التوتر عاد بين حزب الله والمستقبل , والحكومة في خبر كان

 

السفير :

لا يُحسد سعد الحريري على وضعه، لا سياسياً ولا شعبياً، ولكن الأخطر في بيته الداخلي المترامي الأطراف والمتعدد الرؤوس ومراكز النفوذ.. والحسابات.
ولا يُحسد الحريري على علاقته المقلقة والملتبسة بالقيادة السعودية الجديدة، ومن خلالها على أوضاعه المادية التي جعلت مؤسساته وجمهوره في حالة انكشاف يصعب تغطيتها بمساحيق الوعود ومعسول الكلام.
يأتي طرح هذه الإشكالية الحريرية، غداة الخطاب السياسي الناري الذي أطلقه وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم الجمعة الماضي عبر تلويحه بالخروج من الحكومة والحوار مع «حزب الله»، وما استوجبه من رد عنيف من السيد حسن نصرالله بدعوة قيادة الحزب الى «إعادة النظر» بالموقف من الحوار مع «المستقبل»، خصوصا أنه سبق للحزب أن ناقش هذا الخيار داخلياً أكثر من مرة في ضوء التجربة التي ستطوي سنتها الأولى في نهاية كانون الأول المقبل، لولا أن الرئيس نبيه بري كان يتدخل ويتمنى على قيادة الحزب الاستمرار في الحوار.. الذي لن يتوقف هذه المرة على الأرجح، حسب أوساط واسعة الاطلاع على موقف بري والحريري و «حزب الله» معاً.
هنا ينبري السؤال الذي طرح فور انتهاء خطاب المشنوق: هل كان الحريري في جو موقفه، وهل هو موافق عليه، وهل يندرج في إطار مقاربة جديدة لـ «المستقبل» للوضع الداخلي والعلاقات الداخلية، أم أنه تعبير جديد عن واقع التفكك والتشتت في «التيار الأزرق»؟
الأمثلة أكثر من أن تُحصى وتُعد عن إرباك «المستقبل»، ليس في الأمس القريب أو البعيد، بل في يومنا هذا. من قضية الترقيات العسكرية والتفاهمات التي أُبرمت وتم توقيعها وتم إجهاضها من بعض «صقور المستقبل» في المرة الأولى، ومن الرئيس ميشال سليمان في المرة الثانية، وهذا الأمر يدل في الحالتين، على عدم «مونة» الحريري على بعض رموز تياره، وعلى افتقاده التأثير والحضور السياسي الذي يجعل رئيساً سابقاً للجمهورية يعارض أمراً أبرمه مدير مكتبه، أي نادر الحريري!
ولعل نموذج ملف النفايات المفتوح على مصراعيه يدلل أكثر من غيره على واقع الإرباك والتناقضات، بحيث صار رئيس بلدية، سواء في إقليم الخروب أو صيدا أو البقاع الأوسط أو عكار، قادراً على ليّ ذراع ليس أحمد الحريري بل سعد الحريري نفسه الذي اضطر للتدخل أكثر من مرة مع هذا وذاك لتبديد اعتراضاتهم من دون أن يصل هذا الملف الى بر الأمان.
يطرح هذا الأمر إشكالية أكبر، فعندما يبلغ التفلت هذا المستوى والوضوح الى حد الفجور، يصبح السؤال متصلاً بمرجعية الساحة الإسلامية السنية في لبنان ومن المسؤول عن هذا التفلت وهذه «الدكاكين» التي تفتح هنا وهناك ومن يستطيع أن يتسلل من خرم هذا الواقع المأزوم من أجل قضم حصص وكوادر.. وجمهور، وألا يطرح ذلك إشكالية البديل السني المتطرف وضمور قوى الاعتدال السني في لبنان ربطاً بالضمور العام في المنطقة كلها، وخصوصا في سوريا والعراق واليمن وكل دول الخليج؟
لقد فجّر اغتيال رفيق الحريري في شباط 2005، كل الغضب السنّي المتراكم، فغادر هذا الجمهور تحفظاته وجاهر بكل هواجسه وكراهياته المكتسبة والموروثة، وفتح دفاتر الحسابات المؤجلة، خصوصاً مع سوريا وحلفائها اللبنانيين وتحديداً «حزب الله».

