اعترض ملف أزمة النفايات جلسة الحوار الوطني اللبناني في جولتها التاسعة امس والتي كانت مخصصة في جزئها الأول لاستكمال البحث في مواصفات رئيس الجمهورية، وحل ملف النفايات بنداً طارئاً من خارج الجدول، فاحتل حيزاً كبيراً من النقاش انتهى الى توسيع مروحة الخيارات وأبرزها فكرة جديدة قديمة، بضرورة ترحيل النفايات في مرحلة موقتة الى المياه الإقليمية او خارجها او الى بلد آخر. وانتهت الجلسة الى موعد متجدد في 17 الجاري ما يشي بإخفاق هيئة الحوار في تذليل ما يعترض تنفيذ خطة النفايات وإيجاد حل للأزمة، وبالتالي ترحيل جلسة مجلس الوزراء لبتّ هذا الملف الى اجل غير مسمى لاستكمال المشاورات، اذ خرج المجتمعون بموقف ان «لا جلسة للحكومة طالما انه لا يوجد توافق على حل للنفايات».

وأشارت مصادر المشاركين في الجلسة التي رأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في ظل غياب رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون الذي حل مكانه النائب ابراهيم كنعان، واستمرار حزب «الكتائب» بتعليق مشاركته، الى ان «هناك عرضاً ويجب درس اسعاره للسير بعملية الترحيل». وهذا ما سيعكف عليه رئيس الحكومة تمام سلام الذي طالب بإعطائه مهلة لدرسه. الا اذا تصاعد الدخان الأبيض من اجتماع رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان مع فعاليات الشويفات مساء، في ظل بقاء عقدة مكب شاطئ الشويفات على حالها، وعلى ضوء الاجتماع «سنبلغ الليلة المعنيين قرارنا النهائي، سلباً ام ايجاباً»، وفق ما قال، مضيفاً: «لا أحد يتوقع مني فرض أي أمر في هذا الموضوع». واعتبر ان «موضوع الكوستا برافا لا يعود الى طاولة الحوار، وأفضل حل لأزمة النفايات هو الترحيل».

ومساءً اعلن ارسلان رفض فعاليات الشويفات اعتماد المطمر نتيجة فقدان الثقة بين المواطن والدولة مكرراَ اقتراحه باعتماد قرار الترحيل.

وكان البحث في مواصفات الرئيس تركز على الحيثية الشعبية والنأي بالنفس، ورفض فريق 8 آذار ان يكون هذا الأمر احد المواصفات، واعتبر ان هذه السياسة اعتمدتها الحكومة، وظروف محددة املتها المصالح الوطنية. اما رئيس «اللقاء الديموقراطي النيابي» وليد جنبلاط الذي رفض ايضاً فكرة النأي بالنفس، فقال: «الظروف تغيّرت والأمور تتسارع على مستوى المنطقة».

 

السنيورة

وكانت مداخلة لرئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة اكد خلالها تمسكه بموضوع النأي بالنفس. وقال: «رئيس الجمهورية يحتاج فقط الى اختصاصين ان يكون حامياً للدستور، وممثلاً للوحدة الوطنية». وشدّد على أنه «لا يمكن القبول بوضع قيود على الرئيس، والأمر المطلوب هو التزام الرئيس الدستور واتفاق الطائف». وقال: «نحن لا نقبل الانتقال الى اي بند قبل الانتهاء من موضوع الرئاسة».

وفيما لم يتم التوافق على الحيثية الشعبية طرح كنعان وجة نظر «التيار الوطني الحر» فأكد ان «مسألة العودة الى الشعب اساسية وهي الوحيدة التي تحل انتخابات رئاسية مع مساهمة شعبية، وهذا التصحيح المفروض ان يأخذ به ويتم تنفيذه». وأشار الى ان هناك ازمة تتعلق بالتمثيل الشعبي والشراكة الوطنية ويجب مقاربة الحيثية الشعبية من ضمن الفهم الأوسع للأزمة اللبنانية. ثم فتح النقاش على ماهية المدخل الى الحل، وتناول عدد من المشاركين مبدأ السلة والاستناد الى ما حصل في اتفاق الدوحة، فحسم بري الأمر قائلاً: «لنتفق على السلة المتكاملة، لكن من حيث التنفيذ نبدأ بالرئاسة».

اما في موضوع النفايات فأطلق الرئيس سلام صرخته مجدداً في هذا الملف، مؤكداً انه لن ينطلق بتنفيذ خطة النفايات ما لم يأخذ موافقة من جميع القوى السياسية.

