لا شيء يحرك ضمائر الزعماء اللبنانيين ولا شيء يخيفهم على مستقبل لبنان فلذلك ما زالوا يلعبون باعصاب الناس ويراهنون على الخارج بكل شيء

 

السفير :

برغم الحشود العسكرية في القدس وباقي المناطق المحتلة، والتي استهدفت تبديد الذعر في صفوف اليهود، استمرت العمليات وتفاقم الخوف، ولم تجد الحكومة الإسرائيلية ورئيسها، بنيامين نتنياهو، سوى مهاجمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخطابه الذي أشار فيه إلى إعدام صبي فلسطيني بقي حياً. وبدا أن الحملة على الرئيس وعلى السلطة الفلسطينية ترمي إلى صرف الأنظار عن تدهور مكانة نتنياهو وحكومته في استطلاعات الرأي. وواضح أن الإدارة الأميركية، التي تمهد لتدخل سياسي، آثرت الاصطفاف إلى جانب الموقف الإسرائيلي في مهاجمة المقاومة الشعبية الفلسطينية، وتراجعت عن توصيف سابق لها بأن إسرائيل عمدت إلى تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى توسع في حالة الرعب التي انتشرت في داخل إسرائيل تخوفاً من عمليات يُقْدِم عليها فلسطينيون. وكان أبرز هذه الحالات ما جرى في تل أبيب، حينما سرت شائعات عن وجود شابين فلسطينيين في مجمع تجاري كبير، وينويان تنفيذ عملية طعن. وحينها تدفق العشرات من المجمع، بحثا عن أماكن آمنة يلوذون بها، واندفعت قوات كبيرة من الجيش والشرطة والمدنيين المسلحين بحثا عن الشابين. وتم إغلاق منطقة المحطة المركزية في تل أبيب، ثم أغلق أحد المحاور الرئيسية في المدينة، وساد ما يشبه الشلل. وفي النهاية أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت شابين فلسطينيين، وأنه تم الإفراج عنهما، بعدما ثبت أن لا ضلع لهما بأية أعمال «عدائية».
وحدث الشيء نفسه تقريبا في منطقة بئر السبع، عندما اختلفت صبية مع أهلها، فأخبرتهم برسالة هاتفية أنها تاركة الحياة، وأنهم سيسمعون الأخبار في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي. وبعدما دققت الشرطة ولاحقت هاتف الصبية عبر أجهزة تحديد المكان، قامت باعتقالها وتبين أن خلافها مع أهلها شخصي، وأنها لا تنوي تنفيذ أي عمل.
وفي أعقاب موجة الشك والريبة التي سرت في نفوس الكثير من الإسرائيليين تجاه يهود ذوي ملامح عربية، ابتدع بعض اليهود من أصول عربية سبلا لإبعاد الشك، فمنهم من صار يعتمر القلنسوة اليهودية، بالرغم من أنه غير متديّن، ومنهم من صار يرتدي قميصاً كتب عليه: «لا تنفعل، أنا يمني».
وكتب موقع «ان ار جي» أمس أن «موجة الإرهاب قادت إلى الذعر: فالرعب والارتباك سادا اليوم الخميس في حيفا وجفعتايم. وأغلقت طرق رئيسية وأوقفت حركة القطار أثناء سفره، بسبب شبهات تبددت». وكل هذا جرى بعدما صرخ إسرائيلي في القطار: «مخرّب»، فبدأ الناس يقفزون من القطار فور توقفه. ووصل المستشفى عشرات من المصابين بالذعر أو بكدمات جراء القفز من القطار. وصرخت مجندات، فقام ضابط بالبدء بإطلاق النار في الهواء. وأغلقت شوارع في مدينة جفعتايم بعد نشر معلومة عن سيارة مشبوهة ما دفع الشرطة إلى إيقاف حركة السير في شوارع مركزية مؤدية إلى تل أبيب.
في كل حال، تواصلت عمليات الطعن في القدس والمستمرة منذ أسبوعين رغم القرارات الأمنية الحاسمة بنشر الجيش في الطرق. ولهذا السبب يرى المعلق العسكري في «هآرتس»، عاموس هارئيل أن الجيش الإسرائيلي لم يعد يقدم أي تقدير بشأن مدى استمرار الأحداث، وصار يكرر القول بأن هذا «وضع مختلف من الأساس، ويمكن أن يستمر لفترة زمنية لا بأس بها». وأوضح أن ذلك يعود إلى واقع أن الأحداث بدأت من أدنى وأنه لا وجود لقيادة مركزية، ما يجعل التقدير صعباً.