النهار :

يعود اليوم الى بيروت راعي الحوار الرئيس نبيه بري الذي تشاور هاتفيا مع الرئيس سعد الحريري لنزع فتيل الانفجار بعد التصعيد الكلامي الذي بدأه الجمعة الوزير نهاد المشنوق ورد عليه امس الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الأمر الذي رأى فيه متابعون تهديدا للحكومة وللحوار الوطني والثنائي على السواء. هذا الامر استدعى حركة اتصالات واسعة دخل على خطها، الى بري، الرئيس تمام سلام. وينتظر تصويب البوصلة في مسألتي الحكومة والحوار في البيان الاسبوعي لكتلة "المستقبل" غدا الثلثاء، بما يعيد قواعد الاشتباك الى التموضع الذي كان قائما قبل أيام. وأكدت مصادر وزارية لـ"النهار" أن الحوار النيابي سيعاود في 26 تشرين الأول الجاري بعد انعقاد مجلس الوزراء إذا لم يطرأ طارئ، وبعد اجتماع الهيئة العامة لمجلس النواب غدا لانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان.
وانطلاقا من هذا الواقع المتشنج، يتريث الرئيس سلام في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء الى حين اكتمال كل عناصر ملف النفايات في مرحلة أولى، من أجل ان تكون الجلسة منتجة ومثمرة، وتنجح في إحاطته بكل ما يتطلبه من إجراءات وتحمل مسؤوليات ليسلك مساره نحو التنفيذ.
وهو إذ يأمل في أن يتوصل الى إنجاز ذلك هذا الأسبوع ليوجه الدعوة الى الوزراء، يتساءل: "هل المسموح المماطلة بعد في موضوع حساس ودقيق الى هذا الحد ولا يستدعي إجراءات تعجيزية، فيما الخلافات على أشدها وتعوق تحقيق أي تقدم؟". ويضيف: "إذا فقدت الدولة هيبتها في التوافق على إجراءات في ملف كهذا، فكيف ستنفذه".
أما اذا لم يسلك ملف النفايات طريقه في مجلس الوزراء الى التنفيذ، فإن سلام سيرمي قفازيه في وجوه المعطلين ويعتذر من اللبنانيين تحت وطأة الوضع القائم.
ويستغرب سلام كيف ان الكل متمسك بالحكومة وبعدم انهيارها ولكن شرط ألا يكون ذلك من حسابه. ويسأل: "كيف يريدون الحكومة ولا يساعدون على تذليل العقبات التي تعترض سبيل تفعيلها"؟.
من جهة أخرى، أبلغت مصادر وزارية "النهار" أنه كان من المفترض توجيه الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في عطلة نهاية الاسبوع لكن التصعيد المفاجئ بين "المستقبل" و"حزب الله" أرجأ الأمر الى غد الثلثاء لترطيب الاجواء. وأوضحت أن اتصالات نهار امس أعادت الامور الى ما كانت عليه قبل ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن. وأشارت الى ان التصعيد جاء على خلفية الصراع المتنامي بين السعودية وايران، لكن التصعيد في لبنان لا يستهدف الحوار النيابي بل الحوار الثنائي في عين التينة.
ولفتت الى ان موضوع المطمر في البقاع الشمالي قد سوّي وتحدد مكانه، وسيلتقي الوزير أكرم شهيب اليوم سلام لاطلاعه على أجواء الاتصالات.

