هل يلعب الرئيس نبيه بري نفس دور حسني مبارك في ضرب الناس بالناس , ومَن يريد إسقاطه ؟

 

السفير :

نجح الحراك الشعبي حتى الآن في مواصلة الاحتفاظ بالمبادرة، على الرغم من كل الضغوط التي يتعرض لها، إما لإحراجه فإخراجه من الشارع، وإما لحرفه عن مساره الأصلي وإغراقه في الزواريب.
أمس، خيّب الحراك آمال المراهنين على تعبه، وعاد الى الساحة بزخم وحيوية، مقدماً صورة حضارية عنه، ومتجاوزاً محاولات التشويش عليه.
لم يعد المحك بالنسبة الى المتحمسين للحراك يتمثل في عدد المشاركين الذي قد يزيد تارة أو ينقص اخرى، تبعاً للظروف. المهم هو الاستمرار في الضغط والمواجهة الديموقراطية، من خلال تكتيكات مختلفة، تتراوح بين ما هو مباغت وما هو معلن.
وبرغم حساسية الهدف أو العنوان الذي قصدته التظاهرة، (مقر مجلس النواب) إلا أن الحراك أثبت أنه قادر على تقديم نماذج راقية وسلمية من التحركات الاحتجاجية في الشارع، إذا امتنعت القوى الأمنية عن استعمال العنف وتعاطت معه برحابة صدر.
ولولا الاعتداء الذي تعرض له عدد من المتظاهرين أمام مبنى «النهار» من قبل شبان قدموا أنفسهم على أساس أنهم مناصرون للرئيس نبيه بري، بعد رفع لافتة تتهمه بالفساد، لكانت تظاهرة أمس قد مرّت بسلام وهدوء.
ويمكن القول إن القوى الامنية نجحت في امتحان أمس حيث تصرفت بـ«ذكاء» أكبر قياساً على ما سلف من محطات، وكأنها تعلمت أخيراً من دروس التجارب السابقة، فأظهرت قدراً عالياً من الحكمة والمرونة في التعامل مع المتظاهرين، وتجنبت استعمال وسائل القوة والبطش ضدهم، بل واكبتهم بسلاسة على طول الطريق الممتدة من برج حمود الى محاذاة ساحة النجمة، باستثناء بعض التدافع والاحتكاك.
وكان لافتاً للانتباه أن العناصر الأمنية لم تستشرس في التمسك بـ«خط الدفاع» الأول الذي أقامته أمام مبنى «النهار»، كما فعلت في المرة الماضية، إذ فتحت ممراً للمتظاهرين سمح لهم بالوصول الى نقطة قريبة نسبياً من ساحة النجمة، وتحديداً الى شارع بلدية بيروت، بعدما أبدوا إصراراً كبيراً على مواصلة زحفهم، ليسقط بذلك أحد الخطوط الحمر التي كانت مرسومة في وجه الحراك.
جنبلاط: لماذا حصر الفساد بنا؟
وتعليقاً على إدراج اسمه ضمن الفاسدين خلال تظاهرة البارحة، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير»: أستغرب أن يرفع بعض المتظاهرين لافتة تختصر صور الفاسدين بي وبالرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري. مضيفاً: من حقي الديموقراطي أن أطرح علامات استفهام حول سبب اختصار الفساد بهذه الأسماء، في حين أن اللائحة تطول جدا، وقد لا تتسع لها أي لافتة.
ولكن جنبلاط استدرك بالقول: نعم.. أنا جزء من هذه الطبقة السياسية المدانة من قبل الحراك الشعبي، وبالتالي أنا متهم حتى تثبت براءتي، إنما يحق لي في الوقت ذاته أن أستغرب حصر الاتهام بالأشخاص الذين رُفعت صورهم خلال التظاهرة.
ولاحظ جنبلاط أن المتظاهرين كانوا سلميين أمس والقوى الأمنية تصرفت ايضا تصرفاً جيداً، منوهاً بالدور الذي أداه وزير الداخلية نهاد المشنوق في ضبط الأمور.
أما الوزير السابق شربل نحاس، فأكد لـ «السفير» أن تظاهرة البارحة كانت ناجحة، خصوصاً لجهة التشديد على أن عصب الاعتراض لا يزال نابضاً، وأن بريق الأمل لا يزال ساطعاً.
ولفت الانتباه الى أن الاعتداءات التي مارسها بعض الزعران بحق المتظاهرين تندرج في إطار «عُدّة السلطة» لإجهاض الحراك، لكنها لن تحقق غرضها، منبّهاً الى خطورة أن تستمر السلطة في تجاهل الدلالات التي ينطوي عليها الحراك الشعبي، ومن أهمها أن العقد الذي كان يربط بين الناس ودولتهم الحالية قد سقط، وبالتالي فإن هذه الطبقة الحاكمة باتت تفتقر الى الشرعية وأصبح مطلوباً بإلحاح إعادة بناء دولة شرعية، تستند الى مصلحة مشتركة تجمع بين أطراف العقد الاجتماعي.