النهار :

سبع ضحايا حتى مساء أمس من أفراد عائلة صفوان اللبنانية عثرت عليها السلطات التركية بعد غرق قارب كان ينقلهم بين تركيا واليونان تصدرت مأساتها الواقع اللبناني وطغت على يوميات الفراغ السياسي والتأزيم العقيم والتصعيد الاشد عقماً. مأساة عائلة صفوان دفعت الى الواجهة بقوة أحد نماذج المآسي الاجتماعية التي تتوزعها مناطق لبنانية عدة وسط استشراس الصراع السياسي الذي يسد كل منافذ الحلول السياسية ويجرف بدربه أولويات الناس، وليس أدل على ذلك من غرق لبنان منذ اكثر من ثلاثة أشهر في أزمة النفايات دونما قدرة للحكومة على اختراق جدران الممنوعات. وجاءت هذه المأساة التي هزت ضمائر اللبنانيين ومشاعرهم في العمق لتثبت أن اهمال الازمات الاجتماعية والاقتصادية بات يشكل الخطر الاول على لبنان منذراً بمزيد من المآسي من هذا النوع المفجع الذي دفع عائلة فقيرة الى ركوب موجة المهاجرين الذين يطرقون أبواب اوروبا هرباً من واقعهم المأسوي تحت وطأة مغامرات الموت غرقاً. وهي مأساة توضع برسم السياسات والسياسيين وقت باتت أنماط تعطيل الدولة ومؤسساتها نهجاً لا محيد عنه، أقل ما تنذر به تفريخ مزيد من التداعيات السلبية الخطرة بما فيها تفاقم الهجرة شرعية كانت أم بطرق مميتة كتلك التي تربصت بعائلة صفوان التي وجد من أفرادها حتى ليل امس سبع ضحايا من أصل تسعة مفقودين. ومعلوم ان العائلة المنكوبة هي من بلدة غوغران البقاعية وكانت نزحت الى الاوزاعي وغادرت لبنان الى اليونان عبر تركيا بحراً الاحد الماضي بهدف الهجرة الى اليونان ومنها الى احدى الدول الاوروبية، وغرق المركب الذي أبحر من ميناء أزمير التركي. وقال أحد أفراد العائلة محمد صفوان إن عائلته قررت الرحيل الى اوروبا بعدما سمعت ان الحدود مفتوحة هناك أمام اللاجئين، مبرراً ذلك بأنه "لا يوجد عندنا نظام ولا دولة ولا نظام صحي او تعليمي والحكام كل منهم ماله في جيوب حاشيته ولا ينظرون الينا".

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، يتجه الواقع السياسي الداخلي نحو مزيد من الاحتقان في ظل عاصفة المواقف التي أثارها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون والردود التي صدرت عليه، والتي شكلت في مجملها مؤشراً شديد السلبية لشل الحكومة التي أعاد عون ربط تفعيلها بشروط يعتبرها خصومه مستحيلة ولا سيما منها اصراره على التعيينات العسكرية والامنية ومنح نفسه الكلمة الحاسمة في تسمية قائد جديد للجيش. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار" إنه على رغم التأكيدات المتصلة ببقاء الواقع الحكومي على حاله بعد مواقف عون، فإن ذلك لا يقلل خطورة الإمعان في شلّ مجلس الوزراء، وان الاسبوع المقبل سيشهد اعادة تفعيل المساعي من أجل البحث في مسالك تحول دون الشلل الكامل للحكومة انطلاقاً من السعي الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لأزمة النفايات.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن المعطيات المتعلقة بملف النفايات تبشر بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل وتحديداً الثلثاء. وأوضحت استنادا الى الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء تمّام سلام مساء امس ان الاتفاق تم على مطمر في البقاع بعد إنجاز دراسته البيئية لينضم الى مطمر سرار في الشمال والى مطمر الناعمة الذي سيفتح لأسبوع فقط ومعمل صيدا الذي سيستقبل كمية محدودة من النفايات. وأشارت الى ان مجلس الوزراء في جلسته المقبلة سيقرّ آلية تنفيذ خطة النفايات التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيّب. وتردد ان المطمر جرى اقتراح مكانه في منطقة كفرزبد لجهة الحدود السورية.

