مجددا الحراك يثبت حضوره والحوار يكسب وقتا لا قيمة له , مع اسرار السلطة على خلافاتها المحاصصية

 

السفير :

على وقع هتافات المحتجين في المحيط، ورشقات البيض التي قُذفت بها بعض مواكب السياسيين، انعقدت أمس جلسة الحوار الاولى، من طبعة 2015، بين قادة الكتل النيابية في مقر مجلس النواب.
وليس أدلّ على خوف السلطة من شعبها، إلا تلك الأسوار الحديدية والأسلاك الشائكة التي ارتفعت في وسط بيروت، وآلاف العسكريين الذين تحولوا إلى حراس للمجتمعين نهارا في مجلس النواب ومساء في مجلس الوزراء، لكأن تلك البقعة الأمنية التي لا تتجاوز مئات الأمتار المربعة، هي بقعة مخصصة لإيواء الخائفين على عروشهم وكراسيهم وعلى منظومة مصالحهم الواحدة الموحدة.
هو مأزق السلطة التي فقد أهلها الثقة بعضهم ببعض، حتى من ضمن الفريق السياسي الواحد.
مأزق لخصته تلك المواكب التي كانت تحاول الوصول الى ساحة النجمة خلسة فرفع معظم ركابها اللوحات الزرقاء عن سياراتهم، خشية أن تصيبهم بيضة أو إهانة، لكن معظم المتحاورين بلغتهم شظايا الحراك الشبابي النهاري مباشرة أو عبر الشاشات المواكبة.
وإذا كانت اللحظة استثنائية ودقيقة، فإن الجلسة الاولى للحوار أتت عادية وباهتة، قياسا الى التحديات الماثلة في الشارع والسياسة، بل ان أحد المشاركين فيها لم يتردد في التأكيد لـ «السفير» انها كانت هزيلة ودون المستوى، فيما اعتبر زميل له ان ما حصل لم يكن أكثر من «طق حنك»، واعترف آخر بأنه شعر بـ «القرف»..
ووسط استمرار حالة الاختناق الداخلي بفعل غبار العواصف السياسية، نجح الحراك المدني في تحقيق اختراق جديد من خلال دفع الحكومة نحو اعتماد خيار «لا مركزية» معالجة النفايات، عبر البلديات واتحادات البلديات التي سيكون لها الدور الحيوي والمركزي في «المرحلة المستدامة» بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي تمتد على فترة عام ونصف العام سيتم خلالها نقل النفايات الى مطمرين صحيين في سرار - عكار ومنطقة المصنع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، إضافة الى إعادة فتح مطمر الناعمة لسبعة أيام فقط، واستخدام معمل صيدا لاستقبال جزء من الكميات خلال الفترة الانتقالية، واستكمال استخدام مكب برج حمود وفق ما يخدم انماء المنطقة بالتعاون مع البلدية والجهات المعنية، حسب الخطة التي أقرتها الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء أمس، بحضور «مقنن» لـ «التيار الوطني الحر» و «حزب الله».
ولئن كانت الخطة قد لاقت تجاوبا من القوى السياسية الممثلة في الحكومة، إلا ان الاختبار الفعلي يكمن في ترجمة القبول النظري بها الى خطوات عملية على الارض، لاسيما إذا برزت اعتراضات شعبية في بعض المناطق على الخطة، حيث ستخضع الاطراف السياسية في هذه الحال الى امتحان للمصداقية ولمدى جديتها في دعم قرارات مجلس الوزراء.
كما ان قرارات الحكومة ستكون موضع اختبار في الشارع، سواء لجهة موقف الحراك المدني، او لجهة رد فعل الاهالي في المناطق التي تم اختيار نقاط فيها لطمر النفايات خلال الفترة الانتقالية، علما ان مجلس الوزراء حاول من خلال التنويع في اختيار المواقع، الايحاء بتوازن في توزيع النفايات، على قاعدة ان المساواة في الطمر.. عدالة.
مراوحة الحوار
في هذه الأثناء، بدا أمس ان الجالسين حول طاولة الحوار لم يلتقطوا، بالجدية المفترضة، رسائل الشارع وإشاراته العابرة للساحات، فاستمروا في الاجترار والتكرار، من دون تقديم أي فكرة جديدة او إظهار قدر أعلى من المسؤولية. أعادوا تظهير صورهم القديمة، واستعادوا مفرداتهم الممجوجة، وكأن كلا منهم كان يخاطب نفسه في المرآة، ولا يناقش الآخر بحثا عن قاسم مشترك.
