أعلنت الشرطة الألمانية أمس (الثلثاء) ان شخصاً من مناصري «حركة الوطنيين الأوروبيين ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا) الألمانية، أصيب بجروح بالغة، في مواجهات شهدتها مدينة دريسدن أول من أمس (الاثنين) بين الآلاف من مناهضي وأنصار الحركة المعادية للإسلام.

وقالت الشرطة عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن الجريح، وهو من مؤيدي حركة «بيغيدا»، تعرض للضرب المبرح من قبل شخص أو أشخاص عدة مجهولي الهوية، في اثنا توجهه للمشاركة في إحياء ذكرى مرورعام على تأسيس حركة «بيغيدا».

وأفادت وسائل إعلام محلية ومختصة في الإحصاء في المدينة، ان حوالى 20 ألف شخص تجمعوا في الساحة الكبرى لمدينة دريسدن، للتنديد بسياسة فتح الأبواب إمام المهاجرين التي تنتهجها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل.

ونشرت الشرطة حوالى ألف رجل لمنع وقوع إشكالات وبقيت في حال تأهب، فيما تفرق المتجمعون.

وبحشدها 20 ألف شخص، ضاعفت «بيغيدا» عدد المشاركين في تظاهراتها التي دعت إليها يومياً خلال الأسبوعين الماضيين، ولكنه أقل من الرقم القياسي المسجل في 12 كانون الثاني (يناير) الماضي، اذ شارك حوالى 25 ألف شخص.

وبعد تراجع نشاطها لبعض الوقت استعادت «بيغيدا» زخمها مع أزمة اللاجئين التي تغذي خطابها المتطرف أكثر فأكثر. ودعا زعيم الحركة لوتس باكمان أنصاره إلى تظاهرة الاثنين الماضي في درسدن، فيما حذرت المستشارة أنغيلا ميركل في مقابلة السبت الماضي مع صحيفة «فرانكفورتر الغمايني تسايتونغ» من أنه «على المواطنين ألا ينجروا وراء أولئك الذين ينزلون إلى الشارع وهم ممتلئون كراهية وعدائية تجاه الآخرين».

وأوضحت الباحثة في «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية» نيللي فيسمان أن حركة «بيغيدا» التي أطلقها باكمان (42 عاماً) في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2014، «لم يعد لها أي صلة» اليوم مع ما كانت عليه في تلك الآونة.

وذكرت فيسمان أن الحركة كانت في البداية «مناهضة بالاحرى للنظام القائم»، وتضم نواة يمينية متطرفة والكثير من الناخبين الذين خيبت آمالهم الأحزاب التقليدية. وأضافت، «لكن، منذ هذا الخريف، اشتد خطابها لتصبح حركة يمينية متطرفة تركز على اللاجئين».

وكان متظاهرو الحركة يهزأون من الإسلام والأجانب ومن اللاجئين، مستعيدين شعار «نحن الشعب» الذي كان يرفعه المعارضون لنظام ألمانيا الديموقراطية السابقة قبل سقوط جدار برلين. لكن الحركة تأثرت بخلافاتها الداخلية وتصرفات زعيمها السيئة، فتراجع اندفاعها لتشهد تظاهرات متفرقة وسط لامبالاة شبه عامة، فيما لم تنجح محاولات توسيعها لتشمل النمسا والسويد أو الدنمارك.

من جهتها، توجهت مركل في خطابها إلى الأمة لمناسبة عيد رأس السنة في الرابع من كانون الثاني (يناير) الماضي، بكلمات صريحة إلى مواطنيها، محذرة إياهم من الوقوع في شرك بعض الأوساط المعادية للاجئين وللإسلام في البلاد، ما لقي استحساناً لدى أحزاب المعارضة وحركات المجتمع المدني والكنيسة.

وجاء التحذير في ظل تنامي تأثير حركة «بيغيدا» المعادية للأجانب وللإسلام، خصوصاً الذين وصلوا الى ألمانيا من دول «الربيع العربي» أو الشرق الأوسط. وتضم الحركة عناصر نازية وعنصرية وقومية متطرفة، إضافة إلى مواطنين عاديين قلقين على مستقبلهم.

وفازت حركة «بيغيدا» في الثامن من حزيران (يونيو) الماضي بحوالى 10 في المئة من الأصوات في الانتخابات البلدية في معقلها بمدينة دريسدن (شرق)، ما شكل نتيجة مفاجئة بعد تراجع عدد المشاركين في تظاهراتها الأسبوعية. وفي أول مشاركة للحركة في الانتخابات، حلت مرشحتها تاتيانا فيسترلينغ رابعة مع 9.6 في المئة من الأصوات بعد استقالة رئيسة البلدية لأسباب صحية.

وكانت فيسترلينغ دعت في خطاباتها الانتخابية إلى «نهضة» للثقافة الألمانية، ونددت بطالبي اللجوء الذين «يتركون أسرهم ومواطنهم لأن هناك مكاناً جميلاً للإقامة فيه ويمكن الحصول فيه على مساعدة من الدولة».