إنعكست التطورات على الساحة السورية تأزما جديدا على الساحة اللبنانية فوق أزماته

 

السفير :

48 ساعة روسية غيّرت معادلة الصراع في سوريا والإقليم، وأسقطت معظم الخطوط الحمراء التركية والأميركية.
المحدلة الجوية الروسية أجبرت الأميركيين والجماعات «الجهادية» المسلحة على الانكفاء أمامها، إذ أعلن «البنتاغون» استمرار العمل لسحب بطاريات صواريخ «باتريوت» في تركيا، وفق إعلان سابق في آب الماضي، من دون أن تغير العملية الروسية شيئاً في مخططاته، للابتعاد عن منطقة التماس مع الغارات الروسية التي توسعت على نحو لم تتوقعه الأجهزة الأميركية، نحو الحدود مع تركيا انطلاقا من المنطقة الوسطى، بضربها مواقع لـ«جيش الفتح»، الذي تدعمه وتموّله تركيا والسعودية وقطر، في قلب جسر الشغور. وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند يشرعان، من باريس، في تصفية حسابات على خيانة باريس وعودها لموسكو حول سوريا، بعد تراجع الرئيس الفرنسي، من على منصة الأمم المتحدة، عن تصريحات ثورية، اعتبرت قبل 10 أيام الرئيس بشار الأسد جزءاً من الحل في سوريا، وشكلت بداية تفاهم روسي ـ فرنسي حول سوريا لم يعمر طويلاً، وأفقد موسكو جزءاً مهماً من الغطاء الأوروبي والدولي لعمليتها السورية.
فخلال 48 ساعة وما يقارب المئتي غارة، تركز معظمها على المنطقة الوسطى السورية، استطاع الروس إجبار أكثر الفصائل «الجهادية»، على بدء عمليات انسحاب واسعة من ريف ادلب، فيما كان الجسر البحري الروسي مع ميناء طرطوس السوري يعزز ما قاله مسؤولون روس عن حملة جوية تدوم أربعة أشهر، إذ أحصى ناشطون أتراك، تابعوا في الأسابيع الأخيرة عبور السفن الروسية من البحر الأسود عبر البوسفور، عبور ما قوامه 15 ألف طن من الأسلحة والذخائر نحو ميناء طرطوس، وهي شحنات تقل بكثير عن شحنات الجسر البحري الروسي إبان حرب تشرين والتي بلغت 60 ألف طن، إلا أنها تفي بحاجات حرب لن تشارك فيها رسميا قوات برية روسية حتى الآن.
وتقول مصادر من المعارضة السورية إن «جبهة النصرة» و «أحرار الشام»، وهي العمود الفقري للتدخل التركي والخليجي في سوريا، باشرت في الساعات الأخيرة عملية إخلاء مقارّها في ريف ادلب، وشوهدت أرتال دبابات وشاحنات كبيرة تابعة لهذه الفصائل، ولـ «الحزب التركستاني الإسلامي» (من الاويغور الصينيين)، وهي تخلي مستودعات للذخيرة والأسلحة في إدلب وأريحا وبلدات جبل الزاوية ومعرة النعمان وأبو الضهور وسراقب.
وتقول معلومات إن أكثر الشاحنات توجهت إلى مناطق قريبة جداً من الحدود مع تركيا، لتجنب القصف الجوي الروسي. وخلال ساعات يكون الروس قد أنهوا المرحلة الأولى من عملية تفكيك قدرة المجموعات المسلحة على شن عمليات مضادة، أو استعادة المبادرة ضد الجيش السوري، بعد إجبارها على الانكفاء، وإطالة خطوط الإمداد من الأسلحة والذخيرة، ما يعقّد أي هجمات يجري الإعداد لها في سهل الغاب ويؤدي على الأقل إلى إبطائها. كما تحققت نسبياً خلال يومين من الغارات الكثيفة الأهداف الأولى للغارات، بوقف استنزاف الجيش السوري في المنطقة، وتأمين بيئته الشعبية الحاضنة في الساحل مع نشر الروس راجمات «سميرتش» الضخمة في القرداحة، الأقرب إلى جبهة سهل الغاب. والهدف قد يتعزز مع تأكد العمل على استعادة مدينة جسر الشغور، أو وضعها ضمن الأهداف المحتملة لهجوم بري سوري وجوي روسي منسق في سهل الغاب وجسر الشغور.
وبدأ الروس بإرسال قوات برية إلى مطار النيرب العسكري في حلب، فيما تقول معلومات إن الجيش السوري والإيرانيين بدأوا بنقل قوات كبيرة إلى الشمال السوري، فيما كانت «الجبهة الشامية» تنسحب من منطقة الشيخ مقصود، لتسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، وتفتح معبر «الجزيرة» مع المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري في المدينة.