صحيح انه لا يجوز توقع الكثير من الحوار في بداياته، ولكن الصحيح ايضا ان المتحاورين لم يبذلوا في الجلسة الافتتاحية أي جهد لتقديم أنفسهم بطريقة جديدة، ولم يعطوا أي إشارة الى انهم بصدد مقاربة مغايرة للأزمات والملفات التي تلقي بثقلها على اللبنانيين.
لم يرتق المتحاورون في اطلالتهم الاولى الى مستوى الحد الادنى من تطلعات الناس الذين توقعوا مسبقا، بالفطرة والخبرة، ان يكون الحوار في نسخته الجديدة، امتدادا للتجارب المريرة السابقة.
هذه المرة، يمكن القول ان الناس، خصوصا المشاركين في الحراك المدني، حصنوا أنفسهم ضد الاوهام، ورفضوا ان يقعوا مجددا في فخ بناء الآمال الواهية على طبقة سياسية مجربة، وفاقدة للمصداقية.
وحتى الوقت، تعاملت معه طاولة الحوار بشيء من الخفة وبرودة الاعصاب، بعدما تقرر عقد الجلسة المقبلة، الاربعاء المقبل، بدل تكثيف الجلسات وتحويل هيئة الحوار الى «هيئة طوارئ».
ولم يظهر من معطيات الجلسة الاولى ان هناك إمكانية لدى طاولة الحوار لإحداث خرق في جدار البند الرئاسي، خصوصا ان أحدا من المتحاورين لا يملك مبادرة او أفكارا لحل واقعي، فيما يبدو ان الطاقة القصوى للخارج في هذه المرحلة لا تتعدى إطار مباركة الحوار، من دون طرح مخارج او تسويات، لم يحن أوان نضوجها بعد.
وقالت مصادر حزبية شاركت في جلسة الحوار لـ «السفير» انه أمكن من خلال النقاش، فرز ثلاثة اتجاهات هي:
الاتجاه الاول، يدعو الى انتخاب رئيس جمهورية توافقي فورا، من خارج مفهوم «الرئيس الأقوى»، وهذا الخط يمثله «تيار المستقبل» وحلفاؤه في «فريق 14آذار».
الاتجاه الثاني يعتبر ان المجلس النيابي الحالي لا يمتلك شرعية انتخاب رئيس الجمهورية بعدما سقط التفويض الشعبي الممنوح له مع التمديد الاول للمجلس عام 2013، ما يستدعي تجديد هذا التفويض من خلال انتخابات نيابية على اساس النسبية او انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وهذا الخيار يعكس موقف العماد ميشال عون وحلفاؤه.
الاتجاه الثالث، يدعو الى الاتفاق على ما يمكن التفاهم عليه من أمور كتفعيل الحكومة او معالجة الملفات التي تهم المواطنين، ما دام ان التوافق على رئاسة الجمهورية او قانون الانتخاب النسبي لا يزال متعذرا.
وتشير المصادر الى ان تأجيل الحوار اسبوعا يوحي بان الامور تحتاج الى اتصالات ومشاورات، خارج أروقة قاعة الاجتماع في مجلس النواب.
«الحراك» صامد
ولعل ما صعّب مهمة «الأستاذ»، برغم «خبرته التاريخية»، هو وجود شريك مضارب على الطاولة، لم يكن موجودا في الحوارات السابقة. هذا الشريك هو الناس الذين كسروا حاجز الخوف في التحركات السابقة، وبدأوا يبلورون شعاراتهم ومطالبهم أبعد من عنوان النفايات، وبدأ الجميع يحسبون حسابهم، الى حد أن الحوار الذي كان مقررا أن يكون يوميا وبمعدل جلستين نهاريتين، تحول الى حوار أسبوعي، ربما لاعتقاد البعض أن عامل الوقت كفيل بانهاء حركة الشارع تدريجيا.
غير أن القيمين على الحراك الشعبي، وبرغم تقديراتهم المتحفظة، بفعل العاصفة الرملية، خرجوا ليل أمس من ساحة الشهداء بانطباع ايجابي، خصوصا وأن الحشد كان أكثر من المتوقع قياسا الى الظروف المناخية السيئة، وأمكن رصد عناصر عدة لافتة للانتباه أبرزها بدء تبلور حالة قيادية عبّرت عن نفسها في التنظيم المتقن والشعارات التي غلب عليها الطابع السياسي.

