يقوم الفرع الفني في شعبة المعلومات بتحليل كل كاميرات المراقبة المنتشرة من بلدة قرصيتا في الضنية مروراً بطرابلس وصولاً الى القلمون جنوب المدينة، وذلك للاطلاع على تحركات، المدعو بلال ج. وعلى الطرق التي سلكها والأشخاص الذين قابلهم أو كانوا معه، وذلك بعد أن أوقفته الشعبة فجر أمس الأول في محلة القبة وبحوزته حزام ناسف زنة خمسة كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار فضلا عن قنبلة يدوية وكيس من الكرات المعدنية الصغيرة الحجم.

ويأتي ذلك في ظل المعلومات التي تتحدث عن أن بلال وانتحارييّ برج البراجنة يشكلون مجموعة إرهابية واحدة، وأنهم أتوا من مدينة الرقة السورية الى لبنان، واحتمال أن يكون بلال قد استضافهم في منزل عائلته في قرصيتا في الضنية لعدم إثارة الشكوك حولهم، قبل أن يتفرقوا فجر الخميس ليقوم كل منهم بتنفيذ المهمة الموكلة إليه، حيث وقع بلال في قبضة شعبة المعلومات، فيما أكمل الانتحاريان طريقهما الى بيروت لتنفيذ التفجيرين المزدوجين.

وبالتزامن تستمر التحريات التي تقوم بها مخابرات الجيش لكشف ملابسات العبوة الناسفة التي عُثر عليها في حي الأميركان في جبل محسن، صباح أمس الأول، ومصدرها ومن قام بوضعها. وتلفت مصادر أمنية الانتباه الى أن التنسيق الذي كان من المفترض أن يحصل بين واضع العبوة في جبل محسن وبين حامل الحزام الناسف بلال ج. فضلاً عن قيام الانتحاريين بتفجير نفسيهما في برج البراجنة، يدل على أن هناك غرفة عمليات ناشطة لـ «داعش» في لبنان، وذلك بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية على اختلافها ضمن إطار حربها الاستباقية على الارهاب.

وتكشف التحقيقات الجارية أن «داعش» كان يريد للبنان أن يعيش يوماً دامياً يبدأ صباحاً في طرابلس وينتهي ليلاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكنه فشل في الأولى.

وتقول الرواية الرسمية ، إن ثمة سيناريو إرهابياً كان يستهدف طرابلس يقضي بتفجير العبوة الناسفة التي تزن عشرة كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار في حي الاميركان في جبل محسن، وبعد نحو خمس دقائق من تجمهر المواطنين والقوى الأمنية، يقوم المدعو بلال ج. باقتحام المكان على متن دراجة نارية ويفجر نفسه لإيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوفهم، وهو السيناريو نفسه الذي اعتُمد في برج البراجنة.

وتشير هذه المصادر الى أن العناية الإلهية والعيون الأمنية الساهرة ساهما في تجنيب طرابلس مجزرة كانت قاب قوسين من وقوعها، لافتة الانتباه الى أن واضع العبوة الناسفة في جبل محسن لم يعلم بتوقيف بلال ج. الذي اعترف خلال التحقيق أنه هو الانتحاري المجند من قبل «داعش» للقيام بهذا العمل، فقام بزرعها على مقربة من أحد المقاهي الشعبية التي تشكل محطة رئيسية لكثير من شبان المنطقة والعسكريين بعدما زودها بساعة توقيت وجهاز تفجير عن بعد. وترجح هذه المصادر أن يكون واضع العبوة ارتبك وسارع الى مغادرة المنطقة خشية أن يُكتشف أمره، خصوصاً أن كل أبناء الحي يعرفون بعضهم البعض، وهم يراقبون من يدخل الى منطقتهم من أجل الحفاظ على أمنها، خصوصاً بعد التفجيرين الارهابيين اللذين كانا وقعا في الجبل مطلع العام الحالي.

وبحسب هذه المصادر فإن واضع العبوة ابتعد لمسافة لم تعد تمكنه من التحكم بتفجير العبوة بواسطة «الروموت كونترول»، في حين كان جهاز التوقيت يحتاج لأكثر من نصف ساعة، وهو الوقت الذي تم فيه اكتشاف العبوة وإبلاغ الجيش والخبير العسكري الذي فككها قبل انفجارها بنحو عشر دقائق.

وتشير المصادر أيضاً الى أن الموقوف بلال ج. كان تحت تأثير مخدر من العيار الثقيل لدى توقيفه، ورجحت أن تسفر التحقيقات معه عن كشف اللثام عن بعض الأشخاص الذين تواصَل معهم وتسلم منهم الحزام الناسف، الأمر الذي قد يفتح المجال أمام توقيفات جديدة قد تصل الى الرؤوس الكبيرة.