ولم تتأكد بعد معلومات عن نشرهم قاذفات «توبوليف 22» الإستراتيجية، القادرة على حمل عشرة صواريخ «رادوغا» الموجهة، و25 طناً من القنابل. وتتجاوز القاذفة الروسية حاجة الحرب في سوريا في المدى الذي تعمل فيه، والذي يبلغ أكثر من 6800 كيلومتر، لكنه إذا ما تأكد، فإنه يشير إلى إعداد واضح لضم الميدان العراقي إلى عمليات الروس في سوريا، والتحضير لقصف واسع في مناطق صحراوية تتحصن فيها قوات «داعش»، أو تنتقل فيها أرتالها بين العراق وسوريا.
وجلي أن الروس قد تجاوزوا منذ البداية الخطوط الحمراء التي رسمها الأتراك والخليجيون والأميركيون والفرنسيون لأي حرب في سوريا، فضلاً عن إسقاطهم كل الشروط التي اعتقد هؤلاء أن موسكو ستلتزم بها في حملتها السورية. إذ بات واضحاً أن «داعش» ليس أولوية روسية في سوريا، وان الهدف الأساسي هو كسر العمود الفقري للتدخل التركي والإقليمي في سوريا، بضرب الجماعات التي تعمل تحت إمرتها، لا سيما «جيش الفتح»، وهي الجماعات التي تستنزف الجيش السوري، وتشكل تهديدا اكبر من تهديد «داعش»، الذي لا يسيطر إلا على سوريا الصحراوية، ومواقع قليلة أخطرها مداخل القلمون الشرقي في القريتين، وفي دير الزور التي يحاصرها منذ أكثر من عام.
ويعكس انسحاب الفصائل «الجهادية» نحو الحدود التركية، محاولة للاحتماء بالمظلة التركية التي تمنع المقاتلات الروسية من الاقتراب منها تفاهمات مفترضة مع الرئيس رجب طيب اردوغان، سيجري اختبار مدى صحتها إذا ما تواصلت العملية الروسية بالوتيرة نفسها. أما «داعش» فيشكل هدفاً جزئياً لغارات الـ «سوخوي 24 و25»، وقد بدأ «داعش» بالانكفاء من الرقة، معقله الرئيس في سوريا، بمجرد انطلاق العمليات الجوية الروسية، كما بدأ بإجلاء عائلات المقاتلين الأجانب نحو الموصل، فيما فرغت شوارع المدينة من المقاتلين، وتوقف تنقل الأرتال بين أريافها، مع تحليق مستمر لطائرات الاستطلاع، وهو أمر لم يحدث طيلة عام من الحملة الأميركية الجوية عليها.
ويبدو أن مقولة بوتين، على منصة الأمم المتحدة، هي الخيط القائد للمقاتلات الروسية في سوريا، وهي مقولة حسمت خريطة المعسكر المعادي بنفيها وجود أي معارضة معتدلة في سوريا، رغم ما قاله وزير الخارجية سيرغي لافروف من أنه لا يعد «الجيش الحر» منظمة إرهابية، وهو ليس هدفاً للمقاتلات الروسية، إلا أن أحداً في الإدارة الروسية، لا يعترف بوجود «الجيش الحر»، ولا حتى ببقاياه التي تأسلم معظمها، وتحولت إلى جماعات «جهادية»، باستثناء مجموعات قليلة على الجبهة الجنوبية، وبدعم أردني.
ويبدو الغضب الفرنسي، والأميركي، والتركي مفهوماً على الغارات الروسية التي تتطابق كلياً مع أولويات الجيش السوري: ضرب المجموعات «الجهادية» المسلحة. إذ تضافرت تصريحات الرؤساء فرانسوا هولاند، ورجب طيب اردوغان، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري على طلب الاكتفاء بضرب «داعش» وحده، أو «داعش» و «جبهة النصرة» في أفضل الأحوال، وعدم التعرض للمجموعات الأخرى التي تعمل تحت سقفها لقضم مناطق سيطرة الدولة ومواصلة تدمير سوريا. وانتقدت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وقطر والسعودية وتركيا، في بيان مشترك، الغارات الروسية التي قالت إنها لم تستهدف تنظيم «داعش»، معتبرة أن «هذه الإجراءات العسكرية تشكل تصعيداً إضافياً وستتسبب فقط في إذكاء التطرف».
ويتمتع الروس بقدر من الخبرة لفهم أن ضرب «داعش» وحده من دون غيره، سيلقى حماسة كبيرة من هؤلاء جميعاً. إذ إن إضعاف «داعش» وحده لا يخدم الهدف الروسي بتعزيز الجيش السوري، بل على العكس فإنه سيؤدي إلى المزيد من استنزافه إذا لم توجه الضربات إلى «داعش» والمجموعات المسلحة برمتها في وقت واحد، لمنع هذه المجموعات والدول التي تمولها من الاستفادة من إضعاف «الدولة الإسلامية»، والتقدم نحو مناطق سيطرة الجيش السوري، كما حدث في ادلب وسهل الغاب وفي جيوب شرق حمص.

