خاص "ليبانون ديبايت" - لارا الهاشم:

من منا لا يذكر فضيحة بنك المدينة. تلك الفضيحة التي يشتبه بتورط نحو 437 اسما من الشخصيات العامة ومن العاملين في الحقل الخاص بصفة رجال اعمال، فيها، من خلال الاستفادة من اكثر من 644.5 مليون دولار اميركي.

نحو 644 مليون و 533 الف و 270 دولار اختلست ووزعت بين مقبوضات بالليرة اللبنانية او الدولار الاميركي او اليورو في زمن الوصاية السورية ما ادى الى افلاس البنك وانهياره. 

طويت صفحة هذا الملف كأي ملف فساد في لبنان نظرا لتورط اسماء كبيرة تبدو اكبر من الوطن ولا تزال التحقيقات فيه مستمرة من دون اي محاكمات او توضيحات اقله للرأي العام اللبناني وللمودعين السابقين في البنك. 

وعلى الرغم من نشر اسماء متورطة كشفتها لجنة التحقيق التي كلفها النائب العام التمييزي السابق سعيد ميرزا، الا انه لم يصدر أي ادعاء أو إدانة بحق أي شخص من الاشخاص فبقي هؤلاء بنظر القضاء في اطار الشبهة على اعتبار انهم من أصحاب الحسابات أو الشيكات أو التحويلات المشتبه في أنها استُخدمت بهدف اختلاس الأموال أو تبييضها أو الانتفاع منها بوسائل غير مشروعة أو نتيجة تحايل ورشى وفساد ومحسوبية وتبرعات وهدايا. 

اليوم عاد الملف الى الواجهة، لكن ليس من باب كشف المفسدين والناهبين ومبيضي الاموال بل من باب ادعاء وزير الداخلية نهاد المشنوق على الصحافي محمد زبيب على خلفية نشره صورة شيك صادر عن بنك المدينة لصالح المشنوق في العام 2002 بقيمة مليار و 436 مليون و 400 الف ليرة لبنانية. 

ترك القضاء زبيب بسند اقامة وتزامنا برزت محاولة لنقيب المحررين الياس عون لاجراء مصالحة بين الطرفين. يقول عون ان القضية قديمة ولا تستحق نبش القبور واضعا اياها في اطار التشهير والقدح والذم، اذ ان الشيك المنشور هو بدل قصر كان يملكه المشنوق في بولونيا وباعه. يحاول عون لعب دور الوسيط مؤكدا انه تحدث الى المدعي العام سمير حمود والمحامي العام التمييزي اللذين لم يمانعا في اجراء مصالحة كما انه التقى المدعى عليه في قصر العدل الذي ابدى موافقته على حل القضية حبيا، واعدا باستكمال مساعيه الى جانب المشنوق لسحب الدعوى. فيما مصادر الداخلية تشير الى ان الامر يعود للوزير وحده الذي لم يصدر عنه اي قرار بعد.

لكن زبيب ينفي نفيا قاطعا هذا الكلام، مؤكدا لليبانون ديبايت ان اي حديث مع نقيب المحررين خارج اطار دعم النقابة لقضيته لم يتم، فقد التقاه سريعا على مدخل مكتب المدعي العام ثم توجه الى مكتب القاضي عماد قبلان الذي يتولى التحقيق. اما الكلام عن مصالحة وموافقته عليها فهو عار عن الصحة، اذ يرى في محاولة المصالحة هذه، شخصنة للقضية، بينما المصالحات مرفوضة على حساب حرية الصحافة. 

اما بالنسبة لما قيل عن تشهير وقدح وذم فهو مرفوض بالنسبة اليه لأن الشيك المنشور لا يطال الحسابات الشخصية للوزير بل هو جزء من كبرى فضائح الفساد في تاريخ لبنان التي ورد اسم المشنوق فيها، ضمن اللائحة التي نشرها زبيب منذ عامين من دون ان يتوصل القضاء الى كشف اي حقيقة. ويردف قائلا: "انا اؤدي واجباتي فليست المرة الاولى التي امارس فيها مهمتي كصحافي في نشر الحقائق ولن يكون ادعاء وزير الداخلية علي اخر المطاف". 

وفي ظل استغراب البعض موقف نقيب المحررين حيال هذه القضية يُطرح سؤال مشروع: الا يستأهل اللبنانيون كشف من اختلس اموالهم عوضا عن الالتفاف حول لب المشكلة والالتهاء بصغائر الامور؟