النهار :

بات لبنان يعيش على وقع الشارع الذي يتوزع بين قوى من خارج السلطة ترفض الوضع القائم وتثور عليه، واخرى مشاركة ورافضة، ومجموعات تتولى دور القوى الامنية في الدفاع عن شخصيات ومقار رسمية وحزبية. ويبدو ان الخطة الرسمية لاستيعاب الشارع لإمرار عاصفة الرفض لم تنجح في تخطي الازمة والافادة من عامل الوقت في اطفاء الحراك الذي يجذب مرة بعد اخرى مجموعات جديدة من المواطنين.
وفي حين يتوجه رئيس الوزراء تمام سلام الخميس الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، ومعه يغيب مجلس الوزراء الى ما بعد 2 تشرين الاول، مراهنا على دور لمؤتمر الحوار في الاتفاق اقله على آلية عمل الحكومة، يزداد منسوب التوتر على رغم بصيص أمل في النفايات التي يمكن ان تشكل جسر عبور الى تخفيف الاحتقان الذي ترجم امس باصرار المتظاهرين على الوصول الى ساحة النجمة مطالبين بانتخابات نيابية جديدة بموجب قانون عصري. والتحرك الذي انطلق رمزيا من امام مؤسسة كهرباء لبنان المسبب الاول للعجز والاهدار في المال العام، لم يتمكن من بلوغ هدفه، بل اكتفى المتظاهرون باحدى الطرق المؤدية الى المجلس، بعد توتر افتعله مناصرون لحركة "امل" حضروا على دراجات نارية وحاولوا الاعتداء على متظاهرين، وفي ظل اجراءات امنية مشددة منعت التقدم الى ساحة النجمة التي تعود غدا الى احتضان جولة ثالثة من مؤتمر الحوار الوطني بحلته الجديدة.
واذا كانت مصادر قريبة من العماد ميشال عون أفادت انه سيعلن موقفه من الحوار في حفل تسلم الوزير جبران باسيل رئاسة "التيار الوطني الحر"، فان الاول امتنع عن التعليق على الموضوع أمس، كما تفيد مصادر "النهار"، بعد "سلسلة اتصالات تولاها الوزير الياس بو صعب مع الرئيسين نبيه بري وتمام سلام افضت الى اعطاء فرصة جديدة للحوار لان مقاطعة عون له، بعد حزب القوات اللبنانية، ستشكل انتكاسة كبيرة، وصدمة للرئيس بري خصوصا، وستكون لها ارتدادات سلبية على مجمل الوضع".
لكن اتصالات بو صعب لم تؤد الى بلورة اتفاق على ترقية العمداء ومنهم شامل روكز الى رتبة لواء وتمديد خدمتهم سنة أو سنتين، وقابلها أمس "تحد جديد للجنرال ومخالفة جديدة للقانون" كما قال قريبون من عون، تمثلت باستدعاء مدير المخابرات العميد ادمون فاضل من الاحتياط واعادة تكليفه هذه المسؤولية لمدة ستة اشهر. وقالت المصادر لـ"النهار" ان مطلب الترقية لم يعد يرضي عون، ولم يعد متمسكا به، لان مطالبه الحقيقية معروفة في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، وليست في جوائز الترضية". واكدت انه "اذا كانت الترقية مطلبا لعون في بداية الامر، فانه كان يهدف الى ايجاد مخرج للأزمة ولو على حسابه، لكن يبدو ان الآخرين ارادوا ابتزازه به". وأضافت ان كل الكلام على تسوية تمت في اعداد القرار والتوافق عليه ليس جديا حتى الساعة ويشكل جزءا من خطة اضاعة الوقت وصولا الى منتصف تشرين الاول موعد تقاعد روكز.