النهار :

لعل عنوان المضي نحو مزيد من التعقيد بل الانسداد السياسي اختصره أمس نائب الامين العام لـ"حزب الله " الشيخ نعيم قاسم في تبشيره "بأننا اليوم على ابواب انهيار الحكومة اللبنانية ". وكلام الرجل الثاني في الحزب جاء من باب تحميله "جماعة 14 آذار مسؤولية تعطيل الدولة ورفض كل التسويات التي اقترحت من اجل معالجة عدم اجتماع الحكومة"، في حين بدأت المخاوف تتنامى لدى افرقاء 14 آذار من مؤشرات لضرب عملية الحوار النيابي في ثلاثية جلساته ايام 6 و7 و8 تشرين الاول الجاري وافتعال مزيد من التعقيدات من اجل شل الحكومة شلا تاما بما يدفع بها الى واقع تصريف الاعمال واقعيا.
وأكد مصدر معني بالاتصالات الجارية في شأن مشروع تسوية الترقيات العسكرية الذي اصطدم اخيرا بالاخفاق لـ"النهار" انه على رغم استمرار المساعي للتوصل الى مخارج جديدة في هذا الصدد لم تظهر اي معالم ايجابية يمكن البناء عليها قبل موعد معاودة جلسات الحوار التي بات مصيرها محكوما بل مرتبطا ارتباطا مباشرا بهذه الازمة كتغيير قسري تمكن منه الافرقاء العاملون على تقديم موضوع آلية عمل مجلس الوزراء بما فيها مشكلة الترقيات العسكرية على موضوع الاستحقاق الرئاسي وسواه. وابدى المصدر تشاؤماً بفرص التوصل الى مخرج لمسألة الترقيات بعدما طرأت عوامل اضافية تحول دون تنفيذ شروط الفريق العوني تحديدا مدعوما من "حزب الله " والذي يدأب على رفض كل الاقتراحات التي تساق في هذا الصدد، في حين يبدي وزراء الرئيس ميشال سليمان والكتائب تشددا اضافيا حيال اي ترفيعات من شأنها المس بهيكلية الجيش.
وافادت معلومات اخرى في هذا السياق ان ما تردد عن دفع من جانب السفير الاميركي ديفيد هيل للتوصل الى تسوية للترقيات قد تراجع على نحو كبير اخيرا خشية حصول خلل او نشوء سلبيات على مستوى الهيكلية العسكرية في ظل احتدام الاستقطاب السياسي الذي حصل حول المسألة. كما ان معالم تداعيات سلبية اخرى رصدت في السياق نفسه من خلال تململ عسكري من اعتماد معايير استثنائية تعتمد في الترقيات ولا تتناسب والنظام العسكري، اذ ان ما ينطبق على تعيين قائد الجيش الذي يمر بتوافق سياسي الزامي في مجلس الوزراء لا ينسحب على ترقيات عسكرية يجب ان تبقى بعيدة تماما من الحسابات والاستقطابات السياسية.

سلام
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن رئيس الوزراء تمام سلام أبلغ الوزراء الذين التقاهم أمس أنه في ضوء اتصالاته في نيويورك تبين له أن على لبنان ألا يتوقع شيئا على صعيد المساعدات بل أن الافاق مقفلة. كما أبلغهم أن الامور مقفلة سياسيا أيضاً في الداخل وعليه يجب الانصراف الى حل المسائل الانية على الصعد العملي والبيئي والخدمات. وبناء على هذا التوجه شدد الرئيس سلام على العمل فورا لإنجاز ملف النفايات الذي لا يزال عالقا.
واضافت المصادر أن الرئيس سلام تبلغ تمنيا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط أن يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في انتظار نتائج الاتصالات الجارية لتذليل عقدة الترقيات العسكرية. وعليه، ستكون هناك فترة إنتظار حتى نهاية الاسبوع المقبل لتقرير الموقف الواجب اتخاذه وخصوصاً أن الصيغ المطروحة للترقيات لم تنل القبول من الاطراف المعنيين.

