المنازلة يوم الاحد بين الفساد الوقح والمقاومة الشعبية للحيتان

 

السفير :

في الفترة الفاصلة عن جلسة الحوار المقررة الثلاثاء المقبل، تحاول أطراف السلطة والشارع ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها:
حملات الحراك الشعبي تلتقط أنفاسها بعد عاصفة القمع الأمني التي هبت على المعتصمين في ساحة الشهداء، أمس الأول، وتسعى إلى تقييم «الرسالة»، تحضيرا لجولة مقبلة، حُدد موعدُها بعد غد الأحد.
أهل طاولة الحوار يستعدون لبدء طرح أفكار عملية في الجلسة المقبلة حول كيفية معالجة أزمة الحكم، في «رياضة ذهنية»، تهدف إلى اكتساب حد أدنى من الجهوزية، لتلقف أي تسوية إقليمية محتملة واستخراج رئيس للجمهورية من بين ثناياها، في ظل مؤشرات متزايدة إلى أن العماد ميشال عون يتجه نحو مقاطعة دائمة للحوار، بدءا من الجولة المقبلة!
وزير الزراعة أكرم شهيب يسعى إلى استكمال عملية التسويق لخطة النفايات، ولعل الاختبار الأصعب سيواجهه اليوم عندما يلتقي في «البيال»، بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، عددا من رؤساء بلديات وفعاليات عكار في مسعى لإقناعها بالموافقة على الخطة بما فيها مكب سرار، في ظل توجه للمقاطعة من جانب بعض المدعوين.
وبعد قرار شهيب بصرف النظر عن استحداث مطمر في النقطة التي كانت مقررة عند المصنع، على الحدود اللبنانية ـ السورية، بسبب وجودها على مقربة من مصادر المياه الجوفية، عُلم أن لجنة الخبراء المعاونة لوزير الزراعة سمّت موقعا آخر يبعد كيلومترات عدة عن المكان السابق، ويقع ضمن منطقة قريبة جدا من الحدود مع سوريا.
وفي المعلومات، أن اتصالات «وقائية» تتم مع الجانب السوري للحؤول دون اعتراضه على تحويل هذا الموقع إلى مطمر.
ويفترض أصحاب هذا الخيار أن اعتماده لن يلقى معارضة من أهالي بلدة مجدل عنجر أو غيرها، لأنه يقع في منطقة «ميتة جغرافيًّا»، على حد تعبير أحد الفنيين، وبالتالي ليس من شأنه أن يترك أي تداعيات بيئية على الجوار.
الحراك يتجدد
وفيما أنهى المضربون عن الطعام أمام وزارة البيئة إضرابهم ونزعوا خيمهم، طالبت لجنة متابعة الحراك الشعبي في بيان بـ«محاسبة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وإقالته، وبـ «إقالة وزير البيئة محمد المشنوق ومحاسبته على كارثة النفايات». كما طالبت بالإفراج عن المعتقلين كافة على خلفية تظاهرات 22 و23 و29 آب، ووقف الاعتقالات التعسفية.
ودعت اللجنة إلى «مسيرة حاشدة تنطلق عند الخامسة مساء الأحد المقبل من جسر نهر بيروت وتنتهي في ساحة النجمة»، مؤكدة «استمرار الحراك الشعبي في مواجهة السلطة الفاسدة».
وسيكون تحرك الأحد حقل اختبار لأكثر من جهة، إذ إن الحراك الذي اختار يوم عطلة لتنظيم تظاهرته الجديدة سيكون أمام تحدي استقطاب كثافة شعبية إليه، خصوصا بعد الاعتداءات التي تعرض لها أنصار الحراك في وسط بيروت أمس الأول، وما يُفترض أن تولده من تعاطف معهم.
وإذا كانت العاصفة الرملية قد شكلت أحد الأسباب الأساسية لتراجع عدد المشاركين في تظاهرة 9 أيلول، فإن الطقس هذه المرة هو حليف المتظاهرين، وبالتالي فإن حجم الاستجابة لتحرك الأحد سيحدد المدى الذي بلغه الحراك في كسب ثقة الناس، بعد سلسلة محطات عَبَرَها منذ انطلاقته حتى الآن.
أما الجهة الأخرى التي ستخضع للامتحان، فهي القوى الأمنية التي ستكون أمام فرصة لإعادة ترميم صورتها وتصويب سلوكها بعد إفراطها في استخدام العنف ضد المتظاهرين، أمس الأول، وإلّا فإن مضيها في سياسة القمع سيكون مؤشرا إلى أن هناك قرارا على أعلى المستويات بخوض معركة كسر عظم ضد الحراك.
وما يسترعي الانتباه في تظاهرة الأحد هو أنها ستنطلق من جسر نهر بيروت وتصب في ساحة النجمة حيث مقر مجلس النواب، الأمر الذي يوحي بأن القيمين على الحراك يسعون إلى تأكيد توازن استراتيجيتهم الهجومية، من خلال توزيع الجهد بين ساحة رياض الصلح المطلة على السرايا الحكومية، وساحة النجمة الملاصقة للبرلمان، والوزارات المحسوبة على أكثر من طرف سياسي، علما أن الإجراءات الحديدية المتخذة في محيط المجلس لن تسمح للمتظاهرين بالاقتراب منه، وهنا ستكون طريقة تصرف القوى الأمنية المولجة بحماية المجلس تحت المجهر.