اتصالات بسفراء
سياسيا، علمت "النهار" أن مسؤولين اتصلوا بعدد من السفراء وطلبوا منهم إيضاحات عن تصريحات لهم مؤيدة لحراك الشارع "غير الواضح البعد"، وتصدر بالتوازي مع مواقفهم الداعمة للبنان واستقراره ومنحه المساعدات. وبناء على الاتصالات ستصدر مواقف خلال 48 ساعة داعمة لاستقرار لبنان ولحكومته عشية سفر رئيس الوزراء الى نيويورك، اذ يخشى الرئيس سلام أن تكون حاله اللااستقرار ذريعة لبعض الدول المانحة كي تجمّد مساعداتها للبنان. وقد عبّر سلام عن هواجسه هذه امام عدد من المراجع الديبلوماسية.

 

المستقبل :

قبل يومين من موعد جلسة الحوار الموسّعة الثالثة في ساحة النجمة التي يفترض أن تتابع النقاش حول بند رئاسة الجمهورية، سعى الحراك المدني في تظاهرته أمس الى الوصول الى مقرّ مجلس النواب ولم يصل، فيما أطلق رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مواقف تصعيدية إزاء الاستحقاق الرئاسي بلغت حدّ تخيير اللبنانيين من باب رفض التخيير بين ما سمّاه «الفوضى أو الرئيس الدمية»، مذكّراً اللبنانيين أنفسهم بمعادلة مماثلة أطلقها الديبلوماسي الأميركي ريتشارد مورفي العام 1988، ورفضها عون، تحت عنوان «مخايل الضاهر أو الفوضى».
وإذ أعطى عون تبريراً للفوضى بإعلانه «فلتكن الفوضى إذا استطاعوا».. استدرك بالقول «لكن أحداً لن يستطيع»، مفسّراً ذلك بـ»وعد» أطلقه للجمهور الذي شارك في احتفال التسلم والتسليم بينه وبين الوزير جبران باسيل: سيكون لكم رئيس من رحم معاناتكم ونبض أحلامكم وآمالكم».
رسائل
هذا الموقف الذي جاء بعد وقت قليل من نقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه برّي عنه قوله إنه في حال لم يشارك عون في جلسة الحوار الثلاثاء يكون بذلك قد سحب ترشيحه من السباق الرئاسي، سبقته رزمة مواقف لنواب كتلة «الوفاء للمقاومة» أجمعت على تجديد التأييد لعون كمرشّح للرئاسة، وتلويح رئيس الكتلة النائب محمد رعد بأننا «سننتظر ألف عام حتى نأتي برئيس من هذا الصنف».
كما ردّ الوزير باسيل بالمثل مع إطلاقه مجموعة رسائل كان أبرزها لـ»المقاومين» بقوله «حماكم الله واننا سنموت خجلاً إن لم تمتزج دماؤنا بدمائكم على أرض لبنان إذا أتى يوم الواجب»، وأخرى الى أهل الشراكة قال فيها إن «العيش الحرّ على صخرة في لبنان بمساواة وتساوٍ هو أفضل من تعايش مذلّ على كيلومترات من الإقصاء».
الحراك
من جهة مقابلة نظّمت «لجنة تنسيق حراك 29 آب» مسيرة سلمية أمس قدّرت بالمئات، انطلقت من شارع أرمينيا في برج حمّود مروراً أمام شركة كهرباء لبنان في مار مخايل النهر وصولاً الى ساحة الشهداء، وسط مواكبة أمنية مشدّدة.