 

المستقبل :

لم يغير التدخل الروسي المباشر والكثيف في سوريا كثيراً من جوهر الأزمة، واقتصر في ما يبدو على الشكل، إذ استبدلت طائرات نظام بشار الأسد المتهالكة وصواريخها وبراميلها العمياء، بمقاتلات روسية حديثة وصواريخ فتاكة ومدمرة دقيقة التوجيه نحو المدنيين ومقاتلي المعارضة، وقد تسببت أمس بمجزرة دموية راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً وفق وسائل إعلام معارضة، فيما بقيت المواقف الدولية على حالها، وسط تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الأسد الديكتاتور هو المشكلة وأن الصراع هو بينه وبين الشعب السوري بينما موسكو وطهران تطيلان بقاءه، واصفاً المقاربة الروسية في سوريا بالكارثة.
واعتبر الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي أمس أن مقاربة روسيا في سوريا مآلها الفشل. وقال «إنها وصفة لكارثة» والغارات الجوية الروسية «على المعارضة (السورية) المعتدلة لن تكون مجدية»، معتبراً مع ذلك أنه لا يزال من «الممكن» التوصل مع موسكو الى حل سياسي إذا أقرت روسيا «بوجوب تغيير الحكومة» السورية.
وأكد أوباما أن «الصراع في سوريا هو بين الشعب والديكتاتور الأسد». ورأى أن التدخل الروسي سيفضي إلى تعزيز وتقوية «داعش»، معبراً عن رفض أميركا لما يردده الروس أن كل خصوم الأسد إرهابيون.
وقال أوباما إن بقاء الأسد في السلطة يتم بدعم روسيا وإيران وإن بوتين ذهب إلى سوريا «حينما شعر بأن النظام بدأ ينهار«، وانتقد أوباما قيام روسيا بإضعاف المعارضة المعتدلة لحساب تقوية «داعش«.
وجدد أوباما القول إن «مشلكتنا مع الأسد ولا حل بوجوده، وإن الضربات الروسية ستبعدنا أكثر عن الانتقال السياسي«.
وبالنسبة للرئيس الأميركي، فإن «إيران والأسد هما تحالف بوتين، وبقية العالم يمثل تحالفنا». وقال أوباما إن «سوريا ستكون مستنقعاً لروسيا وإيران بسبب دعم الأسد«.
وأضاف: «أكدت لبوتين أن الحل في سوريا هو مرحلة انتقالية من دون الأسد«.
وبينما أشار إلى محاولة أميركا البناء على برنامج التدريب والتجهيز مع الأكراد في سوريا»، أوضح أوباما أن سياسة روسيا فاشلة وستؤدي إلى تجنيد مزيد من المقاتلين الأجانب.
وأضاف أن الضربات الروسية ضد المعارضة لن تخدم الحل الذي نسعى إليه، مؤكداً مواصلة برنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة.
لكن أوباما أكد أنه «لن نحول سوريا إلى حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا. هذا ليس نوعاً من التنافس بين قوى عظمى على رقعة شطرنج«.
واصدرت حكومات فرنسا وألمانيا وقطر والسعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بياناً مشتركا أعربت فيه عن «الأسف العميق بشأن الحشد العسكري الروسي في سوريا، وخصوصاً الاعتداءات التي نفذها سلاح الجو الروسي في حماة وحمص وإدلب، والتي أدت لسقوط ضحايا مدنيين ولم تستهدف داعش«. واعتبر البيان أن «هذا العمل العسكري« يشكل «تصعيداً آخر للأزمة، وسوف يؤدي لتأجيج مزيد من التطرف والجنوح إلى التطرف«.
وبشكل منفصل، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس أنه أبلغ بوتين أن «الضربات ينبغي أن تستهدف داعش وداعش فقط»، فيما قالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، في مؤتمر صحافي مشترك: «شددنا معاً على أن الدولة الإسلامية (داعش) هي العدو التي علينا محاربته»، نافية أي تباين في وجهات النظر مع هولاند في شأن الموقف من بشار الأسد.
وفي بروكسل، قالت كاثرين راي المتحدثة باسم الجهاز الديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي «نحن قلقون جداً من معلومات عن غارات جوية ضربت المدنيين في حمص، ندعو روسيا للضرب بدقة». وأضافت «نقول إن الضربات يجب ألا تمس المدنيين وتستهدف داعش».
كما اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس روسيا باستهداف مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة. وفي تصريحات للصحافيين الأتراك على متن الطائرة التي أقلته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال إن «النتيجة مقلقة جداً«. وأضاف «العملية برمتها تستهدف مواقع الجيش السوري الحر« و«هذا بوضوح يدعم النظام السوري الذي شارف على الانهيار» مضيفاً «لا أظن أنه من المفيد تدمير المعارضة المعتدلة».
وعلى الرغم من الانتقادات واصلت موسكو شن غارات على مناطق تسيطر عليها المعارضة. وقال مسؤول بوزارة الدفاع الروسية يدعى إيغور كوناشينكوف إن سلاح الجو نفذ 14 طلعة جوية أمس وشن ست غارات ضد أهداف لـ»داعش» ودمر مركز قيادة للتنظيم في محافظة إدلب، علماً أن فصائل المعارضة كانت قد طردت التنظيم منذ عام من إدلب حيث لا وجود له على الإطلاق.
وفي المقابل، قالت «الهيئة السورية للإعلام» إن الطائرات الروسية ارتكبت أمس «مجزرة مروعة بحق المدنيين في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، سقط ضحيتها أكثر من 50 شهيداً وعدداً كبيراً من الجرحى كحصيلة أولية، وذلك بعد أن شن الطيران الحربي الروسي غارات على المدينة استهدفت منازل المدنيين«. وأفاد ناشطون، أن القصف طال مشفى الجبل والمنطقة بجانب جامع أسامة والجامع الكبير في المدينة وجامع عمر بن الخطاب وجامع أبو بكر الصديق وسوق الهال. وأضافت «الهيئة السورية للإعلام» أن الطائرات الروسية ارتكبت «مجزرة أخرى، في مدينة دير حافر شرقي مدينة الباب، سقط ضحيتها أكثر من 20 شهيداً وعشرات الجرحى«.