النهار :

طوت أزمة النفايات أمس شهرها الثاني وسط تصاعد التداعيات الشديدة السلبية التي فجرتها، والتي كان انطلاق التحرك الاحتجاجي المدني أبرز نتائجها. وإذ برزت في الايام الاخيرة ملامح محاولات متقدمة للشروع في تنفيذ خطة وزير الزراعة أكرم شهيب بعد تعديلات طرأت عليها بدا التحرك الاحتجاجي ماضيا في تصعيد محطاته، وسيكون الاحد المقبل موعدا جديدا مع مسيرة دعت اليها "لجنة متابعة الحراك الشعبي" في الخامسة عصرا من جسر نهر بيروت في برج حمود وصولا الى ساحة النجمة.
وعلمت "النهار" من مصادر مواكبة لتنفيذ خطة النفايات التي أقرها مجلس الوزراء الاربعاء الماضي أن الاتصالات التي يجريها المسؤولون ستتوسع لتشمل كل الاطراف ولاسيما منهم أولئك الذين تحركوا ولا يزالون ضد الخطة كي ينجز تفاهم شامل يتيح الشروع في التنفيذ والذي من المرجح أن يبدأ فعلا مطلع الاسبوع المقبل. ولفتت المصادر الى ان الحكومة آثرت عدم استخدام القوة في تنفيذ الخطة واختارت الحوار الذي سيتسع نطاقه في الايام المقبلة.
وفي المقابل، حملت "لجنة متابعة الحراك الشعبي" بشدة على السلطة غداة الصدام الذي حصل بين قوى الامن الداخلي والمتظاهرين الاربعاء الماضي، معتبرة ان "العنف كان غير مسبوق، مما يشير الى تفاقم أزمة النظام من تنامي الحراك واختراق القاعدة الشعبية لأحزاب السلطة" وطالبت "بمحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق واقالته وفتح تحقيق شفاف حول من أعطى الاوامر لتنفيذ الانتهاكات في حق المتظاهرين من ضباط وعناصر أمنية وميليشيوية". وتزامن ذلك مع اعلان الناشطين المضربين عن الطعام فك اضرابهم قبالة وزارة البيئة وانضمامهم الى التحرك الشعبي.

