في سابقةٍ تُعتبر فريدة من نوعها بلبنان، أوقفت الأجهزة الأمنية، بناء على إشارة القضاء المختص، المذيع جورج كرم، صاحب إذاعة "مزّيكا أف أم"، على خلفية إتهامه بـ"نشر الرذيلة والتحريض على الفجور والدعارة"، على أن يقدم للمحاكمة الأربعاء. 

فالمذيع الذي أوقف بتاريخ 14 تشرين الأول الحالي، كان قد حوّل الاذاعة الى "بورنو مسموع"، وهي أولى الحالات التي تُرصد في لبنان، في تاريخ البث الاذاعي، كونه "إستباح فضاء إذاعته لبث هرطقات إباحية علنية إلى المستمعين لفترة زمنية إمتدت خمسة شهور متتالية".

عملية توقيف جورج، والتحقيق معه أربعة أيام متواصلة من قبل مكتب حماية الآداب في مخفر حبيش، أتت بعد دعوى قضائية تقدّم بها الصحافي سليمان أصفهاني أمام المدّعي العام الإستئنافي في بيروت القاضي سامر يونس. وعليه، تحركت قوى الأمن الداخلي، فأوقفت جورج "بالجرم المشهود" داخل شقة صغيرة في منطقة "عائشة بكّار" وكان يبث برنامجه من داخلها. ولجأ الى هذه الشقة قبل شهرين، بعد هروبه من مقر إقامته الأصلي في منطقة الأشرفية (حيث كان قد حوّل شقته إلى إستديو إذاعي)، وذلك بعد صدور مذكرة توقيف وجاهية بحقه في وقت سابق.

شكوى أصفهاني التي تحرّك القضاء بموجبها، حملت تهمة قدح وذم وتهديد شخصي من قبل كرم. بيد أن الأخير كان الصحافي الوحيد الذي رصد كرم، وكتب مقالاً في صحيفة "اللواء" عنه، منتقداً "المجون وقلة الحياء الزائدة التي تدور على موجات "مزيكا اف ام" بحسب أصفهاني.

البرنامج لا يتجاوز عمره الخمسة شهور، ولا يحمل هوية إسمية واضحة، ولا حتى هوية في مضمونه. ضمن ساعة من الوقت، وعلى مدار خمسة أيام في الأسبوع، كان "رالي الجنس" ينطلق عند الخامسة عصراً. فتبدأ الإتصالات تنهال وتدور الحوارات الإباحية بين المستمعين من بيروت وضواحيها، كون مجال البث الإذاعي مقتصراً على هذه المناطق. 

ويقتصر البث على منطقة بيروت وضواحيها، كون الرخصة التي إستحوذ عليها كرم لا تخوّله إستئجار إلا ساعات محدودة في الشهر من ترددات البث، مقابل بدل مادي يتراوح بين 1500 و2000 دولار، من إذاعة "صوت الشعب". وكشف مدير البرامج في "صوت الشعب" رضوان حمزة، ان الاذاعة رفعت دعوى ضد كرم منذ شهور بدعوى أنه "يستغلّ الموجة المؤجرة منهم منذ ثلاث سنوات، ليشغلها في أعمال مشبوهة ومنافية للحشمة وتثير الريبة ولا تنسجم بتاتاً مع الهدف السامي للرسالة الإعلامية الجدّية".

المضمون الاباحي، والالفاظ المنافية للحشمة، دفعت رئيس الشرطة القضائية العميد ناجي المصري، لمتابعة ما يدور عبر الإذاعة ووضعها تحت المراقبة لفترة محددة، قبل أن يتلقى إشارة من القضاء المختص لملاحقة كرم وتوقيفه متلبساً خلال إذاعة برنامجه في إحدى شقق منطقة "عائشة بكار"، وتم إقتياده إلى مخفر"حبيش" وإبقائه أربعة أيام قيد التحقيق. وأثناء التحقيق معه حاول إنكار ما نُسب إليه من تهم، إلا ان المحقق واجهه بالأدلّة والبراهين التي تدينه بشكل علني، فعاد وإعترف، كما أقرّ بأسماء وأرقام عدد من المتصلين والذي قيل، بحسب مصادر، أنه تم إستدعاؤهم للإستماع إلى إفاداتهم.

بعد التحقيقات المكثّفة، تم إخلاء سبيل جورج كرم، على أن يمثل أمام القاضي فؤاد طراد يوم الأربعاء، في قصر العدل في بيروت. وبناءً على توجيهات القاضي والإستماع إلى إفادات كرم ودراسة ملفه والمستندات التي تثبت تورطه بالفعل الفاضح، سيتم إما إخلاء سبيله وتغريمه مبلغاً من المال وإرغامه على كتابة تعهد بعدم معاودة نشاطه الجنسي الإذاعي، أو أنه قد يُسجن لفترة تترواح ما بين 3 أشهر و18 شهراً بتهمة نشر الرذيلة. لكن مصير سحب رخصة البث منه ما زال مجهولاً حالياً في كلتا الحالتين.

وبناء على معلومات من مصادر قريبة من جورج، أفادت أنه يعاني شبه أزمة نفسية بعد ثبوت تورطه في عملية تشبه "إدارة دعارة اذاعية".

القضية هي الأولى من نوعها في لبنان، من حيث الشكل وطريقة التشابك والمضمون، فلم يسبق أن قام القضاء بملاحقة وسيلة إعلامية بتهمة تسهيل الدعارة، وهي خطوة تُحسب لشرطة الآداب.

 

 

ربيع دمج | المدن