النهار :

لعله من الايام الماراتونية التي سجلت خلالها أرقام قياسية في تلاحق المشاهد المثيرة للأضواء وحبس الانفاس، على وقع السباق اللاهث بين هدير التحركات الاحتجاجية والتطورات السياسية ذات الطابع الاستثنائي مثل استعادة حوار ساحة النجمة وانعقاد مجلس الوزراء في جلسة حاسمة لأزمة النفايات طال معها السهر ساعات. الاربعاء 9 ايلول انضم الى سياق المحطات الصاعدة في سجل الحمّى التي تضرب لبنان منذ أسابيع ولكنه زاد على المحطات السابقة جملة مفارقات جديدة طارئة. فعلى المستوى السياسي، يمكن القول إن الجلسة الاولى من الجولة الحوارية الثالثة منذ عام 2006 لم تخرج عن كونها جلسة "اعلان نيات" أولية للمتحاورين حيال البنود المطروحة ولا سيما منها بند الأزمة الأم المتمثلة بالفراغ الرئاسي، الامر الذي عكسته المداخلات المعدة سلفا للمتحاورين في الجلسة "المنبرية". ولو لم تشتعل فيها مواجهة كلامية حادة بين رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون ووزير الاتصالات بطرس حرب لكانت مرت برتابة.
وعلى المستوى الاحتجاجي في الشارع، بدا ميزان القوى منعدما بين المتظاهرين والاجراءات الامنية البالغة التشدد التي أحاطت بالمنطقة الامنية في محيط مجلس النواب والشوارع والساحات المؤدية اليه أشبه بطوق يستحيل اختراقه. ومع ذلك مر اليوم المشهود من دون اشكالات تذكر. واذا كان حجم المتظاهرين تراجع نسبيا قياسا بتظاهرة 29 آب الماضي فان ذلك لا يقلل أهمية استعادة الحشد الذي شهدته ساحة الشهداء مساء على رغم التأثير السلبي القوي للعاصفة الرملية.

وأخيرا الاختراق
أما على المستوى الحكومي فيمكن القول ان انجاز خطة النفايات بعد مخاض عسير ومعقد يشكل الانجاز الملموس الاساسي في سجل تطورات البارحة وكذلك في مسار تبريد الاجواء العامة المحمومة نظرا الى التداعيات الشديدة السلبية التي اثارتها أزمة النفايات منذ اكثر من شهر ونصف شهر.
وعكست موافقة مجلس الوزراء على خطة الوزير أكرم شهيّب ليل امس التوصل الى توافق سياسي شامل على الخطة ترجم بالتوصل الى مخرج لموضوع المطامر وتوزيعها على المناطق علما ان النقاش حول المطامر استغرق وقتا طويلا استمر حتى الحادية عشرة ليلا. وتعتمد خطة الوزير شهيّب كما شرحها مطولا بعد الجلسة مرحلتين انتقالية ومستدامة وتتسم بتوازن توزيع المطامر على المناطق وتزامن التنفيذ المرحلي كما باعادة الدور الى البلديات واتحادات البلديات في المرحلة المستدامة بما يترجم مبدأ اللامركزية . وتبعا لذلك جرى التوافق على اعتماد مطمرين صحيين في منطقة سرار في عكار ومنطقة المصنع في السلسلة الشرقية واعتماد معمل معالجة النفايات في صيدا والعمل على تأهيل مكب رأس العين في صور ومعالجة مكب برج حمود. كما تقرر نقل النفايات المتراكمة في بيروت الى مطمر الناعمة لمدة سبعة ايام فقط يبدأ بعدها التخضير والزراعة وانتاج الكهرباء التي توزع مجانا على القرى المحيطة. وتقرر ابلاغ سوكلين عدم تجديد عقود التكنيس معها كما تقرر توزيع حصص البلديات من واردات الخليوي.

 

الحوار
وفي موضوع الحوار، علمت "النهار" من مصادر شاركت في جلسة امس ان حصيلة جولته الاولى لم تثمر شيئا ملموسا بإستثناء ملف النفايات الذي كان جزءا أساسياً من مداخلات المشاركين في الحوار مما أعطى دفعا سياسيا مهما للحكومة لكي تمضي قدماً على طريق إيجاد حلول له. وفي هذا الاطار سُمع راعي الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول لأحد المشاركين حول الطاولة: "صار لي من مبارح أقول للرئيس سلام شدّ همتك في النفايات اضرب على الارض وامشِ". لكن مصادر متابعة للاتصالات التي سبقت الجولة الحوارية الاولى لفتت الى ان رئيس الوزراء تمّام سلام استبق دخوله الجلسة الحوارية بإعلانه دعوة مجلس الوزراء الى جلسة استثنائية مساء امس الامر الذي عكس انجاز سلام معظم الاستعدادات مع وزير الزراعة اكرم شهيب لاستكمال الموافقات السياسية على قرار تأييد خطة شهيب.
وفي ما يتعلق بالموضوع الرئيسي للحوار أي ملف إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لوحظ أن موقف "حزب الله" الذي عبّر عنه رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد لم يتغيّر إذ قال: "عندنا شخص وطني سيادي له حيثية كبيرة وهو مرشحنا الذي لا نتخلى عنه". بدوره خاطب رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجيه الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي قائلا: "هل تقبلان أن يكون رئيسا للوزراء موظف فئة أولى؟".
وفيما مضت النقاشات في إطار هادئ، خرقتها مشادة مفاجئة بين العماد عون والوزير حرب الذي طرح في مداخلته اسم عون مرشحا للرئاسة فرد عون: "أنا منّي مرشّح". فتابع حرب: "أنا عم احكي مع الرئيس بري"، فأجابه عون: "عم تحكي عني وأنا هون". وتصاعدت الردود بين الرجلين مما اضطر الرئيس بري الى التدخل لتهدئة الموقف. ووصفت المصادر هذا الجدل بأنه كان عابراً. ولاحقا أبلغت مصادر الرئيس السنيورة "النهار" أن ما أشيع عن "مشادة" بينه وبين عون "لا أساس له". وحدّد موعد الجولة الثانية للحوار الاربعاء المقبل

