بين يوم وآخر قررت روسيا التدخل عسكريا في الحرب السورية فقلبت الموازين الدولية وغيرت معها المواقف الدولية. فنتنياهو سارع إلى موسكو ليحافظ على مصالحه معها وتأكيدا على خوفه على الأمن في الشرق الأوسط.

أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فرأى أن رحيل الرئيس السوري كشرط مسبق للحل؛ ليس واقعيا كما حض أيضا وزير الخارجية الأميركي روسيا وإيران على استخدام نفوذهما لجلب الرئيس السوري بشار الأسد إلى طاولة التفاوض. هذه المواقف التي ربما تعتبر مفاجئة تعود إلى عدم قدرة كل فريق على حسم المعركة السورية التي ما زالت مستمرة منذ 5 سنوات.

فمن جهة هناك النظام السوري بالتعاون مع حزب الله الذي سيطر على مناطق معينة وهناك جيش الفتح الذي ايضا إستطاع التمكن من عدة مناطق في سوريا وبالتالي انقسمت سوريا بين عدوين ولن تعود إلا بانكسار أحدهما. وفي ظل إصرار الطرفين على المعركة فالأزمة لن تنتهي، وبالتالي سيبقى اللاجئون الذين بدأوا يعبرون إلى أوروبا خطرا يهدد تلك البلدان لذا آثرت الدول الأوروبية بحل بقاء الأسد ولو بشكل غير مباشر.

وهنا يكون السؤال الذي سيطرح نفسه تلقائيا:بعد هذه التغيرات بالمواقف ووقوف الجميع لجانب النظام السوري، ماذا سيفعل حزب الله؟وكيف سيتصرف؟

فحزب الله دخل إلى سوريا ليدافع عن الأسد وليبقيه في الرئاسة غير سائل عن آلآف الشبان، فقدمهم قربانا لبشار الأسد لكن اليوم انقلبت الآية وموسكو التي دخلت إلى خط المعركة جلست مع إسرائيل العدو الأساس لحزب الله كي تتفق معها على التنسيق بما يخص سوريا مع الإشارة إلى أن الوجود الروسي يخدم المصالح الإسرائيلية.

وفي ظل ذلك سيعتبر حزب الله خاسرا إن عاد إلى لبنان وهذا بالطبع ما سينعكس على وضعه داخل الطائفة الشيعية، فالمكاسب التي حققها ليست بشيء مقابل الوعود التي سمعها الشعب اللبناني خصوصا هذه الطائفة على ضوء ما قدمته من تضحيات وقرابين.

ويمكننا أن نقول أن "حزب الله" يسعى إلى إثبات نفسه كقوة إقليمية وفشله في سوريا يعني فشله في العراق واليمن وغيرها لذا فهو إما سيقبل بتسوية تتعلق بتقسيم سوريا وغما سيعود إلى لبنان ساحبا عناصره من كل المعارك كي لا تتكرر تجربة سوريا مع الترجيح للنظرية الأولى.

ختاما، نستطيع ان نؤكد ان بالحالتين "حزب الله" خسر، حيث ان اوراقه العسكرية بدأت مشبوهة في ظل قبوله بالقتال إلى جانب موسكو التي تحافظ على النفوذ الإسرائيلي ومصالحه وهذا ما يعني أخيرا أن كل "الديباجة" التي شاهدناها تبنى على أساس تحقيق مصالح وأن مفهوم المقاومة "كذبة" لا وجود له في حزب يسعى للدخول بمعارك لا تعنيه المصلحة الوطنية.