"الجنرال" لا يفقه الحرية ، هذا التعبير يمكن إسقاطه على العماد ميشال عون الذي لطالما كان معارضاً لمبدأ المساءلة الإعلامية ، فقائد الجيش السابق والطامح للعودة إلى قصر بعبدا ، نراه يحقّر الحريات في بلد الحريات ...

لنجد أنّ السلطة الرابعة بالنسبة للرئيس الروحي "الكنسي" للتيار الوطني الحر  تنطوي تحت توصيفين "خريان" و "صرماية" .

ولأنه ما من أحد "بغبر على بوط الجنرال" ، بدأ التحدي العوني ضد الأجهزة الإعلامية ومن خلفها مقزماً دور هذه السلطة "السخيف" حسب تعبيره  ، ومحوّلاً الدولة إلى "دولة عصابات" لا هيبة لها كونها لم تحمِ جبران باسيل .

ما قاله عون أختلف في الكثير من مضامينه ، وأتفق في نقطة واحدة الا وهي أن الدولة بلا هيبة ، هذه الدولة التي سمحت لبعض الزعامات استغلال الحصانة للتحقير و للقدح والذم واستخدام اللفظ النابي .

ميشال عون ظهر يوم أمس جاهلاً في مفهوم السلطة الرابعة والتي لها دوراً لا يقل عن السلطتين التنفيذية والتشريعية التي يتناحر هو وطبقته السياسية على ما بكراسيهما وحقائبهما من مكاسب ومنافع ، وعن السلطة القضائية التي طالها الكثير من التسييس بسبب الضغوطات التي يمارسها بع     أهل السياسة على محاكمها ، ولأن السلطة الإعلامية ما زال بها أبواق لا تقبل إسقاط الشفافية وإعتماد مبدأ التلميع كرمى للزعيم ، ولأن الضغوطات قد فشلت ومنها ما قام به بو صعب من فصل جو معلوف من عمله إثر كشفه لممتلكات باسيل ، تابع التيار هجمته عبر الجنرال الثائر لتصل لحد التعدي الشخصي على الإعلامي جو معلوف عبر كلمة "الخريان" وللإعلام بشكل عام عبر "ما حدا بيغبر على بوطنا"

ميشال عون والذي أسست بناته له جمعية لنشر فكره ، يتمظهر جهله الثقافي جلياً ، لنأخذ جدلاً أنه قبل نشر الفكر العوني يجب أن يولد هذا الفكر أولاً وأن تظهر مفاعيله ، فمن يدحض الحريات ويعامل الإعلاميين من علياء لا "بنات فكر" له ، ومن يجهل ما هي السلطة الرابعة عليه أن يراجع ثقافته ، لأتساءل هل قضى عون منفاه في فرنسا "الحضارة" أم في غوانتانامو .

فالصحافة وكما لقبت في بعض التصنيفات "صاحب الجلالة" ، يظهر دورها هي والإعلان كسلطة رابعة حسب التعاريف المطلقة والمعتمدة عربياً وعالمياً والتي تعتبر مضامينها أنّ لهذه السلطة دوراً مركزياً في الحياة السياسية ، إذ أنّ من مهامها مراقبة مدى قيام السلطات بواجبها ، ومدى احترام السلطات العامة للقانون وحقوق الإنسان .

كما أنّها أيضاً واستناداً لهذه التوصيفات وسيلة للمعارضة وفتح النقاش حول القضايا التي تهم الشأن العام ، ومن المفترض  على رجال السياسة أن يمنحوا اهتماماً كبيراً لوسائل الإعلام لا سيما في الدول الديموقراطية (كما لبنان مثلاً) ، وذلك عبرالتعامل بشفافية وبشكل إيجابي مع انتقادات الصحافة .

ومن هذه التعريفات الجلية لدور وسائل الإعلام في المراقبة والمحاسبة ، نجد أنّ ميشال عون يتعامل مع لبنان كدولة ديكتاتورية لا يقبل الزعماء بها المساءلة ، ولذلك لا يخجل في لجوئه لسياسة كم الأفواه التي يمارس على الإعلاميين كأفراد ومؤسسات مراراً وتكراراً ....