 

المستقبل :

يوم ماراتوني حاشد عاشه اللبنانيون أمس، تسابقت فيه الأحداث سياسياً وميدانياً وحكومياً بين ساحتي النجمة ورياض الصلح. فمن مجلس النواب كانت إشارة الانطلاق، حيث انعقد حوار الأربعاء النيابي تحت ضغط الشارع المطلبي الذي كمن لسيارات المسؤولين عند مداخل ومخارج الساحة، وتحت وطأة أولوية رئاسة الجمهورية التي استحوذت على معظم الجلسة وأربكت معطلي الانتخاب بشكل انعكس توتراً ملحوظاً على أداء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بينما تولى رئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية النائب محمد رعد إعادة تصويب الدفة التعطيلية للاستحقاق بالتشديد أمام المتحاورين على كون الحزب يتمسّك بترشيح عون «وما بيتخلى عنو». وإلى مجلس الوزراء انتقل الحدث الأبرز مساءً مع وصول أزمة النفايات إلى خط النهاية المرتقبة وطنياً وبيئياً وصحياً بحيث لفظت الأزمة أنفاسها الأخيرة بفعل نجاح الحكومة بعد طول انتظار في إقرار «حل بيئي مستدام وآمن» وفق مقترحات الخطة العلمية المنصوص عليها في تقرير لجنة المختصين الذي رفعه الوزير أكرم شهيب إلى الرئيس تمام سلام، والذي يقوم على لامركزية الحل وإيلاء الدور الأساس فيه إلى البلديات بشكل يؤمن الشراكة الوطنية والتوازن المناطقي في تحمل المسؤولية ويتقاطع في جوهره مع مطالب الحراك المدني، على أمل، عبّر عنه شهيب بعد انتهاء الجلسة الاستثنائية، بألا يصطدم مسار التطبيق العملي للخطة بعراقيل سياسية وغير سياسية.
وأوضح شهيب أنّ المقررات التي اتخذها المجلس تقوم على اعتماد معيار متوازن يراعي تقسيمات الأقضية والكميات على أن يتم التنفيذ بإشراف فريق تقني مركزي وأن يؤخذ مباشرة بأي مشروع جاهز من قبل أي من البلديات أو الاتحادات لمعالجة نفاياتها، على أن يتم التنفيذ بإشراف فريق فني مركزي برئاسة وزير الداخلية يضم ممثلين عن وزارات البيئة والمالية ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية وعدد من الخبراء. وأعلن أنّ الحكومة وافقت على اعتماد مطمرين صحّيين يتم تحضيرهما وفق المعايير البيئية في منطقة سرار في عكار، ومنطقة المصنع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، واستخدام معمل معالجة النفايات في صيدا لاستقبال جزء من الكميات خلال المرحلة الانتقالية، واستكمال دراسة استخدام مكب برج حمود في المرحلة المقبلة في إطار خطة تأهيله بما يخدم إنماء المنطقة، وتكليف مجلس الإنماء والإعمار إعداد الدراسات اللازمة مع وزارة البيئة لتأهيل مكب رأس العين والمباشرة بتلزيمه، بالتزامن مع نقل النفايات المتراكمة في منطقة بيروت وجبل لبنان التي لم تطمر بين 17-7-2015 وتاريخه إلى مطمر الناعمة، الذي يفتح لهذه الغاية لمدة سبعة أيام على أن تبدأ بعدها فوراً أعمال التتريب والتغليف والتخضير وإنتاج الطاقة الكهربائية لتوزع مجاناً على القرى المجاورة.
كذلك وافق مجلس الوزراء على المراسيم المقترحة من وزيري المال والداخلية لتوزيع حصص البلديات واتحاداتها من واردات الهاتف الخليوي المموّلة من وزارة الاتصالات كاملة دون حسم والصندوق المستقل، بما فيها جدولة المبالغ العالقة في الفترة بين 1995 و2010، وتخصيص سلفة خزينة بمبلغ 150 مليار ليرة لبنانية لمشاريع تنمية لمنطقة البقاع بواسطة الهيئة العليا للإغاثة. في حين كلف المجلس شهيب متابعة تنفيذ القرارات ورفع تقارير دورية إلى مجلس الوزراء مع الاقتراحات اللازمة.
العبرة بالتنفيذ
وأفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ مجريات الجلسة التي امتدت على مدى نحو 5 ساعات تخللتها محاولات تعطيلية أو أقله تأجيلية لإقرار الحل من جانب «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» غير أنها سرعان ما انكفأت ورضخت للمناخ الوزاري العام الذي بدا متحسساً لتفاقم الأزمة وتداعياتها الكارثية على الوطن وأبنائه عموماً، في حين كان شهيب واضحاً وحاسماً خلال الجلسة في رفض أي تجزئة للخطة على قاعدة «إما الحل المناطقي المتوازن أو لا حل لمنطقة على حساب أخرى».