مجلس الوزراء
وفي غضون ذلك، علمت "النهار" أن رئيس الوزراء تمام سلام يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لئلا تأتي الخطوة ناقصة في ظل استمرار التباين حيال اقتراح التعيينات العسكرية. وبات من المرجح عدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء قبل سفر الرئيس سلام الى نيويورك الخميس المقبل. ولاحظت مصادر وزارية أن الرئيس سلام، قبل سفره الى الامم المتحدة، تمكن من الحصول على ثقة نيابية متجددة من خلال كل الكتل النيابية المشاركة في طاولة الحوار، والتي صدر عنها بعد اجتماعها اول من امس موقف داعم للحكومة، بما يمثل تغطية لرئيس الوزراء خلال تمثيله لبنان في نيويورك.
وعلى صعيد متصل، سيركز الرئيس سلام الذي يقتصر الوفد الوزاري المرافق له الى الامم المتحدة على وزير الخارجية جبران باسيل في كلمته امام الجمعية العمومية للامم المتحدة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومساعدة لبنان على تحمّل أعباء اللاجئين السوريين، لافتا المجتمع الدولي الى أن ملف اللاجئين تفاقم حتى وصل الى اوروبا، ومن الضروري مدّ يد العون الى الدول المضيفة لهم في المنطقة وفي مقدمها لبنان من أجل السيطرة على هذا الملف.

 

المستقبل :

«الحال بالويل.. مئات المؤسسات التجارية وغير التجارية مقفلة، مئات أخرى تصارع من أجل البقاء، وآلاف الموظفين سُرّحوا من أعمالهم»، هكذا أصبح حال قلب العاصمة التجاري والاقتصادي النابض والرابض حتى الرمق الأخير تحت ضغط الاستهداف الممنهج الذي يتعرض له فصولاً تخريبية متتالية تهدد البقية الباقية من المناعة الاقتصادية في جسم الوطن. و«من أجل إنقاذ قلب بيروت» أطلقت أمس صرخة اقتصادية مدوية في وجه المخاطر المحدقة بالوسط التجاري وفي مواجهة كل من يستبيح أرزاقاً وأملاكاً واستثمارات ليست حكراً على فئة أو طائفة بل يتقاسم فيها المواطنون، مسيحيون ومسلمون، عيشاً مشتركاً من الربح والخسارة.
ففي لقاء اقتصادي موسع عُقد أمس في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان بمشاركة نيابية ووزارية وبلدية وصناعية وتجارية، نقل الزميل ألفونس ديب أن المجتمعين عبرّوا عن تخوفهم من أن تكون الأعمال التخريبية التي يشهدها وسط بيروت هادفة بشكل مقصود إلى «إقفال ما تبقى من مؤسسات وتشويه هذه الصورة الجميلة التي يعتز بها كل لبناني، وإسدال الستار على نجاح منقطع النظير كمقدمة لضرب أحلام اللبنانيين في مهدها« وفق ما نبّه رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، مؤكداً تعقيباً على الأحداث الأخيرة في وسط العاصمة الوقوف إلى جانب «حراك مدني حضاري يحافظ على أملاك الدولة والأملاك الخاصة وعلى أرزاق الناس، لا يضرب عرض الحائط مصالح البلاد والعباد.. حراك منفتح يحاور ويقبل بالحلول الموضوعية والعلمية من أجل التقدم على مسار التغيير الحقيقي الإيجابي الذي يستجيب لمنطق الدولة وحاجات الناس، وليس لمجرد الاعتراض من أجل الاعتراض». في حين طالب رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الحراك الذي أعرب عن تأييد مطالبه «بضرورة أن يمتلك وضوحاً بالرؤية»، وحذر من أنّ «الأمور بدأت تنحرف» عن مساراتها السلمية المطلبية في ضوء ما نشهده من حراك «يبدأ سلمياً وينتهي باشتباك»، معلناً «إقفال 130 مؤسسة تجارية راقية بين حزيران 2014 وحزيران الماضي، 79 منها في الوسط التجاري».

