدعَى عليه (أي خاتمي) لم يحاكَم ولم يصدر في حقه أي حكم بعد. ويكتسب هذا السجال السياسي أهمية، اذ يأتي قبل الانتخابات النيابية وانتخابات مجلس خبراء القيادة، المرتقبة في 26 شباط (فبراير) المقبل.

ويسعى الإصلاحيون إلى استغلال الظروف الراهنة، لإطلاق الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي الخاضعين لإقامة جبرية منذ العام 2011، ورفع الحظر عن سائر زعمائهم، بما في ذلك خاتمي.

وترى مصادر أن محمود دعائي تتوافر فيه صفات تجعله قادراً على منازلة القضاء، ومجلس صيانة الدستور الذي يدرس أهلية المرشحين للانتخابات، خصوصاً أن اسمه مطروح لخوض الانتخابات على لائحة الإصلاحيين.

ودعائي شخصية سياسية مخضرمة رافقت الإمام الخميني منذ عام 1965، وعمل مندوباً له ومشرفاً على مؤسسة «إطلاعات» الصحافية منذ عام 1979. كما أن لديه علاقات جيدة مع شخصيات أصولية بارزة، إضافة إلى كونه قريباً جداً من التيار الإصلاحي، علماً أنه عضو في «جماعة العلماء المناضلين» (روحانيون) الإصلاحية، ناهيك عن اعتداله الشديد.

وبعد سجال مع سعد الله زارعي، وهو عضو في مكتب المرشد يكتب عموداً سياسياً في صحيفة «كيهان» الأصولية، في شأن موقفه من «زعماء الفتنة»، دعا ناشطون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى شراء صحيفة «إطلاعات»، تعبيراً عن تأييدهم مواقف دعائي.

وكان لافتاً في السجال إعلان دعائي أنه أبلغ المرشد أن «صفة الفتنة لا تنطبق على خاتمي»، معتبراً أن الرئيس السابق «نجح في الاختبار السياسي، ولم يخن مسؤوليته أمام المواطنين، ولديه صفحة ناصعة في الأدب والمنطق، والتزامه الولاء للمرشد، والأهم من كل ذلك نظافة كفّه وإخلاصه» للقيادة. وأضاف أن المرشد أجابه: «أنا أيضاً أفكر مثلك، لكن ليس برقة قلبك». ولفت إلى أن خامنئي لم يمنعه من اتخاذ المواقف التي يعتبر أنها تبرِّئ ذمته أمام الله، في إشارة إلى موقفه من خاتمي.