وبحسب المصادر، فإنّ «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» اللذين حضرا الجلسة بوزيرين وقاطعاها بوزيرين، لم يبديا تجاوباً كاملاً مع الخطة بل وافقا على مضض تحت تأثير مطالبة أغلبية المجلس الساحقة بوجوب إقرار خطة النفايات، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ الوزير الياس بوصعب عبّر في نهاية المطاف بمساندة وزارية من «الطاشناق» عن تحفظ تقني وموافقة مشروطة على موضوع استخدام مكب برج حمود بانتظار اتضاح المسار التنفيذي للخطة.
وخلصت المصادر إلى التأكيد على كون مجلس الوزراء إنما «فتح مساراً لحل أزمة النفايات بشكل علمي متوازن ومستدام» من خلال إقرار خطة شهيب، غير أنها شددت في الوقت عينه على «ضرورة استمرار الغطاء الوطني لاستكمال هذا المسار وتجنيبه المطبات والعراقيل السياسية»، مؤكدةً في هذا المجال أنّ «العبرة تبقى دائماً في التنفيذ».
الحوار
بالعودة إلى أجواء الحوار، فقد افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري انطلاق أعمال الطاولة المستديرة بالتأكيد على أهمية انعقادها بعد أن «كادت السلبية المتأتية عن السياسات الخاصة والمصلحية الحزبية والشخصية أن تهدد وجود لبنان»، مطالباً بعدم تحويله إلى «حوار طرشان» وبأن يبادر المتحاورون إلى توحيد الموقف والإقدام على «صنع طوق نجاة» للبلد. واختُتمت جلسة الحوار الأولى ببيان مقتضب تلاه الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر وجاء فيه أنّ المشاركين عرضوا لوجهات نظرهم في القضايا المطروحة «مع التركيز على البند الأول المتمثل بانتخاب رئيس الجمهورية والخطوات المطلوبة للوصول إلى هذا الأمر»، على أن تنعقد الجلسة الثانية للحوار ظهر الأربعاء المقبل.
وفي هذا الإطار، نقلت مصادر المتحاورين لـ»المستقبل» أنّ «90% من جلسة الأمس كان رئاسياً و10% لأزمة النفايات التي فرضت نفسها بنداً طارئاً من خارج جدول الأعمال»، مشيرةً إلى أنه في خلاصة المشهد «كل طرف بقي على موقفه ولم يبدُ في الأفق أي أمل بحصول أي تغيير على خارطة المواقف».
وإذ لفتت إلى أنّ بري بدا متناغماً إلى أبعد حد مع مطالبة سلام بحل أزمة النفايات داعماً وداعياً إياه على قاعدة «أضرب يدك على الطاولة في الحكومة لإقرار الحل»، حذر سلام في كلمته من أنّ «البلد ذاهب إلى الانهيار» مؤكداً أنه كمسؤول يرى أنّ الحراك الشعبي الاحتجاجي في الشارع «محقّ ويعبّر عن فشل الطبقة السياسية». 
ولفتت المصادر إلى أنّ بري كان قد شدد في استهلاليته السياسية لدى افتتاح الجلسة على كون أولوية رئاسة الجمهورية فرضت تقديمها بنداً أولاً على جدول أعمال الحوار باعتبار أنّ حل مسألة الفراغ الرئاسي من شأنه أن ينسحب تلقائياً على وضع الحلول المناسبة لسائر البنود الأخرى، متوجهاً إلى المتحاورين بالقول: «إذا لم نتفق هنا سيأخذوننا إلى عاصمة أخرى لنتفق». عندها علّق رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي« النائب وليد جنبلاط ممازحاً: «لم يعد هناك «دوحة» تستقبلنا بل سيأخذوننا هذه المرة إلى جزيرة نائية في المحيط الهندي».
ولاحظت المصادر في ما يتعلق بمداخلات المتحاورين أنّ «فريق 8 آذار بدا غير مرصوص الصفوف والطروحات خلال الجلسة»، لافتاً انتباهها في هذا السياق الى وجود «تمايز واضح» بين مقاربة رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية وبين أداء عون، وأوضحت أنّ مداخلة فرنجية وإن أتت «تحت السقف العوني» إلا أنها تميّزت عنه «بهامش أكثر هدوءاً وموضوعية خصوصاً لناحية تأكيده وجوب تسيير أمور الدولة وتفعيل عملها بانتظار التوافق على رئيس للجمهورية وتشديده في هذا المجال على وجوب فصل الخلافات السياسية عن القضايا الحياتية العالقة والاتجاه نحو حل أزمتي النفايات والكهرباء بانتظار التوافق الرئاسي».