مبادرة مصرية
في غضون ذلك، أفادت المصادر الوزارية "النهار" أنه من المنتظر في الساعات الـ 48 المقبلة أن تطرح مصر مبادرة في اتجاه لبنان مهّد لها السفير محمد بدر الدين زايد، والذي أجرى اتصالات مع كل الاطراف خلال الايام الثلاثة الاخيرة.

 

المستقبل :

استشهد فلسطيني برصاص شرطة الاحتلال الإسرائيلي في المحطة المركزية للحافلات في بئر السبع أمس، بعدما استطاع الشاب المسلح بسكين ومسدس اختطاف السلاح من أحد الجنود الإسرائيليين ثم أطلق النار قاتلاً جندياً وموقعاً عشرة جرحى بعضهم جراحه خطرة. ورأى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للقدس هو الحل، معرباً عن رفضه التام لأي رقابة دولية من أي نوع على الأماكن المقدسة في المدينة المحتلة وبضمنها المسجد الأقصى، حسب مشروع قرار فرنسي تنوي باريس تقديمه الى مجلس الأمن الدولي في إطار مساعيها لنزع فتيل الأزمة الراهنة في الأراضي المحتلة.
فقد ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن جندياً إسرائيلياً قُتل وأصيب 11 شخصاً بجراح، بينهم اثنان بإصابات بالغة الخطورة، بعملية إطلاق نار في المحطة المركزية بمدينة بئر السبع جنوب البلاد واستشهاد منفذ العملية. وأضافت المصادر أن منفذ العملية فلسطيني لم تُعرف هويته حتى اللحظة، وقامت قوات الأمن الإسرائيلية بإطلاق النار عليه ممّا أدّى إلى استشهاده وإصابة آخر بجراح خطيرة بعد أن اعتقدت أنه شريك في تنفيذ العملية، وتبيّن لاحقاً أنه عامل في المحطة إفريقي الأصل.
وقال قائد الشرطة في الجنوب، يورام هلفي، إن منفذ العملية وصل إلى المحطة المركزية يحمل مسدساً وسكيناً. وأضاف أن القتيل في العملية جندي في الجيش الإسرائيلي.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن منفذ العملية قام بخطف سلاح أحد الجنود في المكان، ومن ثم قام بإطلاق النار على الموجودين هناك ممّا أدّى إلى إصابة 9 أشخاص بجروح متفاوتة.
وأضافت الشرطة، وبحسب التحقيق الأولي، أن المنفذ استطاع خطف سلاح أحد الجنود في المحطة المركزية، وباشر بعدها بإطلاق النار على من في المكان. واعترفت بأن 4 من المصابين في العملية في بئر السبع من أفراد الشرطة. وقال مدير نجمة داوود الحمراء في الجنوب، إن «المصابين في العملية أصيبوا بعيارات نارية بكافة أنحاء الجسد، وتراوح جراحهم بين خطيرة ومتوسّطة«. وقال نائبه إن اثنين من المصابين أصيبوا في الجزء العلوي من الجسد وفقدوا الوعي وتم الإعلان عن وفاة أحدهم.
وفي سياق آخر، أجمعت الأحزاب الإسرائيلية حكومة ومعارضة على رفض وجود أي رقابة دولية من أي نوع على الأماكن المقدس في القدس المحتلة وبضمنها المسجد الأقصى بحسب مشروع قرار فرنسي تنوي باريس تقديمه الى مجلس الأمن الدولي في إطار مساعيها لنزع فتيل الأزمة الراهنة ووضع حد للمواجهات التي اندلعت على خلفية انتهاكات المستوطنين اليهود برعاية وحماية الجيش والشرطة الإسرائيلية، في إطار تنفيذهم خطة من ثلاث مراحل أعلنت عنها منظمات يهودية متطرفة مثل «أمناء جبل الهيكل» و»طلاب من أجل الهيكل» تهدف للاستيلاء على الحرم القدسي أولاً: تقسيمه زمانياً، والثانية تقسيمه مكانياً، والثالثة بناء الهيكل الثالث مكان مسجد قبة الصخرة، الأمر الذي يهدد بإشعال حرب دينية ستتخطى حدود ساحة الصراع الراهنة الى المنطقة بأسرها.
وقال نتنياهو إنه يرفض مشروع القرار الفرنسي المطروح على مجلس الأمن الدولي لإيفاد مراقبين دوليين إلى الأماكن المقدسة في القدس.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه قوله خلال اجتماع حكومته الأسبوعي يوم أمس: «إسرائيل ليست هي المشكلة في الأماكن المقدسة، إنها هي الحل«. وأضاف: «رأينا ما الذي يحدث في الأماكن المقدسة في الشرق الأوسط حيث يقوم المتطرفون المسلمون بتدمير مساجد بعضهم البعض، فضلاً عن المواقع المسيحية واليهودية والتراثية«.
وتابع نتنياهو: «إسرائيل ليست هي المشكلة في الأماكن المقدسة، وإنما هي الحل.. فنحن نحافظ على الوضع القائم. نحن فقط من يفعل ذلك، وسنظل نفعل ذلك بطريقة مسؤولة وجادة.. ليس هناك أي تغيير في الوضع القائم باستثناء محاولة بعض الأشخاص وكذلك عناصر متطرفة زرع متفجرات في المساجد ومهاجمة اليهود انطلاقاً من المساجد«.
يُشار الى أن اجتماعاً ثلاثياً جمع العام الماضي نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي يتولى الرعاية الهاشمية على مقدسات القدس الإسلامية والمسيحية إثر اندلاع مواجهات بسبب الانتهاكات اليهودية للحرم القدسي تعهد خلاله نتنياهو بعدم المساس بما أسماه «الوضع القائم» في المسجد الأقصى، غير أنه لم يفِ بوعوده، بل إن تواطؤه مع المتطرفين اليهود لاحقاً في مواصلة انتهاك المسجد يُظهر أن «الوضع القائم» يعني استمرار هذه الانتهاكات.
ونقلت الإذاعة عن مصادر سياسية إسرائيلية، لم تسمها، قولها: «إن مشروع القرار الفرنسي، ليس إلا جائزة للإرهاب الفلسطيني، لذلك تعمل إسرائيل مع الولايات المتحدة وجهات أخرى لإجهاضه«.

