لا تتوقع أوساط سياسية في “14 آذار” مراقبة للتطورات في المنطقة ان تشهد الساحة اللبنانية اي انفراجات على الصعيد السياسي بخاصة على مستوى الانتخابات الرئاسية وانتظام عمل المؤسسات، في المدى القريب، عازية تشاؤمها هذا الى اصرار الجمهورية الاسلامية الايرانية على ابقاء الحبال مشدودة لبنانيا، عبر حليفها “حزب الله”، شرط الا ينزلق الواقع المحلي نحو الفوضى. وتعدد لـ”المركزية” النكسات التي عرفها النفوذ الايراني مؤخرا في المنطقة، ففي سوريا بات واضحا ان الدور الايراني تراجع تحت وطأة تقدم الطرف الروسي الذي فرض صورة جديدة في الميدان السوري الملتهب، مع ارساله جنودا واسلحة اليه. أما في العراق، فتلقت طهران ضربة موجعة ايضا بعد ان تقدمت المرجعية الشيعية العراقية على حساب “الحشد الشعبي”، وأتت هذه “الخسائر”، لتضاف الى الحسابات الايرانية غير المربحة في اليمن ايضا…

 

وأمام هذا الواقع، تقول الاوساط، لم يبقَ في يد طهران سوى ورقة لبنان، لكنها ورقة دقيقة وحساسة، اذ ان اي خطوة ناقصة قد تلجأ اليها – عبر ذراعها حزب الله- يمكن ان تطيح الاستقرار وتفجر فتنة مذهبية. وعليه، تدوزن الجمهورية الاسلامية تموضع الحزب محليا، حيث تتمسك باستمرار الحوار بينه وبين تيار “المستقبل” تنفيسا للاحتقان السني الشيعي وصونا للامن الداخلي الذي تتمسك بعدم المس به، في موازاة السجال السياسي المستعر بين الطرفين، وتدعم ايضا طاولة الحوار الوطني. الا انها في المقابل، تستفيد من الحراك الشعبي المتوالي فصولا في الشارع الضاغط على الحكومة، خاصة ان الحزب لا ينفك يؤكد ان “المقاومة” منزهة عن الفساد ولا يجوز تعميم هذه التهمة على الجميع. كما تستفيد من مواقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون رئاسيا، وتصلبه حتى انها تغذيه مع تكرار الحزب دعواته الى انتخاب الرئيس الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين. وتوضح في هذا السياق، ان “الحزب” يحتاج الى عون الذي يؤمن له غطاء “وطنيا”، كما ان الجنرال يستفيد من هذه الحاجة لمزيد من التصعيد رئاسيا وحكوميا. الا ان المصادر تشدد على ان “حزب الله” لا يجاري عون في كل مطالبه، وأبرز دليل الى ذلك عدم دعمه في الشارع، اضافة الى تحذيره من تطيير طاولة الحوار والحكومة.

 

وترى الاوساط ان لبنان اليوم يعيش استقرارا “ضاغطا”، وايران قد تلجأ في اي لحظة الى استخدام هذه الورقة للتهويل ولتحسين شروطها في المفاوضات الجارية في المنطقة بعد الاتفاق النووي وتشارك فيها قوى إقليمية ودولية بارزة أهمها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا …

 

في غضون ذلك، تعوّل المصادر على استمرار الحوار القائم تحت قبة البرلمان لتحصين الاستقرار الضروري في هذه المرحلة الانتقالية، وتعتبر ان هذه الطاولة باتت تحظى بغطاء إقليمي – دولي يمنع قلبها.



المصدر :وكالة الأنباء المركزية