الديار :

انتهت جلسة الحوار الاولى، كما بدأت بتكرار المتحاورين لمواقفهم من ملف الانتخابات الرئاسية، بحيث لم تظهر مداخلات الشخصيات المدعوة للحوار، اي تغيير ولو بسيط، في الملف الرئاسي، ما يؤشر ان الجلسة كانت اشبه بـ«طبخة بحص» وبالتالي فلا مؤشرات لحصول تقدم في هذا الملف بالجلسة المقبلة في حال قرر الرئيس بري استكمال مناقشة الموضوع الرئاسي بدل الانتقال الى بند آخر.
طاولة الحوار لن تنتج شيئاً بل على العكس ستعمق «المأزق القائم» لان الازمة ازمة نظام، انتجتها هذه الطبقة السياسية، ولذلك لا حلول طالما هذه الطبقة مصرة على «سد اذانها» لمطالب الناس وشباب «الحراك المدني» الذين غطوا ساحتي رياض الصلح والشهداد امس وهتفوا ضد هذه الطبقة وفسادها لكن «على من تقرأ مزاميرك يا داوود» لان هذه الطبقة لن تتنازل عن حصصها وامتيازاتها بالسهولة التي يتصورها البعض. وهذا ما يتطلب من شباب «الحراك المدني» الاستعداد لمواجهة طويلة تتطلب تنظيم الصفوف وتوحيد الشعارات وعدم الانسحاب من الساحات وعدم اعطاء اي «ورقة» للطبقة السياسية للرهان على تشتت شباب «الحراك المدني» والتغلب عليهم.

ـ ما حصل خارج الجلسة ـ

الا ان الاهم ما حصل امس، في محيط مجلس النواب حيث تحول محيط المجلس الى اشبه بثكنة عسكرية مع انتشار المئات من شرطة المجلس وآخرين من قوى الامن الداخلي ومكافحة الشعب بالاضافة الى عناصر من الجيش اللبناني على كل مداخل المنطقة المؤدية الى مبنى البرلمان، وجرى منع الدخول الى اي كان باستثناء اصحاب المؤسسات في المنطقة، مع استحالة دخول الزبائن الى هذه المؤسسات.
في حين تجمع عدد من الناشطين منذ صباح امس على مدخلين من جهة الخروج في مواجهة حواجز قوى الامن وقاموا برشق الوفود المشاركة بالحوار بالبيض لحظة وصولهم الى المكان المخصص لدخول المتحاورين، كذلك بعد خروجهم من مجلس النواب.

ـ اجواء الجلسة ـ

وكانت جلسة الحوار بدأت بمداخلة الرئيس بري الذي تحدث عن حيثيات واسباب دعوته للحوار، وتطرق الى ما تواجهه البلاد من تعطيل للمؤسسات وازمات مستمرة من الشغور الرئاسي الى تعطيل مجلسي النواب والحكومة وتفاقم الملفات الحياتية والوضع في المنطقة الذي يغلي نتيجة ما نشهده من حروب. ولذلك علينا التحاور لنصل الى حلول لهذه الازمات، وانا وقعت جدول الاعمال لان هذه العناوين هي التي تشغل جميع اللبنانيين.

ـ جنبلاط ـ

وتحدث في الجلسة النائب وليد جنبلاط الذي دعا لانتخاب رئيس للجمهورية كأولوية ضرورية لاطلاق عمل المؤسسات وشدد على ضرورة معالجة الملفات الحياتية وتفعيل عمل الحكومة وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب.

ـ الرئيس ميقاتي ـ

والقى الرئيس نجيب ميقاتي مداخلة قال فيها «اوجه الشكر إلى دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري على جعلِ الحوار ممكناً من جديد على طاولةٍ واحدة، وبين كافةِ الأفرقاء والأطراف السياسيين. كما أوجِّه شكري أيضاً للحاضرين جميعاً هنا، الذين استجابوا لهذه الدعوة. لم يعد لدينا إلا خيارا واحدا وهو الخروج بحلول تنبع من رغبات شعبنا، على ما أشارت إليه الدعوة التي تلقيناها إلى الحوار، والأهم أن نلتزم معاً بتطبيق هذه الحلول ووضعها على سكة التنفيذ».
اضاف «وظيفة هذا الحوار اليوم، تتلخَّص ببناء الوطن وإنقاذ المواطن وحماية الجمهورية وصونها، وفي الحدِّ الأدنى التفاهم على تفسير مشترك للدستور وحسن تطبيقه».
إذا كان معظم هذا الشارع على حقٍّ في مطالبه، فيما قلة منه تجاوزت الخطوط الحمر، وأثارت الشبهات والمخاوف حول دوافعها، فإن الحري بنا أن نستوعب الدروس مما جرى في العالم العربي في السنوات الأخيرة، حيث تحول اندفاع الشباب إلى ثورات، سرعان ما تلطخت بالدماء والحروب والعنف، فانحرفت، وضاعت الأهداف، وعمت الفوضى والمآسي.
وقال «واجبنا العمل على التمييز بين الصرخة المحقَّة والتحركات المفتعلة والسير الى جانب المطالب المشروعة لشعبنا والسعي إلى تحقيقها، وكسب ثقة العالم الخارجي، فنؤكد بذلك أننا نستحق الاحترام. علينا اليوم الإصغاء إلى صوت الشباب، الذين خرجوا من رحم رفضهم لبؤس الأحوال التي وصلنا إليها».
وقال «لنضع معاً الآن أولويات الإنقاذ المنشود، ونبتدع المخارج والحلول، ونبدأ التنفيذ، قبل أن ينفذ وقت العقل، وتخرج الأمور عن السيطرة، ويتعرَّض لبنان إلى خطر الفوضى والانهيار».