الديار :

يبدو ان الحكومة والحوار على حافة الانهيار التام. فالسجال الاعلامي الحاصل بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» يؤكد ان الامور متجهة نحو التصعيد، وكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق الاسبوع الماضي في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، حيث هدد بترك الحوار و«فرط» الحكومة، كان الفتيل الذي اشعل «القلوب المليانة»، فهذه اول مرة ينفجر الوضع بين الطرفين بهذا الشكل «الفاقع» داخليا.
معظم الاشتباكات التي كانت تدور بينهما في السابق كان طابعها اقليمياً ومرتبطة بشكل مباشر بالصراع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، على امتداد الوطن العربي، وصحيح ان الازمة الداخلية حاليا مرتبطة ايضا بالصراع الآنف ذكره، الا ان الامور تجاوزت الخطوط الحمر المرسومة داخليا لتصل الى حد تهديد الحوار الثنائي بين الجانبين والحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري. فالحوار الثنائي حين بدأ لم تكن الامور اكثر هدوءا على المحور الايراني - السعودي، الا ان الطرفين تمسكا بهذا الحوار لتنفيس الاحتقان في الشارع والحفاظ على الاستقرار باي شكل من الاشكال بشهادة الطرفين.
الا ان الامور باتت تنذر بالاخطر، وعلى ما يبدو فإن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بكلامه امس في ذكرى الشهيد ابو محمد الاقليم، تعاطى مع كلام المشنوق على انه موقف رسمي لتيار المستقبل، وانه مغطى من رئيس التيار سعد الحريري، لذا جاء كلامه واضحا وشفافا «باننا لا نرضى الابتزاز».
مصادر مقربة من حزب الله اكدت انه اذا كان «المستقبل» يلعب بالنار، واذا كان يظن ان بامكانه الضغط على حزب الله عبر التلويح بالفوضى الداخلية، واذا كانت ثمة اجندة سعودية للرد في بيروت على خيبة الامل في سوريا، فان التيار الازرق يغامر لأن هذه المرة الصراع يتجاوز حدود «اللعبة الداخلية» لان حزب الله يخوض معركة حاسمة وفاصلة لا تقبل انصاف الحلول.
ماذا قال السيد حسن نصـرالله في ذكرى الشـهيد الاقـليم ؟
فقد أكد نصر الله الحرص على الحوار وبقاء الحكومة والاستقرار، رافضاً الابتزاز الذي يمارسه «تيار المستقبل» في ما يتعلق بالمشاركة في الحوار والحكومة. متوجهاً لقيادة «المستقبل» بالقول نحن في حزب الله نرفض الابتزاز واذا اردتم الخروج من الحوار والحكومة الله معكم واذا اردتم البقاء أهلا وسهلا.
كما أكد نصرالله على أهمية الصمود والقتال في وجه المشروع التكفيري الذي يريد تدمير مجتمعاتنا مثله مثل المشروع الصهيوني، مشدداً على دعم القضية الفلسطينية وانتفاضة الشعب الفلسطيني.