 

الحكومة والرئاسة
واسترعت الانتباه امس رسالة الدعم التي نقلها السفير السعودي علي عواض عسيري الى الرئيس سلام من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز "تقديراً لدوره الوطني الكبير والمواقف الحكيمة البنّاءة التي يتخذها في سبيل المصلحة العليا للبنان وشعبه". كما ان عسيري أعرب عن أمل بلاده في "حصول تقارب بين كل القوى السياسية لايجاد مخارج للأزمة الحالية بالتوصل الى اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وتالياً تحييد لبنان عن الصراعات التي تدور في المنطقة".
وعلى صعيد متصل بالازمة الرئاسية، علمت "النهار" أن مبادرة تتعلق بالانتخابات الرئاسية يجري تداولها وتلقى تأييداً من موسكو ومضمونها اقتراح إنتخاب أحد المرشحين المتداولة أسماؤهم حالياً وهو يحظى بـتأييد دمشق والسعودية معاً وذلك لفترة إنتقالية مدتها سنتان يقر خلالها قانون جديد للانتخاب، ومن ثم إجراء هذه الانتخابات كي يعاد تكوين كل مؤسسات السلطة. وفي المبادرة تعهد روسي لإجراء إتصالات مع إيران ودمشق اللتين ستتوليان تحضير الاجواء لدى حلفائهما في لبنان كي يساندوا مشروع انتخاب الرئيس الجديد، على ان تجري الرياض من ناحيتها الاتصالات اللبنانية والعربية والدولية المتعلقة بالموضوع في المقلب الآخر.

جنبلاط
وعاد أمس الى بيروت آتياً من الرياض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يرافقه نجله تيمور ووزير الصحة وائل ابو فاعور بعد زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية استقبله خلالها العاهل السعودي في حضور كبار المسؤولين، كما استقبله ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. ثم التقى النائب جنبلاط الرئيس سعد الحريري في مقر إقامته بالعاصمة السعودية.

 

المستقبل :

