كيفما رست التسوية الرئاسية ثمّة ما ينتظره اللبنانيون ويتوقعون حدوثه إن لم يكن بعد أسبوع أو شهر أو عام... الأكيد بعد عامين أو أكثر. إن أتى ميشال عون رئيسا للجمهورية او سليمان فرنجية، إن ولدت حكومة وفاق او نفاق وطني، إن أجريت الانتخابات على أساس الستين أو النسبي، إن أقرّت الكوتا النسائية أو لم تقرّ، إن أقرّت الاصلاحات الدستورية أو لم تقرّ... ثمّة واقع آت لا محالة. كل شئ قابل للتغيير إلا التوريث!
في اللقاء الذي جمع النائب فرنجية مع النائب وليد جنبلاط في دارة الاخير في كليمنصو تفوّقت الصورة على مضمون لقاء كان يتوقّع منه أن يسهم في تقوية عود التسوية الرئاسية التي ستحمل فرنجية الى قصر بعبدا.
لأسباب كثيرة صوّبت الأنظار حول من يقف الى جانب "البيك" المضيف و"البيك" الضيف. تواجد تيمور جنبلاط وطوني فرنجية في قلب الصورة ليس بالامر الجديد. رئيس "اللقاء الديموقراطي" كما رئيس "تيار المرده" صارحا جمهورهما منذ البداية بأن تيمور وطوني يتحضّران لدخول الندوة البرلمانية والعمل السياسي من بابه العريض.
لا توريث في "الحزب التقدمي الاشتراكي". هذا قرار وليد جنبلاط الرسمي والمعلن منذ تشرين الأول 2012. تيمور الذي يحمل اليوم صفة عضو مرشد في الحزب بقرار من وليد جنبلاط نفسه الامر الذي يخوّله الترشّح الى مجلس القيادة وبالتالي الى رئاسة الحزب لن يفعلها، لكنه سيرث بالمقابل المقعد النيابي حتما. رغبة بيك المختارة حتى اللحظة تقتضي بعدم تجيير رئاسة الحزب لنجله في انتخابات ستكون صورية. مسألة النيابة مسألة وقت لا أكثر.
لم يقرب النائب فرنجية مسألة رئاسة "تيار المرده" لكنه أفصح مرارا عن رغبته بأن يجيّر مقعد زغرتا النيابي الى نجله طوني. قرار اتّخذه قبل أن تحطّ التسوية الرئاسية المعلقّة رحالها على طاولة التفاوض بوقت طويل.
ينشط تيمور جنبلاط بخجل في العالم الافتراضي في مقابل عدم حماسته في الانزلاق الى نفس "أدبيات" والده في مخاطبة القاعدة والتعاطي معها. الشاب تأخّر عن جيله المولع بمواقع التواصل الاجتماعي، وحتّى عن والده الذي سبقه في اكتشاف منافع "تويتر" الحاضنة لآرائه العفوية والسوريالية، كتلك التي يقف فيها معزّيا بـ.. وليد جنبلاط وصولا الى رسالته الى "اهل الممانعة ويا أصدقائي في جبهة الصمود والتصدي الجديدة طبعا، اذا كنت في مكان ما اسأت التقدير، والمعادلة في كبس الزيتون واستخراج الزيت اسهل بكثير" (موقف أتى في إطار اعتراضه على تلاقي جبهة الممانعة مع "القوات" في الاعتراض على تسوية فرنجية- الحريري).
طوني فرنجية غير معني بالعالم الافتراضي. يفضّل اللقاءات المباشرة مبتعدا بشكل تام عن الادلاء بأي مواقف سياسية علنية تماما كما تيمور، فيما يبرز تركيزه الى جانب التصاقه بهموم وهواجس الزغرتاويين على التواصل مع الاغتراب اللبناني.
الشابان ينتظران فقط ساعة الصفر للانطلاق في سباق العمل النيابي والسياسي. سبقهما سامي الجميل بالنيابة وبرئاسة الحزب. في الاحزاب الاخرى مشاريع ورثة قيد التحضير.
ليسوا هؤلاء سوى نماذج عن الاتي. الى جانبهم أجيال أخرى من الورثة من مختلف "أغصان" الشجرة العائلية. زعامات قيد التوالد فيما وجه المنطقة برمّته يتغيّر. في لبنان قام حراك مدني اشعل الارض لفترة محدودة ثم همد. لم تكن من ضمن أولوياته محاربة التوريث السياسي.
لن يجرّ هذا الواقع سوى الى مزيد من التساؤلات والهواجس: إذا كان الامل بالتغيير لا يزال حيّا يرزق، فهل يمكن تحقيقه عبر "الورثة"؟
ينقل عن البعض من هؤلاء الورثة، بينهم طوني فرنجية وتيمور جنبلاط، بأنهم يملكون مقاربات مغايرة ومختلفة عمّن جيّر لهم "نواة" الزعامة. يعِدون بروحية إنقلابية في أسلوب التعاطي في الشأن العام ومخاطبة القواعد الناخبة لا تُشعِر هؤلاء بأنهم مجرّد سلعة في سوق العرض والطلب.
هكذا ما يقوله الزعيم ابن الزعيم وهو يجلس وسط حراسه ومريديه وهتافات الولاء له. يقول ابن الزعيم أنه لن يرضى بما كان يقوم به "الزعيم الاكبر". ينتظر اللبنانيون قماشة مختلفة... من قماشة الزعامة نفسها!

  لبيانون فايلز