الديار :

يوما بعد يوم، يستثمر الحراك المدني وناشطوه أخطاء السلطة وأذرعها التي تستمر في صم آذانها عن آلام اللبنانيين ومعاناتهم المزمنة مع جميع الملفات الحياتية، ولا تكترث بأي شكل لمطالبهم التي هي في حقيقة الأمر حقوق مشروعة، والمطالبة فيها أساس لوجود مواطنة ودولة وقانون ومؤسسات.
السلطة في واد، والناس في واد، والشارع لا يزال لغة التخاطب الوحيدة المتاحة، في ظل طاولة حوار تقوم السلطة فيها بإدارة الوقت الضائع، وتحاور نفسها، بدل أن تحاول الحوار مع الشعب اللبناني المنتفض منذ أكثر من شهرين.
ما حصل أمس يؤكد أن الشارع أخذ جرعة نشاط قوية، وأن الحراك مستمر لحين تحقيق ما يصبو إليه اللبنانيون من مطالب حياتية ومعيشية، وحتى سياسية. فكيف بدا المشهد أمس في وسط بيروت التجاري، الذي لا يزال «منهنها» من صفعة «أبو رخوصة» أول من أمس؟
«قبة باط سياسية» جعلت من يوم الحراك الطويل يسير بشكل لطيف وسلمي الى حد ما، رغم «سياسة الخطوط الحمراء» الواضحة التي تجلت في الطوق الأمني المشدد لعشرات العناصر من «المكافحة» والقوة الضاربة التي تولت حراسة وحماية مداخل ساحة النجمة من جميع الجهات، مقابل تساهل و«تسهيل مرور» على دفعات ومراحل من بداية الاعتصام أمام مبنى جريدة النهار، وصولا إلى مداخل الساحة.
«تسهيل المرور» أتى بأوامر مباشرة من القيادة العليا في قوى الأمن الداخلي، اذ لاحظ المراقبون أن ثمة استراتيجية طبقتها قوى الأمن في مظاهرة الأمس، تمثلت بغياب الأسلاك الشائكة والعوارض الحديدية من أمام المتظاهرين، وانتشار العناصر الأمنية فقط، باستثناء المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة مباشرة، بمعنى سياسي آخر ان قوى الامن قالت للمتظاهرين بما معناه : «المحيط لكم فافعلوا ما تشاؤون، إلا أن الوصول إلى ساحة البرلمان محظور، وخط أحمر».
قوى الأمن امس اعتمدت سياسة القوة الناعمة، وحاذرت المساس بالمتظاهرين أو اعتقالهم، بخلاف المشهد الأخير الذي شوهد في المرة الماضية. في المقابل، شكل المتظاهرون درعا بشريا وقف أمام المتظاهرين مديرا ظهره للقوى الأمنية، ومواجها المتظاهرين، في حين كان هناك رأيان في التنظيم، فقد عزمت بعض المجموعات على اختراق السياج الأمني الشائك «مهما كلف الأمر» باعتبار أنها قد دعت المواطنين على هذا الأساس، ومن منطلق أن من حق اللبنانيين الوصول إلى ساحة البرلمان، لأنه كما غيره من المساحات العامة ملك الشعب اللبناني، إلا أن مجموعات أخرى رفضت هذا الطرح، معتبرة أن من أهم الأشياء التي تميز هذا الحراك هي سلميته، وبالتالي، فالدخول إلى منطقة مجلس النواب المصنفة منطقة عسكرية هو مدعاة للمشاكل مع القوى الأمنية، وبالتالي فمن المطلوب البقاء خلف السياج الأمني الفاصل، وليس اختراقه.
خلق هذا التباين مجموعة من الأسئلة حول جدوى تحويل الحراك من سلمي إلى عنفي، باعتبار أن عبارة «مهما كان الثمن» تعني تساهلا في الملف، إلى حد قبول سقوط الضحايا لا سمح الله. وهنا أيضا، سألت المصادر المتابعة، هل هناك تيار داخل الحراك يريد «بو عزيزي لبناني» يذهب بالحراك والحراكيين إلى «ربيع عربي» بنسخة لبنانية، مرفوضة بكل قوة من جميع الاطراف السياسيين، ومعهم معظم الشعب اللبناني، الذي يعتبر عقلاؤه أن كمية المئتين والعشرين ألف شهيد الذين سقطوا في الحرب الأهلية أكثر من كافية، وبالتالي، لا لزوم لبو عزيزي جديد.
والاسئلة تتوالى عما اذا كان هناك من يريد تعميم الفوضى لخراب البصرة فوق رؤوس الجميع، وهذا لا يخدم لا الحراك ولا كل اللبنانيين، بل يخدم الاعداء المتربصين بلبنان وكل المنطقة العربية والساعين من وراء مخططات الفوضى الخلاقة الى تقسيم وتفتيت ما تبقى من كيانات عربية، وهذه الفوضى العارمة تصبّ في خانة ضرب الحراك المدني وتبديد الزخم والاحتضان الشعبي الذي نجح هذا الحراك في تحقيقه في 29 آب.
إشكالات طفيفة حصلت قبل بدء المظاهرة، على خلفية رفع أحد المعتصمين لصورة تجمع ثلاثي الحريري وبري وجنبلاط، إلى جانب عبارة اعتبرها بعض المتظاهرين مسيئة، فقاموا بالتعدي بالضرب على حامل الصورة، مطالبين إياه بخفضها.
وكان النائب في كتلة التنمية والتحرير علي بزي قد أكد في لقاء في بلدة كفركلا أن الحركة ترفض المس بالرموز والكرامات، وبدوره أكد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في تغريدات مسائية على موقع تويتر أنه وبري والحريري أبرياء حتى تثبت إدانتهم، منددا بتسمية هؤلاء الثلاثة دون الباقين من الطبقة السياسية...