أما وقد باتت أزمة النفايات على شفير «الطمر» بعد انعقاد مجلس الوزراء في جلسته المرتقبة خلال الأيام القليلة المقبلة لوضع اللمسات الأخيرة على القرارات التنفيذية للخطة، بدأت الأنظار تتجه إلى ما بعد «جلسة النفايات» لاستشراف ما سيكون عليه مصير الحكومة تحت وطأة الضغط العوني المتعاظم تهديداً ووعيداً بمزيد من التكبيل والتعطيل رداً على تعثر تسوية الترقيات العسكرية. وبالانتظار لا يزال رئيس الحكومة تمام سلام يعتصم بحبل الصمت والصبر وفي نيته الاستمرار بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد دورياً «شرط استمرار رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأمين الغطاء السياسي والميثاقي للحكومة» وفق ما نقل زواره أمس لـ«المستقبل»، لافتين في هذا المجال إلى أنّ سلام يترقب عودة بري من الخارج للتداول والتشاور معه في مصير العمل الحكومي حتى يبني على الأمر مقتضاه.
ومساءً، ترأس سلام اجتماعاً جديداً مخصصاً لمستجدات العمل الجاري في سبيل بلورة خارطة المطامر الصحية النهائية للنفايات، وأعلن الوزير أكرم شهيب إثر الاجتماع أنّ «الأمور تسير بشكل جدي»، مؤكداً انعقاد مجلس الوزراء «عندما يصبح موقع المطمر في البقاع (الشمالي) جاهزاً». وأوضح شهيب لـ«المستقبل» أنّ اللجنة الفنية بصدد إعداد تقريرها العلمي والبيئي للموقع، كاشفاً أنّ هذا التقرير سينتهي اليوم على أن يُصار إلى رفعه فوراً إلى رئيس الحكومة تمهيداً لدعوتها إلى الانعقاد في سبيل إبرام السياق التنفيذي والإداري اللازم للمباشرة في تطبيق الخطة الموضوعة لمعالجة الأزمة والبدء تالياً بعملية نقل النفايات بشكل متزامن إلى مختلف المواقع البيئية المحددة لطمرها.
جنبلاط
على صعيد منفصل، برزت خلال الساعات الأخيرة زيارة لافتة للانتباه قام بها رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية، حيث استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مكتبه في قصر اليمامة وبحث معه مستجدات الأوضاع على الساحة اللبنانية، بحضور تيمور جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور. كما التقى جنبلاط أول من أمس ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في مكتبه في الرياض بحضور وزير الخارجية عادل الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان.
إلى ذلك، استقبل الرئيس سعد الحريري جنبلاط في دارته بالرياض يرافقه نجله تيمور والوزير أبو فاعور، وتم التداول خلال اللقاء في «سبل الخروج من مأزق الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية والعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد» وفق ما أوضح المكتب الإعلامي للحريري.
وبُعيد عودته إلى بيروت، نقلت «جريدة الأنباء الالكترونية» الناطقة باسم «الحزب التقدمي الاشتراكي» أنّ رئيس الحزب «لمس في لقائه مع خادم الحرمين الشريفين اهتمام المملكة باستقرار وأمن ووحدة لبنان وضرورة إنجاز الاستحقاقات الدستورية وأوّلها رئاسة الجمهورية اللبنانية لا سيما مع مرور أشهر طويلة على الشغور الرئاسي»، مضيئةً في الوقت عينه على دلالات الحفاوة اللافتة التي قوبل بها جنبلاط في المملكة و«الاهتمام» الواضح بالزيارة وقد تبدّت مؤشراته من خلال حضور وفد وزاري سعودي رفيع اجتماعه بالملك سلمان. 

