سبعة أجساد دُفنت أمس في الأوزاعي. المنطقة التي غادرها آل صفوان حالمين بمكان أفضل عادوا اليها في توابيت. وحدهم، موسى وماهر وإياد صفوان، نجوا من البحر، فعادوا ليرووا فاجعة موت عائلاتهم أمامهم. تشييع العائلات الثلاث بالأمس كان تذكيراً بالمأساة التي يعيشها الناس في هذا البلد الذي يدفع ابناءه الى المخاطرة بحياتهم من أجل حياة كريمة

 

عند الحادية عشرة ليلاً إنطلق القارب المطاطي من شاطئ إزمير حاملاً آل صفوان إلى "بلاد الأحلام". سئم الوالد، مايز صفوان، الحياة في هذا البلد. لم يعد فيها شيء يستحق أن يبقى لأجله، أمّا المانيا ففيها حياة جديدة، فيها المستقبل المشرق لأطفال أراد لهم حياة مختلفة عما عاشه.

 

البحر الذي صادقه مايز لسنوات في الأوزاعي، لم يرأف به. تسللت مياهه الى القارب الصغير رويداً رويداً بعد ساعتين على انطلاقته. كانوا بعيدين عن الشاطئ، حاولوا أن يفرغوا المياه التي ملأت أرضية القارب، لكنها أصبحت تتدفق من كل الجهات. لبسوا سترات النجاة وانتظروا. غير الصلاة، لا يعلم احد ماذا جال في خاطر ضحايا حالمين.

 

عند الثانية والنصف ليلاً نزل القارب في المياه الباردة وسقطت معه مايا التي أفلتت من يد أبيها بينما بقيت لين بين أحضانه الى ان ماتا معا. كان يمكن لمايز أن يسبح، لكنه رفض أن يتخلى عن عائلته. لم يكن مستعداً لتحمّل هكذا فاجعة فآثر الموت غرقاً حاضناً إبنته التي أرادها أن تكبر في ألمانيا.

 

موسى، الإبن العائد من الموت، التقط زوجته الحامل وحاول أن ينقذها من الغرق لكنها ماتت من البرد. تجمّدت حورية الخطيب صفوان في بحر إيجه فأفلتها موسى ومضى علّه ينجح في إنقاذ نفسه "ليبقى من يخبر مأساة هذه العائلة".

 

يقول موسى إنه سبح لساعات طويلة جداً "كنت أرى سفناً كبيرة فأسبح في اتجاهها. كلّما اقتربت اليها كانت تبتعد. بعد مدة وجدت نفسي على بعد 20 مترا من الشاطئ لكن التعب كان قاتلاً والمياه تسحبني الى الاسفل". كاد موسى ان يغرق قريباً من الشاطئ لولا مرور رجلٍ وعائلته في زورق فانتشله من المياه. بدأت أسماء الموتى تتوالى تباعاً إلى موسى: مايز، مريم، ميلاني، مايا، لين، حورية ومصطفى. إنتظر أن يسمع أسماء وائل ومالك وماهر وإياد (الذي يعيش في تركيا) ليكتشف لاحقاً أن إياد وماهر نجوا، أمّا وائل ومالك ففي عداد المفقودين.