انتهى الاجتماع الدولي - الإقليمي في فيينا أمس باتفاق ممثلي ووزراء خارجية 17 دولة ومنظمة على مبادئ للحل السوري بينها العمل على وقف لإطلاق النار وهدنة شاملة وبقاء مؤسسات الدولة السورية وتشكيل حكومة تمثيلية، مع بقاء الخلاف حول مصير الرئيس بشار الأسد ودوره في المرحلة الانتقالية. لكن الأطراف المشاركة اتفقت على عقد لقاء آخر خلال أسبوعين في العاصمة النمسوية، في وقت قتل وجرح عشرات المدنيين بغارات سورية وروسية على شرق دمشق ومدينة حلب، بالتزامن مع قرار إدارة الرئيس باراك أوباما إرسال حوالى 50 خبيراً عسكرياً لدعم مقاتلين عرب وأكراد في القتال ضد «داعش» في شمال شرقي سورية.

وشكل صدور بيان مشترك عن اجتماع فيينا الموسع، تطوراً ايجابياً، ودعا الى تشكيل «هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». وحض «بيان فيينا» على هدنة في كل أنحاء سورية. وأضاف أن «خلافات كبيرة لا تزال قائمة» رغم اتفاقهم على ضرورة «تسريع كل الجهود الديبلوماسية لإنهاء الحرب»، داعين الأمم المتحدة ان تجمع معاً ممثلي الحكومة السورية والمعارضة لتدشين عملية سياسية تؤدي إلى «تشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية ولا تقصي أحداً يعقبها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات».

وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على بعض المبادئ المتفق عليها بينها ان مؤسسات الدولة السورية يجب ان تبقى قائمة مع الحفاظ على وحدة سورية، إضافة الى دعوة الأمم المتحدة لجمع الحكومة والمعارضة السورية من أجل عملية سياسية تقود إلى تشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية ولا تقصي أحداً والسعى الى وقف إطلاق النار في كل أنحاء سورية.

وأكد كيري استمرار الخلافات بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وإيران من جهة ثانية حول مستقبل الأسد، على رغم أن كل الأطراف المشاركة في لقاء فيينا اتفقوا على العمل من أجل حل سياسي للنزاع. وقال كيري ان الدول الثلاث، الأطراف الرئيسية في الجهود الديبلوماسية لحل النزاع، «اتفقت على ألا تتفق» حول مصير الأسد.

من جهته، قال لافروف إن المحادثات فشلت في التوصل لاتفاق على مصير الأسد. وأضاف إنه يرى أن «الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد»، لافتاً الى ان مناقشة وقف إطلاق النار في سورية مستمرة لكن «قتال الجماعات الإرهابية سيستمر».

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال في مقابلة مع «هيئة الإذاعة البريطانية»، ان الرياض تتمسك برأيها بأن الأسد يجب ان يتنحى عن منصبه بسرعة. وأضاف: «سيغادر إما من خلال عملية سياسية او سيتم خلعه بالقوة».

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: «تطرقنا الى كل المواضيع حتى الأكثر صعوبة منها. هناك نقاط خلاف لكننا تقدمنا في شكل كافٍ يتيح لنا الاجتماع مجدداً بالصيغة نفسها خلال أسبوعين». وأضاف: «هناك نقاط لا نزال مختلفين حيالها، وأبرز نقطة خلاف هي الدور المستقبلي للأسد». وقال الوزير الفرنسي ايضاً «الا اننا اتفقنا على عدد معين من النقاط، خصوصاً حول الآلية الانتقالية وإجراء انتخابات وطريقة تنظيم كل ذلك ودور الأمم المتحدة».

من جهتها، قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية الايطالية فيديريكا موغيريني ان «مشاكل كبيرة لا تزال قائمة إلا إننا توصلنا الى نقاط اتفاق. هذا الاجتماع لم يكن سهلاً الا انه كان تاريخياً». وأضافت ان الاتصالات الدولية اللاحقة حول سورية ستجري «تحت إشراف الأمم المتحدة».

في الوقت نفسه، أعلنت الإدارة الأميركية نيتها نشر قوات خاصة في سورية ومقاتلات في تركيا لدعم حملة التحالف الدولي ضد «داعش» في العراق وسورية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست «استراتيجيتنا في سورية لم تتغير» مشيراً الى أن العسكريين الذين سيرسلون الى هذا البلد «أقل من خمسين عنصراً»، لن يقوموا «بمهمة قتالية». وأكد مسؤول آخر ان الجيش الأميركي سينشر طائرات هجومية من نوع «ايه - 10» ومقاتلات اف - 15 في قاعدة جوية تركية في اطار الحملة ضد «داعش».

وفيما اعتقلت السلطات التركية سوريَين يشتبه بتورطهما بمخططات إرهابية في تركيا، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن قوات الأمن ألقت القبض على اشخاص يشتبه بأنهم انتحاريون كانوا يحاولون الفرار إلى سورية ومعهم سبعة كيلوغرامات من المتفجرات. وتحدثت مصادر ان بين المعتقلين شخصاً رئيسياً في المعارضة السورية في تركيا.

ميدانياً، شهد يوم أمس تصعيداً في العمليات العسكرية التي قتل فيها تسعون شخصاً بينهم 17 طفلاً في الغوطة الشرقية لدمشق، بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان» الذي أشار أيضاً الى مقتل 32 شخصاً بينهم 12 طفلاً جراء غارات جوية شنتها طائرات حربية لم يعرف ما اذا كانت روسية ام تابعة لقوات النظام على احياء عدة تحت سيطرة الفصائل في مدينة حلب شمال البلاد.

وأعلن الجيش الروسي أمس انه دمر 1623 «هدفاً ارهابياً» في سورية في شهر، بينها 51 معسكر تدريب و131 مخزن أسلحة.