أُدخِل نائب إيراني هدد وزير الخارجية محمد جواد ظريف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي بالقتل، مستشفى بسبب «توتره»، وسط تكهنات بأن يؤدي خلاف بين تيارَين أصوليَّين في مجلس الشورى (البرلمان) حول الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، إلى انقسام بين الأصوليين قبل استحقاقين انتخابيَّين.

وشكر الرئيس الإيراني حسن روحاني النواب لمصادقتهم على «الخطوط العريضة» للاتفاق الأحد، معتبراً الأمر «عملاً تاريخياً وثميناً وتجاوباً مع مطالب الشعب الإيراني». وأضاف: «تعيش ايران الآن فرصة مرحلة ما بعد العقوبات، ولذلك نحتاج إلى الوحدة والانسجام والتضامن».

وتابع: «يجب أن يصبح الاتفاق النووي قفزة في التلاحم والتكاتف والنشاط الاقتصادي وإيجاد فرص عمل و(تحقيق) قفزة اقتصادية جبّارة لشباب إيران. وسنُظهر أن الشعب الإيراني منتصر في نهاية المطاف، في غضون الأشهر المقبلة، برفع العقوبات المفروضة» على طهران. ورأى أن «إيران انتصرت أمام خطر الحرب والعقوبات والضغوط، وتقف الآن صامدة، بفضل وحدتها ومنطقها وقواتها المسلحة الشجاعة ووحدة قومياتها».

وأقرّ روحاني بوجود «منتقدين» للاتفاق النووي، معتبراً الأمر «طبيعياً». واستدرك أن «لأصوات الغالبية القول الفصل». ورجّح عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، بدء تطبيق الاتفاق الاثنين المقبل.

وأُدخل النائب الأصولي روح الله حسينيان الأحد مستشفى، بسبب «توتر ومشكلة في القلب»، بعد خروجه من جلسة عاصفة للبرلمان، هدد خلالها ظريف وصالحي بأنه «سيدفنهما وهما على قيد الحياة، ويسكب عليهما إسمنتاً في مفاعل آراك» الذي يعمل بماء ثقيل. وقال النائب كمال الدين بيرمؤذن إن حسينيان «وقف أمام صالحي وقال له للأسف: سنقتلك ونصبّ إسمنتاً عليك، إذا استُكمل الاتفاق». واعتبر أن حسينيان هدد بقتل صالحي. لكن نائباً نقل عن حسينيان قوله: «هددت صالحي لإغضابه، ونجحت في نيل ما أردته».

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) بأن ثلاثة نواب هاجموا المنصة، فيما كان صالحي يلقي خطاباً، وحاولوا منعه من متابعة كلمته. وأضافت أن نواباً آخرين أوقفوهم، مشيرة إلى أن ثلاثة نواب بقوا إلى جانب صالحي إلى أن أكمل إلقاء خطابه، لحمايته من هجمات أخرى.

وذكر نائب عضو في «تكتل السائرين على خط الولاية» الذي يتزعمه رئيس البرلمان علي لاريجاني، أن مؤيدي الاتفاق النووي تلقوا أيضاً رسائل نصية مهينة.

واتهم نواب من تكتل أصولي محسوب على رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي، لاريجاني بالتورط بـ «حلف سري» مع حكومة روحاني، من أجل تأييد الاتفاق. لكن رئيس البرلمان دافع عن نفسه، إذ أكد أنه نسّق موقفه مع النائب المخضرم غلام علي حداد عادل، زعيم الأصوليين في مجلس الشورى. وأصرّ على أن لا مصلحة شخصية لديه في المصادقة على الاتفاق. معلوم أن ابنة حداد عادل متزوجة مجتبى، نجل مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي.

لكن منتقدي الاتفاق يتهمون لاريجاني باستغلال الوضع، متطلعاً إلى الانتخابات النيابية المرتقبة في شباط (فبراير) 2016. ويرون أن إصراره على تأمين إقرار الاتفاق، هدفه كسب دعم القاعدة الاجتماعية لروحاني، ونيل ثقة الحكومة لتشكيل ائتلاف انتخابي.

ويُرجّح أن يسبّب الاتفاق النووي انقسامات جديدة لدى الأصوليين، ويهدد محاولتهم تشكيل جبهة موحدة قبل الانتخابات.

ويعلّق مناهضون للاتفاق آمالاً على مجلس صيانة الدستور، لرفض الاتفاق، بذريعة انه «ينتهك خطوطاً حمراً» حدّدها خامنئي.

 

رضائيان

على صعيد آخر، أعلن المدعي العام الإيراني غلام حسين محسني إيجئي «إدانة» مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جيسون رضائيان، علماً انه مُتهم بالتجسس. وكان محسني إيجئي ذكر أن حكماً صدر في قضية رضائيان، لم يكشف مضمونه.

على رغم ذلك، اعتبرت ليلى إحسان، محامية مراسل الصحيفة الأميركية، أن «لا تطورات جديدة» في قضية موكلها، مشيرة إلى أنها لم تتبلّغ بأي حكم ضده. ووصفت «واشنطن بوست» إدانة رضائيان بأنها «ظلم مشين».

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا أن بلاده ترغب في «الاستفادة من الفرصة» الاقتصادية التي أتاحها الاتفاق النووي. وقال خلال مؤتمر صحافي مع ظريف في طهران: «ندرس ما يمكن أن نفعله لاستثمار الاتفاق». وأشار أن البلدين سيشكلان مجلساً للتعاون من اجل تعزيز الاتصالات بينهما وتسريع تأسيس شركات مختلطة. أما ظريف فاعتبر أن «مستقبل العلاقات بين إيران واليابان مشرق جداً»، لافتاً إلى إمكان تعاونهما في الطاقة النووية.