استمرت السلطات التركية في مماطلتها في ما يتعلق باعتدائها على الاراضي العراقية، فيما كذب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الرواية التركية حول وجود القوات العسكرية التركية في الشمال العراقي، قائلا ان «وجودها لم يتم بطلب رسمي، لا شفهي ولا تحريري». وجاء ذلك فيما طالب المرجع الديني الأعلى في العراق السيد علي السيستاني الحكومة العراقية بعدم التهاون مع أي مساس بسيادة البلاد، مع استعداد العراقيين للتظاهر اليوم في العاصمة بغداد رفضا للعدوان التركي.
وبعد ساعات على تأكيد رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مجددا انه لن يسحب القوة العسكرية التركية التي توغلت الى مشارف مدينة الموصل العراقية، متذرعا بأن العراق «يعج بالمنظمات الإرهابية، التي تشكل تهديداً لتركيا، وفي مقدمتها داعش»، قال العبادي «سنتخذ جميع الإجراءات ونلجأ إلى كل السبل المشروعة لحماية أرضنا وسيادتنا الوطنية».
وقال العبادي، في بيان، إن «العراق، وطننا الذي تهون من أجله أرواحنا ودماؤنا، يتعرض لانتهاك فاضح لسيادته من قبل دولة جارة، ومن حقنا، بل وواجب علينا، أن نتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية سيادته ووحدة أراضيه».
وأضاف «سنتخذ جميع الإجراءات ونلجأ إلى كل السبل المشروعة لحماية أرضنا وسيادتنا الوطنية، وان قواتنا المسلحة وأبناءنا من الحشد الشعبي والعشائر، الذين يقدمون التضحيات الجسام بالدفاع عن وطنهم ومقدساتهم من دنس داعش ومن يقف خلفه، إنما يدافعون عن سيادة العراق التي ثلمت، ولا نرضى أن تثلم».
وتابع العبادي «لن نتهاون في أداء واجبنا الدستوري والوطني في حماية البلاد والدفاع عن أمنها وسيادتها وسلامة ووحدة أراضيها، وقد سلكنا، حتى الآن، الطرق السلمية والديبلوماسية، ومنحنا الجارة تركيا مهلة زمنية لسحب قواتها ولم نغلق باب الحوار واستعنا بالدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية، وبيّنا موقفنا من انتهاك سيادتنا بكل وضوح. نجدد التأكيد أن إجراءاتنا ليست موجهة ضد الشعب التركي الجار الشقيق، وكل ما طلبناه هو احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه وانسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية، لأن وجودها لم يتم بطلب رسمي، لا شفهي ولا تحريري، وسيبقى الأتراك الموجودون في العراق ضيوف الشعب العراقي الكريم، ومن واجبنا حمايتهم وحماية ممتلكاتهم».
وقال العبادي إن «إرسال قوات مدرعة تركية، من دون موافقة الحكومة العراقية، لا يعتبر مساعدة ضد الإرهاب بل هو انتهاك صارخ للسيادة العراقية، وليس على الأراضي العراقية اليوم قوات عسكرية مدرعة لأية دولة عدا تركيا، ومن دون موافقتنا ولا علمنا، وكل ما يقال خلاف ذلك محض افتراء».
وطلب العبادي من وزارة الخارجية تقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد أنقرة، ودعوة المجلس لمطالبة تركيا بسحب قواتها من العراق على الفور.
وكان السيستاني قد قال، في خطبة الجمعة التي ألقاها نيابة عنه الشيخ عبد المهدي الكربلائي، «ليس لأي دولة إرسال جنودها إلى أراضي دولة أخرى تحت ذريعة مساندتها في محاربة الإرهاب ما لم يتم الاتفاق على ذلك بين حكومتي البلدين بوضوح وصراحة». وأضاف «الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية سيادة العراق، وعدم التسامح مع أي طرف يتجاوز عليها مهما كانت الدواعي والمبررات».
وحث السيستاني العراقيين على التحلي بضبط النفس تجاه الأجانب المقيمين في البلاد، بعدما هددت جماعات مسلحة باستخدام القوة ضد تركيا واستهداف مصالحها في العراق لتسحب قواتها.
وقال اردوغان، في اسطنبول، «لا يمكن أن نسحب جنودنا من شمال العراق الآن. جرى نشر (قوات) ليست للقتال لكن لحماية الجنود الذين يقومون بالتدريب هناك، وسنواصل عملية التدريب بحزم».
وأضاف اردوغان ان «التطورات الأخيرة أظهرت أن حكومة بغداد لم تتمكن من فعل أي شيء في مواجهة احتلال داعش لمناطق في العراق، وبناءً على طلب من حيدر العبادي أرسلنا جنودنا (إلى العراق) العام الماضي، ومر عام ونصف العام على ذلك. والسؤال الآن: أين كنتم منذ عام ونصف العام؟».
وتابع إن «العراق يعج بالمنظمات الإرهابية، التي تشكل تهديداً لتركيا، وفي مقدمتها داعش، ونحن نقول للحكومة المركزية في العراق، إذا لم تتمكنوا من اتخاذ التدابير الضرورية إزاء التهديدات الموجهة ضد بلدنا، فنحن سنتخذها».
وكان مكتب رئيس الحكومة العراقية قد ذكر، في بيان، أن العبادي أبلغ وكيل وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات حاقان فيدان، في بغداد، أن حل الأزمة بين البلدين ينحصر بسحب القوات التركية من الأراضي العراقية. وأضاف أن «الجانب التركي أعرب عن التزام تركيا باحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه والوقوف معه في محاربة داعش».
وفي أنقرة، ذكر مكتب داود أوغلو، في بيان، أن تركيا قررت خلال محادثات مع مسؤولين عراقيين «إعادة تنظيم الوجود العسكري في قوة الحماية بمعسكر بعشيقة». ولم يذكر ما ستشمله عملية إعادة تنظيم القوات، لكنه أشار إلى أنه جرى التوصل لاتفاق للبدء في العمل على إقامة آليات لتعميق التعاون مع الحكومة العراقية في القضايا الأمنية.
(«السفير»، «الأناضول»، أخبار العراق»، رويترز، ا ف ب، ا ب)