ـ العماد عون ـ

هنا تحدث العماد عون وقال «عندما تتراكم الازمات كما هو حاصل اليوم يجري حل المجلس النيابي لاجراء انتخابات نيابية ونحن نحتاج الى تفويض شعبي جديد بعد التمديدين اللذين حصلا ولا يجوز انتخاب الرئيس من هذا المجلس، واشار الى ان التفويض الشعبي له طريقان اما اقرار قانون انتخابي نسبي بالكامل واقرار الانتخابات او اللجوء الى انتخاب رئيس للجمهورية من الشعب مباشرة».

 

الجمهورية :

انتهت جلسة الحوار الأولى امس الى ما كان متوقّعاً بلا مفاجآت. ولولا المشادّة الحادّة بين رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ووزير الاتصالات بطرس حرب لكانت اقتصرَت الجلسة على المداخلات المعلومة التي تعكس آراء فريقَي النزاع والتي انقسمَت أخيراً بين فريق يرى أنّ المدخل الإلزامي للخروج من الأزمة الوطنية يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما يبَدّي الفريق الآخر الانتخابات النيابية كأولوية. ترحيلُ الجلسة إلى الأربعاء المقبل أشَّرَ إلى وتيرة الجلسات التي سيَعتمدها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهي بمعدّل جلسة أسبوعياً مبدئياً. ولم يُعلم بَعد ماهية موقف قوى 14 آذار في حال وصول الحوار في الجلسات اللاحقة في الموضوع الرئاسي إلى الحائط المسدود لجهة ما إذا كانت ستَنسحب من الحوار في حال الانتقال إلى البنود الأخرى. وغياب عنصر المفاجأة في الحوار انسحبَ أيضاً على الشارع الذي نجَح بالحشد على رغم الظروف المناخية، ولكن من دون أن ينجحَ أيضاً بتحقيق أيّ خَرق في ظلّ وجود هدف مركزي غير معلَن، وفقَ ما يَبدو، يَرمي إلى مواصلة الضغط لدفع وزير البيئة محمد المشنوق إلى الاستقالة، في خطوةٍ تشكّل، بالنسبة إلى قادة الحراك المدني، ديناميةً سياسية تفتَح الباب أمام تحقيق خطوات أخرى، غير أنّ هيبة الجيش اللبناني ودورَه حالَا دون الشغَب وأبقَيا الأمور تحت السيطرة. إلّا أنّ العنصر الجديد الوحيد أمس في كلّ المشهد السياسي هو نجاحُ مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي بإقرار مشروع الوزير أكرم شهيّب لحلّ أزمة النفايات، واللافت أنّ الدعوة لمجلس الوزراء أعقبَت جلسة الحوار تقيّداً بما قيل سابقاً أنْ لا جلسات قبل الحوار. الحِرص على الحوار وإنجاحه يصطدم بعقبة أساسية وهي العقدة الرئاسية التي لا مؤشرات إلى إمكان حلّها أو القفزِ فوقها، فيما مِن الواضح أنّ الحوار يشكّل ترجمة عملية لقرار كبير يرمي إلى كسر حلقة الجمود التي، في حال استمرارها، ستؤدّي لا محالَ إلى إسقاط النظام السياسي في الشارع، وبالتالي كان لا بدّ، تلافياً لمزيد من الانهيار، من خطوةٍ تعمل على تفكيك الألغام القائمة بدءاً من النفايات مروراً بآليّة العمل الحكومي وصولاً إلى تشريع الضرورة، ما يؤدّي إلى تبريد الاحتقان في الشارع وتفويتِ الفرصة على المندسّين الذين يريدون استغلالَ وجعِ الناس لتسديد ضربتهم ضد اتفاق الطائف.
فالخَيار كان بين الاستسلام للوضع القائم الذي سيقود البلاد عاجلاً أم آجلاً نحو الانفجار، وبين مواجهته من خلال الحوار والعمل على تفكيك الأزمات التي تجَمّعت وأدّت إلى هذا الاستنفار، ولا شكّ في أنّ اتفاق الحكومة على خطة شهيّب هو بداية الغيث في ظلّ وجود قرار دولي-إقليمي-محلّي للحفاظ على الاستقرار، وهذا التطور الحكومي الإيجابي لا يمكن فصله عن الحوار والمناخ الذي رافقَه، حيث يمكن إدراج ما تحقّقَ في خانة هذا الحوار.
وقائع الحوار
