تراشق كلامي، الصراخ يعلو ويعلو ويصبح مدوّياً، الأم مذعورة والطفل يشعر بالخوف وبعدم الأمان. فهو ربّما لا يعبّر ولكنّه مصدوم جرّاء هول ما يحدث بين أقرب الناس إليه. ويشعر أنه بحاجة للحماية وللعيش بأمان. العنف الأسري بين الزوج والزوجة يؤثّر بشكل مدمّر في الأولاد. يؤكد «معهد مساواة المرأة بالرجل» في تقرير نشره عام 2010 أنّ 40 في المئة من حالات العنف بين الأزواج والتي تخلّلتها تصرفات عنفية حضرها ولد على الأقل من الأبناء. ويشدّد التقرير على أنّ الأولاد غالباً ما يشهدون على خلافات كبيرة وعلى لحظات عنف خطيرة جداً.

من جهتها تشير دراسة كندية إلى أنّ 40 في المئة من الأولاد الذين يشهدون أحداثاً عنفية بين أهلهم يتعرّضون بدورهم إلى اعتداء من قبل الجاني. ويتأثّر الأولاد بالعنف الدائر بين أهلهم على الصعيد الجسدي والنفسي وقد تكون تداعيات هذا العنف كبيرة جداً وقاضية على تطوّرهم الشخصي.

عوارض خطيرة

يؤكد الأخصائيون في علم النفس أنّ العوارض على الصعيد الجسدي تتمثل بـ:

• آلام في الرأس
• آلام في المعدة
• مشكلات في الجلد
• مشكلات الربو
• التبوّل في الفراش
• فقدان للشهية
• مشكلات الأرق


أمّا العوارض على الصعيد النفسي عند الأولاد الشاهدين على العنف فتكون على الشكل التالي:

• العصبية الزائدة
• صحّة عقلية مهدَّدة و»خسعة» للغاية
• مشكلة في الثقة بالنفس
• القلق
• الاكتئاب
ويُظهر الأولاد ضحايا العنف الأسري مشكلات متعلّقة بالسلوك وبالحياة الاجتماعية ومنها:
• فرط النشاط والعدوانية عند الأطفال الصغار.
• انخفاض الانتباه والتركيز في المدرسة أو إثارة الاضطرابات والضجّة في الصف. ومن الممكن أن يظهر لديهم عجز في القدرات اللفظية والفكرية أو الحركية ومشكلات في التعلّم المدرسي.
• صعوبات في بناء العلاقات الشخصية.
• انخفاض مستوى مهارات الاتصال مع الآخرين والقدرة على حلّ النزاعات.
• عزلة اجتماعية وشخصية إنطوائية.


وتُعتبر المراهقة فترة تقلبات جسدية وعاطفية ونفسية، إلّا أنّ تغيّراً مفاجئاً جداً في السلوك قد تقف وراءه أسباب جدّية وأبرزها العنف الأسري.

وتتجلّى عوارض هذا العنف بطريقة مدمّرة على المراهق وعلى نمّوه، وقد يدفعه هذا العنف إلى الانحراف وإلى تصرّفات تؤذيه وتضرّ بالمجتمع ومنها:

• السلوك المعادي للمجتمع والعنف ضدّ الناس من حوله
• الإدمان على الكحول والمخدّرات
• أفكار إنتحارية
• تدنّي احترام الذات
• تعاطي البغاء
• تصوّرات مشوّهة عن دور المرأة والرجل
• عدم احترام المرأة


طرق المساعدة

يحتاج الولد ضحيّة العنف الأسري إلى المساعدة من محيطه ليتمكن من تقليص تبعات هذا العنف على شخصيته. وينصحه الأخصائيون بممارسة الرياضة للترفيه ولتوجيه مشاعره نحو ما يسلّيه ويفيده. كما أنّ ممارسة النشاطات الخلّاقة كالكتابة والرسم والتمثيل مفيدة جداً لوضعه.

وتراود الطفل ضحيّة العنف أفكار عدّة. فهو يعتقد على سبيل المثال أنّ «أمي لم تتصرّف بشكل جيد وهي تستحقّ ما حصل لها». وقد يفكر إذا ما تعرّض هو أيضاً للعنف «بأنّ أباه غاضب ويشعر بالتعب بعد يوم عمل شاق وبأنه هو أيضاً تصرّف بشكل غير لائق واستحقّ الضرب».

ويحاول الولد في هذه الحال ارضاء والده لتجنّب تبعات إغضابه من جديد، فيسعى إلى تعديل تصرّفاته وإلى إخفاء ما قد يُغضب الوالد كنتيجة سيّئة في المدرسة مثلاً.

إخراج الولد من دائرة العنف

في حال كانت الأم تتعرّض للضرب من قبل الوالد الذي يعتدي أحياناً على أولاده أيضاً، يبقى الحلّ الناجع بحسب الناشطين في هذا المجال بابتعادها من المنزل مع أولادها، فعندما يصبح الولد في مكان آمن وتتقلّص تبعات هذه الاعتداءات المتواترة على شخصيته وقد يتمكن حينها وبمساعدة الأهل و/أو المجتمع المدني من إعادة توجيه حياته بشكل أفضل.