الديار :

عشرات الاجتماعات التي عقدها الوزير أكرم شهيّب لمعالجة ملف النفايات إثر تسلمه منذ شهرين من وزير البيئة محمد المشنوق، جاءت دون نتيجة ولم يتم حتى الآن تحديد ساعة الصفر لانطلاق خطة النفايات رغم تكدّسها في الشوارع حيث بات حجم النفايات المنتشرة في شوارع العاصمة والضواحي اكثر من 100 الف طن «زبالة» وهذه الكمية تحتاج لخطة جديدة تقضي بفتح مطمر الناعمة لاكثر من 7 ايام.
ورغم كل العثرات والعقبات المذهبية والمالية والحصص والالغام السياسية، فان الوزير اكرم شهيب لم ييأس بعد وما زال يعطي التطمينات الايجابية للمواطنين رغم ادراكه التعقيدات الكبيرة. واكد لـ«الديار» ان الاجتماعات مفتوحة، وحزب الله قدم كل التسهيلات لتأمين مكان المطمر في البقاع الشمالي، وهذه المنطقة تدرس مع الاخصائيين لجهة المياه الجوفية واثرها البيئي واللجنة الفنية لم تنجز تقريرها بعد وتنتظر.
واشار شهيب الى انه لا مشكلة بالنسبة لمطمر سرار، وعندما نعلن عن مطمر البقاع، فانه سيعاود العمل لتجهيز مكب سرار والوزير نهاد المشنوق يعالج الامور.
لكن الوزير شهيب «الديبلوماسي» الذي يحاول تدوير الزوايا ويعرف عمق المشكلة وتعقيداتها المذهبية والسياسية والحصص المالية، ما زال يحاول اعطاء مسحة من التفاؤل، رغم ان الملف لن ينجز في القريب العاجل، والرفض المذهبي من قبل تيار المستقبل وفاعليات عكار قابله استياء من اهالي منطقة بعلبك - الهرمل، ورفض لاقامة مطمر للنفايات، وانه لم يطرح اقامة مطمر في بعلبك - الهرمل بشكل جدي حتى الآن. وبالتالي لا شيء جديداً في هذا الملف ولا حلول جدية.
وحسب اوساط وزارية ان «تطيير ملف تسوية الترقيات» العسكرية سينعكس جموداً على كل الملفات بدءاً من ملف النفايات وصولا الى استمرار الشلل الحكومي رغم محاولات الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لكسر هذا الجمود واعادة العمل في المؤسسات الرسمية.
وقالت اوساط وزارية مطلعة على الاتصالات حول ملف النفايات ان الامور لا تزال تراوح مكانها، بما يتعلق بحل الاعتراضات على مطمر سرار وفي خصوص اختيار موقع لمطمر في البقاع. واشارت الى ان المواقع المقترحة هناك هي اماكن جيدة جداً، إنما الوصول اليها عبر الشاحنات وغير ذلك مسألة صعبة وتحتاج الى فترة ليست قصيرة، لانجاز الطرقات اليها. واوضحت الاوساط انه في ضوء ذلك لم تظهر اي معطيات جدية لكي يقوم رئيس الحكومة تمام سلام بتحديد موعد لجلسة مجلس الوزراء ليُبت بهذا الملف نهائياً.
وفي هذا السياق قالت مصادر سياسية ان حلحلة الاعتراضات على مطمر «سرار» هي في مرمى تيار المستقبل الذي عليه العمل لدى انصاره للسير بالمطمر، وبالتالي مساعدة الحكومة في بت هذا الملف قبل ان تحل الكارثة مع حلول الامطار. وتساءلت المصادر: اذا كان «المستقبل» غير قادر على حل مسألة بسيطة بهذا الحجم، فكيف سيساهم في ايجاد حلول للملفات الكبرى على مستوى رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات وباقي القضايا الساخنة.
وفي ظل هذه الاجواء، لم يحدد موعد جديد للجنة النفايات وما زال الرئيس سلام ينتظر والعقدة كبيرة والمعادلة باتت «مطمر سني مقابل مطمر شيعي» ولا حلول خارج هذه المعادلة.