في غمرة التخَبّط الداخلي بفِعل التأزّم السياسي الحاصل، ووسط ترتيبات وإجراءات أمنية غير مسبوقة في محيط ساحة النجمة، حضَر الملف الرئاسي طبَقاً دسماً على طاولة المتحاورين الذين لبّوا، باستثناء رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، دعوةَ رئيس مجلس النواب نبيه بري فجَلسوا معاً بَعد طول فراق بغيةَ مناقشة البنود المطروحة على جدول الأعمال، إلّا أنّهم لم يتمكّنوا بعد أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، من إحداث أيّ خَرق في البَند الأوّل، أي رئاسة الجمهورية، وظلّ كلّ طرَف على موقفه، فتفرّقوا مجدّداً بعدما رفعَ بري الجلسة ضارباً موعداً جديداً للقاء جديد يوم الأربعاء المقبل في 17 أيلول الجاري.
برّي
وكان برّي قد قال في بداية جلسة الحوار: «نحن نجتمع لنحاول وضعَ حلول عادلة ومخارج صحيحة، وهذا الأمر يحتاج إلى توحيد المواقف لا إلى حوار الطرشان». وأضاف: «الوطن يناشدكم الاتّفاق متمنّياً أن لا يكون قد فاتَ الوقت وأن نتمكّن مِن رسم خارطة طريق لعبور الاستحقاق الرئاسي وإطلاق عمل التشريع لوضعِ القوانين الرئيسية التي ترسم صورةَ لبنان غداً وإخراج السلطة التنفيذية مِن واقع التفكّك وتنشيط أدوارها.
وقال بري إنّ كلّ البلاد العربية أو أكثرها هي بحاجة لحوار، عدا ذلك فإنّنا سنَنتظر أن يأخذ أحد بيدنا إلى إحدى العواصم ليتمّ إبلاغنا المخرجَ الذي نوافق عليه وتعليق لبنان على مسمار في حائط الشرق الأوسط إلى لحظة إنفجار جديد، فهل نستحقّ لبنانَنا؟ واعتبَر أنّ «هذا الحوار هو الامتحان الذي تجيب نتائجه على هذا السؤال وهو الذي يجب أن يمكّنَنا معاً من رسم خارطة طريق للمستقبل القريب والمتوسط والبعيد».
وبعد كلمة برّي، توالى المحاورون على الكلام، وركّزَت كلّ كلماتهم على الشأن الرئاسي، فكان أوّل المتكلمين رئيس الحكومة تمام سلام الذي تحدّث شارحاً واقعَ الحال وكيف أنّ المشكلات تزايدت منذ العام الماضي وحتى اليوم وانعكسَت سلباً على العمل الحكومي وسائر المؤسسات، مشدّداً على أنّ انتخاب رئيس جمهورية من شأنه أن يفتح الباب لكلّ المعالجات.
ثمّ تكلّمَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مشَكّكاً بشرعية المجلس وقانونيتِه، وتحدّث عن ضرورة تصحيح التمثيل والرجوع إلى الشعب إمّا عبر انتخابات رئاسية منه بَعد تعديل الدستور أو عبر إقرار قانون انتخابي قائم على النسبية يُنتِج مجلساً شرعياً ينتخب بدوره رئيسَ البلاد.
السنيورة
وكانت مداخلة للرئيس فؤاد السنيورة وصَفها أحد المتحاورين بأنّها وَضعت النقاط على الحروف، شارحاً كيف يتمّ تعطيل انتخاب الرئيس، من دون أن يردّ على عون. وتمسّك السنيورة في مداخلته بانتخاب رئيس جمهورية كأولوية في مقابل مطالبة البعض بانتخابات نيابية قبل الرئاسية. وقال: «ربّما ثمّة مَن يطالب بترتيبٍ آخر غير أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، والذي يقول بأولوية انتخابات نيابية وفقَ قانون يقرّه المجلس الحالي.
السؤال الذي يجب التوقّف عنده: لماذا يحقّ لهذا المجلس وضع قانون انتخابي أو أن يعدّل الدستور ولا يُسمَح له بانتخاب رئيس للبلاد، عِلماً أنّ المجلس النيابي أوصى بعدم إصدار قانون انتخاب جديد، في ظلّ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، حِفظاً لحقّ رئيس الجمهورية بإبداء الرأي والاعتراض على تفاصيل القانون، وحِرصاً أيضاً على حقوق المسيحيين في أن يظلّوا طرفاً أساسياً من خلال مشاركة رئيس الجمهورية في جميع القرارات الأساسية في البلاد. وحصَلت مشادّة بين عون والوزير بطرس حرب الذي ردَّ على طروحاته. وتدخّلَ برّي وأوقفَ السجال.