الديار :

التدخل الروسي في سوريا وامتدادا الى العراق سيقلب كل التوازنات في المنطقة وربما رفع الصراع الى مراحل متقدمة وخلط الاوراق في ظل احداث استثنائىة تشهدها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية وربما تفوق بنتائجها غزو التحالف الدولي ضد العراق.
وفي ظل هذه المعمعة من الطبيعي ان تمتد الشظايا الى الدول المجاورة وتحديدا لبنان الذي بات في قلب الحدث مع التطورات العسكرية خصوصا ان الجيش اللبناني عزز مواقعه على طول الحدود اللبنانية - السورية تحسبا لاي تطورات مرتقبة او محاولة المسلحين الدخول الى لبنان اذا طالتهم الغارات الروسية او حصلت تطورات عسكرية في ريف دمشق وعلى طول خط الزبداني دمشق حمص اللاذقية.
وفي ظل هذه الاجواء قالت موسكو على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف انه يجب تنفيذ القرار 1701 بما فيه منع الطائرات الاسرائىلية من التحليق فوق لبنان وقال اذا طلبت الحكومة اللبنانية حماية اجواء لبنان فطائراتنا مستعدة في مطار اللاذقية لكن يجب اخذ القرار من مجلس الامن ولدينا القدرة الجوية لحماية اجواء لبنان.
اما القناة العاشرة الاسرائىلية فقالت اذا دخلت الطائرات الروسية اجواء لبنان فيعني ذلك الاصطدام بين الطائرات الروسية والاسرائيلية ويعني ذلك معركة جوية حقيقية لن نسمح بها ونتمنى على القيادة الروسية ان لا تقوم بذلك لان الطائرات الاسرائيلية ستبقى في الاجواء اللبنانية مهما كلف الامر.
هذه المواقف تفرض على اللبنانيين الانتباه واليقظة ومعالجة كل الملفات لتحصين الساحة الداخلية خصوصا ان الرئيس تمام سلام عاد من نيويورك بأجواء غير مطمئنة بأن لبنان ليس في صلب الاهتمامات الدولية. ولا على بال احد وكل ما سمعه تمنيات ووعود بالمساعدة قد تبقى دون اي تنفيذ حتى في الملف الرئاسي ولم يشعر سلام بأي اهتمام جدي في هذا الملف لجهة وضعه على سكة الحل وكل ما سمعه اصرار دولي على دعم الجيش اللبناني فقط لانه الضمانة الوحيدة للاستقرار والقادر على محاربة القوى المتطرفة حتى في موضوع اللاجئىن السوريين لم يتم اخذ قرارات فورية بتقديم مساعدات للبنان، رغم تداعيات هذا الملف على الاوضاع الداخلية حيث اصدرت المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين تقريرا كشفت فيه ان عدد اللاجئىن السوريين في لبنان والمسجلين رسميا بلغ 1.113.941 لاجئا وهؤلاء سيتركون تداعيات على الوضع اللبناني مع فصل الشتاء وان 70% من النازحين تحت خط الفقر كما اشار التقرير الى ان اكثر من 190000 الف عائلة لبنانية وسورية وفلسطينية وضعهم الاقتصادي سيئ جدا وهذا ما يزيد من الاعباء على الدولة اللبنانية.

