..على وقع صُراخ الأمّ المفجوعة وبركة الدماء التي تسبح بها غرفتها، فجّر الكبار غضبهم بطفليها "بكر" وأحمد" وعمد "الغاضب الكبير" إلى انتزاع إبني الشهرين والست سنوات من حضنها ورماهما من الشرفة.   لم تصدّق الأم ما حصل، فبيتها أشبه بباحة لتمثيل فيلم بوليسي، المكان بُعثرت مُحتوياته، الرشاشات حاضرة، السُّباب والصّراخ ملأ الحيّ، وحدها الكاميرات والمُخرج كانا غائبين.

هنا أبطال "الجريمة" لا يُمثلون.. بل يعيشون القصّة على حقيقتها ومع مرور الثواني كان عددهم يزيد.   النهاية لم تكن سعيدة على الإطلاق، كما تكون عادة في أي فيلم "أكشن"، فالغرفة الصغيرة ملأتها دماء الضحايا الثلاث.. والمأساة انتهت برمي طفلين من الشرفة، على مرأى من والدتهما المذهولة، إلى حديقة المدرسة. فماذا حلّ بهما وما هي وقائع تلك الجريمة؟   في مساء لم تمرّ ساعاته على خير، كان "علاء" و"رودي" و"نشأت" في محلة رأس الجبل يستمعون إلى الموسيقى ويحتسون البيرة، حين حصل شجار بينهم وبين "خالد" و"ابراهيم" وهما من عرب وادي خالد، تطوّر الخلاف إلى تضارب بالأيدي وإصابة "علاء" بجرح قطعي في ساعده الأيمن جراء طعنة سكين.

  في اليوم التالي، وعلى خلفية الإشكال المذكور، قام "علاء" بإعلام والده "رياض" بتصميمه على الإنتقام، عند الساعة السابعة مساء، وكان أن شاهد "علاء" الذي كان متربصا في مكان قريب من سكن "خالد" (يقطن في غرفة داخل مدرسة)، الأخير وهو في طريق العودة إلى غرفته، فلحق به بسيارته من نوع "بي.أم" بسرعة جنونية، وتبعه والده وكل من "رودي" و"فادي" ونشأت، محاولا دهسه بسيارته، إلا أن "خالد" استطاع النجاة وفرّ إلى داخل غرفة المدرسة حيث تتواجد زوجته "إيمان" وطفليه "بكر"(شهرين) و"أحمد" (6 سنوات) بالإضافة إلى إبن عمّه "صبحي" والمدعو"حسين".  

على الفور، ترجّل كل من تبع "علاء" ودخلوا إلى المدرسة حيث حطّموا محتويات غرفة خالد، فيما أقدم والده "رياض" على شهر بندقية حربية طراز بومب أكشن وأخذ يقوم بإطلاق نار بشكل عشوائي، مما اضطر "خالد" إلى شهر بندقية صيد محاولا ردّ الإعتداء عنه وعن عائلته، فانتزعها منه "حسين" وراح يطلق النار على المهاجمين حيث أُصيب "عارف" و"روني" وهما من أقرباء "علاء" اللّذين حضرا إلى المدرسة أيضاً على أثر سماع إطلاق النار كونهما يقطنان على مسافة قريبة، فتوفي الأول على الفور متأثرا بجراحه، فيما فرّ "خالد" و"حسين" من المحلّة.  

عَلِمَ عمّ المغدور المدعو "ربيع" بواقعة مقتل إبن شقيقه، صعد إلى المدرسة برفقة "رياض" ودخلا إلى الغرفة حيث توجد زوجة "خالد" وطفليه و"صبحي"، وعمد العمّ إلى إطلاق النار على "صبحي" مباشرة من مسدسه الحربي وإصابه في صدره حيث توفي على الفور، كما أقدم على نزع الطفيلين من يدي والدتهما وقام برميهما من شرفة الطابق الأول إلى الأسفل محاولاً قتلهما، إلا أن القدرة الإلهية أنقذتهما من الموت المحتم.   وقد فرّ الجاني بعد قتله "صبحي" ورمي الطفلين إلى جهة مجهولة وتوارى عن حضور كافة جلسات التحقيق، فيما اعترف "حسين" بإطلاقه النار باتجاه المهاجمين دفاعا عن النفس، ما أدى إلى قتل المغدور "عارف" وإصابة "روني".  

ونفى "خالد" إطلاقه النار، فيما أقرّ "علاء" بصدمه بسيارته نافياً قتله "صبحي" ومحاولة قتل الطفلين، مضيفا أنّه على أثر وفاة المرحوم "عارف" وبعد قيامه بنقل جثته إلى المستشفى، عاد إلى منزل ذويه وشاهد "ربيع" وهو بحالة غضب شديد والذي صعد مسرعاً إلى المدرسة ليعلم بعدها "بالجريمتين المزدوجتين".  

وبإجراء المقابلة بين كافة المدعى عليهم ووالدة الطفلين، أكدت أنّ "رياض" كان يرافق المدعى عليه "ربيع" لكنّه ليس هو من أطلق النار.   قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبدالله، طلب في قراره الظني إنزال عقوبة الإعدام بالمدعى عليهما "ربيع" و"رياض" (قتل "صبحي" عمداً ومحاولة قتل الطفلين) والأشغال الشاقة 15 عاماً للمدعى عليهما"حسين" و"خالد" ( قتل عارف" قصداً ومحاولة قتل شقيقه "روني") كما طلب عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة للمدعى عليه "علاء"، وظنّ بباقي المدعى عليهم بـ"التدخل في الجرم" وأحالهم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات.

المصدر لبنان 24