المستقبل
واكدت اوساط بارزة في تيار المستقبل ان ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليس بجديد من خلال تهديداته المستمرة وتأكيده على مواصلة القتال في سوريا وتوجيه التهم جزافا وتصنيف الناس، فيما الجميع يدرك من يعطل عمل الحكومة والمجلس النيابي ولا سيما انتخاب رئيس للجمهورية، حتى بات القاسي والداني يدركان ان ايران قالت صراحة للموفد الفرنسي انها تريد انتخاب الرئيس الحليف لها ولحزب الله في لبنان.
وتؤكد المصادر أن التيار، عندما شارك في الحكومة تحت شعار ربط النزاعات، ذلك من اجل البلد وناسه، ولا يعني التخلي عن الثوابت الرئيسية، ان على صعيد المحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي وادانة مشاركة حزب الله بالحرب في سوريا.
وتلفت المصادر الى ان مشاركة تيار المستقبل في الحوار مستمرة، وكذلك السعي لعقد جلسات مجلس الوزراء، لحل مسألة النفايات وتيسير مصالح الناس.
واخيرا، تشير المصادر الى ان التيار سيتواصل مع حلفائه في 14 آذار حيال كل المسائل المطروحة على بساط البحث، وخصوصا الحوار وانتخاب رئيس للجمهورية، وعندها لكل حادث حديث.

 

الجمهورية :