ـ تسوية العمداء ـ

لم يطرأ اي جديد على ملف تسوية العمداء ولم تقدم اي اقتراحات جديدة فيما يواصل الرئىس بري والنائب جنبلاط اتصالاتهما لتذليل العقبات قبل جلسات طاولة الحوار الوطني التي ستعقد الاسبوع المقبل وسط دعوات الحراك المدني الى تنفيذ تظاهرة حاشدة نهار الخميس المقبل في ساحة رياض الصلح عند السادسة مساء ضد استشراء الفساد.
وفي المقابل اكدت مصادر التيار الوطني الحر الى انه لم يحصل اي تطور حتى الان وبالتالي فان مشاركة العماد عون في طاولة الحوار غير محسومة وكشفت عن توزيع ادوار بين القوى الرافضة للتسوية تعبر عن نية مبيتة ضد العماد عون والتيار الوطني واثنى المصدر القيادي على مواقف النائب وليد جنبلاط ووصفها بالصادقة وبتأكيده على الاخذ بمطالب العماد عون بعين الاعتبار لانه يمثل قوة اساسية ولا يمكن تجاهله وحاول كثيرا تمرير التسوية لاعادة اطلاق العمل الحكومي.
واشارت المصادر الى ان الاثنين ستتوضح الامور خصوصا مع اجتماع لجنة الاشغال ودرس موضوع الطاقة والاتهامات الموجهة من قبل البعض للتيار الوطني الحر على خلفية هذا الملف. لان اجتماع اللجنة السابق تضمن مغالطات واتهامات ضد التيار الوطني اطلقها تيار المستقبل.

ـ سلام سيطرح التعيينات في الحكومةـ

وفي موازاة ذلك اكدت مصادر السراي الحكومي، ان الرئيس سلام سيقوم بجوجلة مع المكونات الحكومية لحصيلة الاتصالات بشأن التسوية وهو سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء لكن موعدها مرهون بالنتائج الايجابية حول التسوية واشارت المصادر ان الرئيس سلام سيطرح التسوية من خارج جدول الاعمال اذا اصر وزير الدفاع سمير مقبل على موقفه الرافض لطرح ترقية العمداء في مجلس الوزراء وقد ابلغ مقبل الرئيس سلام امس رفضه للتسوية لانها تهز الجيش اللبناني وتشرع التدخلات السياسية ولا يمكن اقرار تسوية من اجل شخص.
وتضيف المصادر على ضوء اتصالات سلام مع الرئيس بري والحريري وجنبلاط وعون ستتوضح الامور لان التسوية لم تسحب من التداول بعد.

 

الجمهورية :

