كانت عقارب الساعة تلامس الثامنة صباحاً، عندما حضر”موسى” إلى منزل ولده “أحمد”، الذي كان يتناول وجبة الفطور، وبدأ بتأنيبه على أمور لا تعجبه وأقدم على إهانته وشتمه.. ردة فعل “أحمد” لم تكن أفضل من الوالد الغاضب بل راح يبادله الشتائم ويستغرب إهاناته له دون أشقائه الآخرين ..علا صراخ الرجلين فبادر الوالد وكعادته إلى صفع ولده على وجهه فلم يتأخّر الإبن عن الرد بالمثل وتسديد لكمات وضربات إلى جسد الأب النحيل. لم يكتف بهذا القدر بل أسرع إلى المطبخ، تناول سكين منشار تستخدم للتقطيع، وغرزها في رقبة أبيه حتى سالت دماءه ثم واصل طعنه على رأسه ووجهه، ولم يكف عن جريمته حتى ىسقط الوالد أرضاً وفارق الحياة.

 

بعد إنجاز فصول الجريمة، دخل “أحمد” المطبخ وغسل يديه من دماء الوالد ، بدّل ثيابه، وانطلق هارباً إلى طرابلس التي اختبأ فيها لأيام قبل أن يتم توقيفه على شاطئ البحر في محلة الميناء.

 

عناصر الأمن والأدلّة الجنائية والطبيب الشرعي حضروا إلى مكان الجريمة وعاينوا الجثة، فيما جرى الإستماع إلى شقيقة الجاني “لطيفة”، التي أفادت أنّها تقيم مع شقيقها “القاتل” في منزله في منطقة الشياح، وأنها في الفترة الأخيرة كانت بضيافة عمتها، وأنّها يوم الحادث عرّجت من عملها على بيت شقيقها لتُفاجأ بوالدها جثة هامدة ممدة أرضاً وغارقة بالدماء، استوضحت ناطور البناية الذي أخبرها أنّه شاهد شقيقها يغادر المنزل وعلى يديه آثار دماء وكان يركض باتجاه الشارع العام.

 

اتخذت “لطيفة “وشقيقها الثاني”ابراهيم” صفة الإدعاء الشخصي وأوضحا أنّ شقيقهما “أحمد” يعاني من انفصام في الشخصية، وهو أُدخل إلى مستشفى دير الصليب مرتين، وأنه كان يتناول أدوية للعلاج وقد استعاد وضعه الطبيعي لفترة ثم ساءت حالته في الفترة الأخيرة بعدما توقف عن تناول الدواء منذ أكثر من سنة.

 

ولدى استجواب المتهم اعترف بجريمته صراحة مبدياً عدم الندم على ما فعله، فتمّ عرضه على طبيب للأمراض النفسية والعقلية، حيث أكد أنه يعاني من مرض الإنفصام غير القابل للشفاء، وأنّ المتهم لم يكن مدركاً لخطورة جريمته وما يثبت ذلك هو عدم شعوره بالذنب .

 

محكمة الجنايات برئاسة القاضي هنري الخوري، أدانت المتهم بجناية القتل قصداً التي تنص على عقوبة الإعدام، لكنّها أعفته من العقوبة نظرا إلى وضعه الصحي والنفسي وقررت وضعه في مأوى احترازي كونه يشكل خطراً على السلامة العامة.