إنتقلت البلاد فجأةً ومن دون مقدّمات إلى مرحلة جديدة من المواجهة السياسية. تيار «المستقبل»، على لسان وزير الداخلية نهاد المشنوق، يلوّح بالاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار مساءَ الجمعة الفائت، فيأتيه الردّ بعد أقلّ مِن 48 ساعة، أي قبل ظهر الأحد، وعلى لسان الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله شخصياً الذي قال: «من يحبّ البقاء في الحكومة والحوار «أهلاً وسهلاً به»، ومن يُرِد الخروج منهما «ألله معو». وإذا كان السجال السياسي بين الطرفين ليس جديداً، إلّا أنّ الجديد في الأمر انتقاله من القضايا والملفات العامة إلى التهديد بفرطِ المساكنة التي نشأت مع تكليف رئيس الحكومة تمّام سلام، إذ ما كاد يلوّح الأوّل بالاستقالة حتى جاءَه ردّ الثاني برفض الابتزاز وإعلانه عن دعوة حزبه إلى إعادة النظر بمبدأ الجلوس مع «المستقبل» حول طاولة واحدة. ولكنّ الأسئلة التي تَدافَعت في الساعات الأخيرة ترَكّزت حول الآتي: هل التصعيد المتبادل هو انعكاس للتصعيد في المنطقة؟ ماذا تبدّلَ لكي يسقط التفاهم حول تحييد لبنان وإبقاء مظلّات الأمان المتصلة بالحكومة والحوار؟ وهل ردُّ الحزب على «المستقبل» يدفعه إلى المضيّ قدُماً في خيار الاستقالة؟ وهل هذه العاصفة ستَعبر كغيمة صيف وعلى غرار ما سَبقها من عواصف؟ ولماذا أخَذت الأمور كلّ هذا الحجم كما المنحى؟ وهل تقصَّدَ نصرالله ردَّ الكرة سريعاً إلى ملعب «المستقبل» لإحراجه وبغية إعادة توضيح الأمور ووضعِها في نصابها؟ وفي موازاة التصعيد السياسي الذي شهدَته نهاية الأسبوع سُجّل 3 مواقف بارزة: ردّ النائب وليد جنبلاط على كلام النائب مروان حمادة في ذكرى الحسن قائلاً: «ما في جمرك على الحكي وعلى المزايدة، ألله يهديهم». إعلان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ «انتخاب رئيس الجمهورية أصبح أمراً يقارب المستحيل». تأكيد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أنّ «الكنيسة الأرثوذكسية لا تبارك الحروب ولا تقدّسها». على مسافة أسبوع من جلسة الحوار رقم 20 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» والتي يفترض أن تُعقد كما هو مقرّر الاثنين المقبل في 26 الجاري، موعد استئناف جلسات الحوار الوطني العام مجدداً، قالت مصادر سياسية مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ التصعيد الحالي يدخل في إطار التشنّج المتفاقم بين طهران والرياض أكثر ممّا هو جزء من الوضع الداخلي اللبناني، ولكن ستكون له ارتدادات محدودة في المدى القصير على الحوار بين الطرفين من جهة، وعلى انطلاق عمل الحكومة بعد جلسة مجلس الوزراء المخصّصة للنفايات، من جهة أخرى».
وأشارت إلى أنّه «في وقتٍ كان يأمل رئيس الحكومة تمام سلام، بعد عَقد جلسة مخصصة للنفايات، في أن يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع دورياً وإقرار مشاريع القوانين وتوقيع المراسيم الخاصة بقضايا الناس وشؤون الدولة، جاء التصعيد ليخفّف من هذه الآمال، على الأقلّ حالياً، بانتظار إعادة المياه الى مجاريها بين الحزب و«المستقبل»، الأمر الذي يتطلب جهوداً كبيرة، وبشكلٍ خاص من قبَل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط.
إلّا أنّ المصادر قالت «إنّ المشكلة هي في أنّ برّي وجنبلاط مستاءان بدورهما من المواقف التي صدرت في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن في الأونيسكو، إذ إنّ البعض شكّك بزعامة برّي، والبعض الآخر انتقد خروج جنبلاط من 14 آذار في نصف الدرب».