طغى الوضع السوري على كل ما عداه من تطورات وأحداث، حيث إنّ الدخول الروسي أدّى إلى تدويل هذه الأزمة التي شَغلت العالم مجدداً في الأسابيع الأخيرة. وقد أثارت الغارات الروسية موجةً من ردود الفعل الغربية والعربية المندّدة بتوسيع رقعة هذه الغارات التي شملت مواقع للمعارضة السورية وليس فقط «داعش». ومن الصعوبة بمكان أن يبقى لبنان بمنأى عن هذا التصعيد السوري، خصوصاً أنّ محور الممانعة أعاد التقاط أنفاسه، ويعتبر أنّ ما يحصل يخدم أهدافه، وبالتالي أعاد رفعَ سقف شروطه ربطاً بالتطورات المستجدّة، علماً أنّ هذه التطورات ستؤدي، وفق ديبلوماسي عربي، إلى إطالة أمد الأزمة السورية، لا العكس. وفي موازاة التصعيد السوري التي انتقلت رياحه إلى لبنان، شكّلت حادثة الحجّاج في منى النقطة التي أفاضت الكأس بين الرياض وطهران، فارتفع منسوب التصعيد بينهما مجدداً. فما بين المشهد السوري، والمشهد السعودي-الإيراني، تعقّدت التسوية التي كان يُعمل عليها في لبنان، ولكن إذا كانت هذه التطورات قد أدّت إلى تجميد التسوية، فهذا لا يعني أنّ الاتصالات مجمّدة من أجل إعادة تحريكها وسط تصعيد في المواقف السياسية، كان من أبرزها ما قاله نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «نحن اليوم على أبواب انهيار الحكومة اللبنانية، لأنّ كلّ التسويات التي اقتُرحت من أجل معالجة عدم اجتماع الحكومة اللبنانية رفضَها فريق 14 آذار مرّةً مجتمعاً وأخرى متفرّقاً بتوزيع الأدوار». التصعيد سيّد الموقف في المنطقة، والكل متّفق على أنّ سوريا دخلت في مرحلة جديدة، بمعزل عمّا ستؤول إليه هذه المرحلة، والتحدّي الأساس يكمن في إبقاء لبنان بمنأى عن التداعيات السورية القديمة-الجديدة.
وفي هذا السياق قال قياديّ بارز يعمل على خط التسوية الحكومية لـ«الجمهورية» إنّ «مِن مساوئ التوتر في لبنان اليوم أنّه يتقاطع مع تصعيد كبير خارجي، الأمر الذي يوفّر بيئة حاضنة لهذا التصعيد، ويعرّض الاستقرار اللبناني للخطر».
وأشار القيادي إلى أنّ الحلّ الوحيد لإبعاد نيران المنطقة هو في تحصين الوضع السياسي، وبالتالي لا مهرب من التسوية التي تعيد انتظام الحياة السياسية بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
تصعيد الشارع
وتخوّفت أوساط سياسية من أن يؤدي التصعيد والتعطيل السياسيين إلى عودة التظاهرات في الشارع من باب فشل السلطة في تنفيذ خطة النفايات، ودخولها في صراعات لا طائل منها، وقالت لـ«الجمهورية» إنّه بعد تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى أجل غير معروف، لا يفترَض استبعاد أن يعمد رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تأجيل الحوار المزمَع عقده في 6 و7 و8، لأنّ ظروف إنجاحه غير متوافرة، ومن هنا الساعات المقبلة مصيرية لتحديد الاتجاه الذي يمكن ان ترسو عليه الأمور.
أسبوع الحسم
وتوقّعت الأوساط أن يشكّل الأسبوع الطالع أسبوع الحسم، فإمّا أن تتحلحل الأمور، وإمّا أن تتعقّد ويدخل لبنان في مرحلة من التصعيد السياسي. فمعالم التسوية ستتظهّر الأسبوع المقبل إذا كان هناك من فرص جدّية لإنجاح هذه التسوية، وبالتالي الحكومة والحوار معلّقان على نتائج الاتصالات القائمة على قدم وساق.
وفي الوقت الذي دخلت على خط المعالجات أكثر من جهة ديبلوماسية حرصاً على الاستقرار، إلّا أنّ البارز تأكيد هذه الجهات أنّ حرصها على الاستقرار لا يعني إطلاقاً تغطية أيّ قرار أو تسوية تمسّ بالجيش اللبناني وهيبته ودوره، خصوصاً في ظل التعويل الكبير عليه دولياً وداخلياً لإبقاء الوضع اللبناني مستقراً.
نصيحة برّي لسلام
وفي ظل هذه الأجواء التي عاشتها الساحة اللبنانية، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام تلقّى اتصالاً مطوّلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري هنّأه فيه بسلامة العودة من نيويورك وجرى نقاش مستفيض حول كلّ التطورات. وتداوَلا في نتائج الإتصالات التي أجراها بري مع القيادات السياسية التي هدفت الى تسوية ملف الترقيات وما آلت اليه الجهود التي بُذلت لفتح الطريق الى إحياء العمل الحكومي.
