طرح خروج النادي الرياضي من الدور الأوّل لبطولة الأندية العربية علامات إستفهام كثيرة حول الأسباب لاسيما أنه جاء بعد أسبوعين فقط من تتويج الفريق الأصفر بلقب دورة حسام الدين الحريري. ولا يشكّل الخروج بحدّ ذاته كارثة إذ إنّ الفريق معرّض للمرور بمرحلة صعبة كتلك التي عاشها الرياضي في مشاركته الأخيرة. غير أنّ المشكلة تكمن في أهداف النادي الأصفر وطموحاته التي يعرف الجميع أنها تتخطّى بطولة لبنان، ولذلك يرصد إمكاناتٍ مادية وإدارية وتقنية عالية.

بداية، لا بدّ من الإعتراف بأنّ الظروف التي أحاطت بمشاركة الرياضي كانت صعبة بدءاً من إصابة علي محمود الى الضربة الكبرى بإصابة إسماعيل احمد. غياب «سُمعة» كان كفيلاً بزعزعة حسابات المدرب سلوبودان سوبوتيتش، أضف الى ذلك عامل الإرهاق الناتج عن خوض غالبية لاعبي الرياضي إستحقاقات مستمرة منذ آب الماضي.

لكن، وعلى رغم ذلك، لا بدّ من الإعتراف أيضاً أنّ إخفاق الرياضي في تقديم المستوى المطلوب خلال البطولة هو المشكلة التي يجدر أن تفرض سياسة فنّية جديدة داخل القلعة الصفراء وذلك بناءً على معطى لم يعد فرضية، وهو السؤال عن مرحلة «ما بعد إسماعيل احمد».

فسُمعة الذي بلغ 39 عاماً دخل في مرحلة حسّاسة من مسيرته، ولحسن حظّ الرياضي أنها تأخرت، بفعل قيمة اللاعب وندرته، ولا بدّ من أن يبدأ النادي تدريجاً بتخفيف تأثير النجم اللبناني - المصري الذي ظهر في ذروته خلال البطولة العربية حيث جاء أداء الفريق الأصفر دون المستوى وأقل من المتوقع حتى مع أخذنا في الإعتبار غياب سُمعة ومحمود.

صحيحٌ أنّ الظروف لم تكن سهلة للرياضي وقرعة البطولة ايضاً لم تخدمه، إنما هذا لا يعطي مبرِّراً للأداء الضعيف لا سيما في المباراة الثالثة والفاصلة أمام الريان القطري. فمن جهة، نجح الرياضي في إجراء تغيير صريح على تركيبته بإدخال نَفَس جديد تمثّل بالرباعي وائل عرقجي وأمير سعود وأحمد ابراهيم وعلي حيدر، غير أنّ هذه التركيبة تحتاج لسند معها.

سُمعة شكّل هذا السند طوال المدة السابقة، وليس خافياً أنه لو بقي فادي الخطيب مع الفريق من دون أن يوقّع في النصف الأوّل من الموسم في الدوري الصيني لشكّل هذا السند مع سمعة أو في غيابه.

لكنّ معطى غياب الخطيب عن النصف الأوّل من الموسم لم يكن جديداً، وهنا بدت خيارات الجهاز الفنّي غير صائبة على الصعيد الأجنبي، فرأينا بوضوح أنّ مواصفات شون كينغ ليست مطابِقة للمنظومة اللبنانية، علماً أنه قد يتناسب مع بطولات أخرى كالأوروبية، لأنه يجيد لعب دور محوَري أكثر منه نجومياً. كما أنّ آرون هاربر ليس الخيار الصحيح للرياضي رغم أنه من أبرز الهدّافين. إذ يحتاج الرياضي للاعب يشغل المركزَين 2 و1، وليس 2 و3.

كان ملاحَظاً أيضاً مدى غياب الكيمياء بين اللاعبين وغياب السلاسة في التمرير والمبالغة في المراوغة، مقابل ضعف هجومي وسيطرة النزعة الفردية على اللاعبين وجلّ ذلك ظهر لأنّ المايسترو إسماعيل احمد لم يكن موجوداً.

فإبراهيم وعرقجي وسعود وحيدر يُعَدّون قيمة فنّية كبيرة، وعرقجي نفسه أقدم على خطوات سريعة تستحق الإشادة والتنويه، ومن الطبيعي نظراً الى سنّه الصغير أن يمرّ بفترة من التذبذب، لكنّ الإنضباط التكتيكي لدى اللاعبين لم يكن موجوداً في البطولة العربية ويُفترض أن تبقى المنظومة «فاعلة» مع سُمعة أو من دونه.

أمرٌ جيد أنّ البطولة العربية جاءت قبل بطولة لبنان أسوة بما حصل العام الماضي عندما كانت المشكلة أقلّ كونه خرج من الدور نصف النهائي، فجاءت آنذاك ردّة الفعل بالتعاقد مع فادي الخطيب ثمّ إيليجا هولمان، ولن يكون مستبعَداً أن تكون ردّة الفعل المقبلة بعد الإخفاق العربي الجديد أن يوقّع الرياضي مع لاعب أو حتى لاعبَين أجنبيَين جديدَين على مستوى عالٍ مع قرب إنطلاق بطولة لبنان التي تَعِد بمنافسة ضارية،

علماً أنّ إدارة الرياضي أحسّت بالخطر الداهم حول جهوزية سُمعة وتعاقدت مع جيريمايا ماسي، بعدما كانت صرّحت في وقت سابق بأنها لن تضمّ لاعباً أجنبياً ثالثاً في المدى القريب. لكن لا بدّ من الرياضي صاحب الطموحات الكبيرة أن يفكّر أيضاً بمرحلة «ما بعد سُمعة» وتحويل الدور الحالي للاعب الغني عن التعريف الى دعائمي...