الجمهورية :

الخَرق الوحيد للمشهد السياسي المقفل تمثّلَ بزيارة النائب وليد جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية ولقائه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، في خطوة طوت مبدئياً الصفحة الخلافية التي فتِحت مع تجيير جنبلاط أصواته النيابية لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي على حساب الرئيس سعد الحريري. وفيما كانت العلاقة بين الحريري وجنبلاط قد استعادت حرارتها على رغم التموضع الجنبلاطي الوسطي، بقيَت الطريق بين المختارة والرياض غير سالكة بالشكل المتعارف عليه تاريخياً إلى أن تمّت الزيارة الأخيرة التي فتَحت الباب أمام رزمة من التساؤلات: هل ما بعد زيارة جنبلاط للسعودية سيختلف عمّا قبلها؟ وهل مواقف رئيس «الاشتراكي» بشقّها اللبناني ستشهد تبدّلاً لتصبح أقرب إلى «المستقبل» من «حزب الله»؟ وماذا عن تموضع جنبلاط السياسي، فهل سيحافظ على وسطيته أم سيقترب من قوى 14 آذار؟ وهل هو في وارد إعادة ترجيح كفّة هذه القوى في الصراع الداخلي؟ وماذا عن الانتخابات الرئاسية في هذه الحالة؟ وما تأثير هذه الزيارة على تقاربه المستجدّ مع رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون؟ وفي موازاة الزيارة الجنبلاطية تترقّب الأوساط كلمة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اليوم في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن وما قد تحمله من رسائل ومواقف حيال «حزب الله» وعون والانتخابات الرئاسية والحوار والحكومة والحراك، خصوصاً أنّ كلمته في الذكرى نفسها في العام الماضي كانت عالية النبرة وأطلقَ فيها عبارته الشهيرة «لن نقبل تحويلنا إلى قادة صحوات متخصّصين في فرض الأمن على قسم من اللبنانيين فيما القسم الآخر ينعم بالحصانة الحزبية». وأردف: «بالعربي البسيط أقول «هيك ما بيمشي الحال». وفي هذا السياق بالذات أتت زيارة المشنوق لوزير العدل أشرف ريفي في سياق تأكيد وحدة الموقف والصف، لا سيّما في هذه المناسبة التي يشكّل فيها دم الحسن قاسماً مشتركاً بينهما، فيما اللافت أن كلّ المواقف أكدت على ضرورة التمسّك بالحوار رغم التعقيد السياسي. أوساط سياسية متابعة قالت لـ«الجمهورية» إنّ التموضع الوسطي لجنبلاط كان له المساهمة الكبرى في التبريد السياسي، لأنه باستثناء خطوة تكليف ميقاتي التي لها ظروفها وحيثياتها، حالَ رئيس «الاشتراكي» دون ترجيح كفّة فريق على آخر على المستويين النيابي والحكومي، الأمر الذي أدّى إلى تهدئة اللعبة السياسية.
واستبعدت الأوساط أيّ تغيير في السياسة الجنبلاطية بشقّها اللبناني، ليس فقط حِرصاً منه على وضعه ودوره وأمنه، إنّما لأنّ السياسة السعودية-الإيرانية التي تختلف على كلّ شيء اتفقت على تحييد لبنان، ولا إرادة لدى الرياض وطهران في إعادة النظر في هذه السياسة أقلّه في المدى المنظور، وبالتالي الاستقرار مرشّح للاستمرار في ظلّ الحوار الثنائي بين «المستقبل» و»حزب الله»، كما الحوار الجامع.
وإذا كانت مواقف جنبلاط بالشق السوري قريبة أساساً من «المستقبل» وبعيدة من الحزب، فإنّ اقترابها في لبنان أكثر من الفريق الأوّل لن يصل إلى حدّ المساهمة في قلب ميزان القوى الداخلي الذي أرسى الاستقرار في هذه المرحلة، وبالتالي، السؤال الذي يطرح نفسه: ما الدور الذي يلعبه جنبلاط بعد عودته من السعودية؟
وفي هذا السياق رجّحت الأوساط أن يتّكئ جنبلاط على زيارته السعودية لتعزيز دوره الوسطي وليس الخروج من وسطيته، ما يعني توقّع مزيد من المبادرات التي تساهم في إرساء التسويات وتطويق الأزمات، على غرار دوره الأخير في التسوية الحكومية.
فلا أدوار في المرحلة الحاليّة خارج التفاهم السعودي-الإيراني والسنّي-الشيعي على إبقاء لبنان بمنأى عن الساحات العربية المشتعلة، وبالتالي يرجّح أن يكون جنبلاط قد دخل على خط التفاهم السعودي-الإيراني.
لقاءات جنبلاط
وفي الساعات الأولى لزيارته السعودية التي استمرّت يومين التقى جنبلاط الملك السعودي في مكتبه في قصر اليمامة بحضور عدد من كبار المسؤولين: وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وزير الخارجية عادل الجبير ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدا.
وقالت مصادر اشتراكية لـ«الجمهورية» إنّ المجتمعين استمعوا إلى تقرير قدّمه الجبير حول نتائج اللقاءات التي عَقدها برئاسة الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وما عبّر عنه من أهداف للعملية الروسية في سوريا في مجال مكافحة الإرهاب ودعم النظام السوري أياً كانت الكلفة، وملاحظاته على مواقف الحلف الدولي.