وتمنّى بري على سلام التريّث في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء في هذه الأجواء غير المستقرّة بانتظار المزيد من المساعي المبذولة على أكثر من مستوى.
ولم يحسم بري ردّاً على سؤال سلام ما يمكن ان تكون عليه الأجواء المحيطة بمصير دعوته السابقة الى سلسلة جلسات الحوار في السادس والسابع والثامن من الشهر الجاري في ساحة النجمة في ضوء مواقف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الأخيرة، معتبراً أنّ المواقف النهائية منها لم تتوضّح بعد بانتظار المزيد من الإتصالات التي لن تتوقف حتى اللحظات الأخيرة الفاصلة عن الموعد المحدّد.
وفي جانب من اللقاء استعرض بري وسلام نتائج المساعي الجارية من أجل حلّ مسألة النفايات وتأمين انطلاق خطة العمل التي أقرّها مجلس الوزراء. وأبدى رئيس مجلس النواب استعداده لأيّ جهد في سبيل تسهيل انطلاق هذه الورشة بمرحلتَيها الأوّلية والمستدامة، وجدّد إبلاغه بموقفه الذي أطلع عليه وزير الزراعة اكرم شهيّب بأنّه «لن يكون هناك أيّ ملف، لا تعيينات ولا جلسة ولا عمل لمجلس الوزراء، قبل حلّ هذا الملف حلّاً كاملاً وجذرياً».
هيل
وفي غمرة الحديث عن الترقيات ورفض التسويات على حساب المؤسسة العسكرية، جدّدت واشنطن موقفها الداعم للجيش اللبناني. وقال السفير الاميركي دايفيد هيل إنّ بلاده «تؤمن بأنّ الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي لديها الشرعية والتفويض للدفاع عن البلد وشعبه، ومن أجل القيام بمهمته يجب أن تكون لديه المعدّات والتدريب اللازم».
وأعلن أنّ المبلغ الاساسي للمساعدات الاميركية العسكرية التي نقدّمها الى الجيش اللبناني سيكون أكثر من مضاعف هذا العام مقارنةً بالعام الماضي، لافتاً الى أنّ الولايات المتحدة تخصّص 150 مليون دولار من أموال المساعدات الاميركية للجيش للعام المقبل.... بالإضافة إلى 59 مليون دولار للمساعدات الأمنية الحدودية للجيش التي كانت قد أعلنت عنها الاسبوع الماضي».
إلّا أنّ هيل لفت الى أنّ الدعم والمساعدة الدوليين يمكن أن يتوصّلا فقط الى مكان محدود، وأن ليس هناك من بديل عن قيادة سياسية حقيقية من داخل لبنان». وأمل في «أن نرى إجراءات حازمة من زعماء لبنان لحلّ المأزق السياسي من خلال انتخاب رئيس من دون مزيد من التأخير، بحيث تتمكّن مؤسسات الحكم من الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتوفير خدمات فعّالة».
الحزب
وحمّلَ «حزب الله» فريق 14 آذار مسؤولية تعطيل الدولة ومنع الحلول في لبنان بدءًا برئاسة الجمهورية ومرورًا بمجلس النواب ثمّ بمجلس الوزراء». وقال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «نحن اليوم على أبواب انهيار الحكومة اللبنانية، لأنّ كلّ التسويات التي اقتُرحت من أجل معالجة عدم اجتماع الحكومة اللبنانية رفضَها فريق 14 آذار مرّةً مجتمعًا وأخرى متفرّقًا بتوزيع الأدوار، فهل يبقى بلد بهذه الطريقة، عليكم أن تتجاوبوا مع التسويات التي شاركتم فيها من أجل أن تبقى الحكومة ونفكّر كيف نحيي مجلس النواب وكيف نحلّ مشكلة الرئاسة».
وحدّد طريقين للحل في لبنان: الأوّل إمّا أن يتفق الأطراف على معالجات جزئية تنقلنا من حال إلى حال أفضل، فنعالج مشكلة الحكومة لتبدأ بالاجتماعات، ثمّ نعالج مشكلة مجلس النواب ليعقد بعض الاجتماعات، ثمّ نناقش معًا مسألة رئاسة الجمهورية لنصل إلى اتفاقات حول الموضوع فنجزّئ المشاكل ونعالج ما نستطيع حتى نسيّر البلد.
والطريق الثاني: إنتاج السلطة من خلال انتخابات نيابية تغيّر كلّ الوجوه التي رأيناها ونراها، على أن يكون الانتخاب وفق قانون النسبية، بهذه الطريقة يختار الشعب الممثلين ويكون الاختيار صحيحًا، لأنّ الناس سيختارون بملء إرادتهم لا بواسطة المال والسيطرة وزعماء الطوائف ولا من خلال إلغاء أدوار كلّ الذين لا يملكون الأكثرية، وبهذا يأتي مجلس نيابي جديد وتكون الدورة قائمة من أجل الانتخابات للاختيارات المختلفة».