الجمهورية :

مشهدان تقاسَما الحدث السياسي أمس: المشهد الأوّل عونيّ بامتياز، من خلال حفل تسليم وتسَلّم رئاسة «التيار الوطني الحر» والذي تميّز بموقفين: الأوّل لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي أكّد على الاستمرار بترشيحه، واعداً تياره بأنّه «سيكون لكم رئيس من رحِم معاناتكم ونبض أحلامكم». والموقف الثاني لرئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الذي دعا إلى «ملء ساحات بعبدا والتجمّع أمام قصر بعبدا في 11 تشرين الأوّل»، في خطوةٍ تأتي ترجمةً للموقف الذي كان أطلقَه باسيل عقب التظاهرة الأخيرة في ساحة الشهداء بأنّ وجهة «التيار الحر» المقبلة ستكون قصر بعبدا. إلّا أنّ هذا الموقف يعني أنّ العماد عون يتّجه إلى تدعيم ترشيحه الرئاسي بتظاهرات شعبية في ظلّ معلومات لـ»الجمهورية» عن نيّاته الدعوة لاحقاً إلى اعتصام مفتوح في بعبدا. والمشهد الثاني يتمثّل بالحراك الشعبي الذي تحوّل إلى جزء لا يتجزّأ من الحياة السياسية، في ظلّ الدعوات المستمرّة إلى التظاهر التي منها الثابت تزامُناً مع جلسات الحوار الوطني، والمتحرّك كما حصَل أمس في محاولة واضحة لخطف الأضواء ومحاولة تحقيق ثغرة في الجدار السياسي. وفي موازاة كلّ ذلك بدا لافتاً أنّ «حزب الله» رفعَ في المرحلة الأخيرة من منسوب مواقفه المتصلة بتأييد وصول العماد عون إلى الرئاسة، وكان آخرَها ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من أنّ «حزب الله» لن «يسمح في الداخل إلّا بإقامة سلطة تتحقّق فيها شراكة وطنية حقيقية»، سائلاً «لماذا نلوم الجنرال عون إذا اتّخذ موقفاً سلبياً ضد من يعاملونه بسلبية مطلقة؟ أكاد أقول بكلّ حزم وجزم إنّهم يضعون فيتو على الجنرال عون تنفيذاً لأجندة دولية وإقليمية». في ظلّ استمرار الأزمة الرئاسية ومع تمديد إجازة الحكومة الى ما بعد عودة رئيسها تمام سلام من نيويورك، وقبل دخول البلاد في عطلة عيد الأضحى الخميس، واستراحة الحراك السياسي نسبياً، ارتفعَ منسوب التشاور والتنسيق، ولا سيّما على خط عين التينة، في محاولة لكسر جمود العمل الحكومي والنيابي، وتزخيم جلسات الحوار الوطني الذي سيعقد جلسته الثالثة غداً الثلثاء، فيما تواصَل السباق بين تنفيذ خطة النفايات قبل هطول الأمطار، على وقع مواصلة المجتمع المدني حراكه الاعتراضي على الارض، وهو نزلَ مجدّداً إلى الشارع أمس ونفّذ تظاهرة انطلقت من برج حمّود باتجاه ساحة النجمة.