الديار :

لا مخارج للمأزق الذي تعيشه البلاد، والمتظاهرون اخذوا «فرصة» لاعادة تقييم ما حصل خلال مواجهات 16 ايلول تحضيراً لجولة جديدة من المواجهة مع السلطة السياسية ستكون نهار الاحد المقبل عبر الدعوة لمسيرة حاشدة تنطلق من نهر بيروت، الى ساحة رياض الصلح رافعين الشعارات الاصلاحية، مضيفين اليها المطالبة باستقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق ومحاسبة وزير البيئة محمد المشنوق، فيما السلطة لا تملك شيئاً سوى «القوة» في ظل اصرار بعض المسؤولين وفي مقدمهم وزير الداخلية نهاد المشنوق على التصدي للمتظاهرين واعتبار «قادة الحراك» مجرد مشاغبين و«شيوعيين» يريدون ضرب هيبة الدولة «ولن نقبل بذلك»، مدافعاً عن اجراءاته ضد المتظاهرين يوم 16 ايلول، فيما بدأت الانتقادات السياسية «للحراك المدني» من حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، ولاعمالهم الفوضوية في الشارع.
السلطة لا تملك شيئاً لتقدمه «للحراك المدني» في ظل رفض شامل من الرئيس سلام وتيار المستقبل لاستقالة الوزير محمد المشنوق ووزير الداخلية نهاد المشنوق، فيما يعتبر الوزير اكرم شهيب ان لا بديل عن خطته والا ستدخل النفايات الى البيوت، حتى ان طاولة الحوار لن تخرج بجديد. في المقابل فان «الحراك المدني» لن يخرج من الشارع وسيواصل تحركاته مهما بلغ حجم «القمع» وهم اعدوا خطة للتعامل مع اجراءات الدولة، وكيفية ادارة التحركات. وعلم ان «ممثلين» من جمعيات «الحراك المدني» «طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب» و«حراك 29 آب» يقومون بتنسيق تحركاتهم. وهناك اجتماعات لـ«تحصين الحراك» ورفض «قادة الحراك» اعتبار خطواتهم بفك «الاضراب عن الطعام» بالخطوة التراجعية وليست نتيجة اتصالات للانسحاب من وزارة البيئة، بل جاءت نتيجة اوضاع المعتصمين، وهناك خطوات تصعيدية خلال الايام المقبلة.
«المأزق مفتوح» والمشكلة «تتدحرج» طالما الحوار مقفل بين السلطة والمتظاهرين، وتمسك السلطة بالقمع، ورد المتظاهرين بتصعيد التحركات.
هذا الوضع دفع الهيئات الاقتصادية لعقد مؤتمر صحافي في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان. واكدت الكلمات على ان ما يجري يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وكأن الوسط التجاري مستهدف في الصميم. واشارت الى ان المطالب المحقة لا تعني استباحة الوسط التجاري وتخريبه.
واشار المشاركون الى ان عدد المحلات التجارية التي اقفلت خلال عام بلغ 130 في العاصمة ومنها 79 في الوسط التجاري. واتهم رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير الشيوعيين بالوقوف وراء هذه العمليات والتحريض على الاقتصاد اللبناني.
الى ذلك، اوضحت مصادر قريبة من الرئيس نبيه بري حول ما حصل بين المتظاهرين وبين الشبان الذين قيل انهم من حركة «أمل»، ان الرئيس بري لم يكن على علم خلال جلسة الحوار بما حصل وانه لم يكن بواقع الرد، حيث يرى ان الانتقاد السياسي حق للجميع، ولكن عندما وصل الامر الى حد التجريح الشخصي ليس ضد الرئيس بري فقط بل ضد الامام موسى الصدر كان لا بد من التوضيح وقول الامور على حقيقتها.

الجمهورية :

حذّرَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس من المطالبات بإلغاء النظام، وقال: «هذا أمرٌ لا يمكننا قبوله، وهو كلام خطير جداً وهدّام»، وكان سبقَ هذا الموقف التحذيرُ الذي أطلقته القمّة الروحية المسيحية من خطورة استخدام الشارع في هذه المرحلة الحساسة، على رغم تأييدها للمطالب المحِقّة. ولم يأتِ كلام بكركي من فراغ، بل جاء بالتأكيد نتيجة التطوّرات الأخيرة في الشارع والمنحى الذي تأخذه في ظلّ المواجهات مع القوى الأمنية والدعوات إلى الإطاحة بجمهورية الطائف. وهذا الموقف جاء ليؤكد مجدداً على دور بكركي التاريخي في كلّ المفاصل والاستحقاقات الوطنية، وذلك تمسُّكاً بلبنان الرسالة الذي كان لها المساهمة الأكبر في إنجازه منذ إعلان «لبنان الكبير» مروراً بميثاق العام 1943 إلى اتفاق الطائف ووصولاً إلى انتفاضة الاستقلال. ولا شكّ في أن هذا الموقف سيكون له الوقع الكبير على المشهد السياسي. وفي موازاة كلّ ذلك ما زالت الاهتمامات السياسية تتمحور حول ثلاث قضايا أساسية: إنجاح الحوار من بابه الرئاسي، تطبيق الحكومة لخطة شهيّب كون الوضع الصحي-البيئي لم يعُد يحتمل، هذه الخطة التي حظيَت بغطاء المتحاورين في ظلّ جهوزية أمنية لمواكبة تنفيذها، والقضية الثالثة الحفاظ على الاستقرار. أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «إنّنا متضامنون مع المتظاهرين ونبارك كلّ انتفاضة في هذا المجتمع، ولكنّنا نريد أن يتمّ التوجّه الى باب أساسي هو انتخاب رئيس للجمهورية.
أمّا أن تطالب التظاهرات بإلغاء النظام فهذا أمر لا يمكننا قبوله، وهو كلام خطير جداً وهدّام دون أن يدركوا ذلك، وأنا هنا لا أتَّهم المتظاهرين، إنّنا نعَبّر عن حبّنا لهم، ونقدّر خاصة الشباب الذين مرَّ عشرة أيام على إضرابهم عن الطعام، الله يبارك بهم، ونقول لهم: أنتم أبطال، وإنّ الكبار والشباب المتظاهرين ليلاً نهاراً في بيروت ليسوا أمراً عابراً وكيفما اتّفق، وأقول لهم: نحن معكم متضامنون ومقدّرون لكم، ولكن علينا أن نصوّب باتجاه الهدف الأساسي والباب الاساسي، ألا وهو انتخاب رئيس للجمهورية وبأسرع وقت».
زوّار السراي
ومع استمرار تعليق جلسات مجلس الوزراء، لمسَ زوّار السراي الحكومي أنّ رئيس الحكومة تمام سلام يفضّل التريّث على القيام بأيّ خطوة ناقصة بالنسبة لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد لأنه يؤمن بأنّ المجلس إذا اجتمع يجب ان يصدر عنه موقف أو قرار، والظرف الحالي غير مؤاتٍ لمِثل هذه النتيجة.
وقال هؤلاء الزوّار لـ«الجمهورية»: «إنّ الرئيس سلام يفضّل أن يحضّر سفرةً ناجحة الى نيويورك، علّ بعد عودته تتوضّح معطيات عدة فيقرّر في ضوئها نوعية التحرّك وعمل مجلس الوزراء، خصوصاً وأنه تمكّنَ في جلسة الحوار الثانية في ساحة النجمة من الحصول على دعم شامل من الحاضرين للحكومة واستمراريتها، والتزامٍ باستمرار المشاركة فيها، ومن شأن هذا الموقف أن يعزّز موقعَه كرئيس حكومة في نيويورك.
وكان سلام التقى أمس كلّاً من وزير العمل سجعان قزي ووزير الزراعة أكرم شهيّب.
جهوزية أمنية
أمنياً، تكثّفت اللقاءات الأمنية امس على أكثر من مستوى، وخُصّصت للبحث في التقارير التي جُمعت من مساحات التوتر المتنقلة في مختلف المناطق اللبنانية، من وسط بيروت الى البقاع والشمال والجنوب وطرابلس والتحضير للمرحلة المقبلة.