وفي جانب من اللقاء تناوَل البحث الملف اللبناني، فجدّد الملك سلمان دعمَه للمؤسسات الدستورية، خصوصاً الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى، ما يضمن مناعتها وقوّتها في مواجهة الإرهاب والمهامّ الكبرى التي تقوم بها على الحدود وفي الداخل.
وشدّد على انّ المملكة مهتمّة بما يضمن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، باعتبارها الخطوة الأولى على طريق إعادة انتظام العمل بين المؤسسات الدستورية، داعياً إلى التوافق على رئيس يرضى عنه أكثرية اللبنانيين وإلى التوافق وحماية بلدهم من مخاطر ما يجري في محيطه، معبِّرا عن استعداد المملكة للقيام بما يلزم لتحقيق هذه الغاية.
وقدّم جنبلاط رؤيته للتطورات التي أعقبَت انفجار الأزمة السورية ونتائج اتصالاته الإقليمية، مبدياً انزعاجه من العملية الروسية التي يمكن ان تقود الى تعقيد الأمور وسدّ بعض المنافذ التي كان يمكن ان تشكّل مخرجاً للأزمة باتّجاه بناء ما يسمّيه سوريا الجديدة. ومن قصر اليمامة انتقل جنبلاط والوفد المرافق الى دارة الحريري حيث عُقد لقاء مطوّل استمرّ ساعات عدّة.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ اللقاء شكّل مناسبة للبحث في المبادرات التي أطلقها جنبلاط حول ما سمّاه صفقة شاملة تربط بين التفاهم على رئيس جديد وسلّة التفاهمات الأخرى التي تشمل في ما تشمله قانوناً جديداً للانتخابات والحكومة المقبلة.
وأقرّ الرأي في النهاية على أنّ الأمور تحتاج الى مزيد من الوقت لتقريب وجهات النظر، ذلك انّ التفاهم على مثل هذه الصفقة ليس سهلاً ولم يحِن أوانه بعد، بعدما أصَرّ بعض الأطراف على انتظار ما ستنتجه التطورات الإقليمية والدولية، ولا سيّما الوضع السوري، وما مِن أحد جاهز للمضيّ في هذا التفاهم.
وقالت المصادر إنّها فهمت أنّ الحريري يستعدّ لخطوةٍ سياسية ما لا بدّ منها، وإنّها ستكون قريبة وتترافق مع احتمال عودته الى بيروت، وعلى رغم أنّها غير محدّدة إلى اليوم لكنّها واردة في أيّ وقت.
آخر جلسات الحكومة
إنسحبَت تعقيدات الوضع الإقليمي وتوتّر العلاقة السعودية ـ الإيرانية تعقيداً في المشهد الداخلي وارتفاعاً في منسوب التأزّم السياسي، ما دفعَ بمرجع سياسي بارز إلى القول لـ«الجمهورية»: «يمكن اعتبار أنّ جلسة مجلس الوزراء المخصصة للنفايات ستكون آخر جلسات هذه الحكومة قبل عطلة طويلة قسرية لن ينهيَها إلّا تدخّل من نوع آخر لم تتحدّد معالمه بعد».
وقد أرخى إعلان رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «عدمَ عودة «التكتل» إلى الحكومة قبل تعيين قائد جيش ومجلس عسكري جديد» أجواءً تشاؤمية على مستقبل العمل الحكومي ومعه النيابي، وكرّس الانقسام السياسي في البلد ودفعَ جنبلاط الى التحرّك والتوجّه الى الرياض حيث التقى الملك سلمان ووليّ وليّ العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وعدداً من المسؤولين والرئيس سعد الحريري، وتمّ التداول في سبل الخروج من مأزق الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية والعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.
برّي
في هذا الوقت، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ لبنان سيتمكّن من عبور أزماته السياسية والاقتصادية على رغم الصعوبات. وقال بري الذي وصل الى جنيف بعدما أنهى زيارته الرسمية الى رومانيا: «إننا في لبنان اخترنا طريقَ الحوار والوفاق الذي نأمل ان يعمّ المنطقة، ونحن نعرف انّه في مجال الحوار تحدُث أحياناً تباعدات أو سوء فهم، ولكن بالنتيجة لا بدّ من التفاهم والاتفاق، ولبنان سيكون انموذجاً لدول وشعوب الجوار في الحوار».
نصر الله
في غضون ذلك، لفتت المواقف التي أعلنَها الامين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في الليلة الأولى من إحياء مجلس عاشوراء، حيث خالفَ وللمرّة الأولى عرفاً اعتمده منذ سنوات وهو أن لا يُضمِّن كلمته في الليلة الأولى أيّ كلام سياسي، ما يعكس ازدحامَ الملفات السياسية المحلّية والإقليمية التي دفعته إلى خرق هذا العرف وإطلاق مواقف بشكل مركّز باتّجاه فلسطين والسعودية ولبنان.
وكان نصر الله الذي سيتحدّث مجدداً بعد غد الأحد في بلدة اللويزة الجنوبية في مهرجان يقيمه الحزب تكريماً للشهيد الحاج حسن محمد الحاج «ابو محمد الاقليم» أسفَ بشدّة أن ينتهي العام الهجري الحالي إلى «إفشال كلّ محاولات التوصّل إلى حلول تعيد الحياة إلى الحكومة اللبنانية الحالية ولأسباب شخصية وحزبية ونكدية».
وأكد نصر الله أنّ «الذين أفشلوا محاولات ومساعي الحلول سيكتشفون أنّهم كانوا مخطئين كثيراً»، فيما اعتبَر «أنّه لدينا اليوم إيجابيتان في لبنان هما: الاستقرار الأمني والحوار القائم بين القوى السياسيّة». وقال: «يعني عندنا إيجابيات نستطيع أن نبني عليها. ليس كلّه أسود».