عين التينة
وعشية جلسة الحوار، تكثّفَت اللقاءات والاجتماعات التنسيقية، فزارَ سلام عين التينة، فيما أوفد النائب وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور للقاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.
وأعلن سلام بعد لقائه بري أنّ مجلس الوزراء سينعقد فورعودته من نيويورك، مؤكداً أنّ «كلّ الملفات داهمة، وملفّ النفايات على نار حامية ويتقدّم فصولا»، مشيراً إلى أنّ «الحكومة ليست معطّلة».
وعلمَت «الجمهورية» أنّ بري وسلام تناوَلا الملفات الكبرى، ولا سيّما التحضيرات الجارية لتطبيق خطة النفايات حصيلة مشاوراتهما المشتركة في هذا الاتجاه، واتّفَقا على انتظار ما يؤدّي الى تكريس النيّات التي عبّر عنها المعنيون في اجتماع هيئة الحوار للبَدء بتنفيذ الخطة، بعد تحذيرهما من مخاطر هطول الأمطار والنفاياتُ في الشوارع.
كذلك اتّفقا على مقاربة الملفات المطروحة بالتنسيق بينهما لمواجهة ما هو طارئ من الملفات وضرورة حماية هيئة الحوار ممّا يدبَّر لها من مشاريع لا يتوفّر الإجماع حولها، لكنّ إصرار البعض على مواقفهم من دون وجود من يؤيّدها يهدّد بتطيير الحوار الذي لا بديل منه في غياب المؤسسات، والاستمرار في تعطيل انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.
أبو فاعور
من جهته، لفتَ ابو فاعور الى أنّ الأمور تتجه الى الإيجابية، مشيراً إلى أنّ القناعة لدى بري وجنبلاط «هي انّه يجب ان لا يتوقف البحث عن الحلول، ومنذ الآن الى جلسة الحوار المقبلة يجب ان يكون هناك بعض الاقتراحات التي يمكن في الحد الأدنى ان تقود الى إعادة اطلاق عمل مجلس الوزراء ومجلس النواب».
ورأى أنّ «الأمور ليست مستحيلة، فهناك أفكار عديدة تناقَش للوصول الى تفاهم، وطبعاً حدود هذا التفاهم هو مِن جهة تسيير عمل مجلس الوزراء ووقف التعطيل، ومِن جهة أخرى هو أنّ أيّ إجراء يمكن ان يحصل لا يمكن ان يكون من باب خلقِ أيّ بَلبلة أو المساس بالتنظيم الداخلي للجيش أو إخضاعه لمزيد من التجاذبات، موضحاً أنّ «الجيش يجب ان يكون بمنأى عن التجاذبات، وأيّ اقتراحات أو أفكار يتمّ نقاشها تأتي تحت سقف عدم التلاعب الداخلي بالمؤسسة، والذي تحرَص عليه بالتأكيد قيادة الجيش وأيضاً كلّ القوى السياسية، نتيجة معرفتها بأهمية ومحورية دور الجيش في هذه الظروف التي نعيشها».