وقال أرسلان: «أنا لا أستطيع أن أمشي لوحدي في إقامة مطمر في منطقة نهر الغدير من دون مساعدة وليد جنبلاط وننزل معاً الى الشويفات للقاء أهلها وإقناعهم بتسهيل إقامة هذا المطمر، ولا أريد التفريط بصدقيتي بين أهلي، وهل مطلوب مني أن أمشي لوحدي في المشروع وأقمع الناس وأرغمهم على الموافقة؟».

ورد جنبلاط: «الوزير شهيب حاضر للنزول معك، ولن يتوانى عن الاجتمع مع أبناء الشويفات»، لكن أرسلان أصر على أن ينزل معه جنبلاط الذي عاد وأكد أن شهيب سيكون الى جانبه «وإلا اصرفوه من هذه المهمة واعفوه من رئاسة اللجنة مع أنه يقوم بجهد كبير لتأمين المطامر والمسؤولية في تأخير إيجادها لا تقع على عاتقه إنما على عاتق الآخرين».

وطرح فرنجية ترحيل النفايات الى الخارج واعتبره الحل الوحيد ريثما تتأمن المطامر. ورد سلام بأن ترحيلها يحتاج الى إجراء مناقصات وقد نكون في حاجة الى ستة أشهر لإتمامها شرط أن نضع كل ما يتعلق بها على الطاولة في إشارة الى قطع الطريق على ما يشاع من وجود صفقات من وراء ترحيلها بحراً.

 

سلام

وأكد سلام أن لا دعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء ما لم تتبلور الحلول النهائية لإيجاد المطامر. وقال: «انعقاد الجلسة مشروط بالإتفاق على الخطة التي وضعها شهيب لمعالجة النفايات بأن يقف الى جانبي في إقرارها جميع الأطراف بلا استثناء، أما أن يطلب مني عقد الجلسة من دون وجود ضمانات داعمة للخطة فلن أقدم على هذه الخطوة وليتحمل الجميع مسؤولياتهم».

وقال فرعون إن «سكان بيروت لاذوا بالصمت وسكتوا على تجميع النفايات في الكرنتينا على أمل أن نتوصل الى إيجاد حلول لمعالجة النفايات من خلال تأمين المطامر. أما الآن فلم يعد في وسعهم أن يتحملوا بقاء المكب في هذه المنطقة وكانوا أبدوا كل إيجابية وتفهماً ولم ينخرطوا في حملة المزايدات والسجال، لكن لن يسكتوا بعد اليوم ولا أجد من حل إلا بترحيل النفايات وكنا نصحنا منذ أكثر من ثلاثة أشهر بشراء ماكينات لعصر النفايات وفرزها لأننا بذلك نخفف من وزن النفايات التي يجب ترحيلها وبكلفة أقل، لكن لم يسمعنا أحد».وبعد انتهاء الجلسة اكد وزير الاتصالات بطرس حرب ان «موضوع النفايات ترك على اساس ان تتم اتصالات بهذا الصدد، فلننتظر 24 ساعة بعد، حتى نعرف ما إذا كانت هناك جلسة لمجلس الوزراء».

اما وزير السياحة ميشال فرعون فأشار الى ان «في ظل اخطر تحرك ديبلوماسي امني عسكري في سورية، تعيش مؤسسات لبنان ازماته من البرلمان الى الحكومة فالرئاسة وصولاً الى النفايات التي في حال «كوما» اصطناعية مسؤول عنها بعض السياسيين».

وإذ دعا فرعون الى «السير بعرض ترحيل النفايات الى الخارج، لأنه لا يمكن ان ننتظر رأي مختار الشويفات او سواه»، قال: «منطقة الكرنتينا لا يمكنها تحمل النفايات، ويجب ترحيلها». وسرعان ما رد عليه ارسلان قائلاً: «طالما هلقد زاعجو قرار مختار الشويفات فليأخذ النفايات لعنده».

ولفت أمين عام حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان، إلى أن خيار الكوستابرافا سقط وأصبح خارج الجدول. وأن لا عودة الى مطمر برج حمود - الكرنتينا.

اما جنبلاط الذي كان اول المغادرين، فاكتفى بوصف الجلسة بـ «الممتازة». لكن الرئيس نجيب ميقاتي، لخص ما حصل بالقول: «الإنجاز الوحيد الذي من الممكن القول إنه تحقق هو أننا لا نزال نلتقي على طاولة الحوار».