كانت «سعاد» في العقد الثاني من عمرها عندما غابت عنها الدورة الشهرية لمدة شهرين، ورافق هذا الانقطاع غثيان في الصباح وصداع أحياناً، علماً أنها لم تمارس الجنس في حياتها وليست حتى على علاقة جدّية بأحد. فما سرّ عوارضها هذه؟
بدايةً، لم تعطِ الموضوع أهمية، لكن بعد تطوّر حالتها إتّجهت عند طبيب لمعرفة مشكلتها. وكانت النتيجة صادمة، إذ تبيّن للطبيب ما لم يكن في الحسبان، وقال لها مبتسماً: «أنت حبلي». لم تصدّق سعاد ما سمعته، فكيف لها أن تكون حاملاً وهي لا تزال عذراء.. استهزأت بالنتيجة ضاحكةً قبل أن تشعر برهبة الخبر وتستسلم للأمر الواقع، أيْ للنتائج العلمية التي أثبتت موضوع حملها رغم عذريتها.

انطلاقاً من هذه الحالة الغريبة، كان لـ«الجمهورية» حديث مع الطبيب النسائي والتوليد، والمدير لمركز CMF» الطبّي والمتخصّص في العقم والطبّ الجنيني الدكتور باتريك زعرور، الذي علّق على الموضوع قائلاً:

«هذه حالة نادرة جدّاً، لكنها ليست مستحيلة. عادةً تكون المراهقات الأكثر عرضة لهذا الوضع، وذلك لغياب العلاقات الجنسية الجدّية بسبب أسس وعادات مجتمعنا التي ترفض فكرة الجنس قبل الزواج، بالإضافة إلى قلّة الوعي الجنسي، فيلجأن الى المداعبات الخارجية ظنّاً منهنّ أنها آمنة وتحافظ على عذريتهنّ».

إلّا أنّ حالة سعاد تؤكد عدم أمان المداعبات السطحية ويشرح: «أنّ غشاء البكاره غير كامل، تتوسّطه دائرة صغيرة، أو منفذ يمرّ عبره الدم خلال الدورة الشهرية. هذا المنفذ الطبيعي الذي يسمح بمرور الإفرازات، هو نفسه يسمح بدخول الحيوانات المنوية التي يفرزها الشاب عند اتصالاته السطحية بالفتاة ومداعبته لها، فتدخل هذه الأخيرة إلى جوف المهبل».

مضيفاً: «حتّى إذا لامس السائل المنوي أصابع الشاب أو الفتاة، وعادت ولامست مهبلها، فيمكن أن يسبّب ذلك حملها، شرط أن تكون خلال فترة الإباضة».

الفتيات المعرّضات

وعن الفتيات الأكثر عرضة لهذا الوضع يقول: «من الممكن ان تكون الفتاة قد حملت إثر تسرّب كميّة ضئيلة من السائل المنوي الى الرحم من دون الحاجة لفقدانها العذرية»، مضيفاً أنّ «صاحبات الثقب الأوسع في غشاء البكارة هنّ الأكثر حظّاً عادةً في هذه العملية».

ويمكن للحامل العذراء أن تجهض جنينها أو أن تحافظ عليه، وعن تفاصيل هذين القرارين يقول: «إذا أرادت الفتاة أن تجهض الجنينن فأمامها 3 طرق مختلفة:

• أولاً: من خلال أدوية الإجهاض، التي تكون عوارضها مضاعفة عن المرأة التي فقدت غشاء بكارتها، أيْ أنها ستشعر بألم شديد وذلك لأنّ جسمها لن يتمكّن من التخلّص بسهولة من رواسب الاجهاض أيْ الدم والأنسجة، وذلك بسبب اكتمال الغشاء وعدم وجود ممرّ إلّا الفتحة الصغيرة فيه».

• ثانياً: يمكن أن تُنفَّذ عملية الاجهاض بواسطة منظار للعذارى «وهو عبارة عن آلة صغيرة، تدخل وتفتح المهبل بلطف وتمرّ في فتحة الغشاء لتصل إلى عنق الرحم منفّذةً عملية الاجهاض ومحافظةّ في الوقت نفسه على سلامة غشاء البكارة».

• ثالثاً: في حال كان الحمل متقدّماً، يصعب حينها إنجاح عملية الإجهاض بالطريقتين السابقتين، عندها، نُضطر إلى فتح غشاء البكارة لإدخال الأداة إلى المهبل عبر عنق الرحم إلى داخل الرحم، لإزالة محتوى الحمل أيْ أنسجة الجنين والحمل خارج تجويف الرحم».
مضيفاً: «وبعدها، إذا أرادت صاحبة العلاقة استعادة غشاء بكارتها نلجأ الى عملية ترميم الغشاء وبالتالي إعادة العذرية للفتاة».

وتجدر الإشارة إلى أنّ عملية ترميم الغشاء لا تقتصر فقط على هذه الحالات، شارحاً أنّ المرأة «قد تُصاب في الـ 40 من عمرها بلحمية في مهبلها وهي لا تزال تحافظ على عذريتها، فنزيل غشاء بكارتها لإنجاح العملية. وفي حال أرادت استرجاعه نجري لها هذه العملية».

«عذراء» وأنجبت

«يمكن أن تحافظ العذراء على جنينها» بحسب دكتور زعرور، الذي يشرح أنه «إذا أرادت الحامل العذراء الاحتفاظ بالجنين، ولجأت الى الولادة الطبيعية، عندها نزيل لها غشاء البكارة، لكن اذا نفّذنا الولادة القيصريّة عندها لا ضرورة لفتح الغشاء.

وفي هذه الحال، تكون الفتاة أنجبت وهي ما زالت عذراء، مؤكّداً أنّ «هذا الوضع لا يشكّل خطورة على الفتاة أو على الجنين، لأنّ الأخير يترعرع في الرحم، وبالتالي الولادة مهما كان نوعها ستكون طبيعية جداً».