وحضَرت الأوضاع الأمنية والتطورات على الساحة الداخلية في لقاء عُقد أمس في السراي بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
مرجع أمني
في هذا الوقت، دعا مرجع أمني الى ضرورة تفهّم سلسلة التدابير المتشدّدة التي بوشِر باتخاذها منذ امس الاوّل الأربعاء، لافتاً الى انّ «هناك ظروفاً ومعلومات استدعَت هذا التشدّد ولا يمكن التهاون بها أو تجاوزها لئلّا نصل الى مرحلة أو نقطة لا ينفع فيها الندم، خصوصاً أنّ البلد وأمن مؤسساته ومواطنيه مستهدف في آن معاً».
وقال المرجع لـ«الجمهورية»: «إنّ التقارير أكدت انّ القوى الأمنية قامت بمهامّ فوق العادة ونجَحت في وضع حدّ لمحاولات استدراجها إلى ما هو أخطر ممّا حصل أمس الاوّل، وأكدت انّ التعليمات أعطِيت بممارسة أقصى درجات الحذر وضبط النفس ورباطة الجأش، ولكن الى حين خروج المتظاهرين أو المعتصمين مثيري الشغَب عن المألوف من التصرفات فلا بد عندها من مواجهة الوضع بما يلزم من إجراءات.
وكشفَت مصادر أمنية مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ الأجهزة الأمنية أنجزت الترتيبات الضرورية بعدما طلِب اليها الجهوزية التامة لتوفير الأمن اللازم لتنفيذ الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء بشأن النفايات في الساعة الصفر بدءاً من اليوم وإلى حين تحديدها لتكون جاهزة للتنفيذ.
وكانت سلسلة الاجتماعات المخصّصة لهذه الغاية قد استمرّت الى ساعة متأخّرة من ليل امس دون الإشارة الى ايّ ترتيبات محددة، ولا الى ساعة الصفر عندما يتمّ تحديدها.
مسيرة الأحد
وفي الحراك المطلبي، دعت لجنة متابعة الحراك الشعبي الى مسيرة حاشدة بعد غد الاحد الساعة الخامسة مساءً، تنطلق من جسر نهر بيروت وتنتهي في ساحة النجمة»، وأكدت «استمرار الحراك الشعبي في مواجهة السلطة الفاسدة».
ودعَت في في بيان الى «الإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية تظاهرات 22 و23 و29 آب ووقفِ ملاحقتهم، ووقفِ الاعتقالات التعسّفية، ومحاسبة وزير الداخلية وإقالته، وفتح تحقيق مستقلّ وشفّاف لمحاسبة كلّ مَن أعطى الأوامر وغطّى الانتهاكات بحقّ المتظاهرين والمتظاهرات».
كذلك طالبَت بإقالة وزير البيئة محمد المشنوق ومحاسبتِه على كارثة النفايات وإهماله في تحمّل مسؤولياته، فضلاً عن تغطيته لفسادٍ استمرّ 20 سنة»، مؤكّدةً ضرورة «إعلان خطة طوارئ فورية بيئية للتعامل مع الكارثة البيئية تتضمّن إعلان حالة التأهب وفق قانون الدفاع المدني».
الوفاء للمقاومة
وفي سياق آخر، ردّت كتلة «الوفاء للمقاومة» على بيان تكتل «المستقبل» الأسبوع الماضي، ما يعكس استمرار السجال بين الطرفين على رغم الحوار بينهما الثنائي والعام، فقالت الكتلة إنّ «الناتج الطبيعي للتردّي الذي أصابَ بنية الدولة اللبنانية ومؤسساتها هو بسبب سياسات حزب المستقبل وإدارته للسلطة، وهو هذا الفساد الفضائحي الذي لطالما اعترضنا عليه وحذّرنا مراراً وتكراراً من التمادي فيه ومن مخاطره وأعبائه وتداعياته على البلاد والعباد، ولن ينفعَ حزبَ المستقبل رميُ فساده على الآخرين في حجب الحقائق عن مسؤولياته المباشرة عن هذا التردّي وعن المديونية المالية التي أفقرَت اللبنانيين وأرهقت الدولة، وعن هدر المال العام وتعميم ثقافة الفساد والإفساد».