وأكّدت المصادر لـ«الجمهورية» أنّ هذا الأسبوع سيكون أسبوع استيعاب الكلام الذي قيل في الاونيسكو، وترميم الحوار بين الحزب والمستقبل.
وقد لفتَ أمس الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس سعد الحريري ببرّي الذي يعود من جنيف اليوم، هنّأه خلاله بانتخابه رئيساً للاتّحاد البرلماني العربي.
وكان جنبلاط أعلن عبر «تويتر» أنّه ليس هناك عيب في السياسة بمبدأ التسوية، لكنّ بعض الناس في بعض المنابر وبمناسبة الشهيد وسام الحسن اتّهموه بالتخاذل والتخلّي في نصف الطريق. وختمَ بالقول: «ما في جمرك على الحكي وعلى المزايدة، الله يهديهم».
وفي السياق، ردّ وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور على بعض منتقدي مواقف جنبلاط، وقال: «لم نترك أحداً أو نتخلّف عن أحد في منتصف الطريق لأنّنا لم نتبع أحداً في يوم من الأيام إلّا قناعاتنا، ولا تستهوينا المزايدات ممّن تخلّفَ هو عن فهم المخاطر على الوطن من الانقسامات القاتلة والمواقف التي لا تراعي هذه المخاطر». وأضاف: «رحمَ الله وسام الحسن الذي كان رمزاً وشهيداً استقلالياً، لكنّه كان داعية تسوية بين اللبنانيين، وهنا الجريمة المضاعفة لمن قتلوه!»
نصرالله
وأبدى الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله حِرصه على الحوار والتلاقي بين اللبنانيين، داعياً إلى الحفاظ على الحكومة، وقال: «لا نؤيّد إسقاطها، ومصلحةُ اللبنانيين في بقائها، لأنّ البديل هو الفراغ والانهيار».
وتوجّه الى تيار« المستقبل» بالقول: «لسنا متمسكين بالحوار إذا استمرّ البعض في «المنّ» علينا به»، وأضاف: «من يحبّ البقاء في الحكومة «أهلاً وسهلاً به» ومن يُرد الخروج منها «الله معو» ونحن لا نُجبر أحداً على البقاء في الحوار أو في الحكومة، لا نريد أن يمنَّ علينا أحد أنّه يحاورنا ويشاركنا في حكومة، ونحن حرّرنا بلادَنا ولم نمنَّ على أحد أنّنا حرّرنا أرضه».
ورأى أنّ «تيار المستقبل يتحدّث عن الحوار وكأنّه متفضّل على اللبنانيين بهذه المهمّة»، وقال: «إذا كنتم تشعرون بالإحراج من البقاء في الحكومة فالله معكم»، وأوضَح أنّه سيَدعو «قيادة «حزب الله» إلى إعادة النظر في الحوار، فإذا كان المستقبل يريد أن يمنّنا بالحوار فنحن نخرج منه ولا ننتظر منهم ذلك. لا نَقبل استفزازاً من أحد».
سلام قلِق
وفي هذه الأجواء، لفتَ سلام إلى خطورة المرحلة وحالِ الغليان التي تعيشها المنطقة، متمنّياً على الجميع أن يتحمّل المسؤولية كلٌّ من موقعه أياً كان هذا الموقع، لئلّا تطاولنا شظايا ما يجري من حولنا.
فالبلاد تحتاج الى ان يعي الجميع مخاطر ما يجري وحجم المواجهة الدائرة بقدرات كبيرة جداً، وإلى عدم الرهان على العناية الدولية للوضع في لبنان من دون أن نقوم بما يمليه علينا الواجب لملاقاة هذه الرعاية وتجنيب البلاد خضّات هي في غنى عنها.
ونَقل زوّار سلام أمس لـ«الجمهورية» قوله إنّه لن يتخلّى عن مسؤولياته أبداً، وهو سيواصل السعي إلى الحفاظ على الحد الأدنى من جهوزية الحكومة والمؤسسات الدستورية لمواكبة قضايا الناس الملِحّة على الأقلّ، ما لم تستطع أن تنجز أموراً كبيرة تحتاج الى توافق شامل للأسف ما زال مفقوداً.
وأبدى سلام قلقه من حجم الخلافات والسَقف العالي للخطابات التي تَردَّد صداها في الأيام القليلة الماضية، معتبراً بأنّها لن توصل إلى أيّ إنجاز إنّما تزيد الانقسام والاحتقان بين الناس الذين تعبوا من الجدل الذي لا يمكن أن يأتي بحلّ لأيّ ملف من الملفات المطروحة، الأمنية منها والإدارية، على الإطلاق.