الاخبار :

بعد يوم واحد من إعلان الجنرال ميشال عون أن من أفشلوا تسوية الترقيات ــ الحكومة ــ مجلس النواب سيدفعون الثمن، وأن الحكومة لن تقف مجدداً على أرجلها إلا بعد تعيين قائد جديد للجيش، أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن التسوية كانت ستعيد الحكومة إلى الحياة، وأن من أفشلوها «سيكتشفون أنهم اخطأوا كثيراً».

كلام الجنرال والسيد يؤشّران إلى عمق الأزمة التي أوصلت السلطة نفسها إليها. ولعلّ النبرة العالية التي استخدمها نصرالله ــ أول من أمس، في خطابه لمناسبة بدء إحياء مراسم عاشوراء ــ في معرض حديثه عن حكام آل سعود، تكشف بعضاً من انسداد الأفق أمام أي تسوية قريباً. السيد نصرالله رأى أن تعطيل التسوية جرى بسبب «النكد»، فيما تُظهر قراءة مواقف قوى 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، أن السعودية ليست مستعدة لتقديم أي تنازل في لبنان، في انتظار نتائج المعركة على... صنعاء! وتشير مصادر قريبة من قيادة المستقبل أن الرياض وضعت كل بيضها في سلة المعركة اليمنية، وأن موقفها ازداد تصلباً بعدما دخلت روسيا مباشرة في الحرب السورية.


مصادر المستقبل: الرياض
ازدادت تصلباً بعدما دخلت روسيا في الحرب السورية

 

وما كان يُقال في الكواليس السياسية عن غياب أي باب للتفاوض بين إيران والسعودية، عبّر عن جانب منه مستشار الرئيس سعد الحريري، النائب السابق غطاس خوري (في برنامج «كلام الناس») أمس، حين قال إن الرياض لن تفاوض طهران إلا بعد أن تحسم الأولى معركة صنعاء لمصلحتها!
في المقابل، لا يبدو فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر في وارد تقديم أي تنازل، في الوقت الذي يرى فيه خصومَه الإقليميين يغرقون في وحل الحرب اليمنية، فيما الجيش السوري يحقّق تقدّماً على عدد كبير من الجبهات، بدعم مباشر وغير مسبوق من حلفائه. في المحصلة، يرى هذا الفريق أن الاوضاع الإقليمية تسير لمصلحة محوره، أو على الأقل ليست لمصلحة «المحور الآخر».
في هذا الوقت، يبدو الرئيس تمام سلام في حالة حيرة لا يبدو أنه قادر على الخروج منها قريباً. فلا هو يستطيع الاستقالة، ولا في مقدوره التصرف كرئيس حكومة «مكتملة الشروط». وبناءً على ذلك، ليس أمامه سوى الانتظار. والانتظار هذه المرة لم يعد مقتصراً على نتيجة الحرب قرب الحدود اللبنانية، ولا في الداخل السوري، ولا في العراق، بل تعدّاه إلى اليمن، والحسابات السعودية الأميركية في مواجهة روسيا في بلاد الشام. وبناءً على ذلك، سيكون صعباً أن تبدأ الحكومة العاجزة أصلاً، بالعمل قريباً. حتى معالجة مشكلة النفايات، سيُتعامل معها وفق قاعدة تصريف الاعمال.